الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام الاتمان الاكملان علي النبي محمد و اله وصحبه و سلم ، مفتاح الرزق الاستغفار و بالاستغفار تفتح الاقفال و يرضي ذو الجلال و تحمل الاثقال ، و يصلح الحال و ينشرح البال ، الاستغفار بوابة الامة " فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا " فهو يغفر الذنب ، جل الذنب او صغر و لهذا قال نوح عليه السلام في هذه الاية " فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا " ، و جاء ارسال السماء بالغيث بعد الاستغفار ، ويمددكم باموال و بنين و يجعل لكم جنات و يجعل لكم انهارا ، و من هذا اخذوا ان من ارد المال و اراد الرزق الطيب فعليه بالاستغفار و اللهج و ان يصدق فعله قوله في الاستغفار ، و اذا استغفر العبد ربه منحه امور منها ان الله تعالي يوسع عليه و ان الله سبحانه وتعالي يمنحه نية طيبة ، الحسن البصري ساله احد الناس اصيب بالعقم قال له عليك بالاستغفار ، والاستفغار قوة الجسم " و يزدكم قوة الي قوتكم " و المتاع الحسن و راحة البال مع الاستغفار ، الاستغفار امان من النكبات ، و النبي محمد عليه الصلاة و السلام كان يكثر من الاستغفار " و ما كان الله ليعذبهم و انت فيهم و ما كان الله ليعذبهم و هم يستغفرون " ، فلما ذهب الامان الاول و هو النبي محمد صلي الله عليه و سلم بقى الامان الثاني الذي هو الاستغفار .
يقول جعفر الصادق رضي الله عنه لو نزلت صاعقة من السماء ما اصابت المستغفر ، فالمستغفر في رعاية من الله و في حصن من الله ، فهو يعترف بالذنب ، و لهذا كان صلي الله عليه وسلم اكثر الناس استغفارا حتى قيل كان يستغفر الله في اليوم اكثر من سبعين مرة ، و كان يقول " يا ايها الناس استغفروا ربكم و توبوا اليه فاني استغفر الله في اليوم اكثر من مائة مرة " ، و علمنا عليه الصلاة و السلام سيد الاستغفار ما هو " اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني و انا عبدك و انا علي عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر من صنعت و ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت " لانه لا قدرة للعبد الا ما وفقه الله تعالي اليه من الطاعة ، و ان العبد لا بد ان يعترف و يقر بالنعمة و الذنب ، وهذاما رواه البخاري ، و هذا الاعتراف بالعبودية كان سيد الاستغفار ، ومن الادعية العظيمة التي نص عليها اهل العلم و هي في كشف الكربات و في تيسير الامر و في ازاحة الهم و الغم و في اذهاب الحزن و فيها اصل الاعتراف ، حتي يقول صلي الله عليه وسلم " لا اله الا انت اني كنت من الظالمين " ما قالها مكروبا الا فرج الله عنه ، فبدا بالتوحيد و هو الحق و هو الذي ارسل الرسل ، فقدسه في البداية سبحانه وتعالي ، قال سبحانك اني كنت من الظالمين اعتراف من العبد بذنبه ، و الاعتراف من العبد يا اخوة هو البوابة الاولي للندم و التوبة و الاستغفار ، الله يحب من الانسان ان يعترف بذنبه ، يارب انا معترف و مقر بالذبوب و الخطايا و السيئات ، و هذا ما قاله ابونا ادم و امنا حواء " ربنا ظلمنا انفسنا و الا لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين " فعلمونا كيف نستغفر .
حتى ان الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز قال لاحد ولاته اخرج الي الجبانة اي الصحراء و استسقوا و قولوا كما قال ابونا ادم و امنا حواء " ربنا اننا ظلمنا انفسنا و ان لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين "
و كل الانبياء يعترفون بذلك و سيدنا موسى عليه السلام " قال الذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين " ، سيد الخلق صلي الله عليه و سلم كان يقول رب اغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت و ما اعلنت " ، هذه هي ادعية انبياء الله و رسله فكيف بنا و نحن اهل الذنوب و الخطايا و التقصير ، فمفتاح الفرج و الرزق هو الاستغفار ، و كان العلماء يوصي طلبه العلم بعليك بكثرة الاستغفار ، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية " اني لتصعب علي المسالة درستها مرة فاستغفر الله فيفتح علي لان سبب صعوبة الاشياء او تاخر الرزق مثلا بسبب الذنوب ، و لابد ان نحافظ علي قلوبنا فاذا استغفرنا فكاننا نمسح الغبش من علي عين البصيرة ، فالرزق ممكن ياتيك و لكن الذنب يمنعه ، فاذا استغفرت ازحت الذنب و هو القائل في كتابة الكريم " و قولوا حطه " يعني ان الله سبحانه وتعالي امر بني اسرائيل ان يقولوا يا رب حط عنا سيئاتنا و خطايانا ، " قولوا حطه نغفر لكم خطاياكم و سنزيد المحسنين " .
