الحمد لله و الصلاة والسلام علي رسول الله و علي اله و صحبه و من والاه سلام الله عليكم ورحمة الله و بركاته مفتاح النجاة السنة اي اتباع سنة الرسول صلي الله عليه وسلم هي مفتاح النجاة في الدنيا و الاخرة ، وقد امرنا الله سبحانه وتعالي ان نتبع هذا النبي الكريم صلي الله عليه وسلم و لم يمرنا باتباع احد و اخذ كلامه جملة و تفصيلا الا سيد الخلق صلي الله عليه و سلم حتي قال سبحانه " لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الاخر وذكر الله كثيرا " فجعل الله الحق في فعل الرسول صلي الله عليه وسلم و في قوله و في هديه وعلي حاله تقاس الاحوال و علي فعله تقاس الافعال ، فكان صلي الله عليه وسلم في علمه و عمله و سكنه و ترحاله الا يقول الا صوابا ، و قد زكي الله سمعه و بصره و فؤاده و جعله جحة علي العالمين .
مقصدي ان سيد الخلق جاء لهداية العالم ، فقال صلي الله عليه وسلم " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي " ، كل العلماء و الفرق تريد اتباع النبي صلي الله عليه و سلم فمنهم ان يوفق و منهم لا ، و سيد الخلق صلي الله عليه و سلم امر الجميع ان يتبعه "عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ " بل انه عليه الصلاة و السلام كان يقول " من رغب عن سنتي فليس مني " ، السنة يا اخوة كما يقول مالك هي سفينة نوح من ركب فيها نجي و من تخلف عنها هلك ، ليس عصمة و لا نجاة حتى تقرا سيرته و تتبعها حتي تدرك من حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ما ادركه الصحابة من هدية في الطعام و الشراب و العبادات و هديه في النوم و في السفر و الاقامة و اخلاقه من الكرم و الشجاعة و محبة الناس و نحو ذلك حتي كانك صاحبته عليه الصلاة والسلام ، و يقول صلي الله عليه و سلم ـ" من عمل عملا ليس من امرنا فهو رد " ، فلا اقتراح في الدين فقد كمل الله الدين " اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " الدين تام و كامل لا يحتاج الي اشياء جديدة ، فسيد الخلق مات و الدين كامل فاتبع و لا تتبع ، و قال عمر " اتبعوا و لا تبتدعوا فقد كفيتم " .
يقول بن محمد من اتاني بشئ لا اقلبه الا بشاهدين هما كتاب الله و سنة رسوله ، حتي ان السلف كانوا يريدون ما خالف السنة و هذا ما كان يفعله الشافي و مالك و الامام احمد ما خالف السنة ويضربون به عرض الحائط ، يقول بن عباس رضي الله عنه : يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السماء اقول قال الله ورسوله و تقولون قال ابو بكر و عمر ، فكيف بمن اتي بكلام لبعض الناس غيرالشيخين وهم من كانوا يجلسون متواضعين لهديه صلي الله عليه وسلم ،و في مسند احمد خرج يصلي الجمعة و هو الامام في اول خلافته و ما عنده الا ثوب و احد و يقول غسل الثوب واتي المصلون و هم علي و عبد الرحمن بن عوف و الزبير و طلحه و اهل بدر و اهل احد و اهل بيعة الرضوان هؤلاء هم المصلون ، و ذهب رضي الله عنه ليصلي بثوب به اربعة عشر رقعة و الشاعر يقول :
يا من يري عمر تكسوه بردته و الزيت مؤنه و الكوخ ماواه
يهتز كسري علي كرسيه فرقا من الخوف و ملوك الروم تخشاه
فذهب ليصلي للناس و ما كتب الخطبة في ورقة لانه عنده القران في صدره و كان يمشي بنور الله و ما كانوا يزنون الكلام و ما يسجعون فيقولون كلاما سهلا عليه من الربانية فيقع في القلوب فيحيي الله به النفوس و يفتح به القلوب و الاذان الصم و لذلك فتحوا الدنيا بهذا الكلام ، و لما مشى من تحت الميزاب لدار العباس و اذا بالميزاب يصب عليه رضي الله عنه و كان دم للدجاج يذبحه العباس رضي الله عنه فالتفت وراء الميزاب و ذهب الي البيت و غسل الثياب ثم ذهب الي الناس فصلي بهم و بعد الصلاة نزل و قال للعباس تضع الميزاب وتؤذي المسلمين و ما هذا الدم الذي نزل قبل الصلاة قال يا امير المؤمنين اشتهيت شيئا من الدجاج فذبحت فروجين ، اما الميزاب فوالله ان الذي وضعه بيده الرسول عليه الصلاة و السلام ، قال عمر للعباس ، الله الذي لا اله الا هو وضعه الرسول بيده ، قال العباس الله الذي لا اله الا هو وضعه الرسول بيده ، قال عمر و الناس وقوف ، اجل و الله الذي لا اله الا هو لابركن علي ركبي و هذا احترام لصاحب المقام الشريف صلي الله عليه و سلم و برك عمرعلي يديه و علي رجليه و صعد العباس علي ظهره و وضع الميزاب مكانه تشريفا و تكريما لقدره صلي الله عليه و سلم .
