قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)
يقول الحق سبحانه وتعالى في هذه الآية: { قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً } وفي سورة طه يقول جل جلاله { قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً } عندما خاطب الله سبحانه وتعالى بصورة الجمع. كان الخطاب لكل ذرية آدم المطمورة في ظهره. أمراً لهم جميعا بالهبوط. آدم وحواء والذرية. لأن كل واحد منا. إلى أن تقوم الساعة فيه جزيء من آدم. ولذلك لابد أن نلتفت إلى قول الحق تبارك وتعالى:{ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لأَدَمَ }[الأعراف: 11]
نلاحظ هنا أن الخطاب بصيغة الجمع، فلم يقل الحق سبحانه وتعالى. لقد خلقتك ثم صورتك ثم قلت للملائكة اسجدوا لآدم، فكأن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أنه ساعة الخلق كان كل ذرية آدم مطمورين في ظهره. خلقهم جميعا ثم صورهم جميعا. ثم طلب من الملائكة السجود لآدم. فهل نحن كنا موجودين؟ نعم كنا موجودين في آدم. ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى يقول: " اهبطوا " لنعرف أن هذا الخطاب موجه إلى آدم وذريته جميعا إلى يوم القيامة.
ومرة يقول { اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً } لأن هنا بداية تحمل المسئولية بالنسبة لآدم. في هذه اللحظة وهي لحظة الهبوط في الأرض. سيبدأ منهج الله مهمته في الحياة. ومادام هناك منهج وتطبيق فردي. تكون المسئولية فردية. ولا يأتي الجمع هنا.
فالحق سبحانه وتعالى يقول: { اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً } نلاحظ أن أمر الهبوط هنا بالمثنى. ثم يقول تبارك وتعالى جميعا.. جمع.. نقول أنه مادامت بداية التكليف. فهناك طرفان سيواجه بعضهما البعض. الطرف الأول. هو آدم وزوجه. والطرف الثاني هو إبليس. فهم ثلاثة ولكنهم في معركة الإيمان. فريقان فقط. آدم وحواء وذريتهما فريق. والشيطان فريق آخر. فكأن الله تعالى يريد أن يلفتنا إلى أن هذا الهبوط يتعلق بالمنهج وتطبيقه في الأرض. وفي المنهج آدم وحواء حريصان على الطاعة. وإبليس حريص على أن يقودهما إلى المعصية.
وفي قوله تعالى: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى بعد أن مر آدم بالتجربة ووقع في المعصية، علمه الله تعالى كلمات التوبة. ونصحه أنه إذا غفل يتوب. والله سبحانه وتعالى.. سيقبل توبته..
إذن فالحق سبحانه وتعالى يريد من آدم وحواء أن يسكنا الأرض. ويبدآ مهمتهما في الحياة. والله يدلهما على الخير. مصداقا لقوله تعالى: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى }.. وهدى لها معنيان.. هي بمعنى الدلالة على الخير. أو الدلالة على الطريق الموصلة للخير. وهناك هدى وهو الإعانة على الإيمان والزيادة فيه. واقرأ قوله تعالى:{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ }[محمد: 17]
الهدى هنا في الآية الكريمة.. بمعنى الدلالة على طريق الخير. ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }.
ما هو الخوف وما هو الحزن؟ الخوف أن تتوقع شرا مقبلا لا قدرة لك على دفعه فتخاف منه.. والحزن أن يفوتك شيء تحبه وتتمناه.
والحق سبحانه وتعالى يقول في هذه الآية: من مشى في طريق الإيمان الذي دللته عليه. وأنزلته في منهجي. فلا خوف عليهم. أي أنه لا خير سيفوتهم فيحزنوا عليه. لأن كل الخير في منهج الله. فالذي يتبع المنهج لا يخاف حدوث شيء أبدا.
وهذه تعطينا قضية مهمة في المجتمع. الذي لم يرتكب أية مخالفة.. هل يناله خوف؟ أبدا.. ولكن من يرتكب مخالفة تجده دائما خائفا خشية أن ينكشف أمره.. ويفاجأ بشر لا قدرة له على دفعه.
