الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته ، أيها الإخوة الكرام مفتاح العمل هو العلم والعلم هو ما يطلبه العبد من خير ي الدنيا والآخرة ، حتى أن الله سبحانه وتعالى ، بدأ به قبل العمل ، فقال تعالى " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " ، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل .. قبل أن تبدأ أعلم ، قبل أن تدعو ، قبل أن تنتج ، قبل أي شيء .. تعلم ، فأول كلمة نزلت على سيد الخلق من السماء هي " اقرأ " ، وهو دليل على أن العلم نبدأ به ، وعلى من شرف العلم ، وعلى من شأنه ، والله سبحانه وتعالى اهتم بالمعرفة ، والاهتمام بها في منافذ الترقي ، ترى في السمع والبصر والفؤاد ، فقال تعالى " والله أخرجكم من بطون أمهاتكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون " ، في السمع " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه " ، والمشاهدة ، في البصر ..في النظر للآيات المفتوحة والمقروءة .. يكون لك عبرة في كل شيء ، ودقة في الملاحظة وفي المشاهدة ، حتى أن في النظر هذا باعتباره رافدا لزيادة المعرفة ، فتأخذ نظرة وعبرة من الشمس ومن القمر ، فهذا الكتاب المفتوح ، فتأمله يا أخي الكريم ، وإذا تأملت وحدك فقد يظلك الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، وتأمل في هذا الكون كيف سواه الله ، كيف رفع السماء ، كيف بسط الأرض ، كيف نصب الجبال ، كيف تهب الريح ، كيف تشرق الشمس ، كيف يغيب القمر ، من الذي أبدع ، من الذي سوى ، سل نفسك " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب ، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار " ، هؤلاء العباد ما أحسنهم ، يذكرون الله وهم في أعمالهم ، في مزارعهم ، في أشغالهم ، قياما وقعودا ، وهم يتحدثون يقولون سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم " ، في لطيفة علمية تفسيرية ، أقولها لكم ، في المثل الصحيح المعافى ، يقول .. دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما ، فمن النقط البلاغية التي جاء بها الله تعالى في كتابه ، بعد النبوة العلم ، وبعد العلم العمل .. حتى أن الله سبحانه وتعالى ، وهو يستشهد بألوهيته على الخلائق ... " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العمل قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " ، ونحن نشهد على ذلك ، بعض العلماء قال وأنا اشهد .. فالله اشهد نفسه ثم استشهد الملائكة ، ثم استشهد بأولوا العلم ، لم يستشهد ببقية الناس ، ولكن أهل العلم لأنهم أهل ميثاق ، ولأنهم أعلم الناس ، ولأن الله شرفهم بالمعرفة والعلم ، والعلم هو ما ورد عن محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن الله يعلم بعلمه من هو العالم الفاسد ، ومن هو العالم الفاسق ، فأهل العلم من اشرف الناس. فالله تعالى يقول .. " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ، إنسان عالم اطلع على الآيات وخشي الله تعالى ، وعرف الأدلة ، وعنده فهم وحجة ، ودائما تجده وراء المسألة سواء في تعليم القرآن ، أو تصحيح الأحاديث ، ويقرأ معانيها ويطلع على سيرة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ، خاشع القلب قريب من مولاه ، هل يستوي وجاهل همه بطنه ويضحك ويضيع الوقت .. لا يستوون ، فالله تعالى يرفع أولوا العلم درجات " يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " .
يقول صلى الله عليه وسلم " فضل العالم على العابد ، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب " ، هذا القمر إذا تم نوره ، لأن العالم ينفع الله به الجميع من حمته وتعليمه ، حتى أن كل شيء يستغفر له بعد مماته ، لأنه علم نافع ينفعه الله به . صدقة جارية أو علم نافع يدعو له . ويقول صلى الله عليه وسلم .. فضل العالم على العابد ، كفضلي على أدناكم " فكيف بهذا العالم الرباني ، وأقول يا إخوان إذا أردتم أن يبارك الله في علمكم فليبلعه ، من عنده آية فليبلغها ومن عنده حديث فليبلغه ، فيدرج في أهل العلم ، وأهل التبليغ ، ومع معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم ، بلغوا عني ولو آية ، فهمت مسألة شرح حديث ، دعاء صحيح ، اطلعت على حديث ، فرب مبلغ أوعى من سامع ، فينال دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأجمع أهل العلم على أن أعظم مطلوب هو طلب العلم النافع ، فالرسول ما ترك درهما ولا دينارا ، لا بيوت ولا عقارات ، مات بروحه وما ترك ، وإنما ورث العلم ، حتى ما تركوه يكون صدقة .