حتي مالك بن انس كان اذا روي حديث الرسول صلي الله عليه وسلم يتاثر و يبكي فقال له بعض الطلاب يا ابا عبد الله نراك معنا فاذا قرات الحديث تغير و احمر لونك و اصفر و جاءتك رعشه ، قال اما تدرون حديث من اتكلم انه حديث الرسول عليه الصلاة و السلام ، و ذكرالامام الزهري كان يمرح معنا و اذا ذكر الحديث تغير لونه و خاف و قال رايت محمد بن المنكدر قال كان اذا ذكر الرسول بكي حتي كاد تختلف اضلاعه ، فكانوا يرون فعله سنه و يرون ان ينبغي ان يحترم و ان كلامه شريعه وجعل العلماء له حقوق في هذا المقام ، فالقاضي عياض الف كتاب الشفاء ، و زاد الميعاد لابن القيم ، و جعلوا الحقوق اربع ، اولها الصلاة والسلام عليه و هذا اول الحقوق ، فكان من حقوقه علي الامة كثرة الصلاة عليه ، و الامام محمد بن ادريس ذكر في كتابه فصلاة الله عليه كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون و في الصحيح عند مسلم " من صلي علي صلاة صلي الله عليه بها عشرا " و في صحيح الجامع عند الالباني " من صلي علي صلاة واحدة صلي الله بها عليه عشر صلوات ورفعه عشر درجات وحط عن عشر سيئات " ، فصلي الله و سلم عليه .
الثاني انه صنع للنبي صلي الله عليه وسلم منبر يخطب الناس عليه وكان للمنبرثلاث درجات فصعد النبي في الاولي و قال امين و صعد الثانية و قال امين و صعد الثالثة و قال امين ثم جلس ، قالوا يا رسول الله وجدناك امنت قال صعدت الدرجة الاولي فاتاني جبريل و قال رغم انف من ذكرت عنده و لم يصلي عليك قلت امين ، فصعدت الثانية فقال رغم انف من ادرك ابويه او احدهما و لم يغفرله قلت امين ، و صعدت الثالثة و قال رغم انف من ادرك رمضان و لم يغفر له قلت امين ، فصلي الله وسلم عليه حتي في الحديث " البخيل من ذكرت عنده ولم يصلي علي " .
الثاني من حقوقه صلي الله عليه وسلم العمل بسيرته والتطبيق الواقعي الميداني لهديه صلي الله عليه وسلم حتي لتتعلم طريقته في المشي و في الاكل و في الصلاة و الحج ، و حتي انه يقول في الحج " خذوا عني مناسككم " و يصلي ويقول " صلوا كما رايتموني اصلي ، وهذه نصيحة لك و لكم و لكل مسلم ان ندرس حياته ونطبقها في كل شئ ، ويقول الله " فلا وربك ال يامنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما " سبب نزول الاية كما في الصحيح ان الزبير بن العوام تخاصم مع انصاري في المدينة علي مزرعة ، فذهب الانصاري و قال يا رسول الله الزبير يمنع الماء عن مزرعتي ليصلح النبي صلي الله عيله وسلم بينهم فاراد ان يرفق بالانصاري و قال يا زبير اترك الماء قليلا للنصاري و غضب الانصاري و قال لانه ابن عمتك تحكم له ، و هو صلي الله عليه وسلم امين وحي السماء فاحمر وجهه صلي الله عليه وسلم و ما اخذ منك درهما و لا دينارا وقال صلي الله عليه وسلم خبت وخسرت ، من يعدل اذا لم اعدل و اين تبحث عن العدل و الانصاف ، وهو الذي قال " ايم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " و هو الصادق صلي الله عليه وسلم ، هنا احمر وجهه صلي الله عليه وسلم ، وقال للزبير اترك الماء تنزل للانصاري و هذا هو الحكم الشرعي و ليس الصلح ، فنزلت الاية " فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما " و سنته هي النجاة في كل عصر و في كل ان و تجد الارتياح انك تتبع هدي النبي صلي الله عليه وسلم ، و اذا وجدت في قلبك شئ فان في قلبك مرض النفاق و لا يتشافي الا بالرجوع و التوبة ، ولا نجاة الا باتباع سيد الخلق صلي الله عليه وسلم ، و ابن تيمية يقول الائمة الاربعة انما فاقوا بسبب انهم اتبعوا سنة الرسول صلي الله عليه وسلم ، و انك لتجد من العباد و الزهاد من يحرصون علي اتباع سنة سيد الخلق عليه الصلاة والسلام .
و لذلك نوصي جميع الاخوة المسلمين والمسلمات في ظل انتشار الثقافات و كثرة الدعوات الباطلة و الانحراف الذي يشاهد الان في الامة ان الاعتصام بكتاب الله و سنة الرسول عليه الصلاة و السلام و ما كان عليه السلف الصالح لانهم اشد الناس خلقا و اقلهم تكلفا و ابرهم هديا و اعمق الناس علما و اجملهم سيرة ، و هم المجتمع الصالح الذين حموا الشرعية و صبروا ن فلا تغرنك الثقافات او الاطروحات ، لان السلف الصالح انما اخذ هديه من الرسول عليه الصلاة والسلام ، يقول البوصيري
فكلهم من رسول الله ملتمس طرفا من البحر او رصفا من الدين
و يقول :
و الله لو كرهت يدي اسلافنا لقطعتها و قلت بيدي يا يدي
او ان قلبي لا يحب محمدا احرقته بالنار لم اتردد
و في اخري :
قال الهوي و الحب هل تحبونه ام الهوي فيك متجلد
قلت محبته في الحياة جمع الهدي فحبيب قلبي في الحياة محمد
نسال الله ان يجعلنا من اتباعه و من اتباع سنته و ان نقتدي بهديه و نسال الله ان يجمعنا به في الفردوس الاعلي و صلي الله علي محمد و علي اله وسلم تسليما كثيرا .
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=385_0_2_0