بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. مستمرين السير على طريق الله لمعرفة الدين والتعرف على الله عزَّ وجلَّ. عبادة اليوم من أهم العبادات بين العبد وربه ومن أثر العبادات التي تريح قلب الإنسان وتُدخل السرور عليه، وهي نفس العبادة التي تجعل الإنسان يشك في الله إذا لم يُستجاب له، عبادة اليوم هي الدعاء. الدعاء عند العلماء تعني طلب مع الخضوع، وأصل الدعاء أن هناك عبد فقير يطلب من ربّ كبير وقدير.
الدعاء في كتاب الله
الدعاء في القرآن له 4 معاني وكأن كل معنى يوصل معنى مختلف للقلب.
أولا: معنى الاستغاثة، يقول تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّـهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّـهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (الأنعام: 40) الدعاء هنا أي يستغيثون بالله.
ثانيًا: معنى العبادة، {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ..} (الكهف: 28).
ثالثًا: معنى النداء، { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} (الإسراء: 56).
رابعًا: معنى الطلب والسؤال، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: 186).
اتفق بعض العلماء على تفضيل أن يدعو الإنسان بما يتمنى لأن الدعاء عبادة، واتفق البعض الآخر على أن يسكن العبد للمقادير، فيما جمع بعض العلماء الآخرون بين الاثنين، أن يدعو الإنسان بما يتمنى بجوارحه وقلب العبد ساكن تحت جريان مقادير الله.
حواجز بين العبد وربه في الدعاء
الحاجز الأول الاعتقاد أن الله قد يكون غير متذكر لما يطلبه، والحاجز الثاني الاعتقاد بأن الله يُستضر منه الشيء، أي الطلب من الذي لا يعطي ولكن الله كريم ويعطي دون أن يُسأل، والحاجز الثالث استبطاء العطاء، أي اعتقاد العبد أن الله يُؤخر عن العبد ما يتمنى دون أن يعلم الله عليم وقدير وخبير بحال عبده.
آداب الدعاء
- على رأس آداب الدعاء المال الحلال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّها الناس، إنَّ الله طيِّب لا يَقبل إلَّا طيِّبًا، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال:{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (المؤمنون: 51)، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (البقرة: 172)، ثم ذكر الرجل يطيل السَّفر، أشعثَ أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء، يا ربِّ! يا ربِّ! ومَطعمُه حرام، ومَشرَبه حرام، وملبسه حرام، وغُذِي بالحرام؛ فأنَّى يُستجاب لذلك؟
- البحث عن الأوقات الشريفة، أي هنا أوقات في اليوم السنة يحبها الله، فمن له حاجة يتحرى هذه الأوقات ويدعو الله فيها، وتلك الأوقات هي يوم عرفة، شهر رمضان، يوم الجمعة، وقت السحر وهو الثلث الأخير من الليل، ووقت زحف الجيش في سبيل الله، ووقت المطر، والوقت بين الآذان والإقامة.
- حالة الجمع، أي أن يكون قلب العبد منجمع إلى الله بخشوع وتضرع إليه
لا تستبطئ على الله: أي لا تطعن في اختيار توقيت الله، وقال صلى الله عليه وسلم: "يُستجابُ لأحدِكم ما لم يَعْجَلْ؛ فيقول: قد دعوتُ ربِّي فلَمْ يستجبْ لي".
- حمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله قبل بدء الدعاء، والختم بالحمد والصلاة على رسول الله.
هيئات الدعاء
- مقام الدعاء: وهو رفع الكفين إلى مقام الصدر ومدهما إلى الله، والنظر بالوجه إلى الأسفل احترمًا لله.
- مقام الاستغفار: وهو رفع السبابة من اليد اليمنى أثناء الاستغفار والدعاء في خطبة الجمعة، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
- مقام الابتهال والتضرع: رفع اليدين لأعلى ويمدها إلى السماء، وكانوا يدعون هكذا في حال المصائب.
http://web.mustafahosny.com/article.php?id=3629