عمر: اسمي عمر باول، عمري ١٩ عامًا، دخلتُ في الإسلام عام ٢٠١١ في رمضان، وأنا مسلم منذ ثلاث سنوات والحمد لله، حاليًّا أنا طالب أدرس إدارة الأعمال.
فهد الكندري: عمر، شاب صغير السن، بدأ البحث عن الحق وهو لم يتجاوز السادسة عشر من عمره وبحث وقرأ أغلب الديانات واستقر به العقل والفطرة على دين واحد وهو الإسلام.
عمر: قبل الإسلام، كنتُ مسيحيًّا ولكن لم أكن ملتزمًا بذاك الدين، سبحان الله كانت لدي الكثير من الشكوك حياله كدين، وجدتُ فيه الكثير من التضارب في القول، لم أكن مطمئنًّا.. نمط حياتي لم يكن جيّدًا بأي حال! عندما بلغتُ الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من عمري، بدأتُ أتساءل، هل عيسى عليه السلام هو فعلًا ابن الله؟ عدم الترابط في الإنجيل بهذا الخصوص جعل الموضوع غير منطقي، هذا بالإضافة إلى أمور أخرى، هل الإنجيل من تأليف الإنسان، أم أنه كلام الله؟ وفي فترة من حياتي تركتُ الديانة كليًّا، لم أقتنع بعقلي، فانصرف عنها قلبي.
فهد الكندري: وعندما لم يقنع عقله بهذه الأمور، أصبح بلا دين، وأخذ يبحث في الأديان من أقصى الشرق إلى الغرب، ولكنه تأخر في الاطلاع على الإسلام.
عمر: بحثتُ حتى في عبادات الطوائف والمقصورة على عدد محدود من الناس! واطلعتُ على اليهودية من قبل ذلك ولم أفكر في الإسلام بتاتًا! كان الإعلام يتحدث عن الإسلام بكثرة، إرهاب.. تفجيرات انتحارية وخلافه، وكانوا يصورونه بصور مختلفة جعلتني أعتقد بأنه ديانة تخص أهل الشرق! ولكني لم أبحث أبدًا في صلة محمد عليه الصلاة والسلام، بإبراهيم وعيسى.. ما علاقتهم ببعض.. لقد أهملتُ كل هذا.
فهد الكندري: في هذا البرنامج بالقرآن اهتديت، سافرت وعرفت سر سبب عدم انتشار الإسلام بشكل كبير في هذه الدول، الإعلام كما قال أخونا عمر، الإعلام يشوّه صورة الإسلام، ولكن عكس ذلك اليوم جهودنا في ترجمة القرآن بلُغتهم وليست فقط الترجمة، بل الترجمة وكيفية نشر هذه الترجمة بشكل دعوي جميل.
عمر: كان لديّ بعض الأصدقاء المسلمين، وكانوا يقولون لي بأن عيسى ليس ابن الله، إنه نبي من الأنبياء! وكنتُ أعجب من هؤلاء المسلمين الذين يعتقدون بأن عيسى عليه السلام هو نبي، وبمرور الوقت ازدادت نقاشاتنا عمقًا، وبدأتُ بحثي الخاص في التاريخ الإسلامي والصلة بين الأنبياء، وتَحسّن مفهومي عن محمد ﷺ، بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين! وفهمتُ بأننا الآن أمة واحدة ولا نتجزأ، لم نعد أمة عيسى، وبدأتْ الأمور تتضح، كنتُ في حوالي السادسة عشرة، وبعد أن وجدتُ الإسلام، لم أعد في الديانات الأخرى! بدأتُ أُبدي اهتمامًا وانبهارًا يأسرني بهذا الدين، والحمد لله.
فهد الكندري: إلى هذه اللحظة، لم يُسلم عمر، وفي يوم من الأيام اتجه عمر وأصحابه إلى السوق، وإذا بطاولة فيها داعية يدعو الناس إلى الإسلام، وأخذ الداعية يناقش عمر في الإسلام.
