بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أكرم خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا} اللهم أدم علينا هذا الإيمان حتى نلقاك يا رب العالمين، في حلقة جديدة بعنوان: نقطة ساخنة، ما هي النقطة؟ النقطة تحدد بداية أمر أو نهاية.. أو تدل على وجود أمر معين أو شيء معين، وقد تدل هذه النقطة على شيء صغير أو تدل على شيء جديد أو تدل على شيء مهم، يعني نضع نقطة على شيء جديد.. شيء مهم جدا أو على شيء صغير ونقول: نقطة ساخنة، لماذا؟ لأنها ربما هي ساخنة.. لأنها ملتهبة.. لأن فيها درجة من الغليان، أو لأنها نقطة صعبة جدا، أو ربما لأنها فيها شيئا حديثا أو شيئا غريبا، أو لأهميته.. يعني حتى يكون واضحا الأمر أن الأمر الساخن.. الحدث الساخن قد يكون لأنه شيء جديد أو لأنه شيء غريب أو لأنه شيء صعب، فلو نظرنا إلى معنى نقطة الساخنة في حياتنا لوجدناها أي حدث اجتماعي.. زواج وطلاق مشهورين، ناس مشهورون أو حدث أخلاقي.. فضائح والعياذ بالله.. أو حدث اقتصادي أو حدث سياسي، وهذه النقاط الساخنة كثير النفوس وأحيانا تسبب مشاكل وأحيانا تورث.. وأحيانا يخرج منها ناس ظلموا ويخرج منها أيضا ناس حصلوا الإثم على خوضهم في هذه النقطة الساخنة أي الحدث الغريب، فهذه النقطة الساخنة قد لا تكون صحيحة، هذا الحدث الذي تكلم فيه الناس قد لا يكون صحيحا، وقد يحدث مع هذه النقطة الساخنة قطيعة رحم، قد يؤدي بعضها في البداية علاقات جديدة وقد تربط هذه الأحداث الساخنة أحيانا بين الناس.. حدث مثلا حرب واللا حدث سياسي واللا حدث اقتصادي، فقد تجتمع مجموعة من الناس يتكاتفون.. يتعاونون لكن في النهاية مقابل فريق آخر يختلف معهم في المبادئ.. يختلف معهم بالقناعات، وهذا يعني عادة موجود في البلاد.. في التجمعات.. في الشركات بين الناس أصحاب المصالح فيكون فيه نقص يمكن مثل القريب الناس اللي يتعاملون في البورصة، تصعد النقاط تصير عندهم بالنسبة لهم قضية ساخنة فالكل يتحرك معها، تلك نقاط ساخنة في حياتنا الدنيوية ولكن لماذا لا نستخدم هذه العبارات إلا في الأمور المادية فقط؟ لماذا لا ندور مع هذه النقاط الساخنة التي هي حولنا وننشغل بها؟ لماذا ندور معها وننسى أنفسنا؟ لماذا لا نتأمل في أحوالنا؟ لماذا لا نجعل مواسم الطاعات نقاطا ساخنة؟ لماذا لا ننظر؟ ولماذا أصلا ننتظر المواسم؟ لماذا لا تكون لنا نحن نقاط للتسخين وللإشعال وللإحياء داخل أنفسنا؟ لماذا لا نشعل هذا القلب بالشوق إلى الرحمن؟ لماذا لا نشعل القلب بالخوف من الآثام؟ لماذا لا نحيي القلب بالذكر وبالطاعات؟ لماذا لا نحيي القلب بالخوف من تقلبه؟ اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، لماذا لا نشعل حرارة الإيمان؟ لماذا لا نتساءل دائما كيف نشعل هذه الحرارة؟ خلينا نسأل هذا السؤال يا جماعة، أريد أن أشعل حرارة الإيمان.. كيف؟ كيف لي أن أبعث هذه الحرارة في القلب؟ هذا يعني أننا نحتاج أن نبحث عن مصادر الإشعال، كل حرارة لها مصدر فلو تأملنا في الحرارة الطبيعية اللي نعيش فيها لوجدنا أن مصادرها كثيرة، فيها شيء طبيعي نراه ونحسه كالشمس والنار، ومنها ما صنع الإنسان كالكهرباء وغيرها ولكن ما هي مصادر حرارة الإيمان؟ قال الله تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} بدؤوا.. هم سعوا إلى الهداية فالله سبحانه.. وأشعلوا في داخل أنفسهم الحرص والإقبال على الله عز وجل فزادهم الله، جاء الزاد، جاءت الحرارة، جاءت من الله سبحانه وتعالى حين أقبل الإنسان على هذه الهداية.