إن الإنسان المستقيم لا يعيش الخوف. لأن الخوف أمران. إما ذنب أنا سبب فيه. والسائر على الطريق المستقيم لم يفعل شيئا يخاف انكشافه. وإما أمر لا دخل لي فيه. يجريه على خالقي. وهذا لابد أن يكون لحكمة. قد أدركها. وقد لا أدركها ولكني أتقبلها. فالذي يتبع هدى الله. لا يخاف ولا يحزن. لأنه لم يذنب. ولم يخرق قانونا. ولم يغش بشرا. أو يخفي جريمة. فلا يخاف شيئا، ولو قابله حدث مفاجئ، فقلبه مطمئن. والذين يتبعون الله. لا يخافون. ولا يخاف عليهم.. وقوله تعالى: } وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ { لأن الذي يعيش طائعا لمنهج الله.. ليس هناك شيء يجعله يحزن. ذلك أن إرادته في هذه الحالة تخضع لإرادة خالقه. فكل ما يحدث له من الله هو خير. حتى ولو كان يبدو على السطح غير ذلك. ملكاته منسجمة وهو في سلام مع الكون ومع نفسه. والكون لا يسمع منه إلا التسبيح والطاعة والصلاة. وكلها رحمة. فهو في سلام مع نفسه. وفي سلام مع ربه. وفي سلام مع المجتمع.
إن المجتمع دائما يسعد بالإنسان المؤمن الذي لا يفسد في الأرض. بل يفعل كل خير. فالمؤمن نفحة جمال تشع في الكون. ونعمة حسن ورضا مع كل الناس ومادام الإنسان كذلك. فلن يفقد ما يسره أبدا. فإن أصابته أحداث.. أجراها الله عليه.. لا يقابلها إلا بالشكر. وإن كان لا يعرف حكمتها.. وإياك أن تعترض على الله في حكم.
ولذلك يقول: أحمدك ربي على كل قضائك وجميع قدرك. حمد الرضا بحكمك واليقين بحكمتك..
والإنسان ينفعل للأحداث. ولكن هناك فرق بين الانفعال للأحداث وحدها وبين الانفعال للأحداث مع حكمة مجريها. ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الدقة حينما قال: " إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون "
انظر إلى الإيمان وهو يستقبل الأحداث.. العين تدمع. ولا يكون القلب قاسيا مثل الحجر، لكن فيه حنان. والقلب يخشع لله. مقدرا حكمته وإرادته..
والله سبحانه وتعالى لا يريدنا أن نستقبل الأحداث بالحزن وحده. ولكن بالحزن مع الإيمان. فالله لا يمنعك أن تحزن. ولكن عليك ألا تفصل الحدث عن مجريه وحكمته فيه.. ولذلك حين تذهب إلى طبيب العظام.. فيكسر لك عظامك لكي يصلحها. هل يفعل لك خيرا أو شرا؟ طبعا يفعل لك خيرا. وإن كان ذلك يؤلمك.
(/42)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)
الحق سبحانه وتعالى بعد أن أعلمنا أن آدم حين يهبط إلى الأرض سيتلقى من الله منهجا لحركة حياته. من اتبعه خرج من حياته الخوف والحزن. وأصبح آمنا في الدنيا والآخرة. أراد الله تعالى أن يعطينا الصورة المقابلة. فالحكم في الآية السابقة كان عن الذين اهتدوا. والحكم في هذه الآية عن الذين كفروا. يقول الحق تبارك وتعالى.. { وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } والكفر كما بينا هو محاولة ستر وجود الله واجب الوجود. ومحاولة ستر هذا الوجود هو إعلان بأن الله تعالى موجود. فأنت لا تحاول أن تستر شيئا إلا إذا كان له وجود أولا..
إن الشيء الذي لا وجود له لا يحتاج إلى ستر؛ لأنه ليس موجودا في عقولنا. وعقولنا لا تفهم ولا تسع إلا ما هو موجود. توجد الصورة الذهنية أولا.. ثم بعد ذلك يوجد الاسم أو الصورة الكلامية. ولذلك إذا حدثك إنسان عن شيء ليس له وجود فأنت لا تفهمه. ولا تستطيع أن تعيه إلا إذا شبه لك بموجود. كأن يقال لك: مثل هذا الجبل أو مثل هذه البحيرة. أو مثل قرص الشمس أو غير ذلك حتى تستطيع أن تفهم. فأنت لا تفهم غير موجود إلا إذا شبه بموجود.
