لو ان الله تعالى اوكل البشرية الى عقولها لظلت وما اهتدت !
فكانت رحمة الله عظيمه ، حين اجتباء من البشر رسلا وانبياء
يبلغون وحي الله إلى الناس ، قال تعالى :
( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين )
فالله تعالى هو الذي يصطفي ويختار .
لا تنال النبوة بكثر عبادة او اجتهاد او عظيم جاه !
النبوة اختيار من الله تعالى ، يقول الله جل وعلا :
(الله أعلم حيث يجعل رسالته) .
ولقد بعث الله تعالى جمعا كبيراَ من الانبياء والمرسلين
الايمان بهم جميعاً ، ركن من اركان الايمان
الكفر بأحدهم يعتبر كفراً بالجميع ، المسيح عليه الصلاة والسلام
واحد من أولئك الرسل ، والكفر بالمسيح عليه الصلاة والسلام
هو كفر بمحمد عليه الصلاة والسلام ، بل كفر بالله تعالى
المسيح عليه الصلاة والسلام من اولي العزم من الرسل
الذين نوه الله تعالى بذكرهم وفضلهم فقال الله جل وعلا :
(فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل)
وقد جاء في آية اخرى ، التصريح بأسمائهم فقال الله سبحانه :
( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم )
محمد ونوح و إبراهيم وموسى عيسى عليهم الصلاة والسلام .
لم يرسل الله تعالى الى امة من امم عدداً من الانبياء والرسل قدر ما ارسل الى بني اسرائيل
ولم يقم الحجه بالايات الواضحات مثلما اقامها على بني اسرائيل
و بالرغم من كل ذلك ، فالقوم هم القوم حرفوا كل الشرائع غيروا الدين والعقائد
وقد كان اخر هذه الايات لبني اسرائيل ، ظهور المسيح عيسى عليه السلام
من مريم العذراء وحدها بلا اب وعلى غير الوظيفه وحدها التي ارادها بني اسرائيل
بنو اسرائيل كانوا ينتظرون مسيحً ملكا يحكم العالم بإسمهم لا ان يكون مسيحً رسول !
يحكم القلوب بإسم ربهم ، فواجهوا رسالة المسيح بالتكذيب
وواجهوا ميلاد المسيح المعجز بالافتراء والتحريف فأتهموا العذراء بالخنا والفحش
وحاشاها ! وسمو عيسى عليه السلام بأبن البغيه وحاشاه !
وكان رد الفعل عند بعض احباب المسيح تطرفا ناشئ عن حب
كما كان رد الفعل عند اعداء المسيح تطرفاً ناشئ عن بغض
وبين هذين الطرفين الكثير من الناس عن اصل رسالة المسيح
والتي من اجلها بعثه الله سبحانه وتعالى فما الرساله التي جاء بها المسيح ؟
لقد عرض القران الكريم تفاصيل متعلقه بمولد المسيح عيسى عليه السلام
من تبشير الملائكه لامه العذراء بولادته ، طريقة مولده
ماحصل من نبي اسرائيل لما رأوها وهي تحمله بين ذراعيها
ثم من نطقه عليه السلام وهو صغير ، الا ان القران لم يحكي لنا
ما جرى له بعد ذلك في طفولته ولا عن محطات اقامته ولا ما جرى له في صباه
وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - " ان عيسى عليه السلام امسك عن الكلام
بعد ان كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغه الغلمان ثم انطقه الله تعالى بعد ذلك
حكمة وبيان ، فأكفر اليهود فيه ومن امه من القوم السيء
وكانوا يسمونه ابن البغيه " اعوذ بالله " ولذلك قال الله تعالى عنهم :
(وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما)
وقد ذكر ابن كثير في كتابه قصص الانبياء :
ان مريم عليها السلام احتملته بعد ذلك فذهب به الى مصر فأقامت به حتى بلغ عمره 12 سنه
وظهرت عليه كرمات ومعجرات في حال صغره ثم بعد تلك السنين
ارتحل من مصر قاصدين هناك ذاهبين الى بيت المقدس
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان عيسى يرى العجائب في صباه الهامً من الله تعالى