ونص على ذلك صلى الله عليه وسلم ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ، ورث القرآن ورث السنة ، فما ترك حدائق ولا بساتين وكان درعه مرهون على شغف من الشعير .فترك العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
في عهد الصحابة رضوان الله عليهم ، كان الناس في السوق يتبايعون وارتفعت أسواق الناس في البيع والشراء في الحبوب والأغنام والتمور والثياب ، فهذا يبيع وهذا يناقش ، فأتاهم أبو هريرة ،فالذي جاء من البادية ليبيع والذي جاء من الحاضرة ، وهناك حلقات من حلقات الصحابة في المسجد ،هناك حلقة للذكر ، وحلقة للحديث ، وحلقة للتفسير ، فأتى أبو هريرة فرفع صوته وكان مزاحا وخفيف الصوت ، قال أنتم تتبايعون هنا وميراث محمد صلى الله عليه وسلم يوزع في المسجد ، قال والله الذي لا إله إلى هو يوزع في المسجد ، فقاموا إلى المسجد ، وهم يتسابقون ودخلوا ، وإذا الناس في المسجد لهم دوي كدوى النحل ، هذا يروي الحديث ، وهذا يروي تفسيرا ، وهذا فقه ، وهذا يتدبر ، فقال هذا ميراث محمد صلى الله عليه وسلم ، ما ترك دينارا ولا درهما ، وإنما ورث العلم ، فمن أخذه ..أخذ بحظ وافر لذلك فمن حرم العلم فقد حرم خيرا كثيرا ، حتى أنه صلى الله عليه وسلم يقول في الصحيحين ، " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " ، والمفهوم منه أنه من لا يرد الله به خيرا لا يفقهه في الدين . وأنت تكون مخصص في علم الدنيا ، حتى في أبسط الأمور فيها ، إنما مسألة الشريعة تجده جاهلا بها ، وفي المقابل من تفقه في الدين أراد به الله خيرا ، مسألة في الإباحة ، يطلع على كتب الشريعة ، كيفية سجود السهو ، يريد أن يطلع على الحلال والحرام ، يريد أن يقابل ربه فقيها ، ولذلك أراد الله به خيرا من فقهه في دين . حتى أن أبو إسحاق الأندلسي
يوصى ابنه أن العلم هو الطلب المهند ، تصيب به من أردت وكنز لا تخاف عليه لصا ، خفيف الحمل " تذهب في كل مكان وأنت عالم .
حتى أن حجة الإسلام أبو حامد الغزالي تعرض له لصوص وهو متجه على خراسان ، وسرقوا كتبه ،فوجد نفسه لا يذكر شي ، فعاهد الله أن يحفظ كل كتبه ، فاللصوص لا يسرقون من العلم شيئا ... أما صاحب الثورة فيخاف عليها ودائما في قلق ، فتخاف مثلا في عالم الأسهم ، لكن العلم معك ينام معك وتتكلم به ، وتتفقه فيه .يزيد بكثرة الإنفاق منه ، كلما أنفقت منه زدت ، وحاول دائما أن تقيد العلم يوميا ويكون لدي صبرا في تحصيله ، وتقرأ في مختلف فنونه ، فالصحابة جميعا ابوبكر ، عمر ، والتابعين أبو هريرة ومسلم والبخاري ، يتحدثون معك وهم قد ماتوا منذ مئات السنين ، ويقص عليك فتوحاته ويشرح لكم الآية . فهؤلاء حاضرون بعلمهم .
حدث العلماء وحدث الشعراء ، هات معشر الشعراء وسوي أمسية شعرية حيث أن الشعر كان له كيان ، فبعض الشعراء المتنبي وأبو تمام وجرير حضرهم عندك واقرأ لهم ، فهذا أقوى من الحديد وألين من الحرير . فهذا قد حكم عليه بالإعدام ففر إلى نعمان بن المنذر ، فأشار عليه العقلاء أن يسوى ثلاث قصائد ، فمحكوم عليه بالإعدام ، فأنشد له شعرا ، كلام سحر وجميل ، لكن المشكلة أن الشباب الآن لا يقرأ ون ، ولا يدرسون ، حتى يصبح أحمقا ، فالمسألة ليست جسم ، وإنما مسالة عقل وإدراك ونعمة من الله عز وجل ، فيا إخوة من عنده علم ، فمن الآن ، اقرأ .. أقرأ في الفقه والفلسفة والتفسير ، فأبو العتاهية ، لا يصلح النفس إن كانت مقدرة ... إلى نقل من حال إلى حال ، مرة اقرأ في كتاب مره احفظ وتنقل في القراءة ، واكسر هذا الخمول .. فلا يهن عليك وقتك واذهب إلى المكتب واجلس بين العلماء ... هذه هي الهمة ... هذا هو مفتاح اليوم . الهمة ... ، ونعود على مسألة مفتاح العمل وهو العلم ، والعلم يأتي بالدراسة المنهجية ويأتي بالدراسة والتأمل والتقوى يقول تعالى " واتقوا الله ويعلمكم الله " ، فيزيدك علما وفهما ، هذا كل ما يلزمنا ، فالسعادة كل السعادة ، في العلم والمعرفة وأن تعرف أن هذه الحياة حقيرة ولا تستحق العيش فيها . ونسأل الله العلم النافع وأن يرزقنا فقها في الدين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=297_0_2_0