كان عمر بن الخطاب يقول لأصحابه: هلموا لنزداد إيمانا فيذكرون الله عز وجل، واحدة من المصادر أن نحنا نسعى.. نسعى إلى أن نزداد وأن نشعل هذا الإيمان.. هذه الحرارة.. نحن بحاجة إلى أن نشعل حرارة الإيمان ونجعله نقطة ساخنة دائما لا تنقطع ولا تخبوا لتعود الحياة للقلب ولنحمي أنفسنا من انهزام الروح، ما هو هذا الانهزام نشعر به وله مظاهر.. نشعر بقسوة قلب، يقول الله سبحانه وتعالى: {ثم قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} نشعر بضيق في الصدر، يقول الله سبحانه وتعالى: {صدره ضيق حرجا كأنما يصعد في السماء} لا نتأثر بالقرآن، يقول الله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} لا نتأثر بالمواعظ، يقول الله عز وجل: {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم} كذلك تزداد عندنا علامات انهزام الروح بزيادة الشغف بالدنيا، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} كذلك من مظاهر هزال الروح ظلمة في الروح تنعكس على الوجه، يقول الله سبحانه وتعالى: {وأما الذين اسودت وجوههم..} اللهم لا تجعل لنا وجوها مسودة، أيضا من مظاهر هزال الروح التكاثر عن أعمال الخير فإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، يستثقلون الطاعة، صعب على أنفسهم، يقول الله سبحانه وتعالى: {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} الخاشع هو الذي يقبل عليها، كذلك من الانهزام الغفلة عن الله سبحانه وتعالى وعن ذكره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت" يموت القلب، أما ما هو العلاج لانهزام الروح.. أن نستديم الذكر وأن نستحضر معاني الآخرة وأن نتذكر الموت دائما، أن نشعر بالغربة في هذه الدنيا، أن نحرص على الطاعات، أن نصحب الصحبة الطاهرة.. الصحبة الطيبة وأن نتجنب أمورا منها أن لا نعتاد أماكن اللهو والفساد .. اللهو
المحرم.. أن نتجنب أن ننفرد بأنفسنا، الإنسان لما يكون بنفسه يضعف لكن لما يكون مع صحبة صالحة يقوى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الشيطان مع الواحد ومع الاثنين أضعف" أن نتجنب الانقطاع عن مجالس الذكر، أن نتجنب أصحاب السوء، ولذلك هذه الروح إذا أقبلنا عليها ونبدأ نحاول أن نعطيها هذا المدد نوقد هذه الروح ونشعل حرارة الإيمان، نشعر بالأمان.. بالاطمئنان.. بالسكينة رغم وجود الحرارة الداخلية، الإنسان سبحان الله يشعر بالحر عادة يتضايق، يتضايق من الحر، لكن الحرارة اشتعلت في القلب واشتعلت في الروح.. يعيش الإنسان معها برد الطاعة وسكينة الإيمان، ولذلك يجب أن نجتهد.. يجب أن نرفع درجة الغليان هذه دائما بل نحافظ دائما على هذا الوهج.. وهج الإيمان.. وهج حرارة الإيمان، نجتهد في العبادة.. في الطاعة.. في الذكر.. في مواسم نجتهد، في المواسم حين تمر علينا لأن هذه المواسم نقاط فيها تزداد حرارة الإيمان، فكم وقفنا خلف إمام نصلي نستمع القرآن وهو يرتل بصوت ندي نشعر بالآيات تصل إلى أعماق القلب.. يرتجف القلب.. تفيض العين، وكم مررنا بحلقة علم فاستمعنا بالقلب وتأثرنا، وكم كتاب قرأنا وشعرنا كأن الخطاب موجه لنا ويبصرنا بعيوبنا، وكم صديق صالح أوجده الله تعالى لنا في الطريق، وكم من بلايا نزلت فاستيقظنا بها من رقاد وغفلة، وكم مجلس عزاء ذهبنا نواسي أهله، وكم قريب وحبيب فقدنا وفارقنا، أليست كلها محطات لإشعال جذوة الإيمان وأليست هي محطات للتغير؟ أليست هي محطات حتى نبدأ نعيش عواطفنا؟ ما هذا لبرود؟ ما هذا البرود مع كتاب الله عز وجل؟ ما هذا البرود مع الموعظة والتذكرة؟ ما هذا البرود ونحن نقف في الصلوات نستمع إلى القرآن؟ لماذا؟ كيف لا أشعر أن جسدي يقشعر؟ وكيف لا أشعر الانكسار؟ كيف لا أشعر بهذه الأمور كلها؟ لماذا لا أشعر؟ لأن هناك شيء في الداخل يحتاج أن نبدأ نشعل.. نشعل حرارة الإيمان.. نشعل حرارة التقوى والصلاح في طريق العمل الصالح، يا رب ارزقنا حلاوة الإيمان وطهارة الروح، يا رب تفضل علينا بالتوفيق للعمل الصالح وأن نبقى دائما في شكرك وذكرك، وألقاكم في حلقة قادمة مع يا رب.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1040_0_2_0