ففشى ذلك في اليهود وترعرع عيسى فهمّت به بنوا اسرائيل ان يؤذوه
فخافت امه عليه فأوحى الله الى امه ان تنطلق به الى ارض مصر
فذلك قوله تعالى : (وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين)
نعم ..لقد اختلف السلف و المفسرون في المراد بهذه " الربوة "
التي ذكر الله تعالى من صفتها ، انها ذات قرار ومعين وهي صفه غريبة الشكل
فقيل المراد بها المكان الذي ولد به المسيح وهو نخلة بيت المقدس
وعن ابن عباس بإسناد جيد : انها انهار دمشق وقيل ذلك بمصر
كما زعمه جماعة من اهل الكتاب ومن تلقاه عنهم والله اعلم
روي عن عبدالله ابن عمر - رضي الله عنهما - : " انه قال
كان عيسى ابن مريم عليه السلام وهو غلام يلعب مع الصبيان
فكان يقول لأحدهم : اتريد ان اخبرك ماذا خبأت لك امك ؟
فيقول الغلام : نعم ، فيقول عيسى قد خبئت لك كذا وكذا ، فيعود
الغلام الى امه فيقول : يا اماه .. اخرجي لي ما خبأتي لي ، فتقول
ومن اخبرك ؟ فيقول : اخبرني عيسى ابن مريم ، فقالوا والله لأن تركتم
هؤلاء الصبيان مع ابن مريم ليفسدنهم ، فعزلوه عنهم "
وقال وهب ابن منبه - رحمه الله - " ان عيسى عليه السلام لما بلغ ثلاثة عشر سنه
امره الله ان يرجع من بلاد مصر الى بيت إليا هناك ان يعود الى فلسطين
قال فقدم عليه يوسف ابن خال امه فحملهما على دابة الحمار حتى جاء بهما
إلى إليا واقام بها حتى احدث الله له الانجيل وعلمه التوراة واعطاه احيا الموتى
و ابراء الاسقام وتحدث الناس بقدومه وفزعوا لما كان يأتي به من المعجزات
والعجائب فجعلوا يعجبون منه ، فدعاهم لعبادة الله وحده لا شريك له .
(اعبدوا الله مالكم من إله غيره)
ففشى بين بني اسرائيل امر عيسى عليه السلام .
ذات يوم .. كان عيسى جالس في المعبد في بيت المقدس
وعمره ذاك ثلاثون عاما .. وفجأءة ظهر الملك ظهور يملىء المكان
انه " روح القدس " جبريل رسول الله تعالى من الملائكه
بين الله وبين الانبياء والرسل .
نزل جبريل عليه السلام ليوصل الامانه و ابلغ المسيح عليه السلام
بأن الله تعالى يأمره بأبلاغ الرساله لبني اسرائيل
فما كان من عيسى عليه السلام الا ان نهض وقام بأمر الله تعالى
لتبليغ الرسالة لبني اسرائيل ، ان الله تعالى معه ، وهو ناصره
و روح القدس جبريل عليه السلام يأيده .
لقد فهم المسيح عليه السلام ، ان فترة الاعداد للمهمه قد انتهت
وقد بدأت مرحله جديده في حياته ، وهي مرحلة الرساله
مرحلة تبليغ الدعوة ، طويت صفحه من حياة المسيح عليه السلام
كانت هذه المرحله مرحلة تأمل وتفكر
و بدأت الآن مرحلة النبوة وتبليغ الرسالة
لقد بدأت حياة المسيح عليه السلام مع الرساله
وبدأت معها رحلته الشاقه ، رحلة مع المهمه العظيمه
رحلة مع الصراع والاضطهاد ، نعم .. لقد بدأت رحلة المسيح عليه السلام
مع الرسالة .
ان رسالة المسيح لكم يا بني اسرائيل هي عين رسالة الانبياء والصالحين من قبلهم
" اعبدوا الله وحده لا شريك له و اكفروا بالطاغوت ، ثم انخفق ذلك نجم
ومن وقع في الشريك فقد حرم الله عليه الجنه ومأواه النار وما لظالمين من انصار "
وصف سيد المسيح عليه السلام نفسه فقال : ( وجعلني مباركا اينما كنت )
البركة جعلها الله تعالى فيه ، من تعليم الناس الخير ، من دعوتهم الى الحق الى التوحيد
من نهيهم عن الشر ، من نهيهم عن الشرك ، فكل من جالس المسيح عليه السلام
او اجتمع به نالته البركه ، وسعد به .