عمر: فقال: ما رأيك في الإسلام؟ فقلتُ: هو مقنع أكثر من المسيحية، كما تعلم.. هو الدين الحق، هو متجانس جدًّا، وأخبرته عن ديني السابق، عن المسيحية، وقلتُ أني لم أعد أؤمن بها بعد الآن، فسألني: ما رأيك في النبي محمد ﷺ؟ قلتُ: أنا أؤمن أنه نبي، فقال: أتؤمن بأن هناك إلهًا واحدًا فقط؟ قلتُ: نعم أؤمن بأن هناك إلهًا واحدًا فقط، قال: إذن أنتَ الآن مسلم، قال: أنت لا تعلم أنك مسلم.. وقادتنا المحادثة إلى سؤال: لماذا لم تسلم حتى الآن؟ وما هي مغبة عدم الإسراع في إسلامي... وماذا سيكون ثوابي كمسلم!.. فلو اخترتَ عدم النطق بالشهادة وخرجتَ فلن تأمن بأن لا تصدمك حافلة، أو تعتريك أزمة قلبية، أزمة دماغية.. أي شيء.. أي مصيبة.. وقبلتُ كلامه ولكن لم يكن مقنعًا بالصورة الكافية، ثم سألني لم لا تريد نطق الشهادة؟ لم لا تريد أن تكون مسلمًا؟ سبحان الله.. واللهِ..، الكلمات.. أردتُ أن أقول لا.. ولكن أبت الكلمات أن تخرج من فمي، وأحسست بها "لا" ولم أستطع قولها، سبحان الله، فسألني أتريد قول الشهادة؟ فقلت: نعم! فقال لي الأخ بأن أردد خلفه: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله.. (يضحك) في البداية نطقتُ بالكلمات ولم أفهم معناها، ولكنه فسرها لي لاحقًا، وبعد تفسيره، أنت لم تقل سوى أنك شهدتَ بأنه لا إله إلا الله وبأن محمدًا ﷺ هو خاتم الرسل!.. بعد نطقي بالشهادة لم أشعر بالرضى بما فعلتُ، كنتُ مشوشًا، حينها فكرتُ بأن ما صنعتُ لم يكن صوابًا.. ليس لدي معلومات كافية عما أقبلتُ عليه، وتملكتني الوسوسة.. والشيطان في رأسي، أردتُ ترك الإسلام الآن، ولم ينقض على إسلامي إلا يوم، وفي المنزل، سبحان الله، قلتُ لنفسي: الآن أنا مسلم، سأقرأ الكتاب، وأرى ما فيه، لأنه لم يسبق لي قراءته بجدية!
فهد الكندري: وفتحت كتاب الله سبحانه وتعالى.. ما هي الآيات التي أثرت فيك؟ ما هي السور التي تمعنت فيها وتدبرتها؟
عمر: فتحتُ الكتاب على سورة الفاتحة وفي الصفحة التالية سورة البقرة {الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)} ولكن بمجرد أن قرأتُ تلك الآية، أزال الله كل الشكوك، لذلك خفت على نفسي مما شعرتُ به من شك نحو الله.. بدأت أفكر، كيف تسنّى لي الشك بهذا الدين مطلقًا؟ أو الشك في قدرة الله؟ الشك في صحة دين الله، وفي كتاب الله؟ توالت الأفكار سريعًا، وخلال ساعة واحدة، انتقلتُ من الريب الشديد والتردد والرغبة في ترك الإسلام سريعًا، إلى الاطمئنان والرضى بأني مسلم! مع أنها ليست اللغة الأصلية، فقط الترجمة، كان للكلمات وقع قوي جدًّا، تشعر كأن الكلام موجّه لك شخصيًّا.. تشعر بالصلة بينك وبين الله وكتابه! ومن هنا أدركت قيمة هذا الكتاب.. حاليًّا هو معي أينما ذهبت.. دائمًا.. وأقرأ فيه..
عمر: أكثر شيء ساعد على إقناعي بأن الإسلام هو دين الحق والصواب، هم أصدقائي المسلمين.. لم يكونوا متمسكين بالدين ولكن كان تعاملهم مميزًا! أهم ما بهرني هو رابطة الأخوة بينهم! وهم كرماء.. يقدمون لك الطعام ويستضيفونك في منازلهم، وقد يعطونك ما تحتاج.. حتى النقود يعطونها لك، كل هذا بدون أن أطلب، كان أمرًا غريبًا بالنسبة لي! لأن الناس في المجتمعات العلمانية لا يهبون أي شيء من ذاتهم! ليس إلا إذا كان لهم منها مردود.
فهد الكندري: الأخوة في الإسلام هي من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى علينا، الله سبحانه وتعالى يقول: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} (الأنفال: 63) هذه الأخوة هي رابطة قوية جدا ومؤثرة في المجتمع الإسلامي وهي لها حكمة من الله سبحانه وتعالى في هذا الدين العظيم.
