بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ربنا لا تزغ قلوبنا بد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.. اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك، يا رب واجعل الإيمان أمانا لنا وعلامة نعرف به أن معرفة الحق.. والعمل به والثبات عليه، تلك كانت العلامة التي حددها عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما جعلها عنوان عدي بن حاتم الطائي حين جاء عدي في وفد إلى الخليفة عمر بن الخطاب يقول عدي: فجعل عمر بن الخطاب يدعو رجلا ليسميهم، فقلت: يا أمير المؤمنين أما تعرفني؟ فقال: عمر بلا أنت الذي أسلمت إذ كفروا وأقبلت إذ أدبروا ووفيت إذ غدروا وعرفت إذ أنكروا.. فقال عدي: فلا أبالي... إذن صفات حددها عمر بن الخطاب لعدي فكان جواب عدي إذا كانت هذه الصفات التي أعرف بها فلا يهمني بعد ذلك.. تلك شخصية المسلم، شخصية المسلم الحق هو الذي لديه إقبال لا إدبار لا تدبر.. ووفاء حين يغدر الناس، ومعرفة حين ينكر الناس، قد كان حاتم الطائي ملك الجزيرة وسيد طي، وعدي بن حاتم الطائي أسلم عام عشرة للهجرة ثم حدثت الردة في عام إحدى عشر للهجرة، ورغم حداثة إسلام عدي وانتشار الردة، إلا أنه ثبت على الإسلام وحافظ على هويته عمليا، فما كان الإسلام بالنسبة له مجرد كلمة نطق بها، بل كانت بالنسبة له عنوان كان بالنسبة له الأخوية، فكان عدي شامخ بتلك الصفات والمناقب التي ذكرت عنه وتسامح بها، ولا يهمه أن يعرف لنسبه ولا لسلطانه ولا بماله ولا بقومه، إنما كانت هذه الصفات تكفيه فخرا، إن الهوية اللي نحميها أساسها سام ورفيع، ويجب أن نعتز بهذه الهوية أن نعود لأصلنا أصل الخلق خلقنا يبدأ من تراب من تراب الأرض وحدها.
وهذه المرحلة من وجودنا ليس لنا من فضل تميز بها أو ما يعلي من مكانتنا بين الكائنات، كم تساوي حفنة التراب؟ لا شيء.. ومنها خلقنا في البداية وقد وصف القرآن الكريم، فهذه المرحلة لما يدل على صغر الشأن في هذه المرحلة يقول الله عز وجل: {الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين} هذه هي المرحلة وهي هذه المرحلة لا نستمد منها كرامة ولا مكانة، ولكن نستمد الكرامة والمكانة من المرحلة التي تلحقها.. تلك التي ذكرها الله سبحانه وتعالى حين خاطب الملائكة: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} أي السجود لآدم حين خلقه الله سبحانه وتعالى ونفخ فيه من روحه، فهي إذن النفخة من روح الله سبحانه وتعالى جعلت لنا هذا السمو وهذه المكانة وهذا العلو وهذه الرفعة، وهي هذه نفخة الروح التي نستمد منها العزة، العزة التي تستوجب منا بحق أن نشعر بهذا الانتماء الرباني، نشعر بالعبودية لله سبحانه وتعالى، ويجب أن نقدم هذا النسب، بل ونجتهد في هذه الحياة لنزداد معرفة، نزداد فهما.. نزداد علما، نزداد عملا وكرامة، لنحمل هذه الهوية أفعال في عبادتنا وطاعتنا ونحقق خلافة الله سبحانه وتعالى في الأرض، خلافة الله سبحانه وتعالى في الأرض يقول الله عز وجل {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } فإن كانت الهوية هي الإسلام فعمل الدنيا يجب أن يكون عبادة. وأن يكون خالصا لله سبحانه وتعالى لأنها ستكون هذه العبادة وهذا العمل ترجمان لهذه الهوية التي نحملها، قال الثوري: إياك وأن تحب محمدة الناس... والمحمدة أن تحب أن يكرموك بعملك وأن يروا لك به شرفا ومنزلة في صدورهم، يعني يحب أن يمدحون بأعمالنا بهذا العمل والشرف والمكانة في قلوب وفي صدورهم وسبحان الله ولننظر إلى الشاعر الذي عرف نفسه قال: أنا مصحف يمشي وإسلام، يرى أنا نفحة علوية فوق الثرى الكون لي ولخدمتي الكون لي ولخدمتي، قد سخر ولمن أنا؟ للذي خلق الورى، أنا لله عز وجل.. ولذلك المسلم الحق هو الذي يتجرد بعمله لله سبحانه وتعالى لا يحسن أن يعرفه الناس، عرفوا هذا العمل أو لم يعرفوه عرفوه هو شخصيا أو جهلوه، هو بالنسبة له أمر ما هو ضروري، ولا يشعر نفسه فيه، ونجد أيضا الإنسان الذي يستسلم لله سبحانه وتعالى يسرح بالخير سواء كان على يده أو على يد غيره، يكفيه أنه عبد لله سبحانه وتعالى... يخلفه في ملكه، يستشعر عظمة الله.. إن من هويتنا إسلامية شرف كبير لصلتها بالله سبحانه وتعالى، ولأن هويتنا هي الإسلام كان التزامنا بأمر الله سبحانه وتعالى أمر ضروري؛ لأن هو اللي يدل على هذه الهوية والتقيد بهذه الهوية لتكون لنا عنوانا نرفعها نعتز بها، وأن نقر بها وأن نشعر أن في هذه الهوية تمام الحرية من أي قيد من القيود، نهوى هويتنا الإسلامية تمام الحرية؛ لأن القيود التي تقيدنا هي قيود فيها الخير لنا وفيها الصالح لنا، ولذلك الناس لما تتكلم عن الحرية لو كانت ما تقصدها حرية بقائنا في دائرة أوامر الله سبحانه وتعالى، فلما نترك الأوامر ولما نتبع الهوى، ثم نقول أننا نبحث عن الحرية هي حقا، الحرية التي نبحث عنها الحرية الحقيقية ليست في حق الإنسان أن يتدنس إذا شاء، ويترفع إذا شاء والحرية الحقيقية هي أن يخضع لقيود المنهج الرباني يتحرك ضمن حدود أوامر الله سبحانه وتعالى، ليعرض بعد ذلك الحق الذي يتبعه، فيكون عنوانه هو دينه والتزامه هويته هي الإسلام قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا} ما من حقنا أن نختار ماذا نريد وماذا لا نريد الإسلام هو الهوية فعلينا أن نتبع كل ما جاء في أوامر أو نواهي نبتعد عن كل النواهي التي في إطار هذه الهوية يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".. لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذا المعنى في القرآن فقال {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} نعم هكذا أحيانا دون أن نشعر نجد أنفسنا وقد اتخذنا من دون الله عز وجل لم نتبع أوامره ونسير على نهجه، وأولهم هذه النفس الأمارة بالسوء، حين ترتكب المعاصي وترفض الاتباع.. اتباع ما أمر الله سبحانه وتعالى، لأنه لا يتوافق مع الهوى وتفعل المحرمات؛ لأنها تهواها في صورة ثانية نجد هناك من ينفز الآخرين ليدلوا عليه ماذا يفعل وماذا يتبع حتى وإن خالف ما يملون عليه شرع الله سبحانه وتعالى، وإلا ماذا نقول الذي يشهد الزور؛ لأن مديره ألزمه وهدده بقطع رزقه، إن لم يفعل ما يريد وذاك الذي سرق؛ لأن زوجته هددته بتركه إن لم يوفر لها كذا وكذا.. وتلك التي جعلت دور الأزياء مصدر تشرع لها ما ترتدي وما تترك، وثم ذاك الذي طغى حب المال على قلبه وكان شغله الشاغل، كان شغله أن يرضي هذا المال دون النظر إلى الوسيلة.. قال صلى الله عليه وسلم: "تعس عبد الدرهم تسع عبد الدينار تعس عبد الخميصة" سبحان الله الناس كل يريد أن يكون له علامة يعرف بها هذا الذي يحب أن يعرف بالغنا وذاك الذي يبحث أن يعرف بالسلطان وتلك باقتنائها لأحدث المقتنيات تعرف بهذا الأمر، وكلهم نسوا أن خير علامة بل خير راية بل خير شعار بل خير هوية هو ذاك
الجواب الذي أجابه عمر لعدي لحاتم الطائي حين قال الإسلام والالتزام والطاعة لله رب العلمين.. والثبات على الحق هو خير هوية يا رب ارزقنا حسن عبادتك ولزوم طاعتك والخضوع لأوامرك والاستجابة لما تدعوننا إليه يا رب ارفع مكانتنا في الدنيا والتواضع وفي الآخرة بحسن الخلق، يا رب اجعلنا أعزاء لديننا رافعين لواءه عاليا يا رب العالمين وألقاكم مع حلقة جديدة مع نداء يا رب..
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=924_0_2_0