بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الأخوة الكرام، الحمام الزاجل كأن الله عز وجل سخره لنقل الرسائل، بريد سريع، الحمام الزاجل يزيد عن خمسمئة نوع، يمتاز الحمام الزاجل بحدة الذكاء، والقدرة الفائقة على الطيران، والغريزة القوية التي يهتدي بها إلى هدفه وموطنه، هو حيوان مستأنس وأليف قال تعالى:
﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ ﴾
( سورة يس الآية: 42 )
الحمام الزاجل من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل:
من جعله حاد الذكاء ؟ من جعله أليفاً ؟ من أعطاه قدرة فائقة على الطيران ؟ من هداه إلى هدفه ؟ من جعله مستأنساً ؟ هذا الحمام الزاجل يقطع مسافة ألف كيلو متر من دون توقف، سرعته كيلو متر بالدقيقة، يعني ستين كيلو بالساعة، ألف كيلو متر بلا توقف، هذا الحمام الزاجل يلد في العام تسعة أزواج من الزغاغيل كل عام، هل أحد منا اشترى سيارة وجد بعد سنة أمامها سيارة صغيرة ؟ نور الدين الشهيد استخدم الحمام بين دمشق والقاهرة، حيث كان ينقل البريد، وكان اسم السلطان ينقش على منقار هذا الحمام، وكان له ورق خاص يحمله ينقل به الرسائل، هذا الورق وزنه خفيف، وكان يستخدم هذا السلطان ألفين من الحمام الزاجل لإرسال الرسائل إلى الأمصار.
الله تعالى يتولى بذاته العلية هداية هذا الطائر إلى مستقره:
الآن هولندا لما استعمرت بلد اسمه سومطرة بشرق آسيا بينهما سبعة عشر كيلو متر، استخدمت الحمام الزاجل قديماً لنقل الأوامر إلى هذه المستعمرة، سبعة عشر ألف كيلو متر، يعني الآن بالطائرات تهتدي بالأقمار الصناعية، الأقمار الصناعية تبث لكل طائرة بث مستمر موقع الطائرة وهناك إحداثيات، مرة كنت في قسم القيادة بالطائرة ساعة كبيرة جداً أي طائرة على بعد خمسين كيلو متر تظهر على شاشة هذه الساعة، أجهزة عالية الدقة، لكن لا يوجد طيار في الأرض يستطيع أن يطير بطائرة من دون هذه الأجهزة، فهذا الحمام الزاجل كيف يهتدي من هولندا أمستردام إلى سومطرة ؟ هناك بحار، هناك جبال، هناك صحارى، هناك سهول، الحقيقة هناك مجموعة فرضيات، أول فرضية قال: إن معالم الأرض طبعت في ذاكرة هذا الطائر، فجاء عالم ونقض هذه الفرضية، عصب عينيه فوصل إلى هدفه، التغت، هناك فرضية ثانية أن هذا الحمام يشكل مع الشمس زاوية يهتدي بها إلى موطنه، ألغيت النظرية كيف يطير ليلاً ؟ الطيران ليلاً ونهاراً ألغيت هذه النظرية.
هناك نظرية ثالثة قال: عنده جهاز رادار في دماغه يهديه إلى الهدف، أحضروا جهازاً كهربائياً وضعوه على رأسه يصدر ذبذبات لتشويش هذا الجهاز الذي خلقه الله، وصل إلى هدفه التغت الثالثة، ثم توقعوا أن يهتدي عن طريق الساحة المغناطيسية، جاؤوا بمغناطيس، وأعطى موجات تخالف الساحة المألوفة، فاهتدى إلى موطنه، الآن لا يوجد تفسير إطلاقاً، كيف عصفور يخرج من دمشق ويستقر في الشتاء في جنوب إفريقيا، يقطع سبعة عشر ألف كيلو متر ويرجع ؟ لو أخطأ بالزاوية درجة واحدة يأتي في بغداد درجة ثانية يأتي في القاهرة، يأتي إلى دمشق الصالحية إلى عرودك إلى البيت الثالث إلى الليوان إلى عشه، من هداه ؟ ما عاد في تفسير إطلاقاً إلا أن الله يتولى بذاته العلية هداية هذا الطائر، من هولندا إلى سومطرة سبعة عشر ألف كيلو متر، ينطلق من أمستردام ويصل إلى سومطرة ما في عنده أجهزة ولا إحداثيات ولا اتصال خارجي ولا أقمار صناعية.
التفكر في خلق السماوات والأرض يضعنا وجهاً لوجه أمام عظمة الله عز وجل:
أيها الأخوة الكرام، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾
( سورة طه)
أيها الأخوة، التفكر في خلق السماوات والأرض يضعك وجهاً إلى وجه أمام عظمة الله عز وجل، وبقدر ما تعظم الله عز وجل تطيعه، بقدر ما تعظمه تصطلح معه، بقدر ما تعظمه تحبه، ومن أعجب العجب أن تعرفه ولا تحبه، ومن أعجب العجب أيضاً أن تحبه ثم لا تطيعه.
أرجو الله سبحانه وتعالى أن ننطلق جميعاً بتفكيرنا لمعرفة الله من خلال الكون، الحمام الزاجل من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل.
والحمد لله رب العالمين