لحظة الإنفعال هي أكثر اللحظات تكرارًا في حياة الإنسان، وأكثرها تأثيرًا على نفسيته. الإنفعال هو تفاعل الغضب مع قيَمِك، أيّ موقف يحدث فأنت لا تتعصب فيه فقط بل وتختلط بالقيَم السيئة فيظهر انفعال سيء، ونفس الموقف تختلط بقيم راقية فيظهر انفعال راقي بنَّاء
ليه يارب
لأن لحظة الإنفعال لحظة كاشفة لما بداخل الإنسان وإدراك لما بداخله من قيم سيئة وراقية، وكيف يتصرف، هل تصرُّف بنَّاء أم تصرُّف مُدمِّر. فرعون وأبو جهل انفعلا، سيدنا موسى والنبي انفعلا أيضًا، ولكن كل إنسان ينفعل تِبْعًا لقيمه وأخلاقه
خلي بالك
مسار خاطئ: إذا تصرف الإنسان بشكل خاطئ فهي لحظة مُدمرة، يتصرف فيها الإنسان بدون تحكم في العقل والمشاعر فيخسر الكثير. كلمة عقل تعني رباط، أي ربط التصرفات التي تُصدر منك سواء أقوال أو أفعال
مسار ربّاني: لحظة الإنفعال المُعمرة تبني ولا تُدمِّر. هي لحظة اختبار لقيمه فالإنسان وقتها في قمة التركيز أن يكون هذا الإنفعال على مراد الله، فقد يكون من خلفها رسالة من الله أن هناك شيء يجب تغييره، ولكن يتغير بطريقة بها بناء لا هدم، بعقاب بلا إيذاء، بعتاب بلا إهانة، بمغفرة بلا تسيُّب، ولكي تُسيْطِر على لحظة الإنفعال يجب أن تتخلق باسم الله الحليم، الحليم الذي يؤخر العقوبة على المُستحقين
لحظات فارقة
زوج عندما غضب من زوجته وهو يقود السيارة، زادت سرعته حتى تصل إلى 180 مما يؤدي إلى إحتمال قوي لوفاته ووفاتها
- لحظة انفعال من الأهل على أطفالهم فيقومون بضربهم وهم لا يدرون أنهم بذلك يُدمرون شخصياتهم
- لحظة انفعال الإبن أو الإبنة على أمهما، فيتدمر داخلها الإحساس بأن أبنائها هم مصدر العزة
- جاء رجل للنبي يشكو إليه سيدنا الزبير بن العوام لأنه كان يسقي أرضه قبل منه وكانت أرض الزبير تأتيها الماء قبل ذلك الرجل، فقال النبي "اسقي يا زبير ثم اترك الماء"، فرد الرجل وقال: "أكان ابن عمتك"، وهذا اتهام للنبي في غير محله فنزل قول الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} النساء: 65
- سيدة كانت تقود سيارتها في زحام شديد وكل من يقود يكسر على الآخر، والغضب بدأ يحدث داخلها حتى رأت رجل عسكري مُبتسم يفض الزحام والشجار الذي يحدث بين السائقين، وقالت في نفسها أن مرتبه غير كاف وإذا أغضب نفسه بسبب الحر والزحام سيموت. تقول "فنظرت له ونظرت لنفسي، فأنا لي أبناء وتكييف وغيرها من النِعم وهو قد يكون شخص بسيط لا يملك شيء، فأخرجتُ من مالي مبلغ وأعطيته له، فقال لها "ربنا معاكي"، هنا شعرت إلى أي مدى هو متذكر الله وسر عدم عصيبته وانفعاله هو أن الله معه. تقول هذه السيدة أنها منذ هذا اليوم لم تنفعل
لحظة في القرآن
- السحرة كانوا أحباء فرعون واستعان بهم على سيدنا موسى، ولكن بعدما آمنوا انقلب عليهم، قال تعالى: {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ} (طه: 71)، فهذا غضب لا واعٍ وبطش دون تفكير
- {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (الأعراف: 150 - 151)، هذا غضب حزين ولكن واعٍ واستغفر الله بعدها
المصدر : http://web.mustafahosny.com/article.php?id=3181