مارگريت: اسمي مارگريت الألق، عمري ٥٧ عامًا، ولدتُ في الثامن والعشرين من شهر يوليو عام ١٩٥٧، أنا من مدينة شيلتون بمانشستر بإنگلترا.
فهد الكندري: هي أول من لبس الحجاب في مدينتها، عانت الكثير من الاضطهاد والظلم بسبب إسلامها، تأثرتُ باللقاء بأم حسين، مارگريت من مانشستر.
مارگريت: لقد نشأتُ في مانشستر، وكنتُ أذهب إلى الكنيسة.. الكنيسة التي في نوردواك، المسمّاة بالقديس بندكت، وهي تابعة لكنائس إنگلترا العليا، وكلما تقدم بي العمر، اكتشفتُ في تعاليم الدين ما يقلل من أماني وقناعتي! لم أقتنع بأن الثالوث شيء صحيح، أعني الأب والابن وروح القدس، لم يكن مقنعًا.. أبدًا.. لم أتقبله، وإذا سألتَ لتفهم، يقال لك بأن هذا ما قاله القس وكفى! وتابعتُ حياتي كأنها روتين، ولكن سرعان ما هجرتُ الدين.
فهد الكندري: كنتِ تعرفين شيئًا عن الإسلام؟ تقرئين عن الإسلام؟ في أحد من الأشخاص حدثك عن الإسلام؟
مارگريت: لا، كنتُ أعرف القليل جدًّا عن الإسلام! لأن أصدقائي المسلمين لم يحدثوني عنه بما يكفي.. وعندما تحاول سؤالهم عن شيء، لا يتحمّسون للخوض بشكل أعمق، فقط نقلوا لي الأساسيات! فلم أكن أعرف عنه شيئًا حقيقة، لم يكن هناك مصدر آخر حولي لأذهب له.
فهد الكندري: قصة لقائها بزوجها المسلم طويلة، وكانت هي بداية تعرّفها على الإسلام.
مارگريت: كان زواجي في عام ١٩٧٥ في منزلنا، لقد اصطحبني لرؤية بابل.. تقريبًا تجولتُ ببغداد كلها.
فهد الكندري: تزوجت أم حسين من هذا الشاب المسلم وانتقلتْ معه إلى بغداد، وكان لهذه الزيارة أثر كبير في حياة أم حسين وتعلقت كثيرًا بأم زوجها.
مارگريت: لقد تأثرتُ بها.. كانت رائعة.. كم أحببتُ تلك السيدة! كانت لها معزة خاصة بعد أمي.. كنتُ دائمًا أفتقدها، كانت بالفعل سيدة لطيفة، أظن أنني تأثرتُ بها، كانت رقيقة.. ولكنهم لم يضغطوا علي، ولا حتى والد زوجي، لم يرغموني أبدًا، كأن الأمر لم يكن بذا أهمية.. أكنتُ مسلمة أم لا! ولكنه لم يكن متدينًا، كان سياسيًّا أكثر من كونه متديّنًا، لذلك لم يرشدني دينيًّا، كل ما علمته عن الدين كان من عائلته، وبمجهودي الخاص، لأني كنتُ دائمًا إنسانة متعلقة بالقيم الروحانية، وكان هو على النقيض من ذلك.
فهد الكندري: ما الذي أقنعك في الإسلام؟
مارگريت: لا أستطيع تحديد سبب بعينه لدخولي الإسلام! عدا عن مجرد إدراكي بأن هذا هو الصواب بالنسبة لي! وخاصة عندما ذهبتُ للعراق، هناك شعرتُ بأن هذا خير طريق لي، كانت تعترضني أشياء في الأسرة، كنتُ أرى أشياء من حولي، أسمع الأذان، ودخلتُ بعض المساجد.
فهد الكندري: أين نطقتِ الشهادة؟
مارگريت: لقد نطقتُ بالشهادة في بغداد، نطقتُ بالشهادة في نفس يوم عقد قراني! وقد استغرقت سنوات بعد ذلك، لتكتمل الصورة في ذهني وبمجهودي الشخصي، وببحثي في الموضوع، وبخبرتي الذاتية، وخبرة الحياة، حتى أدركتُ ما يعنيه النطق بالشهادة!
فهد الكندري: أشهدُ، مارگريت: أشهدُ، -أنْ لا، -أنْ لا، -إلهَ، -إلهَ، -إلا الله، -إلا الله، -وأشهدُ، -وأشهدُ، -أنَّ، -أنَّ، -محمدًا، -محمدًا، -رسول الله، -رسول الله ﷺ.
