بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله.. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ..محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. في لقاء يتجدد مع "يا رب"....
وأرسل في هذه الحلقة رسالة "رسالة" من قلب محب، ادعوا في البداية وأقول: يا رب إنا نسألك ذرية تعبدك وتؤمن بك وتتقيك.. وتتوكل عليك.. يا رب إنا نسألك ذرية تعرف حقك.. وتتبع نبيك.. وترفع رايتك راية التوحيد.. راية العباد راية الزهاد.. تعلن بها الخضوع والاستسلام لك سبحانك وتطيعك كما تشاء لا كما هي تشاء.
يا رب هذه رسالة من قلب محب فافتح لها القلوب يا رب العالمين.. افتح لها يا رب قلب ولدي وابنتي..
هذه الرسالة من أحب قلب وأحن قلب إنه قلب "الأم والأب" إنها لكي يا ابنتي ..ولك يا ولدي ..ويا أحبتي ..
أكتب هذه الرسالة نيابة عن كل "أم وعن كل أب" وأتمنى أن أعبر فيها عن ما في قلبك أيها وما في قلبك أيتها الأم.
ولنبدأ رسالتنا إلى كما يا ابنتي ووالدي ..
أكتب رسالة حب ونصح وعتاب؛؛ إنها رسالة لا أخفي لكم كم سكبت الدمع وأنا أكتبها ،فأنت يا ولدي تعني لي الكثير.. أنت ولدي وحبيب قلبي.. معذرة.. ولكن قد يكون هذا شعور كل "أب وأم".
وأعود إلى الرسالة مرة أخرى.. أنت ولدي وحبيب قلبي وأغلى ما عندي.. وأرى فيك ما تتمناه أي أم ،أتمنى أن أراك رجلا مؤمن تقيا ورعا يعرف الحق ويتبعه، ويدافع عنه.
أتمنى أن أراك رجل من خير رجال الأمة ..رجل على يقين أن الله معه حيث كان.. في السفر، وفي الحضر ،في الجولة وفي الخلوة.
يتذكر دوما أن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية ..ولا يغيب عنه سر ولا علانية..
قال تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} أتمنى يا ولدي أن أراك رجلا يعلم أنه محاسب يوم القيامة على عمله {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك إلى وم عليك حسيبا} أتمنى أن أراك يا ولدي رجلا يعد لأخرته ..
يصبح ويمسي مراقب لربه.. محاسبا لنفسه.. متيقظا لأمره.. متدبرا في عاقبته.. لا يظلم ولا يخون ولا يتطاول ولا يستكبر.. أريد أن أراك وأنت تجتهد ألا ترتكب في يومك ما يخالف ما يخالف شرع الله سبحانه وتعالى.. أي ما تخاف منه يوم القيامة .
وأن لا تعمل عملا في السر تستحي منه في العلانية ..كم دعوت الله تعالى أن تكون مما يصدق فيهم قوله تعالى {رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه }.
وأن تكون يا ولدي كذاك "الصحابي" حين سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصبحت يا حارثة؟ فقال: أصبحت مؤمنا حقا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حارثة أنظر ما تقول، فقال حارثة: يا رسول الله أذهبت ليلي.. وأجمعت نهاري.. وكأني أنظر إلى عرش ربي.. وكأني أنظر إلى أهل الجنة وهي يتزاورون فيها.. وكأني أنظر إلى أهل النار وهم يتعاورن فيها.. فقال صلى الله عليه وسلم: يا حارثة قد عرفت فالزم".
قد بصر الله بالإيمان قلبه.. نعم يا ولدي هكذا حينما يغمر الإيمان قلب المرء.. فهوا يشعر بقرب المولى عز وجل.. ومن شدة مراقبته لربه كأنه ينظر إلى عرشه سبحانه فيشعر بعظمته، وقوته، وسلطانه عز وجل.. رغم علوا شأنه إلا أنه سبحانه قريب من عبده {وإذا سألك عبادي فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني} .
يا ولدي إنه الله... يحب عبده ويحب له الخير والهداية.. وأعد لهم في الجنة {تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا}.
فإن أذنب العبد فإنه سبحانه يمهل ويفضل على العبد وينتظر منه لحظة التوبة والإنابة ليجد الرب الغفور.. وها هو حارثة يتخيل النار كيف وهم يئنون من العذاب والألم ..إنهم نسوا رقابة الله تعالى فارتكبوا المعاصي.. وكانوا في غفلة عن وجود الرقيب سبحانه.. وهم نسوا أنه سبحانه لا يغيب {وهو معكم أين ما كنتم}.
