الحقوق محفوظة لأصحابها

إبراهيم الدويش
روحانية صائم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي كتب علينا الصيام وفرضه في رمضان وأشهد أن لا إله إلا الله القائل : " يا أيها الذين ءامنو كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " ،، والصلاة والسلام على خير من صام وقام ،القائل عليه الصلاة السلام : " للصائم فرحتان فرحه عند فطره وفرحة عند لقاء ربه " والقائل صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنه باب يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامه لا يدخل معهم احد غيرهم " ..

اما بعد فأهنأ كل مسلم ومسلمه في هذا الشهر الكريم أسأل الله أن يجعله هلال خير ورشد وأمن أمان وسلامه وإسلام على أمه الاسلام في كل مكان وان يوقفنا فيه وإياكم للصلاه والصيام وسائر الأعمال ..

روحانيه صائم فيها الأرواح تهتز وترتاح وتطير بغير جناح فهي في أفراح وأفراح ، روحانيه صائم عاش صاحبها في جنه الدنيا وفي الدنيا جنه من لم يدخلها لا يدخل جنه الأخره ،، ها هو رمضان أشرف الشهور قد أقبل بعد طول غياب جاء بعد شوق عظيم أتى رمضان سيد الشهور فمرحبا به واهلا اهلا بشهرنا العظيم شهر رمضان الذي أنزل فيه القران ، شهر الذكر و الصيام شهر التوبه والغفران شهر العتق والرحمه والمغفره ،، أقبل هذا الشهر ليقول للكون كل الكون ويقول للدنيا كل الدنيا أنا شهر العزة والكرامة للمسلمين جئت لأوحد الكلمه وألم الشمل لو بمظهر العبادة أو الزمان ،، أقبل رمضان ليقول لكل مسلم ذق أثر الجوع ولو لساعات لعلك تشعر بإحساس إخوان لك أضر بهم الجوع لسنوات ، ويقول للعصاه والمذنبين والتائبين من أمثالنا إن رحمه الله قريب من المحسنين ،، أقبل رمضان ليضعف الشهوه ويضعف وساوس الشيطان ، ليربي القلب فتزكو النفس وتشرق الروح ،، أقبل رمضان بأيامه البيض ليمحو بها صفحاتنا السود ، أقبل رمضان ليكون سلوة للنفوس وأنسا للقلوب وروضة للعقول وبلسما للهموم عزاء لمن تلطخ في أوحال المعاصي فأبشرو يا أهل الصيام أملو يا أهل القيام بما يسركم من الغفور العلام أبشرو يا أهل القران ويا أهل الصدقات ويا أهل المروئات ويا أهل الخيرات يا من تحرصون على تفطير الصائمين ويا من تقومون على الارمله والمسكين أبشرو برحمه أرحم الراحمين ،، فهنيئا للسابقين في الخيرات هنيئا للذين يجاهدون أنفسهم ويصبرون على الطاعات هنيئا لهم برمضان ، نعم وربي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يقول : "الصلوات الخمس والجمعه إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " ،، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ،، أليست هذه بشائر ؟؟ إن عاتقا حمل طوال العام هموما وأحزانا ومعاصي وذنوبا لعاتق منهك ضعيف يحتاج إلى العون والنصره وهل يكون ذلك إلا من ناصر المستضعفين الغفور الرحيم التائب على التائبين ،،

يا صائما ترك الطعام تــــعففا أضحى رفيق الجوع واللأواء

أبشر بعيدك في القيامة رحمه محفوفه بــــــــــالبر والأنداء

معاشر المسلمين أيها الإخوه المشاهدون كم هو سعيد ذلك العبد حينما يلقي عن عاتقه هذه الهموم والغموم وحينما تغمره رحمة أرحم الراحمين فيكون من المعتقين ، فكن في هذا الشهر العظيم قريبا من رب العالمين أقبل على الطاعة أكثر من العباده فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان الإكثار من أنواع العبادات كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل كان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ الشهر يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القران فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة ،، هكذا هو حبيبنا صلى الله عليه وسلم في رمضان ،، ها هو رمضان حل فلنسأل أنفسنا كيف سيكون حالنا فيه ؟؟ كيف حال الأمة ؟؟ هل من وقفة صادقة للمحاسبة هل من وقوف جاد للتأمل ما مراسم الإستقبال لهذا الوافد العظيم ؟؟ أقبل رمضان وقد كان صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان فيقول : " أتاكم شهر رمضان شهر الخيرات شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلةخير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم نسأل الله الكريم من فضله .

ويقول صلى الله عليه وسلم : " إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليله خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم " ،، نعوذ بالله ان نكون من المحرومين ... تامل معي أخي الحبيب إياك إياك ان تكون من المحرومين بعد هذا الفضل العظيم الذي ذكره لنا صلى الله عليه وسلم ،، هكذا كان يبشر أصحابه ويبشر الأمه بمقدم رمضان ،، قال المعلى بن الفضل : " كان السلف يدعون الله ستة أشهر ان يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم " ،، قال يحيى بن أبي كثير : " كان من دعائهم رضوان الله عليهم : " اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا " ..