وكل شيء لابد أن يكون قد وجد أولا. ثم بعد ذلك تجتمع مجامع اللغة في العالم لتبحث عن لفظ يعبر عنه بعد أن وجد في الصورة الذهنية. فلم يكن هناك اسم للصاروخ مثلا قبل أن يوجد الصاروخ. ولا لسفينة الفضاء قبل أن تخترع. ولا لأشعة الليزر قبل أن تكتشف. إذن فكل هذا وجد أولا. ووضع له الاسم بعد ذلك.
الذين كفروا يحاولون ستر وجود الله. وستر وجود الله سبحانه وتعالى هو إثبات لوجوده. لأنك لا تستر شيئا غير موجود. وهكذا يكون الكفر مثبتا للإيمان. وعقلك لا يستطيع أن يفهم الاسم إلا إذا وجد المعنى في عقلك. وأنت لا تجد لغة من لغات العالم. ليس فيها اسم الله سبحانه وتعالى. بل إن الله جل جلاله ـ وهو غيب عنا ـ إذا ذكر اسمه فهمه الصغير والكبير. والجاهل والعالم. والذي طاف الدنيا. والذي لم يخرج من بيته. كل هؤلاء يفهمون الله بفطرة الإيمان التي وضعها في قلوبنا جميعا.
إذن الذين كفروا يحاولون ستر وجود الله سبحانه وتعالى.. وقوله تعالى: { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } والآية هي الشيء العجيب اللافت. فهناك في الكون آيات كونية مثل الشمس والقمر والنجوم والأرض. والجبال والبحار وغير ذلك. هذه تسمى آيات. شيء فوق قدرة البشر خلقها الله سبحانه وتعالى لتكون آية في كونه وتخدم الإنسان.
وهناك الآيات وهي المعجزات. عندما يرسل الله رسولا أو نبيا إلى قومه فإنه سبحانه يخرق له قوانين الكون ليثبت لقومه أنه نبي مرسل من عند الله سبحانه وتعالى.
وهذه الآيات مقصود بها من شهدها. لأنها تأتي لتثبيت المؤمنين بالرسل. وهم يمرون بأزمة يحتاجون فيها إلى التثبيت. ودلالة على صدق رسالة النبي لقومه.. وتطلق الآيات على آيات القرآن الكريم. كلام الله المعجز الذي وضع فيه سبحانه وتعالى ما يثبت صدق الرسالة. إلى يوم الدين.
يحدثنا الله سبحانه في آياته. عن كيفية خلق الإنسان. وعن منهج السماء للأرض وغير ذلك.
والذين كذبوا بآيات الله. هم الكافرون. وهم المشركون. وهم الذين يرفضون الإسلام. ويحاربون الدين. هؤلاء جميعا. حدد لنا الله تعالى مصيرهم. ولكن هل التكذيب عدم قدرة على الفهم؟ نقول أحيانا يكون التكذيب متعمدا مثلما حدث لآل فرعون عندما أصابهم الله بآفات وأمراض وبالعذاب الأصغر حتى يؤمنوا. ولكنهم رغم يقينهم بأن هذه الآيات من الله سبحانه وتعالى. لم يعترفوا بها.. ويقول الحق جل جلاله.{ وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً }[النمل: 14]
والآيات في الكون كثيرة. لو أننا التفتنا إليها لآمَنَّا. فهي ليست محتاجة إلى فكر. بل إن الله تعالى، رحمة بنا جعلها ظاهرة. ليدركها الناس. كل الناس. ولكن البعض رغم ذلك يكذب بآيات الله. وهؤلاء هم الذين يريدون أن يتبعوا هوى النفس. والحق سبحانه وتعالى جمع الكافرين والمكذبين بآيات الله في عقاب واحد.. وقال جل جلاله: } أُولَـائِكَ أَصْحَابُ النَّارِ { والصاحب هو الذي يألف صاحبه. ويحب أن يجلس معه. ويقضي أجمل أوقاته. فكان قوله تعالى: أصحاب النار. دليل على عشق النار لهم. فهي تفرح بهم، عندما يدخلونها. كما يفرح الصديق بصديقه. ولا تريد أن تفارقهم أبدا.. ولذلك اقرأ الحق سبحانه وتعالى:{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ }[ق: 30]
وهكذا نرى مدى العشق، بين النار والكافرين. إن النار تصاحبهم في كل مكان. وهي ليست مصاحبة كريهة بالنسبة للنار. ولكنها مصاحبة تحبها النار. فالنار حين تحرق كل كافر وآثم ومنافق تكون سعيدة. لأنها تعاقب الذين كفروا بمنهج الله وكذبوا بآياته في الحياة الدنيا.. وكذلك الحال بالنسبة للجنة. فإن الجنة أيضا تحب مصاحبة كل من آمن بالله وأخلص له العبادة وطبق منهجه.. واقرأ قوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَىا رَبِّهِمْ أُوْلَـائِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }[هود: 23]