هم يقولون زاد اليهود نقطه فبدل حطه قالوا حنطه فسقطوا سقطه و غلطوا غلطه ووقعوا في ورطه ، فاحذر ان تزيد علي الوحي شئ او ان تنقص منه شئ و خذ الخبر علي ما به و لا تحاول ان تفعل كما فعل هؤلاء ، لانهم بدلوا و غيروا ، و الله عندما امرهم ان يقولوا حطه و يستغفروا وعدهم بان يغفر لهم ذنوبهم ، و سيد الخلق صلي الله عليه وسلم يقول " من قال استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه " غفرت ذنوبه وان كان فر من الزحف " هذا هو غفران الذنوب ، و من فوئد الاستغفار زيادة الحسنات " و سنزيد المحسنين " ، يعني ان الصالح و الولي كلما استغفر الله زاد الله من حسناته ، و منها راحة البال وانشراح الصدر و البهجة و السرور و ذهاب الهم و الغم و منه القوة في البدن والجسم قال " يزدكم قوة الي قوتكم " و منها يرسل المدرار قال" يرسل السماء عليكم مدرارا " و منها الرزق " و يجعل لكم جنات و يجعل لكم انهارا ، و منه الامان من العقوبة " وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم و ما كان الله يعذبهم وهم يستغفرون " ، فكيف يفوت العاقل و المسلم و المسلمة هذا الخير العظيم في الاستغفار ، وانت احمل المفتاح و الباب امامك باب العلم و الرزق ، يا طلبة العلم اطلبوا من الواحد الاحد و المفتاح الاستغفار ، و قال الله تعالي " واعلم انه لا اله الا الله " ، وهو مفتاح العمل ، " واستغفر لذنبك " ، " لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين " ، " اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني و انا عبدك وانا علي عهدك ووعدك ما استطعت " توحيد واستغفار ، فاعلم انه لا اله الا الله و استغفر لذنبك " هذا استغفار ، و يقول الشيطان " اهلكت العباد بالذنوب و اهلكوني بلا اله الا الله " هذا استغفار، و التوحيد حق الخالق و الاستغفار اعتذار المخلوق ، و التوحيد اثبات الكمال لله ، و الاستغفار طلب النقص عند العبد فالعبد شديد النقص و التقصير و الله سبحانه و تعالي له صفات الكمال والجلال ، و اذا استغفرت واعترفت بالنقص و الخطيئة فالله سبحانه وتعالي يعفو عنك .
و لهذا كان هذا شأن المستغفرين ، فهم في وقت السحر بعدما قاموا و صلوا رغم انهم ناموا علي طاعة و قاموا صلوا و في السحر يستغفرون و يدعون ربهم ، " و بالاسحار هم يستغفرون " ، و خير منها ركعتين بالاسحار ، فالدموع في السحر و مناجاة الواحد الاحد في السحر ، فان هذا لها سر عجيب لانه سبحانه و تعالي يتنزل في الثلث الاخير من الليل الي السماء الدنيا و يقول " هل من مستغفر فاغفر له ، هل من تائب فاتوب عليه " فاذا كنت في هذه اللحظة تقول اللهم اغفر لي اللهم تب علي وصلت الاجابة و حصلت .
