بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، قال الله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} آداب الكلام وآداب الحديث عنوان حلقة اليوم من نداء يا رب، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من كثر كلامه كثر سقطه وكثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به، وفي الأثر كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يشير إلى لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد، قيل: أحسن شيء كلام رقيق يخرج من بحر عميق على لسان رجل رفيق، من الكلام الجميل: أفضل ما يقال كلام رقيق يراعي فيه الإنسان.. يراعي فيه الناس اللي هم أمامنا ويخرج من بحر عميق أي حتى يخرج هذه المسافة التي يقطعها يكون مر على القلب وعلى العقل وفكر فيها الإنسان قبل أن يخرج هذا الكلام، على لسان رجل رفيق، الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه لكن هذا الكلام الرقيق الجميل له آداب، دعونا نستعرض لعلنا نتخلق بهذه الآداب، من آداب الحديث أولا أن يكون كلاما واضحا، كلاما بسيطا، لا نعقد الكلام، أن يكون مفهوما بكلمات موجزة سهلة لا تكن مبهمة، سئل الإمام الخليل بن أحمد عن مسألة فأبطأ بالجواب.. أبطأ الجواب فيها فقال له السائل: ما في المسألة كل هذا النظر فقال الإمام: فرغت من المسألة وجوابها ولكن أريد أن أجيبك جوابا يكون أسرع إلى فهمك، يعني يحاول أن يبسط الجواب حتى يصل بوضوح، فمن آداب الحديث أن يكون بسيطا، الناس بسهولة تفهمه.. أي الإمام سئل السؤال وعرف الجواب ولكن أراد أن يصوغه بصياغة ميسرة، الأمر الثاني: من آداب الحديث عدم التكرار، خير الكلام ما قل ودل، التكرار أحيانا يزعج الناس اللي أمامنا إلا ما كان فيه حكمة نتأكد أن الناس استوعبوا هذا الكلام، الأمر الثالث: من آداب الحديث اختيار الطيب من الكلام، يقول الله سبحانه وتعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} يختار الطيب من الحديث الذي يوافق الشرع ويرضي الله ولا يؤذي الناس، والأمر الرابع من آداب الحديث: ترك النجوى وهي أن يكون حديث سر بين اثنين أو أكثر بدون البغية، يعني سواء كان حديثا بالخير أو بالشر، يقول الله سبحانه وتعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجر عظيما} الأدب الخامس من آداب الحديث: البعد عن اللغو وهو الحديث الذي لا داعي له وهذا يكثر في مجالس- يعني اسمحوا لي- مجالس النساء كلام بلا داع، يقول الله سبحانه وتعالى: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون} لغو الحديث، ومن الآداب أيضا: ترك ما لا يعنينا، من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، يقول صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" أمر لا يخصني لماذا يجب أن أخوض فيه وأتكلم فيه؟ وأنا أقول في هذه أجرح ناس وأتدخل في خصوصيات ناس، وكذلك من آداب الحديث الإصغاء وعدم المقاطعة، ونحن عندنا من المعلوم أن الإنسان يتكلم وفجأة الشخص الآخر يدخل على الحوار أو على الكلام وهو يعني دخوله في المقاطعة هذه يقول: اسمح لي ويمكن قاطعتك أنت قاطعت وهذا ليس من أدب الحديث، أدب الحديث أن تستمع فإذا انتهيت تبدأ أنت بالحديث وهذا مكان النبي عليه الصلاة والسلام عندما جاءت قريش حتى تعرض عليه وتساومه على ترك هذا الدين وترك الدعوة فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم ينتظر إلى أن فرغ قريش من الكلام فرد عليهم فقال: أفرغت يا أبا الوليد؟ وبدأ يواصل حديثه، من آداب الحديث أيضا عدم النطق بالسوء والفحش، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن من شر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه، تركوه لأن لسانه سليط، لسانه بذيء، وأيضا من الآداب الإقبال وعدم التزجر من الحديث المعروض وعدم التعاظم والتكبر حتى لو كان الحديث هذا قد سمعته من قبل، في أناس تجلس في مجالس وأنا متأكدة يمكن كثير من المشاهدين يعرفون كل ما أقول ولكن هناك.. حين الواحد يقول: خليني أجلس ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين، ومن الآداب أيضا: البعد عن الجدل حقا كان أم باطلا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم بيت في وسط الجنة لمن ترك المراء أي الجدل ولو كان محقا، ومن الآداب أيضا ألا يتجاوز في المدح، لا نسرف في المدح ولا نسرف في الذم فإذا تكلمنا نعطي كل ذي حق حقه، المدح المبالغ فيه قد يضر هذا الإنسان وقد يعرضني للكذب وأيضا الذم قد يزيد الإنسان في طغيانه وأيضا يعرضني أنا للكذب في الكلام، ومن الآداب أيضا أن يحقق الإنسان ما يقول بالفعل فإذا تكلم بكلمة صدق هذا الكلام بالعمل وإذا حث على أمر يجب أن يكون أول من يطبق هذا العمل فإذا أحيانا إنسان يحث الناس على الإنفاق يجب أن يهتم هو بهذا