أي أن الجنة تصاحب المؤمنين. وتحبهم وتلازمهم. مثلما تصاحب النار الكافرين والمكذبين.. وكما أن النار تكون سعيدة وهي تحرق الكافر. فالجنة تكون سعيدة وهي تمتع المؤمن.. ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: } هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ { أي أن العذاب فيها دائم. لا يتغير ولا يفتر. ولا يخفف. بل هو مستمر إلى الأبد.. واقرأ قوله سبحانه وتعالى:{ أُولَـائِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }
[البقرة: 86]
وهكذا نعرف أن الله سبحانه وتعالى قد أنزل المنهج إلى الأرض مع آدم، وأن آدم. نزل إلى الأرض ومعه الهدى ليطبق أول منهج للسماء على الأرض. فكأن الله سبحانه وتعالى لم يترك الإنسان لحظة واحدة على الأرض دون أن يعطيه المنهج الذي يبين له طريق الهدى وطريق الضلال. ومع المنهج شرعت التوبة. وشرع قبول التوبة حتى لا ييأس الإنسان. ولا يحس أنه إذا أخطأ أو نسي أصبح مصيره جهنم. بل يحس أن أبواب السماء مفتوحة له دائما. وأن الله الذي خلقه رحيم به. إذا أخطأ فتح له أبواب التوبة وغفر له ذنوبه. حتى يحس كل إنسان برعاية الله سبحانه وتعالى له هو على الأرض. من أول بداية الحياة.
فالمنهج موجود لمن يريد أن يؤمن. والتوبة قائمة لكل من يخطئ.
وحذر الله سبحانه وتعالى آدم وذريته أنه من يطع ويؤمن يعش الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة. ومن يكفر ويكذب. فإن مصيره عذاب أبدي.
لقد عرف الله آدم بعدوه إبليس. وطلب منه أن يحذره. فماذا فعل بنو آدم؟ هل استقبلوا منهج الله بالطاعة أو بالمعصية؟ وهل تمسكوا بتعاليم الله. أو تركوها وراء ظهورهم؟
(/43)
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)
بعد أن قص الله علينا قصة الخلق وكيف بدأت بآدم، وعداوة إبليس لآدم وسببها. قص علينا التجربة الأولى للمنهج في إحدى الجنات، وكيف أن آدم تعرض للتجربة فأغواه الشيطان وعصى. ثم نزل إلى الأرض مسلحا بمنهج الله. ومحميا بالتوبة من أن يطغى. بدأت مهمة آدم على الأرض.
إن الحق سبحانه وتعالى أراد أن يعرض علينا موكب الرسالات وكيف استقبل بنو آدم منهج الله بالكفر والعصيان. فاختار جل جلاله قصة بني إسرائيل لأنها أكثر القصص معجزات، وأنبياء بني إسرائيل من أكثر الأنبياء الذين أرسلوا لأمة واحدة وليس معنى هذا أنهم مفضلون. ولكن لأنهم كانوا أكثر الأمم عصيانا وآثاما فكانوا أكثرهم أنبياء. كانوا كلما خرجوا من معجزة انحرفوا. فتأتيهم معجزة أخرى. فينحرفون. وهكذا حكم الله عليهم لظلمهم أن يتفرقوا في الأرض ثم يتجمعوا مرة أخرى في مكان واحد. ليذوقوا العذاب والنكال جزاء لهم على معصيتهم وكفرهم. ولذلك أخذت قصة بني إسرائيل ذلك الحجم الضخم في كتاب الله. وفي تثبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فموسى عليه السلام الذي أرسله الله إلى بني إسرائيل من أولي العزم من الرسل. ولذلك فإنك تجد فيه تربية أولا. وتربية ثانيا.. ولابد أن نلتفت إلى قول الحق سبحانه وتعالى: يا بني إسرائيل " فالحق جل جلاله. حين يريد أن ينادي البشر جميعا يقول: { يَابَنِي ءَادَمَ } واقرأ قوله تعالى:{ يَابَنِي ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ }[الأعراف: 31]
وقوله سبحانه:{ يَابَنِي ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ }[الأعراف: 27]
لماذا يخاطبنا الله تعالى بقوله: يا بني آدم؟ لأنه يريد أن يذكرنا بنعمة علينا منذ بداية الخلق. لأن هذه النعم تخص آدم وذريته. فالله تعالى خلق آدم بيديه. وأمر الملائكة أن تسجد له. وأعد له كونا مليئا بكل ما يضمن استمرار حياته. ليس بالضروريات فقط. ولكن بالكماليات. ثم دربه الحق على ما سيتعرض له من إغواء الشيطان. وأفهمه أن الشيطان عدو له. ثم علمه كلمات التوبة. ليتوب عليه. وأمده بنعم لا تعد ولا تحصى.
