بسم الله والحمدلله , والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
كل المسلمين يذكرون الله تعالى , ولكن , هل كل من ذكر الله تعالى أحس بحلاوة الذكر الفعليه , انه يوجد سر يعطيك لذه أثناء هذه العباده , هو شي سهل انه ببساطه : أن تخاطب الله بهذا الذكر , فاذا قلت الحمدلله فأنت الان تكلم الله تعالى , فتقول له : ان الحمدلك يا ربي , وانك الان لا تحمد احدا سواه , الحمدلله , الحمدلله , الحمدلله حتى ترضى ,
التكبير , الله أكبر , أنت يا ربي أكبر من كل شي سبحانك , لهذا فانا اقول لك الله أكبر لانني فعلا اعتقد أنك في قلبي اكبر من كل شي تستشعر انه أكبر من معصيه التي يدعوني الشيطان اليها انت يا رب أكبر من الشهوات المحرمه التي ينشغل بها الناس عنك هل تظن انك اذا قلت الاذكار وانت تستشعر انك توجهها لله تعالى وانك الان تكلمه وهو يسمعك , هل تظن انها ستكون مشابهه للاذكار التي نقولها في كل مره مستحيل , وان كانت الالفاظ واحده لم تتغير , هنا قلنا الله اكبر الله اكبر , الا أن القلب تغير هذا قلبه , والاخر يستشعر أنه يوجه هذه الكلمات لله تعالى انه يخاطب الله الان وربنا يسمعه فقلب هذا العبد فرح بذلك اشد الفرح لانه يوجه الكلام لله , بهذا فهو يحس بالفرح اكثر ,
دعني اضرب لك مثالا , لو فرضنا ان احد الابناء اخذ يحاول أن يحفظ بيتين من قصيده عن محبة الام لكي يقولها لامه عندما يكلمها وهو مسافر , فاخذ يرددها يرددها لكي يحفظها , بالله عليكم هل سيكون شعوره وهو يرددها لكي يحفظها مثل شعوره عندما يكلم امه ويقول نفس البيتين , لا والله , لا يمكن أنه سيشعر بفرح ومحبه أكثر فقط لأنه الآن يوجه الكلام لأمه ,
طيب ولله المثل الأعلى ,من فطلك عندما تثني على الله تعالى وتذكره وتشكره , وجه الكلام اليه , وبالمناسبه
هو الآن يستمع اليك وينظر ماذا ستقول وبماذا ستشعر ، فإذا كنت حاضر القلب وتوجه الكلام اليه سبحانه ، فإنه سيحبك اكثر مما لو كنت فقط تردد الكلمات وانت سرحان ، لماذا ؟
لأن الذكر له ثلاث مراتب ذكرها اهل العلم ،
ادنى مرتبه ان تذكره بلسانك وقلبك سرحان يفكر في شي آخر ، هذا لايزال خير الا انه ليس الكمال ،
الأقرب للكمال هو
المرتبه الوسطى هو ان تذكره بقلبك فقط دون تحريك اللسان ، كمن يتامل يتفكر في عظمة الله ونعمه وهو ساكت ،
أما أكمل مراتب الذكر ، أعلاها : ان يذكر الله بالقلب واللسان وهذا ما كنا نتكلم عنه ، المطلوب هو ان تقول : مثلا ، لاحول ولاقوة الا بالله وأنت فعلا توجه الكلام الى الله وتقول له نفس العباره دون تغير ، لا حول ولا قوة الا بالله ،ولكن قلبك يستشعر انك تعترف أنك تبرات بحولك وقوتك ومن حول الناس وقوتهم ومن جميع المخلوقات التي اعطاها الله القوة ومن كل شي ، الا منك أنت يا من أوجه كلامي الى جلالته وعظمته أنت الوحيد الذي تملك الحول والقوه ، ثم تقولها مرة أخرى وتستشعر أنك تطلب شيئاً من هذه القوه فاذا هو سبحانه يعطيك كنوزاً من هذه القوة في الدنيا والاخره ،
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
(( ألا أدلك على كلمةٍ من كنوزِ الجنةِ - أو قال - على كنزٍ من كنوزِ الجنةِ ؟ فقلتُ : بلى . فقال : لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ
الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2704
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فاذا كان قد أعطاك الاخره وهي أغلى واحب اليه فكيف لايعطيك الدنيا التي هي أهون عليه .
