الطحال
أيها الأخوة الكرام، في بالإنسان غدة كبيرة يزيد وزنها عن مئتي غرام اسمها الطحال، عند بائعي الشطائر اسمها سوداء، أو حمرة، طحال، هذا الطحال وزنه مئتا غرام متصل بشبكة أوعية دموية كثيفة جداً، وهناك عضلات إن تقلصت هذه العضلات أفرغ ما عنده من الدم، هذا الجهاز أول وظائفه يولد كريات الدم البيضاء، وكريات الدم البيضاء جيش بكل معاني هذه الكلمة، بعض هذه الكريات فرقة الاستطلاع، تتقصى الأخبار وتأخذ هذه الأخبار، تعطيها للقيادة، جيش من هذه الكريات مهمته تقصي الأخبار، فرقة الاستطلاع، وهذا الطحال مقبرة لكرات الدم البيضاء، مصنع للكريات البيضاء التي هي جيش بفرقه الاستطلاع، تصنيع السلاح، فرقة المقاتلة، الخدمات، المغاوير، وهذه الغدة فيها معمل لكريات الدم الحمراء، ولكن معمل احتياط، المعامل الأصلية في نقي العظام، هذه المعامل تصنع بكل ثانية اثنين ونصف مليون كرية حمراء، والمرض الذي مات به بعض الملوك أن هذه المعامل كفت عن تصنيع الكريات الحمراء، المرض اسمه فقر الدم المصنع، أو ابيضاض الدم، هذه المعامل تكف عن صناعة الكريات الحمراء، تصنع في الثانية الواحدة اثنين ونصف مليون، والنبي أمر بالحجامة، والحجامة نقص في الدم منتظم، والنقص المنتظم في الدم ينشط هذه المعاملة، صيانتها بأخذ الدم، النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وظائف الطحال:
إذاً مقبرة لكريات الدم الحمراء معنى مقبرة تصب على هذه الكريات الميتة مادة تحللها إلى مكوناتها، مكوناتها حديد وهيموغلوبين، الحديد يرسل إلى نقي العظام ليعاد تصنيعه، والهيموغلوبين يرسل إلى الصفراء ليشكل الصفراء، هذه الغدة تفرز مادة يهضم بها الدهن.
إذاً مقبرة مع تحليل وإرجاع إلى المكونات الأساسية، حديد يشحن إلى معامل نقي العظام، وهيموغلوبين يشحن إلى الصفراء، ومعمل كريات دم بيضاء، مقبرة ومعمل، شيء آخر هذا الطحال مستودع للدم، صار مستودعاً ومعمل كريات دم بيضاء، مقبرة كريات دم حمراء، ومعمل كريات دم حمراء احتياط، هذا فعل الإله ماذا يستنبط من ذلك ؟ أن الهدر ولو كان من غني، ولو كان من مليء، قيمة ساقطة عند الله، فالإله العظيم كن فيكون، يموت في الثانية الواحدة اثنان ونصف مليون كرية حمراء، تذهب هذه الكريات إلى الطحال، تصب عليها مواد معينة، تحلل إلى مكوناتها الأساسية، يعاد تصنيع الحديد مرة ثانية، ويعاد تصنيع الهيموغلوبين مرة ثانية، فينقل إلى الصفراء ليكون المادة الصفراء الهاضمة.
أيها الأخوة، مستودع احتياط، في عضلات حينما تتقلص مخزون هذا المستودع يخرج عبر الأوعية الدموية إلى الدم، مستودع، مقبرة، معمل كريات دم بيضاء، معمل كريات دم حمراء، وزنه مئتا غرام، قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( أحلت لكم ميتتان و دمان فأما الميتتان فالحوت و الجراد و أما الدمان فالكبد و الطحال ))
[ أحمد عن عبد الله بن عمر]
كله دم الطحال لكن أبيح لكم، كيف أن السمك ميت، أبيحت لكم ميتتان السمك والجراد.
الهدر قيمة مرفوضة عند الله عز وجل:
لكن الفكرة اللطيفة أن الهدر ولو كنت غنياً قيمة مرفوضة عند الله عز وجل، فالإله العظيم الذي بيده كل شيء كن فيكون الكريات الميتة في كل ثانية اثنين ونصف مليون تذهب إلى مقبرة الكريات في الطحال، وتحلل إلى مكوناتها الأساسية، ويعاد تصنيعها مرة ثانية لئلا نهدر المواد الأولية.
أيها الأخوة الكرام، المشكلة أن هذا الجهاز أو الغدة المغلقة يموت الإنسان في حالتين: إذا تعطل عن العمل أو إذا زاد نشاطه، إذا زاد نشاطه يحلل الكرية الحية والميتة، يصبح فقط دم مع أن الغذاء جيد جداً، فقر دم مرضي ناتج من أن هذا الطحال يقوم بنشاط زائد عن النشاط المعقول فيقتل الكرية الحية ويحللها، ففي قتل مستمر لكريات الدم الحمراء، أنت إذا قلت طحال يعني معمل أول لكريات الدم البيضاء، معمل أصلي لكريات الدم البيضاء، معمل احتياط لكريات الدم الحمراء، مستودع لكريات الدم الحمراء، مقبرة لكريات الدم الحمراء:
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
( سورة النمل: الآية 88)
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (11) ﴾
( سورة لقمان )
والحمد لله رب العالمين