نُكمل معًا السير على طريق الله لإحياء روح العبادة، نُكمل قراءة كلام العلماء في أحوال القلوب وكيف تكون أفكارنا وحالنا نحن نعبد الله عبادة معينة، واليوم لا نتكلم عن عبادة نسكية مثل الصلاة أو الصيام، اليوم سنتكلم عن عبادة اجتماعية وهي الخطوبة. تكلم الله عن الخطوبة والزواج في القرآن والسنة فالله هو من خلق الذكر والأنثى وخلق ورتب طبيعة العلاقة بينهما.
الخطوبة: هي إبداء رغبة في الزواج أو هو وعد بالزواج قابل للرجوع، والخطوبة سنة وليست عادة اجتماعية فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خطب السيدة عائشة والسيدة حفصة قبل الزواج.
وهناك ثلاث طرق تؤدي للخطبة
أولًا: طريقة لا يحبها الله وهي العلاقة أو المصاحبة بين الولد والبنت لمدة بعدها يقوم بخطبتها.
ثانيًا: أن يكون هناك ما يجمع بين الطرفين ويتم التعارف عن طريق العمل مثلاً والأفضل أن تُعجل بالذهاب للبيت.
ثالثًا: أن يلتقي الطرفان بنية التعارف والزواج "زواج الصالونات".
اللقاء الأول: يفضل العلماء أن يكون في المنزل والطريقة المثلى للقاء تكون في وجود محرم فيتم التعارف بين جميع الأطراف، ثم تكون الخلوة الشرعية وهي أن يجلسا معًا ليتكلما على مرآى من الأهل والمحارم، وأجاز الفقهاء تكرار هذا اللقاء أكثر من مرة، ومن حق الرجل أن ينظر لوجه وكفين المرأة لبيان الشكل واللون والحجم. وقد أجاز العلماء للبنت رؤية أكثر من عريس إذا تقدموا لها في نفس الفترة وكذلك للولد له أن يرى أكثر من عروسة، ولكن إذا أخذتم قرار الخطوبة وتم الوعد بالخطوبة فلا يجوز يقول صلى الله عليه وسلم: "لاَ يخطبُ الرَّجلُ على خطبةِ أخيهِ إلا أن يأذن له أخاه".
وهناك معلومة فقهية هامة جداً للمطلقة في فترة العدة، لا يجوز التلميح لها بالخطبة ولكن بعد الطلقة الثالثة أو إذا تُوفي زوجها فلا جناح عليها في ذلك، وكذلك يجوز للأب أو الأخ أن يعرض على شاب الزواج من ابنته أو أخته إذا رأى فيه أنه إنسان صالح، وهناك باب في البخاري اسمه عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح مثلما عرض سيدنا شعيب على سيدنا موسى، قال تعالى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} ﴿سورة القصص: ٢٧﴾.
وعن رأي العلماء في إعلان الخطبة أو سريتها يرى الإمام مالك أن الخطوبة من الأفضل أن تكون في السر حتى لا يأخذ انطباع خاطئ عن أحد الطرفين إذا لم يتم الزواج. أما إذا سألك أحد الأشخاص عن رأيك في شخص معين ووجدت فيه بعض المشاكل التي تحول دون إقامة البيت في المستقبل، فواجب عليك أن تنصحه، فالمستشار مؤتمن، أما إذا كان شيء لا يؤثر على المستقبل فلا تتحدث عنها، أي أن تبين التحديات القائمة وليس الماضي.
فتوى العلماء المستقرة الآن في المجامع الفقهية بالنسبة لارتداء الدبلة أنها من الأعراف التي تعارف عليها الناس ولن تصطدم بالشريعة الإسلامية وأفتت بجوازها.
ضوابط فترة الخطوبة:
هنالك مستويان لعلاقة الرجل بخطيبته
الأول: أن يبتعدا عن بعضهما بعد الخطوبة ولا يرى أحدهما الأخر.
الثاني: أما فقهاء هذا العصر فرأيهم أن الخطوبة فترة تعارف ولابد فيها من المقابلات والكلام ولكن في محيط العائلة وليس بمفردهم؛ ولا يجوز الخروج معًا بمفردهم بدون وجود فرد من الأهل، وهذا ما يُسمى بالخلوة حتى في مكان عام وأيضا أفتى بعض العلماء أن ركوب السيارة خلوة بين المخطوبين، ويجوز الكلام في التليفون بما يرضي الله، فالله معكما يسمع ويرى.
عند فسخ الخطوبة:
يكره فسخ الخطوبة بدون سبب ولكنه يجوز.
علاقة الخطوبة ليس بها حقوق شرعية مثل الزواج فهي تخضع للعرف لذلك يجوز إعادة الهدايا أو لا، أما إذا كان الرجل قد قدم الشبكة فالأولى أن تعيدها العروس.
العائدون إلى الله
اسمي مريم وأنا من أمريكا وقبل معرفتي بالإسلام كانت حياتي لا بأس بها. كنت اعتقد أني بخير وأن حياتي سعيدة وأنني شخص جيد. أردت أن أجد ديانة تناسبني لأجد علاقة مع خالقي ولكن لم أجد؛ عرفت عن الإسلام عن طريق لعبة على الإنترنت. في الجامعة رأيت فتاة محجبة فكنت أراقبها وأعجبت بفكرة الحجاب، ولاحقًا في تلك اللعبة وجدت أيضا مجموعة من الرجال يعاملون الناس بطريقة مختلفة ويحترمونهم كثيرا وخاصة النساء وجاء أحدهم إليّ في يوم ما وقال لي أنكِ يجب أن تصبحي مسلمة فقلت له أن ذلك لم يخطر على بالي فقال لي إذاً اقرئي عن الإسلام، وهكذا بدأت في قراءة القرآن ولم أستطع التوقف، ثم قرأت عن المسلمين الجدد وما يحتاجون معرفته، ثم قرأت الشهادة وكانت بمثابة قارب إنقاذ بالنسبة لي، فهذا ما كنت أبحث عنه طوال حياتي، فكرة وجود إله واحد وأنني أستطيع أن أتواصل معه مباشرة.
أعتقد أن أكبر مشكلة تواجه المسلمين في فترة الخطوبة أنهم يحاولون أن يكونوا كغير المسلمين، يحاولوا أن يصبحوا مثل الغرب ويعتقدون أن هذا هو التقدم ولكني أقول لكم أنه ليس صحيح. لقد عشت الحالتين وفعل الأشياء كما أمرنا الله أكثر نفعًا بكثير.
وأكبر نصيحة أقدمها للمخطوبين: اتبعوا السنة، ابقوا علاقتكم حلال، لا تكونوا في خلوة، ابتعدوا عن الزنا بكل أشكالها، وتمهلوا، فالناس مشغولون بالمظاهر والعلاقة الجسدية لدرجة أنهم ينسون أنهم يبنون حياة وليس فقط زفاف وزواج. انظروا بموضوعية للطرف الأخر كيف يتعاملون مع العالم، هل يصلون مثلكم، ومهتمين بدينهم مثلكم وهل يتعلمون بنفس السرعة؛ لأن ذلك قد يسبب الكثير من المشاكل في البيت.
http://web.mustafahosny.com/article.php?id=3424