بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نُكمل معًا السير على طريق الله وحلقة اليوم عن فقه زي المرأة. اليوم نتكلم عن فرضية الحجاب في ظل الأصوات العالية التي تقول أنها ليست فريضة. قواعد الأحكام الشرعية كما ذُكر في حلقة سابقة أنها هي الفرض المستحب المباح المكروه الحرام، وحكم الحجاب لم يتغير كما لم يتغير حكم السرقة أو غيره من المحرمات التي أمر الله النهي عنه.
فتوى الحجاب من الأزهر الشريف الصادرة في عام 2012
الهدف من قراءة حكم الحجاب هو تثبيت الفتاة المحجبة عليه ومساعدة الفتاة المترددة على أخذ هذه الخطوة. تقول الفتوى أن أوامر الله نوعين، الأول أمر اجتمع عليه المسلمين ولم يختلفوا عليه كالصيام واسمه قطيعة الدلالة، والنوع الثاني نص صار عليه الإجماع رغم أن النص فيه ظني الدلالة، أي نص قد يقرأه عامة الناس ولا يفهموه، فيأتي العلماء ليفسروا هذا النص من مجموع النصوص القرآنية، فيتم تجميع النصوص الظنية، وأصبحت مجموع هذه النصوص قطعية الدلالة. الأزهر ذكر ذلك لأن الكثير يقول أن آيات القرآن غير واضحة، وهنا اجتمع العلماء على نوعين من الإجماعات، نصوص قطعية، ونصوص ظنية. وأضاف الأزهر أن الأمور التي اجتمع عليها العلماء هي ضابط لهوية الإسلام وحافظ لما استقر من الأحكام، وتخطي الإجماع يؤدي إلى هدم أحكام الدين وتدمير ثوابته ومسلماته، وحجاب المرأة المسلمة فرض على كل من بلغت سن التكليف، والحجاب من ثوابت الدين، وهو حكم يستوفي العالم والجاهل.
أدلة الحجاب
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (سورة الأحزاب: 59)، وتطبيق الآية يحتاج إلى عالم أو أدلة من الصحابة عن كيفية تطبيق الصحابيات لهذه الآية عند نزولها، وقال تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ..} (سورة النور: 31)، وجيوبهن مقصود بها هنا ما يظهر على شكل سبعة من الملبس الذي يُظهر جزء من الصدر أو الرقبة والكتف، ولا يبدين زينتهن مقصود بها الوجه والكفين وزاد بعض السلف إظهار ظاهر القدم أي ارتداء الشيء الشبيه بالصندل، وموضع وضع السوار، ولا يوجد أي قول بجواز كشف ما عدا ذلك من جسد المرأة وهو من الأحكام الشرعية القطعية، وأضاف العلماء أن تعبير بضرب الخمار على الجيب يقتضي ستر الشعر والعنق والنحر.
هناك أحاديث عدة عن الحجاب ولكن الأزهر تناول الحديث الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة أسماء بنت أبي بكر بستر كل الجسد إلا الوجه والكفين، وقال العلماء أن الذين يُضعفوا هذا الحديث، يذهبون بذلك إلى فريضة النقاب وهو رأي يُحترم، فالخلاف على ارتداء النقاب أو الحجاب وليس في ترك أيهما.
الحجاب لم يكن أبدًا من قبيل العادات، بل هو من صميم الدين وتكاليفه الشرعية التي حمّلها الله الإنسان دون سائر الكائنات، وهو سائل عنها يوم القيامة، فالخلاصة أن الحجاب فريضة من لدن سيدنا محمد، وحتى الآن لم يشذ عالم من العلماء الثقال على فرضيته، بل اختلفوا في مقدار الحجاب، وصفة الحجاب فيجب ألا يشف ولا يصف الأعضاء.
العائدون إلى الله
اسمي كايلا وايت ومن الولايات المتحدة، وبعد فترة من السفر وكسب العديد من الخبرات من خلال التعامل مع الأشخاص ذوي الأفكار المختلقة، رأيت أن اعتقاداتي لا تتماشى مع ما في قلبي، وبسبب ذلك بدأت أدرس من أجل البحث عن الحقيقة ولم أهتم إذا كانت سهلة أو إذا أحببتها، فقط أردت الحقيقة. وبسبب أني قابلت بعض المسلمين قلت لنفسي أن الحقيقة قد تكون في الإسلام، وعندما بدأت اقرأ في هذا الدين ومشاهدة مقاطع مرئية على الإنترنت عن أشخاص اعتنقوا الإسلام، وجدت أني مسلمة في الحقيقة بسبب الأشياء التي أؤمن بها في قلبي. بعد وقت من الأسئلة والدعاء أرشدني الله إلى الإسلام في رمضان عام 2009، واليوم التالي من نطقي للشهادة بدأت الصوم، وبعدها بدأت الدراسة أكثر، حينها تعلقت بالقرآن والحجاب بشدة.
الحجاب يعني أن يتم الاهتمام أكثر بمن أكون وليس بكيف أبدو، وهذا مفهوم رائع. بدأت في ارتداء الحجاب قبل أن أعتنق الإسلام. كنت في صف عن ماهية الدين وتعلمنا عن الحجاب في الصف، والمفهوم حينها راق لي، فالمرأة تُعرف بشخصيتها وإسهامها في المجتمع بدلًا من يكف تبدو، وكانت هناك فتاة مسلمة في الصف ألهمتني، وبعد ذلك بدأت بتجربة ارتداء الحجاب كغير مسلمة لأرى كيف تشعر المرأة بالحجاب، وعندما ارتديت الحجاب لاحظت احترام الناس لي وتحدثهم معي بطريقة مهذبة والحكم عليّ من شخصيتي لا من مظهري. نشأت في ثقافة تقول أن قيمة المرأة تُستمد من حكم الرجل عليها، لذا عليها أن تقلق بشأن مظهرها لتشعر أن لها قيمة، وبفضل الحجاب تعلمت أن قيمتي مع الله.
أؤمن أنه بسبب حب الله لنا يعطينا الحدود ليس فقط للنساء ولكن للرجال أيضًا، وأؤمن أن هذه الحدود وضعها الله لأنه عزَّ وجلَّ يحبنا، وأعتقد أن الحدود التي وضعها الله للمرأة تحديدا كارتداء الحجاب والتعامل مع الرجال، كل ذلك يكسبها قوة ولا يحد من حريتها، ويُحكم عليها كإنسانة لا كقطعة فنية.
http://web.mustafahosny.com/article.php?id=3511