فهد الكندري: عندما رجعتِ من بغداد إلى بريطانيا، وكنتِ على الإسلام، هل مباشرة ارتديتِ الحجاب؟
مارگريت: كان هذا بعد حوالي سنتين، بعد أن تركنا زوجي، ومررتُ بفترة من الحزن إثر افتراقنا بطلاق، بدأتُ أستجمع أفكاري وأحدد مساري، أولًا كنتُ أريد بأن ينشأ أطفالي كمسلمين، وثانيًا كنتُ أريدهم أن يعرفوا كل عاداتهم، وكنتُ أريد أن أتمسّك بإسلامي أيضًا! كنتُ أريد أن أكون ملتزمة بكل تعاليم الدين، وكنتُ أعرف بأني لو أردتُ ذلك فسأمر بمرحلة صعبة، لأنه أولًا لا يوجد ملابس مناسبة في منطقتنا في ذلك الوقت! أين سأجد الملابس الإسلامية الساترة؟ وأين سأجد اللحم الحلال؟ ومن أين سأحصل على كتب إسلامية؟ لا يوجد محلات تبيع مثل هذه الكتب!
فهد الكندري: إصرار مارگريت على الحجاب وتمسكها به رسالة لكل مسلمة مترددة في لباس العفة.
مارگريت: لقد كانوا جميعهم يسخرون مني لأني أسلمت! واحدة من خالاتي بكت كأنها نهاية العالم! والدتي وُلدتْ عام ١٩١٧ ووالدي وُلد عام ١٩٠٧، والمعلومات المدرسية عن المسلمين في ذلك الزمان لم تكن جيدة! عندما عدنا لشيلتون، قضينا السنة الأولى تحت الحماية، كانت فترة صعبة جدًّا، ولقد احتجنا لحماية الشرطة خمس مرات خلال السنة الأولى، كانوا يبصقون علي، ويركلونني، ويصيحون في وجهي، ويدفعوني، يسيئون معاملتي بشتى الطرق، لأني أرتدي هذه القطعة (تشير إلى حجابها) وأرتدي ملابس ساترة! ولم أسمح لهذا بأن ينال مني، لأن هذا أنا، أنا مسلمة وسعيدة بكوني كذلك! ولكن اليوم الوضع أفضل.. الأمور في تحسّن.. أصبح أفضل بكثير.
فهد الكندري: بعد الإسلام، بدأتِ تفتحين كتاب الله سبحانه وتعالى المترجم، ما هي الآيات التي تأثرتِ فيها؟
مارگريت: سورة البقرة - فهد الكندري: سورة البقرة ما شاء الله - سورة البقرة الآية اثنان ثمانية.. (تأخذ المصحف وتفتحه) اثنان ثمانية.. بسم الله الرحمن الرحيم {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (البقرة: ٢٨٦)
فهد الكندري: ما شاء الله تبارك الرحمن!
فهد الكندري: جاءت هذه الآيات مخاطبةً قلب مارگريت، نعم، هذه الآيات صبَّرت قلب مارگريت، وأعانتها على تحمّل الصعوبات التي واجهتها، لأن الله سبحانه وتعالى لم يكلّفها فوق طاقتها.
مارگريت: أظن لأني مررتُ بالكثير.. (تبكي) آسفة.. - فهد الكندري: يا خالتي أم.. - مرتْ عليّ أوقات صعبة كثيرة.. عذرًا.. - فهد الكندري: الله أكبر - مررتُ بالكثير من الظروف القاسية، وكانت تساعدني لأتخطى.. (تبكي) (يناولها الشيخ فهد منديلًا) شكرًا، أرجوك أعذرني.. كانت تعينني على تخطي تلك الأوقات الصعبة.. عندما تركنا زوجي، ظننتُ بعدها أن هذه المحنة لن يمر عليّ أسوأ منها، لم أتعرّض لألم أصعب من ذلك قط، وأصابتني صدمة أخرى، أُصبتُ بالسرطان! (تضحك) وفي نفس يوم تشخيصي بالسرطان، توفيت خالتي أخت أمي بالسرطان! (تضحك) وكان عليّ إخبار أبنائي الذين فقدوا أباهم قبل سنتين! بأنهم قد فقدوا جدتهم التي يحبونها بكل قلوبهم، وبأني قد أُصبت بالسرطان! فظنوا بأني سأموت الآن.. وكان علي أن أطمئنهم بأني لن أتركهم.. (تضحك) لن أذهب إلى أي مكان.. لن أموت .. ثم تغلبتُ على السرطان، ثم أُصبتُ بسكتة دماغية! أذكر وأنا في المستشفى عاجزة عن الكلام.. أتخيل بأني أقول: لا إله إلا الله، وأنا أذكر الله بعقلي.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. - فهد الكندري: الله أكبر - وما ساعدني على الاستمرار تلك الآية القصيرة.