فالله سبحانه وتعالى يريد أن يذكرنا بكل ذلك حتى نخجل من أن نرتكب معصية بعد كل هذا التكريم للإنسان. فإذا تذكرنا نعم الله علينا.. فإننا نخجل أن نقابل هذه النعم بالمعصية.
وقد علمنا الله سبحانه وتعالى علما ميزنا الله تعالى فيه عن ملائكته. لذا كان يجب أن نظل شاكرين عابدين طوال حياتنا في هذه الدنيا.
لكننا نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى بدأ هذه الآية الكريمة بقوله: { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ } لماذا؟ ومن هو إسرائيل؟
إسرائيل مأخوذة من كلمتين: اسر وإيل.. (اسر) يعني عبد مصطفى أو مختار. (وإيل) معناها الله في العبرانية. فيكون معنى الكلمة صفوة الله.
والاصطفاء هنا ليعقوب وليس لذريته..
فإذا نظرنا إلى إسرائيل الذي هو يعقوب كيف أخذ هذا الاسم. نجد أنه أخذ الاسم لأنه ابتلى من الله بلاء كبيرا. استحق به أن يكون صفيا لله. وعندما ينادي الله تعالى قوم موسى بقوله: يا بني إسرائيل. فإنه يريد أن يذكرهم بمنزلة إسرائيل عند الله. ما واجهه من بلاء. وما تحمله في حياته. فاذكروا ما وصاكم به حين حضرته الوفاة.. واقرأ قوله تبارك وتعالى:{ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـاهَكَ وَإِلَـاهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـاهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }[البقرة: 133]
ثم يأتي بعد ذلك قول يعقوب.. واقرأ قوله تعالى:{ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىا لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ }[البقرة: 132]
تلك هي الوصية التي وصى بها يعقوب بنيه.. فيها علم وفيها عظة. علم بأن الله إله واحد. لا شريك له. وأن الدين هو الإسلام. وعظة وتذكير بأن الله اختار لهم الدين. فليحرصوا عليه حتى الموت.
ولقد جاءت هذه الوصية حين حضر يعقوب الموت. وساعة الموت يكون الإنسان صادقا مع نفسه. وصادقا مع ربه. وصادقا مع ذريته. فكأنه سبحانه وتعالى حينما يقول: } يَابَنِي إِسْرَائِيلَ { يريد أن يذكرهم بإسرائيل وهو يعقوب وكيف تحمل وظل صابرا. ووصيته لهم ساعة الموت.
إن الله سبحانه وتعالى يذكر الأبناء بفضله على الآباء علهم يتعظون أو يخجلون من المعصية تماما كما يكون هناك عبد صالح أسرف أبناؤه على أنفسهم.
فيقال لهم:
ألا تخجلون؟ أنتم أبناء فلان الرجل الصالح. لا يصح أن ترتكبوا ما يغضب الله … } يَابَنِي إِسْرَائِيلَ {
إسرائيل هو يعقوب ابن إسحاق. وإسحاق ابن إبراهيم. وإبراهيم انجب إسحاق وإسماعيل.. ورسولنا صلى الله عليه وسلم من ذرية إسماعيل. والله سبحانه وتعالى يقول: } يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ { ولكن الله سبحانه وتعالى حين يخاطب المسلمين لا يقول اذكروا نعمة الله. وإنما يقول: " اذكروا الله " لأن بني إسرائيل ماديون ودنيويون.
فكأن الحق سبحانه وتعالى يقول لهم: مادمتم ماديين ودنيويين. فاذكروا نعمة الله المادية عليكم.
ولكننا نحن المسلمين أمة غير مادية.