وكان المسيح عليه السلام سبب في هداية الناس ، في توفيقهم الى الخير
ولذلك كان اذا لقيه الجهله والقساة و المفسدون ، انقلبوا قوماً صالحين
وانفتحت قلوبهم للإيمان والحكمه ، ولذلك ترى اكثر الحواريين كان من عامة الاميين
من صيادين ، ومن عشارين وهم الذي يقبضون الضرائب من الناس الى غير ذلك
صاروا جميعاً دعاة الى الهدى فاضت السنتهم بالحكمه فمن بركات المسيح عليه السلام
التي كانت تصل الى الخلق تحقيق اللتوحيد لله ونبذ الشرك ، واغاثة الملهوف
واعانة الضعيف ، ونصرة المظلوم ، و مواساة الفقير ، وارشاد الظال ، والنصيحة للخلق
كل ذلك لأن الله تعالى ارسله رحمة لبني اسرائيل
( وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله
فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )
ان ابرز موضوعات الرسالة التي جاء بها الانبياء لدعوة اقوامهم
الدعوة الى عبادة الله وحدة لا شريك له ، كما في قوله سبحانه وتعالى :
(ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)
وهذا ما جاء به المسيح عيسى عليه السلام يدعوا قومه إليه
كما اخبر عنه المولى سبحانه وتعالى وفي جانب العقيده ايضا جاء
ببيان حقيقة نفسه رداً على من زعم له الاولوهيه .
وفي هذا الجانب ايضاً ، جاءت السنه تدل على رسالة عيسى عليه السلام
فعن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - انه قال : " ان الله امر يحيى ابن زكريا
عليه السلام بخمس كلمات ان يعمل بهن وان يأمر بني اسرائيل ان يعملوا بهن
وان عيسى ان مريم عليه السلام قال لهم : ان الله امرك بخمس كلمات
تعمل بهن وتأمر بني اسرائيل يعملون بهن فأما ان تأمرهم واما ان أمرهم أنا
قال يحيى : انك ان تسبقني بهن خشيت ان اعذب او يخسف بي ،
قال فجمع الناس جميعاً في بيت المقدس حتى أمتلأ ، وقعد الناس على الشرفات
قال فوعضهم ، فقال : ان الله امرني بخمس كلمات ان اعمل بهن وامركم ان تعلموا بهن
اولاهن : ان تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وان مثل من اشرك بالله كمثل
رجلاً اشترى عبداً من خالص ماله ، بذهب او ورق ، فقال : هذه داري وهذا عملي فأعمل
و أدي إليّ فجعل يعمل و يؤدي الى غير سيده فأيكم يسره ان يكون عبده كذلك ؟
وان الله خلقكم و رزقكم فلا تشركوا به شيئاً ... "
[ الى اخر الحديث الذي رواه الامام احمد بسند صحيح ]
وقد جاء شيئا بأثبات رسالة المسيح عليه السلام و دعوته الى توحيد الله
في شيء مما في اناجيل النصارى اليوم
ففي " انجيل يوحنا سبعة عشر - ثلاث " ان المسيح عليه السلام
توجه ببصره الى السماء ، قائلاً لله : [ وهذه الحياة الابديه ان يعرفوك ، انت
الاله الحقيقي وحدك ، ويسوع المسيح الذي ارسلته ] .
فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد تجسد في جسد المسيح يسوع فمن هو الاله
الذي كان يخاطبه المسيح عليه السلام ؟
لقد شهد المسيح عليه السلام ان الحياة الابديه " شهادة ان لا إله الا الله
وان يسوع رسول الله " وهذه الحقيقه التي نطق بها المسيح عليه السلام
هو عين ما يؤمن به المسلمون جميعاً .
[وهذه الحياة الابديه ان يعرفوك ، انت
الاله الحقيقي وحدك ، ويسوع المسيح الذي ارسلته ] هذا النص من انجيل يوحنا
يبرهن لنا ثلاثة امور :
اولاً - انه يوجد إله حقيقي واحد ، وان المسيح لا يعرف شيئاً عن التفتيت او الاقليم
ثانياً - ان المسيح لم يدعوا لنفسه الاولوهيه لانه اشار إلى الاله الحقيقي بقوله :
" انت الاله الحقيقي " ولم يشر إلى نفسه
ثالثاً - لقد شهد المسيح بانه رسول الله فحسب ، بقوله :
" ويسوع المسيح الذي ارسلته "
فالمسيح رسول ورسالته : [ دعوة الناس الى عبادة الله وحده ]
مع الشكر لفريق تفريغ منتدى العريفي : http://www.3refe.com/vb/showthread.php?t=254179