عمر: حاليًّا نحن نقرأ معًا ونصلي في المسجد ونساعد بعضنا البعض، وإذا ضعف إيمان أحدنا، دائمًا يجد من يسانده ويقويه! ولو أحاطت بأحدنا المغريات لفعل الحرام، فنحن نحميه ونذكره وأنفسنا بالله.
فهد الكندري: تقبّل أهلك إسلامك؟ ما الذي حدث أمام أهلك؟
عمر: أنا أعيش مع والدتي فقط، وحقيقةً أنا لم أطلعها على الأمر مباشرة.. أولًا، أخبرتُ أخي بإسلامي.. وبعد بضعة أسابيع، اكتشفت هي الأمر بنفسها.. قالت: لماذا؟ لقد صرت مسلمًا.. أتريد أن تفجر نفسك؟ أتريد أن تذهب للجهاد؟ أتريد فعل هذا..؟ أتريد فعل ذاك..؟ (يضحكان) قلتُ: لا!.. هذا ليس الإسلام.. هذا ليس صلب الإسلام، ليس الحرب أو العنف.. ليس القتل! هو دين يوصل العبد بالله، ويعرفه بخالقه، ويحسن العلاقة بين الفرد وربه.. ويعلمه طاعة والديه، واتباع سنة نبيه محمد ﷺ، وبرفق ومع الوقت.. شرعتُ في توضيح ماهية هذا الدين لها.. وتقبلها للأمر فاق توقعاتي!
فهد الكندري: فرحت كثيرًا بهذا الخبر!.. وأظنكم بإذن الله عزَّ وجلَّ ستفرحون مثلي.. أم عمر دخلَتْ في الإسلام!
عمر: الحمد لله، بعد دخولي الإسلام.. أسلمت والدتي أيضًا بعد ستة أو سبعة أشهر من دعوتها، لقد بذلتُ معها الكثير من الجهد وأنا أدعوها للإسلام! لأني في السابق، وقبل الإسلام، عندما كنتُ أبحث في الأديان.. لم أكن مثاليًّا.. كنت منغمسًا في الكثير من المحرمات.. كنتُ جاهلًا.. لذلك كانت هي متشوقة لتعرف.. لماذا؟ لماذا توقفت عن فعل تلك الأشياء؟ ولماذا صرت أقبع في البيت.. أقرأ.. أصلي..! ولم يكن هذا منطقيًّا لها لتفهمه!.. أسلمَتْ في المسجد عند أوناكود، ذهبت للمسجد، ثم نطقت بالشهادة هناك، وفي المنزل أخبرتني بأنها اعتنقت الإسلام.. الحمد لله.. لم تسعني الفرحة، عندما أخبرتني، صعقتُ واُصبتُ بالدهشة.. واعترتني الكثير من المشاعر والأفكار.. أهمها هي اطمئناني على نجاتها من النار! صارت مسلمة! وإن شاء الله أكون وإياها في الجنة، لقد أسلمت وهي على طريق الحق.. الحمد لله، وبعد خمسة إلى ستة أشهر، ربما أربعة أشهر من ذلك، ذهب أخي إلى نفس المكان الذي ذهبت إليه من قبل، قرب مركز المدينة ونطق بالشهادة أيضًا.
عمر: سورة التكاثر هي واحدة من السور التي أثّرت فيَّ تأثيرًا عميقًا، فوجدت سورة التكاثر، فلما قرأتها أحسستُ بأثرها العميق في نفسي.. {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)} وقتها كان كل ما حولي يذخر بالمادية! والجميع يركض وراء المال، ليشتري السيارة الفارهة والمنزل الجميل.. باختصار.. يبحث عن الوظيفة الأكثر عائدًا! لقد جعلتني تلك الآيات أفكر.. نحن نسعى لنمتلك الكثير في هذه الحياة.. ولكن عندما نموت.. ما نفع ممتلكاتنا؟ كان لهذا أثر عميق! وتستمر الآيات.. {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)} كأن في الأمر تهديد، والتكرار فيه إنذار.. كأن الأمر خاص بك! سبحان الله، عندما قرأتُ القرآن، لم يكن كالإنجيل! فاللهجة كأنها موجهة لك.. كأنك تستمع لكلام الله المباشر! بعد تأملي في تلك الآيات، وبعد أن شعرتُ بعظيم أثرها عليَّ، بدأتُ أسأل نفسي.. لماذا خُلقنا؟ أنا بحاجة للتقرّب لله بالصلاة!.. أحتاج إلى فهم المزيد عن هذا الدين، وفهم كتاب الله، وأحتاج أن أبني رابطًا وعلاقة قوية مع الله.
