بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،، أما بعد :
ابو نواس واسمه الحسن بن هانئ كان فى أول حياته ماجنا خمارا يكثر من كلام الفحش وينشد أبياتا ننزه أسماعكم عنها ، لكن سبحان مقلب القلوب والأبصار لقد اهتز فؤاد أبي نواس بالتوبه ، استغرب الناس!! .. أبو نواس مع كبائرة يتوب!! .. كأنهم استبعدوا أن يتوب الله عليه ويرحمه ، فقال أبياتا وكأنه يرد عليهم ، وجدوها اسفل الوسادة التي ينام عليها بعد مماته ، قال كلاما ليته كان قد سخر حياته من بدايتها فى مثل هذا الشعر ،، يقول :
ياربى إن عظمت ذنوبى كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم
أدعوك ربى كما أمرت تضرعا فإن رددت يدى فمن ذا يرحم
ما زلنا نتحدث عن الخشوع في الصلاة وبدأنا بحضور القلب والفهم لما نقول من معاني الكلمات واليوم سندخل في الشعور الثالث وهو أعمق من المشاعر السابقة وله طعم ألذ وهذا الشعور يجب أن تدخله في صلاتك ، فكثير من الناس يصلون وليست لديهم أي مشاعر مع أنه لو قابل شخص عزيز عليه لأحس بمشاعر الفرح ولو ابتعد عنه لأحس بالحزن والفراق ، وعندما يقابل الله في الصلاة فإنه لا يحس بشيء !!! ، يصلي يتحرك لكنه لا يحس بشيء ، صلاته باردة لا مشاعر فيها فقط كلمات يرددها ،، لذلك هو بعد الصلاة لا يحس أن شيئا اختلف في حياته ، وهذا لا بد أن يتغير ، ولنغيره سندخل بالعمق الجديد الأن ويجب أن نعلم أنه مع كل شعور جديد تضيفه نزداد خشوعا بالصلاة ، فما هو هذا الشعور ؟؟
إنه شعـور الرجـــــــــــــــــــــــــــــــــاء
أي أن ترجو رحمة الله ،، أتيتك يارب وأنا أرجوك أن ترحمني أن تتوب علي ، أن تحبني ، أن تعفو عني ، ويجب أن يكون ظنك بالله أنه سيقبلك ويرضيك .
الأن السؤال : كيف أحس بشعور الرجاء هذا ؟؟ الجواب : تحس به إذا عرفت الله ، وكلما عرفت الله اكثر زاد رجائك فى الصلاه أكثر ، أخي الكريم لن تجد أحدا أرجى لك من الله ، الله تعالى أرجى لك حتى من امك التي ترعاك ليل نهار ، ومن شدة قرب رجاء الله منك فما عليك إلا أن تظن بالله ما تحبه والله سيكون عند ظنك ،، تظن أن الله سيرحمك يرحمك ، تظن أنه تعالى سيعتقك من النار يعتقك ، تظن أنه سيدخلك الفردوس الأعلى يدخلك الفردوس الأعلى ،، الأمر بسيط جدا وهذا ليس كلامي هذا كلام الله تعالى هو الذي الذي قال هذا عن نفسه ، يقول تعالى فى الحديث القدسى الذى يرويه النبى صلى الله عليه وسلم عن ربه : " أنا عند ظن عبدى بى فليظن بى ماشاء " ،، و يقول ابن القيم : (والرب تبارك وتعالى ليس له ثأر عند عبده فيتشفى بعقابه ولا يزيد ذلك فى ملكه مثقال ذرة ولو غفر لأهل الأرض جميعا ما نقص من ملكه مثقال ذرة كيف وقد سبقت رحمته غضبه وهو قد كتب على نفسه الرحمه ) ،، قال تعالى : " ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) " ،، إله بهذه الصفات كيف لك ألا ترجوه ، سنوات ونحن نقابل الله تعالى في الصلاة ولا نحس بهذا مع أنه تعالى يحب أن نرجوه ، قال تعالى : " (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ، يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً) " – سورة النساء - ،، جرب أن تظن أنه سيرحمك وسيغفر لك وسيرفعك ويجعلك من أهل الجنة بل وجرب أن تظن أن الله تعالى سيسكنك الفردوس الأعلى ويكون جارك فيها النبي عليه الصلاة والسلام ، وأبشر فإن الله سيعطيك ، قال تعالى : " (وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ، وليست المسألة احتمال ممكن أن يستجيب وممكن لا ، بل يقين تام ، يقول النبي عليه السلام : " ادعوا وأنتم موقنون بالإجابة " ، أصلا إذا فعلت ذلك يعطيك أكثر مما تدعوا وترجوا ولكن بشرط أن يكون رجــــــــــــاء وليس أمانى ، ما الفرق ؟؟ الرجاء أن تدخل بالمشاعر السابقة ولكن بالعمل أما الأماني بلا عمل يتمنى الإنسان أن يغفر الله له ويعرض عنه ، قال تعالى : " وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ " .
سنعرض عليكم عرضا لنبين لكم تلك الرحمة فبعض الناس لا يتصورها ( المشهد : عبارة عن لبؤة ضارية وغزال صغير ، المتوقع أنها ستأكلها ولكنها تداعبها !! فما السبب ؟؟ لقد تبنت هذه اللبؤة تلك الغزالة منذ اسبوعين فهي ليس عندها أبناء ولا تنجب والذي أدهش الناس أنه كيف لتلك الغزاله التي عمرها فقط شهر أن تعيش اسبوعين بدون حليب ، وحتى اللبؤة لا تستطيع أن تصطاد خوفا على الغزالة فهي لا تريد أن تذهب وتتركها ) ،، سبحان من أودع الرحمة في قلبها سبحان من جعل هذه الحياة تتقلب قوانينها من افتراس إلى تبني .
إخواني قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ": إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ , أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ , وَالإِنْسِ , وَالْبَهَائِمِ , وَالْهَوَامِّ , فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وبِهَا يَتَرَاحَمُونَ , وبِهَا تَعْطِفُ الْوُحُوشُ عَلَى أَوْلادِهَا , وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . ، وقال تعالى : "(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) " فكيف لا تسعك أنت ؟؟ شخص قتل 99 نفس وختمها بعابد ومع ذلك وسعته رحمة الله ، وأنت ما قتلت أحد فكيف لا يرحمك الله ؟؟ فإن قلت لي كيف نحصل على رحمة الله ؟ الجواب سهل اطلبها منه وهو يعطيك إياها .
قم الأن وصل واطلب رحمة الله وارجوه وهو يعطيك إياها " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " ، ادعوه وتمتع بالرجاء نلتقي إن شاء الله في الحلقة القادمة