فهد الكندري: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} هذه الآية العظيمة بيّن النبي ﷺ أن لهذه الآية فضائل كثيرة، من هذه الفضائل، أن النبي ﷺ بيّن أن مَن قرأ هذه الآية في ليلة كفتاه، وكلمة "كفتاه" أي أول شيء تكفيه من شر الشيطان، وأيضًا تكفيه من قيام ليل، وأيضًا الأمر الثالث تكفيه من طلب أي أجر أو حسنة أخرى، لها فضائل كثيرة هذه الآيات العظيمة، فمن تدبُّر هذه الآية، أن نقرأ هذه الآية عالأقل كل ليلة، وطلبْ مني انه ماكو واحد فينا الآن يسمعني إلا ويحفظ هاتين الآيتين.
مارگريت: لقد تغيرتُ كثيرًا جدًّا منذ أن أصبحتُ مسلمة، صرتُ أكثر هدوءًا، وأكثر جدية إلى حد ما، ولم أعد أهتم بالماديّات كثيرًا.. هذا ما نراه حولنا في عالمنا اليوم، الناس يبعدون ويبعدون عن الله ويبحثون عن أشياء لا فائدة ترجى منها، ويصبحون غارقين في الماديّات، بعيدين عن الله! وصارت المفاسد أكثر تقبّلًا يومًا بعد يوم، والفضائل تبعد بعيدًا يومًا بعد يوم. رحلاتنا مع الإسلام متنوعة ومدهشة، وتجعلك تفكر، هذه حكايتك، وهذه حكايته، يا للعجب هذه لا تُصدَّق! رحلة كل واحد منا نحو الله تختلف اختلافًا كبيرًا، لقد كانت لي هفوات وتعلّمتُ من أخطائي على مر السنين، فأنا بشر والبشر خطاؤون وكل أملي، إن شاء الله، أن يغفر لي، وأنا أحاول وآمل، إن شاء الله، بأن أكن شخصًا أفضل ولن أكرر أخطائي مجدّدًا، رجائي أن أتعلم وأستمر، وأعلّم الآخرين ما تعلّمتُ.
مارگريت: القرآن بالنسبة لي.. جميل جدًّا.. فقط.. لا تجد الكلمة!.. لا تجد الكلمة المناسبة!.. وتبقى.. صامتًا! لأن القرآن هو الكمال!
فهد الكندري: الله أكبر.
فهد الكندري: مارگريت سعيدة بإسلامها، وتتمنى نشره للعالم أجمع.
مارگريت: لا تصدق الجرائد، لا تنصت لما في الأخبار، ابحث عن أجوبة تساؤلاتك بنفسك، ولا داعي للترهات والإهانات، اسأل الأسئلة ذات المغزى والفائدة، ولا داعي للأسئلة الغبية غير الهادفة، للأسف بعض المسلمين لا يدركون كم هو الحال صعب لمن يعتنقون الإسلام، يكفيهم أن عائلاتهم تنبذهم.. وأحيانًا ينادونني يا صلعاء لا تفعلي كذا، يا صلعاء!.. هي ليست سوى كلمات غبية وشريرة، ولكنها تنال من ثقة الشخص بنفسه!
فهد الكندري: بين يدي الله سبحانه وتعالى، ماذا سنقول لله، ما ذا قدّمنا لرضاه؟ كيف تعاملنا مع ابتلاءاته، وكيف تعاملنا مع اختباراته؟
مارگريت: أمنيتي كإخوة وأخوات بمانشستر، هي الحصول على مكتبة حيث نجد الكتب التي يمكن استعارتها، حيث نجد الكتب ونستعيرها، كما توفر لنا مكانًا للجلوس والمطالعة والاجتماع لنتدارس القضايا والمواضيع الإسلامية، ومنها نحصل على كل ما نحتاج من معلومات.
فهد الكندري: سبحان الله، حتى أمنيتها كانت في خدمة هذا الدين، وخدمة هذا الإسلام رغم كبر سنها، وهذا دليل أن الإنسان يبقى يخدم هذا الدين وهذا الإسلام إلى آخر يوم في عمره، وبإذن الله عزّوَجلّ موقع نون www.nquran.com سوف يحقق لأمّ حسين هذه الأمنية الجميلة