فهد الكندري: الله سبحانه وتعالى في سورة التكاثر يقول: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}.. ما هو التكاثر الذي ألهانا؟ البعض يقول أن التكاثر يكون فقط في الأموال! والبعض يقول أن التكاثر فقط في الأولاد! ولكن التكاثر يسع أمور كثيرة، منها التكاثر في الكلام الذي يلهينا عن الله وعن ذكر الله سبحانه وتعالى.
عمر: عندما تسمع القرآن، حتى ولو كنتَ غير مسلم، تجد فيه شيئًا متميزًا.. شيء من الألوهية.. ليس من صنع الإنسان! فيه شيء من الطلاقة.. من الإقناع في الكلام! حتى أدركت هذا.. هذا ليس قول بشر.. إنه متميز! حاليًّا أنا أدرس القرآن باللغة العربية، أتعلم كيف أقرأ العربية، حاليًّا أنا أكثر تأقلمًا مع اللغة، وأسير في تعلم كيفية القراءة، يعلمني معلم، هو في نفس عمري تقريبًا، هو معي الآن... معلمي إبراهيم عزيز، نحن في المسجد معًا.. ونحن معًا منذ زمن ليس بالقليل.. هو حافظ للقرآن كاملًا، ويساعدني لأصل لنفس الهدف إن شاء الله.
إبراهيم عزيز (معلم عمر للقرآن): وفي مرة تحدثت معه عن أهمية تعلم القرآن، وكيف أن في ذلك فائدة عظيمة.. كان متحمسًا لذلك ووافقَني الرأي.. فقلتُ له: حسنًا يمكنني مساعدتك إن شاء الله! سأعلمك.. لم أكن متمرّسًا في التعليم.. ولكن فكرت لم لا أبدأ معه؟ لن أخسر شيئًا، ولكن سأنال الثواب! أُدرّسه خمسة أيام في الأسبوع.. لمدة ساعة أو ساعة ونصف.. يتوقف على مقدار انشغاله! الحمد لله هو جيد جدا الآن، وقد أوشك على الانتهاء من القاعدة النورانية.. وأنا فخور جدًّا بإنجازه! أهم ما في اللغة العربية هي القدرة على فهم القرآن! فالله سبحانه، أنزل لنا هذا القرآن كدليل ينبغي علينا تعلمه وفهم معناه! ليس لنقرأه فقط، نقرأ أربع أو خمس صفحات منه وكان بها..
فهد الكندري: ما شاء الله تبارك الرحمن، أعجبتني حرقته على الدين، وحبه للقرآن وتدبر القرآن.. وعقله الرزين، وهو لم يتجاوز عمره تسعة عشر عامًا! وله في الإسلام ثلاث سنوات فقط!
عمر: نحن نتفقد هواتفنا يوميًّا.. كل دقيقة.. ولكن للأسف، القرآن في كثير من البيوت يعلوه الغبار! ومن المخجل صراحة أن لا نتدبره! نحن لا نطلب المشورة منه، ولا نشركه في أهداف حياتنا وفي كافة شؤوننا! ونذهب لطلب ذلك عند مصدر دنيوي! مما يؤسَف له في عالمنا اليوم.. هو حال المسلمين في كثير من بقاع الأرض.. فقدوا كرامتهم! لأننا في مجملنا بعيدين عن القرآن! ولن نستعيد كرامتنا جميعًا ولن تقوم لنا قائمة حتى نرجع لكتاب الله..
عمر: أمنيتي الشخصية وحيث أن أسرتي دخلت في الإسلام.. عسى أن يجمع الله أمة المسلمين أجمعين.. الحمد لله، لقد أنعم الله علي بالحج من قبل، ولكن أخي ووالدتي.. أخي سيذهب للحج قريبًا.. ولكن أمنيتي تتعلق بوالدتي، أرجو من الله أن تتمكن من أداء فريضة الحج مع أخي، إن شاء الله.
فهد الكندري: إخوانك بإذن الله عزَّ وجلَّ في موقع نون www.nquran.com ونحن نقول لك بإذن الله عزَّ وجلَّ نتواصل معك وتتحقق لك هذه الأمنية أخي عمر، بإذن الله عزَّ وجلَّ، بارك الله فيك.