بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الأخوة الكرام قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام لخص لنا ربنا جل جلاله في صياغة كلية شاملة عملية خلق السماوات والأرض وإفنائهما وإعادة خلقهما، كيف خلق الله السماوات والأرض، وكيف سوف يفنيهما، وكيف سوف يعيد خلقهما.
ورود خلق السماوات والأرض وإفنائهما وإعادة خلقهما في خمس آيات قرآنية:
هذه الموضوعات الكبرى الثلاثة وردت في خمس آيات قرآنية، لولا أن العلوم تطورت تطوراً كبيراً، وفي مطلع هذا القرن تبلورت نظرية أصل خلق الكون لما جاءت هذه الآيات في تناسق عجيب:
1 ـ الآية الأولى:
مثلاً الآية الأولى:
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا (30) ﴾
( سورة الأنبياء)
عندنا مرحلة اسمها مرحلة الرتق، مرحلة الرتق: الكون كله كان كوكباً واحداً، هذا الكوكب انقسم إلى مليارات مليارات الكواكب:
﴿ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا (30) ﴾
( سورة الأنبياء)
وعندنا مرحلة اسمها مرحلة الرتق، والمرحلة الثانية اسمها مرحلة الفتق:
﴿ فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) ﴾
( سورة الأنبياء)
2 ـ الآية الثانية:
الآن الآية الثانية:
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ(47) ﴾
(سورة الذاريات)
الكون يتمدد، أول آية كان الكون كوكباً واحداً فانفجر وانشطر وانفتق إلى ملايين الكواكب، ثم جاء التوسع بشكل مستمر:
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ(47) ﴾
(سورة الذاريات)
3 ـ الآية الثالثة:
﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ(11) ﴾
( سورة فصلت)
المرحلة الثالثة مرحلة الدخان، مرحلة الدخان ومن الدخان خلقت السماوات والأرض.
4 ـ الآية الرابعة:
لكن هذا التمدد ليس إلى ما لا نهاية، هذا التمدد سوف يعقبه فناء الكون:
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) ﴾
( سورة الأنبياء)
5 ـ الآية الخامسة:
وبعد يوم القيامة:
﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسماوات وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾
( سورة إبراهيم )
تطابق تصور العلماء لمرحلة بدء الخلق مع آيات القرآن تطابقاً تاماً:
والله أيها الأخوة، شيء يكاد لا يصدق أن أحدث تصور لعمالقة العلماء لبدء الخلق ولمصير العالم يأتي وفق هذه الآيات بالتمام والكمال، وهذه الآيات الخمس أعيدها على أسماعكم مرة ثانية:
الآية الأولى:
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (30) ﴾
( سورة الأنبياء)
هناك مرحلة الرتق ثم مرحلة الفتق.
الآية التي بعدها:
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ(47) ﴾
(سورة الذاريات)
الكون في توسع ثم في انكماش ثم يطوى هذا الكون بقدرة الله تعالى:
الكون في تمدد مستمر إلا أن هذا التمدد ليس إلى ما لا نهاية لابدّ له من حد، المرحلة الرابعة مرحلة الدخان:
﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ(11) ﴾
( سورة فصلت)
ثم مرحلة خلق السماوات والأرض، ثم نهاية العالم:
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ (104) ﴾
( سورة الأنبياء)
الكون في توسع ثم في انكماش ثم يطوى هذا الكون:
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) ﴾
( سورة الأنبياء)
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) ﴾
( سورة التكوير)
إلى آخر الآيات وبعد يوم القيامة:
﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسماوات وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾
( سورة إبراهيم )
معجزة النبي الكريم معجزة مستمرة و دليل على أن القرآن خاتم الكتب:
أيها الأخوة الكرام، كلكم يعلم أن أي نبي جاء على قومه هناك من سيكذبه:
﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً ﴾
( سورة الرعد الآية: 43 )
كيف يؤكد هذا النبي لقومه أنه رسول فعلاً ونبي حقيقة ؟ لابدّ من أن يشهد الله له على رسالته، أو على نبوته بمعجزة هي في الأصل خرق لنواميس الكون، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام أرسله الله إلى كل البشر وإلى الأمم والشعوب قاطبة:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾
( سورة الأنبياء )
وكتابه كتاب خاتم، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، والقرآن خاتم الكتب، فما الذي ينبغي أن يكون ؟ لابدّ من أن تكون المعجزة مستمرة، ولن تكون مستمرة إلا إذا كانت علمية، يا أخوان هناك شيء يلفت النظر، يعني هناك أكثر من أربعمئة ألف حديث، ألف وثلاثمئة آية في القرآن الكريم لا يوجد ولا حديث يفسرها، هناك من قال إما أنه توجيه من الله جلّ جلاله للنبي ألا يفسر هذه الآيات إطلاقاً، أو أنه اجتهاد منه، على كل الحكمة واضحة لو أن النبي عليه الصلاة والسلام فسر هذه الآيات تفسيراً مبسطاً يفهمه من حوله لأنكرنا عليه، ولو فسر هذه الآيات تفسيراً عميقاً جداً كما أراه الله من آيات ربه الكبرى لأنكر عليه أصحابه، الألف وثلاثمئة آية تركت من دون أي تفسير، فكلما تقدم العلم كشف عن جانب من عظمة هذه الآيات، إذاً هذا القرآن دليل أنه كلام الله، من آياته الكونية، يعني الإنسان يوقن يقيناً قطعياً مئة في المئة أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن، هذه الآيات تتوافق مع أحدث تفسير لبداية الكون ولنهايته ولإعادة خلقه مرة ثانية، خمس آيات متفرقة في كتاب الله تطابق أحدث نظرية في تفسير بدء الخليقة.
إذاً الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن، الله عز وجل جعل هذه الآيات شهادة منه على أن القرآن كلامه، ولأن القرآن كلامه هو شهادة أخرى على أن النبي الذي جاء بهذا القرآن هو رسوله.
والحمد لله رب العالمين