و احدهم يقول لا اجد حديثا كحديث الاحباب في الاسحار ، هذا الحديث و هذه الجلسة احسن من اي جلسة في الدنيا ربع ساعة او عشر دقائق او نصف ساعة تصلي ركعتين او تسال الله سبحانه و تعالي و تستغفر الله ربك من الذنوب و الخطايا و تطلب منه الرزق و هذا مفتاح العلم و العمل ، وانما قلت هذا لاننا اهل ذنب و خطيئة ، ونحن ليس لنا حل صراحة الا ان نستغفر ربنا و نتوب عليه ، اما الصحابة الكبار و اصحاب رسول الله صلي الله عليه و سلم ذهبوا بالهجرة و بالجهاد و بالنفقة ، و جزاهم الله عنا خير الجزاء فكم عندهم من المقامات المحمودة و الوقائع المشهودة ، و انهم بذلوا الغالي و الرخيص و النفس و النفيس في سبيل اعلاء كلمة الله و نصر ة الحق و الدفاع عن الملة و الموت علي الشريعة ، و منهم من قتل و منهم من دفع ماله و منهم هجر من اوطانه و منهم اوذي و منهم من سحب علي الرمضاء هذه المقامات المشهودة .
اما نحن في اخر الزمان علي ضعف من الايمان و غبش من التصور و علي بعد من ذاك الرعيل الاول و علي كثرة الفتن و قلة في العلم و نقص في التقوي و ليس لنا الا ان نستغفر .
ذهب القوم علي خيول اما نحن علي حمير معقرة ، وقال احد العلماء و الله لتلحقن بالقوم ما دمت علي الطريق و المقصود ان تبقى علي الطريق و ان كنت تعرج فسوف تصل ، وان الله فتح باب التوبة و اخبر في الحديث القدسي " يا بن ادم انك ما دعوتني و رجوتني الا وغفرت لك و لا ابالي ، يا بن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك و لا ابالي يا بن ادم لو جئت بقرب الارض خطايا ثم اتيتني لا تشرك بي شيئا غفرت لك " يدل علي ان الموحد المستغفر يغفر له من الواحد الاحد ، و الحديث الصحيح ان رجلا من بني اسرائيل كان مذنبا امر اهله ان يحرقوه و ان يرموا نصفه في البر و الاخر في البحر ، و جمعه و احياه الله الذي يقول للشئ كن فيكون ، قال له يا عبدي ما حملك علي ما صنعت ، قال له خشيتك و خشيت ذنبي يا ربي ، فغفر الله له ذنبه لانه خاف من الله عزوجل ، و الله سبحانه وتعالي يحب العبد المنكسر ، الله يحب من العبد ان يعترف و ان ينكسر ، و ان شدة الذل والخضوع و الانقياد لله ، فلابد ان تري انك مقصر وانك مذنب و ان الحق له سبحانه و تعالي و ان صفات الكمال و الجلال لله رب العالمين ، و اما صفات النقص و التقصير و الخطيئة و العيب فيها لك انت ايها العبد و انك عبد له جل في علاه و في حينها تصبح كامل العبودية ، و هو الذي اذا ابتلي صبر واذا انعم عليه شكر و اذا اذنب استغفر لانك ما تكون عاصيا ، و يحق لك ان تشكر بعدد الانفاس ، و لهذا يقول الله سبحانه وتعالي " عجبا لك يا بن ادم ، خلقتك و تعبد غيري و رزقتك و تشكر سواي ، اتحبب اليك بالنعم و انا غني عنك ، و تجاهر بالذنوب و المعاصي و انت فقير الي ، خيري اليك نازل و شرك الي صاعد " هو الخالق الذي خلق و الذي رزق ، و هو الذي لو كانت الخليقة علي قلب افجر رجل ما نقص ذلك من ملكه شئ ، و لو كانت علي قلب اتقى قلب رجل واحد مازاد ذلك في ملك الله شئ ، فسبحانه صاحب الجلال و الكمال ، اقول لكم ايها الاخوة علينا ان ننشر الاستغفار في مجالسنا و في طرقاتنا ، نحن نستمر في المعصية طوال اليوم و هي جديرة بان تحدث الكوارث و الزلازل و من المحن ولكن " و ما كان الله ليعذبهم وانت فيهم و ما كان الله ليعذبهم و هم يستغفرون " فعلينا جميعا في مدارسنا ان نعيد و ان نكرر و ان نكثر و مع حضور من القلب و مع عمل يصحب الاستغفار ، يعني ان اقول استغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه ، ففي الاستغفار ازاله الهموم و راحة البال و الرزق الحلال و العلم النافع و الذرية الطيبة .
و اسال الله تعالي بمنه وكرمه و هو الحي القيوم ان يجعلنا و اياكم من المستغفرين و ان ينقنا من الذنوب و الخطايا ما ظهر منها و ما بطن ، و ان يسترنا و صلي الله علي محمد و علي اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=312_0_2_0