فقه الأولويات من أعظم أمور الفقه التي تحتاجها الأمة، تكلمنا عنه في خواطر (1) بشكل عام، وشرحنا أنه عبارة عن كيفية اختيار أمرين عندما يتعارضا، عندك أمرين وتعارضا كيف تختار أحدهما؟ هنا يأتي فقه الأولويات.
اليوم أقدم لكم عدة قواعد في هذا الفقه، وهناك قواعد عديدة وهو فقه عميق، ولكن فقط أعطيكم بعض الإشارات التي قد تساعدكم بإذن الله.
فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد
الفرائض والأصول أولى بالتقديم من النوافل والفروع، فإذا تعارض أمران نقدم دائما الفرض.
مثل للتوضيح.. صلاة الفجر وصلاة التهجد كلاهما صلاة وكلاهما قربى إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا تعارضا ماذا نفعل، كيف يتعارضا أصلا؟ واحد مثلا يصلي التهجد ويسهر إلى قبل الفجر بنصف ساع مثلا فيتعب ينام فتروح عليه صلاة الفجر ويستيقط بعد وقتها ما يكون عدا، هنا نقول له الأولى أنك تنام بدري حتى لو ضاع عليك التهجد من أجل الاستيقاظ لصلاة الفجر.. لماذا؟ لأن صلاة التهجد سنة بينما صلاة الفجر فريضة والفريضة أثقل وأولى بالتقديم من السنة.
طبعا إخواني وأخواتي من الأولى أن تسوي الاثنين مع بعض إن استطعت أن تصلي التهجد والفجر فهذا ممتاز، ولكن هنا نتحدث عن تعارض يجب أن تختار أحدهما فتختار الفجر لأنه فريضة والفريضة أولى بالتقديم من السنة.
ما تقرب إلي المتقربون بمثل أداء ما افترضت عليهم
إحدى القواعد الجليلة أيضا من فقه الأولويات أن الأكثر مفسدة أولى بالدرء من الأقل مفسدة، فإذا تعارض أمران نشوف أيهما أقل مفسدة ونختاره على حساب الأكثر مفسدة.
أضرب مثل.. الأمثلة كثيرة يا إخواني في كل القواعد .. أنا بس أضرب أمثلة للتشبيه والتقريب، جاءت امرأة غير مسلمة وأرادت أن تسلم وقالت له يا شيخ أنا مقتنعة بالإسلام تماما مقتنعة بكل شيء ولكن الحجاب ما هاقدر لو أسلمت اتحجب على طول أنا مقتنعة بالحجاب إن الإسلام يوجبه لكن أنا ما عندي استعداد أن ألبس الحجاب الآن، فماذا يقول لها؟ أيقول لها لا روحي ولما تكوني مستعدة للحجاب وبعدين تعالي أسلمي؟! ولا يقول لها أسلمي وما فيه مشكلة الحجاب إن شاء الله ربنا يهديك له، هنا فيه تعارض هناك خيارين، ما هما الخيارين؟
إما سفور امرأة أو عدم حجابها
أو كفر.. بقاء المرأة على الكفر
أيهما أولى؟ أيهما أكثر مفسدة؟ من الواضح طبعا الأكثر مفسدة هو الكفر على السفور وبالتالي يختار الأقل مفسدة وهو سفور المرأة فتدخل في الإسلام وإن لم تكن محجبة.
عند التعارض فمجلس العلم أولى بالتقديم من مجلس الذكر
القربات الاجتماعية أولى بالتقديم من القربات الفردية، فإذا تعارضا نقدم القربات الاجتماعية.
مثلا أنت جالس في المسجد تقرأ القرآن عندك ورد يومي تقرأ فيه القرآن، ثم وأنت في المسجد صار فيه صلاة جنازة ودفن، فالأولى.. هنا فيه تعارض تختار تبقى وتقرأ القرآن أم تقوم لصلاة الجنازة والدفن؟!
القربى الاجتماعية أولى بالتقديم، فبالتالي الأولى أن تترك قراءة القرآن وتؤجله إلى وقت لاحق وتذهب إلى صلاة الجنازة والدفن لأنه قربى اجتماعية، والقربى الاجتماعية أولى بالتقديم من القربى الفردية.
أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس
أعزائي كما ذكرنا فقه الأولويات فهم مهم جدا ولكنه فهم عميق ومعقد ويحتاج إلى سنين لدراسته، أنا مجرد أعطيتكم فكرة عامة عن هذا الفقه، حتى القواعد التي ذكرتها اليوم تحتاج إلى تفصيل ودراسة أعمق.
من أراد أن يستزيد من هذا الفقه العظيم هناك كتاب اسمه "فقه الأولويات" كتبه الكاتب محمد الوكيلي وهو كاتب مغربي، كتاب جميل وسلسل سهل القراءة يعطيكم فكرة عامة مع التأكيد مرة أخرى أن الفتوى بناء على هذا الفقه هي فقط للعلماء، يعني ولا أنا ولا الشباب والشابات طالبات العلم وطالبي العلم يستطيعون أنهم فقط يقرؤوا الكتاب ويفتون، لا هذا الأمر فقط مخصص للعلماء، ولكن لا بأس ومن المفيد جدا أن الشباب والشابات يتطلعوا على هذا الفقه لأننا في أمس الحاجة إلى فقه الأولويات وفقه الواقع وفقه المقاصد في أمتنا الإسلامية في هذا العصر.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=871_0_2_0