بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على أكرم خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يا رب كلمة نرددها في بداية كل حلقة مستشعرين حلاوة القرب من الرحمن والأنس بمناجاته سبحانه وتعالى، في هذه الحلقة نعود إلى الجزء الثاني من الحديث عن الأخوة..
أن ينطلق ماء الوصال ماء عذبا تحدر من غمام واحد.
إن كانت الأخوة في الله لغة وصفها أحد الدعاة أنها علاقة شعورية سهلة بسيطة إذن لماذا يصعب علينا اليوم أن نعبر عن ما يدور في داخل أنفسنا وفي نفس الوقت نحافظ على هذه الأخوة ولا نسمح لقطيعة أو سوء ظن؟ ولماذا إذا حدث الخلاف ننسى أن أول محطة في تصفية القلوب هي الحوار.. هي التصارح.. هي إحسان الظن وأن لا نفترض أسبابا ونوايا من فعل الكلمة التي تصدر من الأخ أو الأخت، قال الشافعي وهو ينصح صاحبه: يا يونس إذا بلغك عن صديق لك ما تكرهه فإياك أن تبادره بالعداوة وقطع الولاية وتكون ممن أزال يقينك بالشك ولكن القه وقل له: بلغني عنك كذا وكذا واحذر أن تسمي له المبلغ فإن هو أنكر ما ذكرت له.. فإن هو أنكر ذلك فقل له: أنت أصدق وأبر ولا تزيدن، لا تزيدن على ذلك شيء، أي رقيب في هذه العلاقة وأي صفاء وأدب يوصله كلام من أخيه فيسأله سؤالا فإن أنكر أنت أصدق عندي من أن أدخل معه في نقاش وفي جدل لهذا الكلام، هذا الصفاء، هذا الأدب في العلاقة، هذا الأدب اللي نحتاجه، نحتاج أن يكون بيننا أدب في الحديث فلا نتطاول ولا نسيء لبعضنا البعض وليكون بيننا رزانة في النقاش ونحسن نقاء العبارات وانتقاء الكلمات كأنها تقف على طرف اللسان فتخرج دون أن تمر لا على القلب ولا يراجعها العقل، ويجب أن نثني على بعضنا البعض، هذا من جمال علاقة الأخوة، لماذا لا نثني على أفعالنا؟ لماذا لا نثني على أولادنا وأهلنا وإنجازاتنا ونجاحاتنا؟ والكل ينصحنا دون أن يكون هناك إسراف أو كذب، للأسف بعض الناس أساء الفهم في أمور المدح والثناء، نجد أن البعض أمسك عن الثناء لأسباب واهية جدا، لماذا لا نثني على الأخ أو الأخت إذا فعل أمرا لوجه الله سبحانه وتعالى؟ ولأننا نخاف على الأخ أو الأخت الغرور، نخاف عليه الرياء ونخاف عليه من مداخل الشيطان.. لماذا لا يكون هذا الثناء حين نقدمه يكون معه تذكير بفضل الله سبحانه وتعالى، تذكير بفضل الله عليه وأن الله هو الذي وفقه إلى هذا الإنجاز، أسعدته وأدخلت السرور على قلبه وفي نفس الوقت ذكرته أن هذا كان بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ثم ما المشكلة في الثناء على جهد قد تم إنجازه وتم إنجازه بنجاح وتم منه تحقيق أهداف وأهداف سامية سواء كان في الدعوة أو ما ينفع الناس في العلوم أو في أي مجال من المجالات وغيرها؟ لماذا لا نثني؟ لماذا لا نشجع؟ ولماذا بحجة الخوف من الرياء وهي حجة واهية لا نذكر جوانب التميز في الناس؟ يذكر الآثار الطيبة التي تحقق من هذا الإنجاز، لماذا لا نشجع الناس مع أننا اليوم في أمس الحاجة إلى أن نساهم في رفع معنويات بعضنا البعض لنزداد في العمل ونزداد في الإنجاز ونزداد في النجاح؟ نجاح لأمور الدنيا ولأمور الدين، ننجح في ما يرضي الله سبحانه وتعالى، كم هي حاجتنا أن نزيل شعور اليأس والإحباط.
من القلوب، القلوب اليوم نجد تمكن منها الإحباط واليأس لأنها ترى نفسها عاجزة، بدأت ترى حولها الفساد، بدأت تضعف، بدأت تستسلم وبدأت تستكين، تريد إذا عملت هذه النفوس أي عمل أن نثني عليها، أن نمدحها، نظهر أن هذا بتوفيق الله سبحانه وتعالى حتى ترتفع المعنويات وحتى نزداد في سعادتنا، أن ننجز لله سبحانه وتعالى ولدين الله عز وجل، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرء يعمل العمل فيمدحه الناس وذلك من الرياء فقال: لا، ذلك عاجل بشرى المؤمن، الله سبحانه وتعالى عجل بساط الدنيا أن الناس تذكره بالخير وفي الآخرة أجر عند الله سبحانه وتعالى، ومن الأخوة أن نتعامل باللين، ما نذل أنفسنا ولكن يكون هناك لين، والبعض يقول: اللين في الأخوة يعني أن أتنازل عن كل شيء وأن أتخلى عن أمور هامة ويجب أن تكون هذه الأخوة لها كل الأولوية في حياتنا، وقد تلتبس الأمور على بعض الناس، نرى البعض يقدم العلاقات الأخوية والناس على الأسرة.. على دوره في الأسرة.. على واجباتهم في الأسرة.. واجباتهم كأبناء.. واجباتهم كأزواج، علاقتهم بينهم وبين بعض وهذا فهم خاطئ، نرى أحيانا بعض الشباب ولتقوى أحيانا العلاقة الأخوية بينهم يقدمونها على قرارات الأسرة وعلى نظام الأسرة وعلى بر الوالدين وعلى طاعة الوالدين وهذا خطأ ويجب أن يحسن الشباب التصرف في هذا الأمر، وقد تكون بعض أمور الأخوة مهمة فليكن هناك تفاهم مع الأسرة حولها، لا أكسر قوانين الأسرة أو معصية الوالدين أو عقوق الوالدين من أجل الأخوة في الله، ومن الأخوة أيضا أن نتعامل بلباقة.. نتعامل بحكمة.. بوضوح، لماذا الغموض؟ لماذا التلميحات؟ أحيانا يحتاج الأخ أو الأخت أن يفك طلاسم من العبارات حتى يفهم ما مقصود الشخص الآخر، لماذا تكون العبارات واضحة؟ قد تكون سهلة، وضح الأمر الذي التبس عندك أو عندكِ، ما في داع لكل هذه العبارات التي تزداد فيها المشاكل، وأيضا من الأخوة أن يكون هناك عدل والعدل أمر أساسي في التعامل فقد يحدث خلاف، فالعدل يجب أن يمنع الأخ والأخت أن يسيء للأخ بكلمة أو يتبع الهوى لأن الإنسان أحيانا يتبع هواه، ينسى أن يكون عادل في هذه المواطن ولذلك نحتاج أن يكون بيننا العدل إذا كان هناك خلاف وألا نحكم الهوى.
والعلاقات الأخوية يجب أن يكون فيها من خفة الروح، فيها من الملاطفة بدون أن نجرح بعضنا البعض أو نستهزئ من بعضنا البعض، يعني لنسميها إدخال السرور إلى القلب بكلمة، بعبارة فيها يضحك الأخ أو ينبسط الأخ أو يبتسم الأخ فيها، إدخال السرور إلى القلب، وإن من الأخوة أيضا أنا نتعاهد على أسمى أمر ألا وهو كتاب الله سبحانه وتعالى، نتعاهد على حفظه وعلى فهم كتاب الله، ونتعاهد على أن نعمل، نوصي بعضنا البعض على العمل بكتاب الله سبحانه وتعالى، وإن من الأخوة أيضا أن نذكر أنفسنا بالدور المطلوب منا وبأمانة الدين الذي نحمله وأن نهون على بعضنا البعض مصاعب هذه الأمانة، حمل الأمانة ليس بالأمر السهل الأمانة، صعب حملها فكيف بحمل أمانة هذا الدين؟ وأنت لا تستطيع أن تحكم واحدا منا بمفرده أن يحمل هذه الأمانة وأن يمشي في الحياة بمفرده، يحتاج من يعينه ويقوده وأن نذكر بعضنا البعض بالأجر والثواب، جاء في زيارة السلف بعضهم لبعض وفرحهم بهذه اللقاءات الأخوية وكانت هذه اللقاءات غالبا ما تكون تدعو لمزيد من الإيمان والحب في الله سبحانه وتعالى، ما روي عن النقاش أنه قال: بلغني أن بعض أصحاب محمد بن غالب أبي جعفر جاء في يوم وحل مطير، يوم فيه مطر، فقال له: متى أشكر هذين الرجلين اللذين تعبا إلي بمثل هذا اليوم ليكسباني الثواب ثم قام بنفسه فارتقى له الماء وغسل رجل أخيه، هل سمعنا بأجمل من هذا؟ نحن لا نطالب إلى هذا الحد من الأخوة وإن كان هذا الحد من أبسط المجالات، من أبسط الأمور، ولكن نحن بطالب بكف اللسان عن التشهير.. عن الطعن، نطالب بحب الخير لبعضنا البعض ولننظر إلى السلف الصالح والتابعين كيف فهموا هذه الأخوة.. قال ابن السماك عند موته: اللهم إنك تعلم أني إن كنت قد عصيتك كنت أحب من يطيعك فاجعل ذلك قربة لي إليك، وقال الحسن رضي الله عنه: يا ابن آدم لا يغرنك قول من يقول: المرء مع من أحب فإنك لا تلحق الأبرار إلا بأعمالهم فإن اليهود والنصارى يحبون أنبيائهم وليسوا معهم، قال الفضيل: تريد أن تسكن الفردوس وتجاور الرحمن داره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بأي عمل عملته، بأي شهوة تركتها، وبأي غيظ كتمته، بأي رحم قطعت وصلتها، بأي زلة لأخيك غفرتها، سبحان الله! مسألة الخطأ والغفلة من الأخ، قال رجل لمحمد بن الواسع: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني له ثم حول وجهه وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أحب فيك وأنت لي مبغض، وقد قيل: حق على العاقل أن تكون له أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخلو فيها بأصحابه الذين يخبرونه بعيوبه وساعة يخلو فيها بذاته في ما يحل له فإن هذه الساعة عون له على تلك الساعات، وقد سئل رجل عن أبعد الناس سفرا فقال من؟ قال: سفره في طلب أخ صالح، الحديث عن الأخوة جميل، ولو بقينا نتكلم عن الأخوة نأخذ الحلقة تلو الحلقة تلو الحلقة ولكن يكفينا أن ندعو ونقول: يا رب املأ قلوبنا بحب أهل التقوى وأهل الصلاح وحببنا في قلوبهم، يا رب احشرنا مع أهل سورة العصر الذين تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، وألقاكم في حلقة قادمة مع نداء يا رب.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=952_0_2_0