وقد وكل ملائكة تخط {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} تخط الملائكة ما كان وما صار وما قيل ..تخط ليوم تتقلب فيه الأبصار{يوم ينظر المرأ ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا}.
وفي الجانب الآخر يتخيل حارثة الجنة النجاة والفوز والدرجات العلا.. وهم في رضا الله سبحانه ينعمون بما أعد الله لهم.. ينظر إليهم حارثة.. ويتصور كيف هم يتزاورون في الجنة ويتذكرون أيام الطاعات والعمل الصالح في الدنيا.
هم يا ولدي خافوا الله في الدنيا فرزقهم الله الأمن يوم القيامة .
ولدي الحبيب يا ترى ما بقي...؟ يا ترى كم بقى من أيام العمر...؟ لا ندري متى
سيكون ...؟ومتى سنلحق بما سبقنا...؟ وبماذا سندخل القبور...؟ أبالطاعات ...؟أم برضا الله...؟ أم بسخطه ...؟
ولا ندري كيف ستكون تلك القبور أهي روضة من رياض الجنة أم حفرة من حفر النيران ...؟
ولدي لقد قال تعالى في محكم التنزيل {ويحذركم الله نفسه} يحذرنا سبحانه وتعالى غضبه وعقابه إن عذاب الله إليم شديد ولكنه سبحانه حليم ودود رؤوف رحيم محب لعباده الخير ويريد لهم الجنة.
ولدي الغالي كم أحب أن أراك علم من أعلام الإسلام.. ورمز من رموز الحق.. يشار إليه بحسن الخلق وأدب التعامل ..
كم أحب أن أسير وأنا أفخر بعلمك وفقهك وتقواك وإخلاصك ..وأن أرى كل ذلك واقعا في حياتك.. ونهجا تسير عليه.
ولدي ..كم انتظرت يوما تصبح شابا لأرى الحماسة تتفجر فيك.. والهمة ترفعك.. والإرادة تسموا بك.. وقد سخرت عقلك لما فيه خير الدنيا والآخرة..ونذرت نفسك لما فيه صلاح الأمة.. وكان هم الإسلام همك.. فأراك في إعداد وتخطيط لما فيه تنمية ذاتك ووطنك وأمتك ..فلا تمر أوقاتك دون أن تدري أو كيف ستقضيها..
ولدي الغالي.. أسعد قلبي بطاعتك لربك وإتباعك لسنة نبيك.. وكن مما يجاهد نفسه والشيطان.
وأتمنى يا ولدي أن أراك مما يحمل راية الدعوة لنرى الدين والأخلاق واقعا في مجتمعه ..وفي أمته .
كن يا ولدي ممن ينصح ويوجه وينظر لمن حوله أو لإخوته وأحبته.. وأن دعوتهم واجبة.. وأن أبلغ أساليب الدعوة ما كان بالحل لا بالمقال.. وأرنا نحن والديك برك.. ولا تبخل علينا بالحنان وبالحب.. وبالكلمة الطيبة.. جد علينا بوقتك.. وتفقد حاجة قلوبنا.. حاجة قلوبنا لقربك ..وأعيننا لرؤيتك..
واعلم يا ولدي أن لا حاجة المال أن تجعلنا نشتاق إليك.. ولا حاجة الطعام تجعلنا ننتظرك.. إنما هو شوق بالحضن الذي حملك واحتواك.. واعتاد قربك.. وهو الشوق الذي ملئ القلب وارتفعت معه إلى دالي السماء.. تدعوا وتبتهل.. يا رب ثبت ولدي على الطاعة.. يا رب اجعله من الفرار دائما إليك.. يا رب اجعله من أهل التسبيح والتهليل والتكبير.. يا رب ارزقه خشيتك ورجاء رحمتك والأنس بطاعتك..
ولا تنسى يا ولدي" إن أنا مت أن تزور قبري "وتقول: ها هو ولدك يا أمي قد سلك طريق الحق.. ووفقه الله تعالى ليكون من أهل التقوى والصلاح ..وأنا على ثقة بربي أنه قادر أن يسمعني ويسعدني بك حتى وأنا في قبري.
إنها رسالة تعبر عن كل ما يجول في قلب كل أم وأب.. فانظروا يا شباب الأمة إلى الأمل المعهود إليكم والطموح الذي يملأ قلب والديكم.. فاسمعونا أقوالا وأفعالا.. وحققوا دعاء والديكم بما جاء في القرآن الكريم {ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما} اللهم أمين.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1070_0_2_0