ما حالنا نحن في رمضان ؟؟ كيف يا ترى حال الناس في مثل هذه الأيام ونحن في أول ليلة من ليالي رمضان ؟؟ ،، باع قوم من السلف جارية فلما قرب شهر رمضان رأتهم يستعدون بالأطعمه والأشربة والمشتريات وغيرها ، فسألتهم فقالوا : نتهيأ لصيام رمضان ، فقالت : وهل أنتم لا تصومون إلا رمضان ؟؟ تتعجب من حالهم !! لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان ردوني إليهم ردوني إليهم .. هكذا كان استقبال السلف لرمضان ليس بالمشتريات والأطعمة فقط بل بإقبال الروح واستعداد هذه النفس بهذه الروحانيه يستطيع الإنسان منا أن يعيش رمضان وأن يذوق لذة الصيام ، إن رمضان له طعم خاص له لذة عجيبة في النفوس فهو يبعث فيها قوة الإيمان والشجاعه والعزة والكرامة ولهذا حصلت فتوحات عدة فتوحات للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين في رمضان ،، أتدرون لماذا إنها حياة الروح نعم حياة الروح حتى وإن كانت البطون خاوية حتى وإن كانت الشفاه يابسة فالحياة حياة الروح والقلب الإنتصار على النفس والشهوات ، ومن انتصر على نفسه انتصر على الأعداء ،، أرأيتم للصيام حلاوة لا يدركها إلا من صام لله عز وجل لا يعرفها إلا الذين خالطت قلوبهم بشاشة الإيمان بحق ، هذه هي اللذة العجيبة التي يجب أن نحياها في رمضان ،، الله أكبر صيام وقيام وخشوع وخضوع راحة وسعادة أفراح وأشواق لا يستطيع وصفها لسان ولا بيان إنها جنة الدنياوفي الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الأخرة ، يوم يتخلص العبد من أسر الهوى والشهوة يتخلص من حيل النفس والشيطان فتنطلق الروح تفك أسرها تنطلق الروح

أطلق الأرواح من أصفادها في بهيج من رياض الأتقيـاء

أي سلطان يكف النفس عن موبقات غير قيد كالـــــوجاء

إنه الصوم الذي أوحى بــه رحمة بالناس رب الحكمــاء

فيه ترويض لطبع جامـــح فيه روح فيه للمرضى شفاء

هكذا هو رمضان شفاء لهذه الروح أرأيت أيها المشاهد الكريم إن الغاية الأولى والهدف الأسمى من رمضان هو إعداد القلوب للتقوى وخشية الله ومراقبته ، الصوم يجعل القلوب لينة رقيقة يجعلها ذات شفافيه وحساسيه يجعلها وجلة حية الصوم يوقظ القلوب يجعلها تقية ،، الإسلام لا يقود الناس بالسلاسل الى الطاعات إنما يقودهم بالتقوى يقودهم بحلاوة الإيمان وتعظيم الله عز وجل ومراقبته ،، من أعظم فوائد الصيام تربية القلوب على مراقبة الله وتعويدها على الخوف والحياء من الله جل جلاله ،، الكلام للقسطلاني كلام جميل حول هذا المعنى يقول رحمه الله مبينا ثمرات الصيام : " يقول منها رقة القلب وغزارة الدمع وذلك من أسباب السعادة فإن الشبع مما يذهب نور العرفان ويقضي بالقسوة والحرمان " وحقا كما يقولون فإن البطنة تذهب الفطنة ففي الصيام كسر للنفس وتخلية القلب للذكر والفكر الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن ادم ففي الحديث " ان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتخمد ثورة الشهوة والغضب ،، رمضان شهر التوبه والغفران فهل تعلم هذا يا عباد الله شهر تغلق فيه أبواب النيران تفتح الجنان تصفد الشياطين ،، فدونك نفسك أيها الإنسان نعم دونك نفسك أخي لقد سلسل الشيطان خمدت نيران الشهوات بالصيام انعزل سلطان الهوى صارت الدولة للعقل ليحكم بالعدل فلم يبقى للعاصي عذر فلا تحرم نفسك حقيقة الصيام ، فليس الصيام إمساكاً عن الطعام والشراب فقط والقلب هو القلب قاس عاص غافل لاه ،، لقد أقبل رمضان فيا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي ويا شموس التقوى والإيمان اطلعي يا صحائف اعمال الصائمين ارتفعي ياقلوب الصائمين اخشعي يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي يا ذنوب التائبين لاترجعي يا أرض الهوى ابلعي مائك ويا سماء النفوس اقلعي ويا همم المحبين بغير الله لا تقنعي .

نسأل الله الكريم حبه وحب من يحبه نسأل الله أن يوفقنا لرمضان قياما وصياما كما يحبه الله ويرضاه وان يتقبل منا ومنكم وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ..