نحن قوم نرى المفاخر إلاّ من طريق العلوم ثوباً مُعارا
هل شددنا الرحال في الأرض للأس فار إلا لنكتُب الأسفارا
كم طَوَينا من قبلُ في طلب العل م فجاجاً وكم شَقَقْنا بحارا
واقتحمنا لأجله كل هَوْل وركِبنا لأجله الأخطارا
ولقد هانت النوائب فيه إذ لبسنا الصبر الجميل شعارا
سل بنا العلم والفنون جميعاً هل ملكنا بغيرها الأقطارا
لا يكن منك في الذي قلت شكٌ وإذا شئت فانظر الآثارا
يعلم اللّه ذو الجلالة أنا لسوى اللّه ما رجونا وقارا
إنما هذه المدارس روض يُنبت المجد والعلا والفَخارا
تَتغذى بها النفوس غِذاء هو يُنْمي العقول والأفكارا
جلَ فعلاً اكسيرها المتعالي كيف يَجْلو القلوب والأبصارا
كانت الناس في القديم عبيداً وبها اليوم أصبحوا أحرارا
فعليكم فيها بتحصيل علم يُرغد العيش يُسعِد الأعمارا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحلقه جديدة من علمتني الحياه
حلقتنا لهذا اليوم تدور حول معنى عظيم من معاني الاسلام والحياة واساسا من اسس الرقي للأمم وللأفراد ، حديثنا عن العلم ,سبحان الله كم صنع العلم من أمجاد وكم من أسر عرفت واشتهرت بعالم, وكم من اسر عندها من الأموال والمناصب ولكن بالجهل وسوء الحكمة وسوء الترتيب أضاعوا مجدهم وأضاعوا سمعتهم وشهرتهم .
العلم يرفع الله به أناس ويخفض به آخرون , والله ليس عبثا جعل منهج علمي في ترتيب القرآن وسور القرآن حيث كانت اول آيه من القرآن الكريم تعلم القراءة وتعلم من خلال القراءة معرفه الخالق وهو غايه وجود الانسان.
اقرأ , أول كلمة ليست عبثا , ليست صل , ليست جاهد بل اقرأ ، إذن هي أول كلمة نزلت بالقران
( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾١﴿العلق
فالعلم هو الطريق لمعرفة الله عز وجل ، ثم جاءت السورة التالية
ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴿القلم: ١﴾الى ان قال وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿٤﴾
تعلم الكتابه بالقلم بعد القراءة وتعرف على النبي المختار فهو الوسيله للوصول للخالق ، وبعدها جاءت سورة المزمل ليعرف بركني الشهادة لااله الا الله محمد رسول الله
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴿المزمل:١﴾ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿المزمل:2﴾ فالعلم والقراءة ان لم يقترن بعمل لاقيمه له
وبعدها سورة المدثر , يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿المدثر:١﴾ قُمْ فَأَنذِرْ ﴿المدثر:2﴾ لنشر هذا المنهج وليعرف البشريه قاطبه بالغايه الكبرى لوجودها
فالقرآن محكم وترتيب آياته وسوره ليس عبثا .كل أيه في مكانها وكل حرف في مكانه
حلقتنا عن العلم ونحن نهدف من خلال هذه الحلقة ان ننقل تجارب في التاريخ من قصص العلماء ومما مر بي شخصيا مما علمتني الحياة .
من أعظم علماء الصحابه رغم صغر سنة كان عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما ) ابن عم النبي عليه أفضل الصلاة والسلام دعا له النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وهو في العاشره من عمره بالعلم ولكن هذا العلم الذي جاء له لم يأتي بسبب الدعاء فقط بل لأنه ألحقه جهدا وجهادا في طلب العلم , عندما كان في 15 من عمره كان ينام على الأبواب من أجل العلم
يقول عبد الله بن عباس : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لفتى من الأنصار هلم فلنسأل أصحاب رسول الله فإنهم اليوم كثير ، فقال: "يا عجباً لك يا ابن عباس!!، أترى الناس يفتقرون إليك.. وفيهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه."وﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺗﺮى..؟؟ فتركته ، وأقبلت أنا أسأل أصحاب رسول الله.(أي أطلب العلم منهم ). فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل (أي يسمع عم رجل عنده حديث للنبي عليه الصلاة والسلام ) فآتى إليه وهو قائل (أي نائم وقت القيلوله) في الظهيرة فأتوسد ردائي على بابه (أي يرتاح الى ان يخرج اليه).. يسفي الريح علي من التراب.. حتى ينتهي من مقيله ويخرج فيراني فيقول: "يا ابن عم رسول الله ما جاء بك..؟؟، هلا أرسلت إلي فآتيك..؟؟"، فأقول: "لا أنت أحق بأن أسعى إليك، فأسأله عنه الحديث وأتعلم منه .... ومرت الايام وبعد عدة سنوات (حيث كان عمره أقل من 20 سنه) وأصبح عالم من العلماء العظام قابله الفتى الأنصاري وقد اجتمع الناس حول بن عباس يسألونه فقال :هذا الفتى أعقل مني .... حدَّث أحد أصحابه ومعاصريه فقال : لقد رأيت من ابن عباس مجلسا ، لو أن جميع قريش فخُرَت به لكان لها به الفخر ، رأيت الناس اجتمعوا على بابه حتى ضاق بهم الطريق ، فما كان أحد يقدر أن يجيء ولا أن يذهب ، فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه ، فقال لي :( ضَعْ لي وضوءاً ) فتوضأ وجلس ، و قال :( اخرج إليهم ، فادْعُ من يريد أن يسأل عن القرآن وتأويله ) فخرجت فآذَنْتُهم ، فدخلوا حتى ملئُوا البيت ، فما سألوا عن شيء إلا أخبرهم وزادهم ، ثم قال لهم :( إخوانكم ) فخرجوا ليُفسِحوا لغيرهم ، ثم قال لي :( اخرج فادْعُ من يريد أن يسأل عن الحلال والحرام ) فخرجت فآذَنْتُهم ، فدخلوا حتى ملئُوا البيت ، فما سألوا عن شيء إلا أخبرهم وزادهم ، ثم قال :( إخوانكم ) فخرجوا ثم قال لي :( ادْعُ من يريد أن يسأل عن الفرائض ) فخرجت فآذَنْتُهم ، فدخلوا حتى ملئُوا البيت ، فما سألوا عن شيء إلا أخبرهم وزادهم ، ثم قال لي :( ادْعُ من يريد أن يسأل عن العربيّة والشّعر ) فآذَنْتُهم ، فدخلوا حتى ملئُوا البيت ، فما سألوا عن شيء إلا أخبرهم وزادهم .
كلما بدأتم يا شباب مبكرا في طلب العلم , كلما كانت لكم فرصه أن تستزيدوا فتكونوا موسوعات كابن عباس وكلما تأخرتم فالفرصة لتخصص موجودة ولكن للتمكن محدودة فابدؤوا مبكرا في طلب العلم
كان دائما يستوقفني المثل القائل :من علمني حرفا كنت له عبدا فكنت أنزعج من هذا المثل وأقول لماذا نتعامل مع التعليم انه يسلب الحريه , المثل فيه شيئا من الصحة ولكن كلمة عبد قاسيه فأنا لا أقبل ان اكون عبدا الا لله عز وجل
تذكرون قصة أسرى بدر حيث أباح الرسول ان يفدوا أنفسهم بالمال او يعلموا عشرة من المسلمين القراءة والكتابه
فلو فكرنا في هذا المعنى
(حريه انسان = تعليم انسان)
فما وزن الانسان في هذه الحياه وهل يستطيع أن يحقق شيئ من دون التعليم
هذا حدث معي , ليست اسرتي ولا أموالي ولاأصلي ولا فصلي العلم هو الذي يصنع الانسان
العلم له درجات وله مستويات أعظم درجات العلم هو فهم الدين وفهم اصول الحياه والاجابه على الأسئله الرئيسيه
من؟ متى؟ لما؟ الى أين؟ هذه الأسئله الرئيسيه التي جاءت كل الأديان من أجلها وجاء علم الفلسفه كله من أجلها
عندما كنت أدرس العلوم السلفيه كانوا يحذرونا من مادة الفلسفه وفعلا اجتنبتها , ولكن عندما درست في أمريكا كان عندي مادة تتحدث عن الفلسفة والمنطق واكتشفت انها شي جميل ورائع فالفلسفه لاتتعارض مع الدين
فرنسيس باكون قال وكما قليل من الفلسفة قد يؤدي الى الالحاد.. لكن التعمق في الفلسفة يزيدك ايمانا
ويقول نديم الجسر في كتابه قصة الايمان بين الفلسفه والعلم والقرآن : إن الفلسفة بحر، على خلاف البحور، يجد راكبه الخطر و الزيغ فى سواحله و شطاَنه، و الأمان و الإيمان في أعماقه . ...
حدث معي في قضيه العلم امور منها قرائتي لهذا الكتاب وهو قصة الايمان بين الفلسفه والعلم والايمان فغير حياتي ومنها تعلمت مستوى العلماء ,فالعلماء سبحان الله مستويات , وطموحات الانسان بحسب محيطه فالاحتكاك بأناس بسيطين يجعل طموحاتك بسيطة
أذكر وانا عمري 17 سنه ذهبت الى الشام فقابلت محدث الشام الألباني رحمه الله في مكتبته فسأله رجل عن حديث للرسول هل هو ضعيف أم صحيح فجاوبه هذا الحديث في فتاوى ابن تيميه قال له :نعم ، فقال أخرج المجلد 26 ورائك وافتح الصفحه الفلانية تجد الحديث وقد رواه فلان عن فلان ، فأصبت بالذهله بحجم العلم الذي عنده سبحان الله . فأدركت مستوى علم العلماء وتمكنهم . ثم رأيت هذا مع دكتور لي من الذين علموني علم الهندسة والرياضيات ، أذكر أنه في بداية العام دخل إلى القاعه في موعد محاضرته وكنا فقط سبعة في القاعة وكان ينظر يمين وشمال وكأن شيء لم يعجبه فسألناه فقال أن اللوح صغير وقال سوف نغير القاعة ونقلهم إلى قاعة تتسع 300 شخص وفيها 3 ألواح فكان يملأ الألواح بالمعادلات الصعبة الطويلة التي كنا نعجب كيف كان يحفظها مع العلم أنه لم يدخل المحاضرة وبيده ولا حتى ورقة واحدة !!!!! كتبت من ورائه مجدين ما زلت أحتفظ بهم .
لنأخذ احصائيه صدرت في نوفمبر 2008 ,يقول التقرير ان عدد الجامعات قبل 40 عاما في الوطن العربي كان لايتعدى 30 جامعه ، وفي عام 1988 زاد العدد الى 70 جامعه ، وفي العشرين سنه الأخيرة ظهرت 270 جامعه جديدة وحاليا أصبح العدد الاجمالي يقترب من 400 جامعه عربيه ورغم ذلك مقارنه بالدول المتقدة مازالت هناك فجوة وان لم ننهض ستتسع الفجوة . وسوف أضرب مثال توضيحي : لنفرض لدينا سيارتين واحدة بسرعه 100 وواحدة بسرعه 20 وحتى لو زادت الثانيه سرعتها ل60 ستبقى هنالك فجوة بينهما وستتسع مع الزمن ، بالمقارنه مع اميركا المتقاربه سكنيا مع الوطن العربي عدد الجامعات في أميركا 3500 جامعه ونحن 400
الذي ينكر اننا تطورنا مخطئ والذي ينكر ان مستوى الجامعات لدينا تحسن أيضا مخطئ ولكن الذي ينكر أن الفجوة بازدياد أيضا مخطئ فنحتاج من الشباب أن تتقنوا تخصصكم وتنهضوا بأمتكم , اختاروا تخصصاتكم صح وليس على طلب من الأهل او نصيحة من زميل وفق معادلة وضعتها تتلخص في كلمة رفق
رفق = الراء (رغبه) + الفاء (الفرصة) + القاف (القدرة ))
فالرغبه : لاتدرس شيئا لاتحبوه واذا عملت بما تحسن تنتج ولكن لن تبدع إلا اذا عملت بما تعشق
و الفرصه : ابحثوا عن شيئ فيه اضافه لامتكم
والقدرة :ان تبحث عن شيئ يتناسب مع قدراتك
اختاروا تخصصاكم واتقنوه وانهضوا بأمتكم وخذوا العلم من أعماقه
ومن بعض النصائح التي أعطيها لشباب اقرئوا بقدر ما تستطيعوا , فالحد الادنى للقراءة هو كتابين في الشهر 200( صفحة لكل كتاب )، علمتني الحياة مبدأ مهم جدا في قضيه القراءة ان الكتب السهله العلم فيها نادر ،والكتب الصعبه هي الكتب المفيدة ، فلا يمكن ان تتعلموا العلم من الكتب السهلة . من الكتب الرائعه التي قرأتها ولكن للأسف لم تترجم الى العربيه اسمه
A Short History of Nearly Everything (تاريخ ملخص لكل شيئ تقريبا)
وهو كتاب علمي بحت يتحدث عن الفلك والأرض وكيف تتطور الانسان بهذا العلم وعن النظريات العلميه الحديثه بكلام علمي دقيق ولكن بتسلسل تاريخي ومنطقي جدا ويتكلم بعدها عن مخاطر الارض من براكين و وزلازل وغيرها وبعدها يتكلم عن الحياة من مخلوقات والانسان وجميع الكائنات الحيه وهنا تأتي نظريه دارون التي ساعلق عليها بعد قليل وتكلم عن الذرة والنواة وغيرها وأكد لكم ان مناهجنا التي تدرس حتى في الجامعات متخلفه جدا . دعوني انتقل معكم الى نظريه دارون وهذا الموضوع يهمني جدا لسببين السبب الاول : ان هذه النظريه كانت سبب من اسباب الالحاد في البشريه والسبب الثاني : ان ردود الاسلامين على نظريه دارون ضعيفة جدا جدا ,فهنالك ردود علميه دقيقه للاسف نحن لانستعملها وسأنقل لكم بعض المقتطفات من الكتاب بخصوص هذه النظريه :
يقول الكاتب اذا كانت المخلوقات في تطور مستمر فيجب ان يكون هنالك نقله بين تطور الزواحف الى طيور وهذه النقله يجب ان يكون هنالك مئات الادله على وجودها كالحفريات او غيرها وحتى الآن لايوجد اي دليل يثبت هذا الانتقال ويقول دارون أن نظريه التطور لايمكن ان تفسر التعقيد بتركيب العين عند المخلوقات وهذا الكلام كافي لنقد نظريته ونهى الكاتب حديثه عن نظريه دارون ان كتابه المسمى اصل الانواع لم يستطيع تفسير اصل الانواع وايضا أشار الى خطى أينشتاين عندما قال(ان الكون ثابت لايتوسع ) وأثبت العلم الحديث ان الكون في توسع مستمر وكما قال الله تعالى ﴿والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون*﴾ [الذاريات:47 ]
يجب ان نرجع لمتل هذه الكتب لتصحيح مناهجنا . كتاب صعب ولكن فيه فهم عميق ومع صعوبته إلا أن مبيعاته كثيرة وهو ليس لمتخصصين بل لعامه الشعب لنرى المستوى العلمي الذي توصلوا اليه .
والآن نتنقل لحديث لشباب معي في الاستديوا وسؤالي متى سنواكب هذا التطور العلمي وما المعوقات التي تعيق هذا التطور ؟
احد الشباب: تأخر المناهج العلميه في المدارس والجامعات .فالكتب التي درستها في الاولى الابتدائي يدرس لحد الآن بينما في دول الغرب كل سنه يطورون الكتب والمناهج
ومن الاسباب ايضا: التربيه لها علاقه كبيرة فوجود بيت محب للقراءة والعلم سينعكس على الاولاد فالبيئه لاشك تصنع العلماء او تقتل العلماء , بالاضافه الى طغيان المال على العلم
بالاضافه الى المستوى الثقافي المتدني عند الاساتذة والمعلمين , في المانيا رواتب المعلمين أعلى من رواتب الأطباء والمهندسين فهولاء هم من سيخرجون الجيل , فعندما تعطي رواتب ضعيفه وتقبل نسب ضعيفة وبالتالي اقل الناس بالمجتمع هم من سيعلمون الجيل الجديد فكيف لنا ان نتوقع بأنه سيطور العلم والتعلم
ودعونا نختم بحكمة من الحكم العطائيه:(لابن عطاء السكندري ) العلم إن قارنته الخشية فلك وإلا فعليك
فالعلم النافع الذي تأخذ ثوابه اذا اقترن بالخشيه من الله فأنت تتعلم العلم من أجل الله من أجل النهضه بالامه وان قصدت به المباهاه والتعاظم فعليك وزره وخابك منك الامل للأسف
ياشباب مهما كانت العوائق حولكم بالنهايه مازالت المسأله بايديكم واذا طلبتم العلم أخلصوا النيه واجعلوها لله ولنهضه الامه.