وهناك فرق بين أن يكون الإنسان مع النعمة. وأن يكون مع المنعم. الماديون يحبون النعمة. وغير الماديين يحبون المنعم. ويعيشون في معيته. ولذلك. فخطاب المسلمين: " اذكروا الله " لأننا نحن مع المنعم. بينما خطابه سبحانه لبني إسرائيل: " اذكروا نعمة الله "
والحديث القدسي يقول: " أنا أهل أن أَتقى فلا يجعل معي إله، فمن اتقى أن يجعل معي إلها كان أهلا أن أغفر له "
فالله سبحانه وتعالى واجب العبادة. ولو لم يخلق الجنة والنار.
. ولذلك فإن المؤمنين هم أهل الابتلاء من الله. لماذا؟ لأن الابتلاء منه نعمة. والله سبحانه وتعالى يباهي بعباده ملائكته. ويقول: إنهم يعبدونني لذاتي. فتقول الملائكة: بل يعبدونك لنعمتك عليهم. فيقول سبحانه لهم: سأقبضها عنهم ولا يزالون يحبونني.. ومن عبادي من أحب دعاءهم. فأنا أبتليهم حتى يقولوا يا رب. لأن أصواتهم يحبها الله سبحانه وتعالى. ولذلك إذا ابتلى عبدا في صحته مثلا. وسلب منه نعمة العافية. ترى الجاهل هو الذي ينظر إلى هذا نظرة عدم الرضا. وأما المتعمق فينظر إلى قول الله في الحديث القدسي: أن الله عز وجل يقول يوم القيامة: " يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال: يا رب وكيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده. أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده " فلو فقد المؤمن نعمة العافية.. فلا ييأس فإن الله تعالى يريده أن يعيش مع المنعم.. وأنه طوال فترة مرضه في معية الله تعالى. ولذلك حين يقول الحق تبارك وتعالى: } يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ { معناها. إن لم تكونوا مؤمنين لذاتي. فاستحيوا أن ترتكبوا المعصية بنعمتي التي أنعمت عليكم. ولقد جاءت النعمة هنا لأن بني إسرائيل يعبدون الله من أجل نعمه.
} اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ { الذكر هو الحفظ من النسيان، لأن روتين الحياة يجعلنا ننسى المسبب للنعم. فالشمس تطلع كل يوم. كم منا يتذكر أنها لا تطلع إلا بإذن الله فيشكره. والمطر ينزل كل فترة. من منا يتذكر أن المطر ينزله الله. فيشكره. فالذكر يكون باللسان وبالقلب. والله سبحانه وتعالى غيب مستور عنا. وعظمته أنه مستور. ولكن نعم الله سبحانه تدلنا عليه.. فبالذكر يكون في بالنا دائما. وبنعمه يكون ذكره وشكره دائما.
والحق سبحانه وتعالى طلب من بني إسرائيل أن يذكروا النعمة التي أنعمها عليهم فقط. وكان يجب عليهم أن يطيعوا الله فيذكروا المنعم. لأن ذكر الله سبحانه وتعالى يجعلك في ركن ركين. لا يصل إليك مكروه ولا شر.
إن ذكر الله المنعم يعطينا حركة الحياة في كل شيء. فذكر الله يوجد في القلوب الخشوع. ويقلل من المعاصي وينتفع الناس كل الناس به، ويجعل حركة الحياة مستقيمة. وحين يقول الحق سبحانه وتعالى. } اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ { معناها اذكروني حتى بالنعمة التي أنعمت عليكم. وقوله تعالى: } وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ { العهد هو الميثاق. واقرأ قوله سبحانه وتعالى:{ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىا ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }[طه: 115]
إذن فالعهد أمر موثق بين العبد وربه. ما هو العهد الذي يريد الله من بني إسرائيل أن يوفوا به ليفي الله بعهده لهم؟
نقول: إما أن يكون عهد الفطرة. وعهد الفطرة كما قلنا أن نؤمن بالله ونشكره على نعمه. وكما قلنا إذا هبط الإنسان في مكان ليس في أحد.
ثم نام وقام فوجد مائدة حافلة بالنعم أمامه. ألا يسأل نفسه: من صنع هذا؟ لو أنه فكر قليلا لعرف أنه لابد أن يكون لها من صانع. خصوصا أن الخلق هنا فوق قدرات البشر. فإذا أرسل الله سبحانه وتعالى رسولا يقول إن الله هو الذي خلق وأوجد. ولم يوجد مدع ولا معارض نظرا لأن إيجاد هذه النعم فوق قدرة البشر. تكون القضية محسومة لله سبحانه وتعالى.