الأمر، يحثهم على الطاعات يكون هو أول المطبقين، قال بعض الحكماء: أحسن الكلام ما لا يحتاج إلى الكلام إنما يكتفي بالفعل، من آداب الحديث أيضا عدم رفع الصوت وبنبرة معينة، الناس تسمعها، الصراخ هذا يزعج الآذان وقد تنفر الناس سواء من موعظة أو تنفر من حديث اجتماعي عام بسبب نبرة الصوت العالي هذه، ومن آداب الحديث البعد عن قبح الكلام.. قال الشاعر: وسمع سمع قبيح الكلام كقول اللسان النطق به فإياك عند استماع القبيح شريك لقائله فانتبه ومن آداب الحديث اجتناب أمثال العامة الغوغاء ففيها معان سيئة أحيانا أو كلمات غير مناسبة، في ألفاظ عامية لكن في ألفاظ عامية سيئة وفيها معان تجرح، فلنتجنب مثل هذه، وقال محمد بن واسع لمالك بن دينار: يا أبا يحيى حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم، وكان عمر بن عبد العزيز يقول: إني لأدع كثيرا من الكلام مخافة المباهاة، الإنسان يباهي بنفسه، يباهي بعمله، وقال من التابعين عطاء بن رباح: إن من قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون كل كلام من فضول الكلام ما عدا ثلاث: تلاوة كتاب الله عز وجل أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو النطق بالحجة التي لابد منها، أمر أنا محتاج أتكلم فيه يجب أن أتكلم فيه، الكلام له يعني.. الكلام، كيف يكون الكلام جيدا؟ هناك كلام مفيد، ما هو هذا الكلام المفيد؟ له شروط، الشرط الأول أن يكون الكلام لداع، لا يكون.. بعض الأحيان ونحن نتكلم نقول: هذا الكلام لا داعي له، الكلام الذي لا داعي له فهو ليس من الكلام المفيد، أو يكون كلاما يعني من ورائه نفع أو ندفع فيه ضر، هذا كلام نافع، كذلك أن يكون هذا الكلام.. يكون نافعا، يعني أن يأتي به في موضعه ويكون مثل ما نقول: لكل مقام مقال، أحيانا الإنسان يأتي بعبارة لا دخل لها في الحدث، يزعج الناس، يضيع الموضوع، ولا يكون هو في موضع الناس تضحك عليه، فيجب أن يكون الكلام.. أن يكون مفيدا، أن يكون في الوقت المناسب، الشرط الثالث هو أن يقتصر منه على قدر الحاجة، يجب ألا يزيد، قال بعض الحكماء: اختصر من الكلام على ما تحصل منه على حاجتك وتبلغ مرادك وإياك وفضول الكلام فإنه يذل القدم ويورث الندم.
الشرط الرابع: أن يحسن اختيار الألفاظ اللي يتكلم فيها لأن اللسان عنوان الإنسان، يقول ابن السماك وهو واقف على قبر داود الطائي بعد أن دفنه: يا دود كنت تسهر ليلك إذ الناس ينامون وكنت تربح إذ الناس يخسرون وكنت تسلم إذ الناس يمرضون.. هل لنا أن نحفظ ألفاظنا من الآفات آفات الغيبة والنميمة والكذب والجدل وغيره؟ وهل لنا أن نحاول في هذا الزمان أن نتكلم بما ينفع الناس وأن نترك ما لا حاجة لنا فيه وأن نتجه إلى الأمور التي تعيننا، التي تنفعنا كالتأمل، كالتفكر كالتذكر؟ وهل لنا أن لا نبالغ في الحديث فنقع في الكذب؟ وهل لنا ألا نسأل الناس عن ما لا شأن لنا به حتى لا نضطر إلى الكذب؟ أن نخفي شيئا أو نكشف عن شيء؟ وهل لنا أن نمسك ألسنتنا عن فضول الكلام ولا نخوض بالباطل ونتقي الله سبحانه وتعالى؟ كم هي الليالي والأيام والساعات التي قضيناها في الكلام بما لا ينفع، فيها ضحك وسخرية واستهزاء، ونوهم أنفسنا أنا سعداء ولسنا بالسعداء، هذه هي.. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على ألسنتنا وأن نعود هذا اللسان أن ينطق بالحق وأن يرزقنا الله سبحانه وتعالى لسانا ذاكرا داعيا بالحق تاليا بالقرآن يا رب العالمين، وألقاكم في حلقات قادمة من نداء يا رب.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=923_0_2_0