إذن فذكر الله وشكره واجب بالفطرة السلمية، لا يحتاج إلى تعقيدات وفلسفات. والوفاء بعهد الله أن نعبده ونشكره هو فطرة الإيمان لما أعطاه لنا من نعم. على أن الحق سبحانه وتعالى نجده يقول:{ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ }[البقرة: 40]
وفي آية أخرى:{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }[البقرة: 152]
وفي آية ثالثة:{ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }[محمد: 7]
ما هي هذه القضية التي يريد الحق سبحانه وتعالى أن ينبهنا إليها في هذه الآيات الكريمة؟ الله سبحانه وتعالى يريد أن نعرف أنه قد وضع في يدنا مفتاح الجنة. ففي يد كل واحد منا مفتاح الطريق الذي يقوده إلى الجنة أو إلى النار. ولذلك إذا وفيت بالعهد أوفى الله. وإذا ذكرت الله ذكرك. وإذا نصرت الله نصرك..
والحديث القدسي يقول: " وإن تقرب إليَّ شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إليَّ ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة "
هكذا يريد الحق سبحانه وتعالى أن ينبهنا أن المفتاح في يدنا نحن. فإذا بدأنا بالطاعة. فإن عطاء الله بلا حدود. وإذا تقربنا إلى الله تقرب إلينا. وإذا بعدنا عنه نادانا. هذا هو إيمان الفطرة.
هل هذا هو العهد المقصود من الله سبحانه في قوله: } أَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ { أو هو العهد الذي أخذه الله على الأنبياء ليبلغوا أقوامهم بأنهم إذا جاء رسول مصدق لما معهم فلابد أن يؤمنوا به وينصروه؟ فالحق سبحانه وتعالى أخذ على الأنبياء جميعا العهد لرسول الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. أو هو العهد الذي أخذه الله بواسطة موسى عليه السلام على علماء بني إسرائيل الذين تلقوا التوراة ولقنوها وكتبوها وحفظوها. عهد بألا يكتموا منها شيئا.. واقرأ قوله تعالى:{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }[آل عمران: 187]
والهدف من هذا العهد. ألا يكتموا ما ورد عن الإسلام في التوراة. وألا يخفوا صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي جاءت بها.. والله سبحانه وتعالى قد أعطى صفات رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة وفي الإنجيل.. واقرأ قوله تعالى:{ وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }
[البقرة: 89]
ولقد جاء القرآن الكريم. مصدقا لما نزل من التوراة. وعرف بنو إسرائيل أنفسهم صدق ما نزل في القرآن. ولكنهم كفروا لأن رسول الله لم يكن من قومهم.. وقد كان أهل الكتاب من توراة وإنجيل يعرفون أن رسالة رسول الله هي الرسالة الخاتمة. وأنه لابد أن يؤمن به قوم كل نبي. هل هذا هو العهد الذي يوجب على كافة الأمم الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ونصرته إن أدركوه. وإن لم يدركوه فالمسئولية على أبنائهم وأحفادهم أن ينصروه ويؤمنوا به متى أدركوه. إن كانت هي عهد إيمان الفطرة، أو كانت هي عهد الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم فكلاهما وارد.
وقوله تعالى: } أُوفِ بِعَهْدِكُمْ { أي بما وعدتكم من جنة النعيم في الآخرة. فالله سبحانه وتعالى بعد نزول الإسلام اختص برحمته الذين آمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام. وكل من لم يؤمن بهذا الدين لا عهد له عند الله.
واقرأ قوله تبارك وتعالى عندما أخذت الرجفة موسى وقومه وطلب موسى من الله سبحانه وتعالى الرحمة. قال تعالى:{ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـاذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }[الأعراف: 156-157]
فالحق سبحانه وتعالى يذكر بني إسرائيل في هذه الآية الكريمة. بالعهد الذي أخذه عليهم. وينذرهم أن رحمته هي للمؤمنين برسول الله صلى الله عليه وسلم متى جاءت رسالته..
وقوله تعالى: } وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ { أي أنه لا توجد قوة ولا قدرة في الكون إلا قوة الله سبحانه وتعالى. ولذلك فاتقوا يوما ستلاقون فيه الله ويحاسبكم. وهو سبحانه وتعالى قهار جبار. ولا نجاة من عذابه لمن لم يؤمن.
(/44)