* * *
ماهو شعورك عندما تقول الحمدلله ، بماذا تشعر تستشعر وكانك تذكر من أنقذك من الهلاك مع أنك أخطأت في حقه وبعد أن أنقذك أعطاك ،
تخيل مثلا : لو أنك كنت تخطأ في حق جارك في كل يوم أو كل يومين يعني لو كنت تركن سيارتك في مكانه او في بيته ، ثم في يوم من الايام تعرضت أنت للخطف و السرقه ،فقام جارك وأنقذك من الخطف وفوق هذا أعطاك مثل قيمة المال الذي سرقوه منك وزيادة ثم بعدها صادف أن قابلته كيف ستقول له شكراً، هل ستقولها له هكذا : شكراً شكراً، أم أنك ستخرجها من كل قلبك وستحاول ان تظهر له الامتنان وتريده ان يشعر بأنك فعلا تشكره من قلبك ليس شكرا معتاداً كما تشكر اي انسان ، أالا يحدث هذا ؟
سبحان ولله المثل الاعلى ربنا سبحانه وتعالى في كل يوم بل في كل لحظه ينقذنا من موت محقق
فيأمر هو سبحانه كل عضو من اعضاءنا ان يستمر بالعمل ولا يتوقف ، طيب لو توقف القلب
او مثلا لو سمح الله بدخول فيروس خطير الى جسدك إنه لم يفعل سبحانه او حتى حادث سياره ماذا سيحدث انه لم يفعل ذالك سبحانه
فهو في كل يوم ينقذنا ونحن تقريباً في كل يوم نذنب
وهو سبحانه يكافئ هذا الذنب بمزيد من النعم والكرم ولم يمنعه ذنبنا من اكرامنا واطعامنا
اخي الكريم ، اختي الكريمه
اذا خطر الحمد ببالك فدعه يخرج من كل قلبك مع كامل الحب والحياه ، فان الله تعالى يحب ذلك منك
مالذي يدريك لعله بهذا الحمد ان يغفر لك كل ما سبق وهو يفعل ذالك كثيراً سبحانه
قال رسوالله صلى الله عليه وسلم
( مَنْ أكلَ طعامًا ثُم قال : الحمدُ للهِ الّذي أطعمَنِي هذا الطعامَ ، ورزَقَنِيهِ من غيرِ حولٍ مِنِّي ولا قُوَّةٍ ، غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنْبِهِ ، ومَنْ لبِسَ ثوبًا فقال : الحمدُ للهِ الّذي كسَانِي هذا ، ورزَقَنِيِهِ من غيرِ حولٍ مِنِّي ولا قُوَّةٍ غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنْبِهِ ومَا تأخَرَّ
الراوي: معاذ بن أنس الجهني المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6086
خلاصة حكم المحدث: حسن
والان بعد ان وجهت الخطاب اليه فاحسست بحلاوة الذكر فيمكنك ان تفعل شيئاً آخر بعد ذالك يزيد جمال الذكر في قلبك ويجعله اكثر راحه
ما هو ؟
إنها المشاعر التي يمكن ان تستشعرها اثناء الذكر مثل شعور المحبه
يعني ان تستشعر المحبه اثناء الذكر وهذا بُعد اخر في العباده
يعني البُعد الاول ان يكون قلبك حاضرا يعني ان لا تكون سرحاناً ،
ثم يجد بعد ذلك بعد اعمق منها وهو الا تكون سرحانا انت تعرف معاني الاذكار التي تقولها ، فلا تقول كلام لا تعرف معناه
مثلا ان نعرف معنى سبحان الله ، ما هو التسبيح
،ان نعرف معنى التحميد، مالفرق بينه وبين الشكر ، اذا قلت أعوذ برب الفلق ، يجب ان نعرف ما هو الفلق ، ما معنى الصمد ، ما معنى ((وما كنا له مقرنين ))، وهكذا ...
ثم البُعد الثالث
هو اعمق من الذي قبله ان تستشعر انك توجه هذا الذكر الى الله تعالى كما ذكرنا في بداية الحلقه
أما اعمق هذه الابعاد أن تستشعر مشاعر معينه أثناء الذكر
وهذا الذي يجعل الذكر مختلفا عن اي شيءٍ آخر تفعله في حياتك
لانك لو كنت تذكر الله وقلبك حاضر وانت تعرف ماذا تقول وتوجه الكلام الى الله هذا جيد
ولكنه في النهايه لا يختلف عما لو أردت ان تشتري شيئاً من البائع فإنك وقتها ستكون حاضر القلب وايضا تعرف معاني ألفاظك
وستوجه الكلام اليه فما الفرق
الفرق هو في هذا البعد الرابع الذي سنتكلم عنه وهو أن توجد مشاعر معينه اثناء الذكر
مثل شعور الحب فأنت عندما تكلم البائع تكون حاضر القلب ولكنك لا تستشعر الحب
فالذكر تستشعر أن الذي تذكره انت الان انت تحبه ولولا انك تحبه ما ذكرته
قال اهل العلم "ذكرك لله على قدر حبك له" ،
فاذا استشعرت ذالك زاد اجرك في الذكر
وايضا ستزيد لذة الذكر في قلبك
قال مالك بن دينار
" ما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله تعالى '
وايضا يمكنك أن تستشعر شعوراً آخر هو الحياء
فانك تستحي منه انه هو الآن يذكرك في السماء كما تذكره أنت في الارض
قال تعالى
(( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ )) ﴿البقرة / ١٥٢﴾
بل ان نفس الاذكار التي قلتها ترتفع الى السماء ترتفع الاذكار الى ان تصل الى عرش الرحمن
((مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَـٰئِكَ هُوَ يَبُورُ )) ﴿غافر /١٠﴾
ثم ماذا !
ثم تبدأ الاذكار بالتذكيربك عند ذي العرش سبحانه
كما كنت تذكرها فانها ستُذكر بك
قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم
( عن النعمانِ بنِ بَشِيرٍ مرفوعًا في التسبيحةِ والتحميدةِ والتهليلةِ يَتَعَاطَفْنَ حولَ العرشِ ، لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النحلِ ، يُذْكَرْنَ بصاحِبِهِنَّ ، أَلَا يُحِبُّ أحدُكم أن لا يَزَالَ له عند الرحمنِ ما يُذْكَرُ به ؟
الراوي: النعمان بن بشير المحدث: الألباني - المصدر: مختصر العلو - الصفحة أو الرقم: 32
خلاصة حكم المحدث: صحيح
افلا يحب احدكم ان يكون له ما يذكر به ,
فاذا ذكرت بك تسبيحاتك في السماء ذكرك الله تعالى وهو مستوٍ على عرشه
من انا حتى يذكرني فوق سدرة المنتهى
التي عندها جنة المأوى رب العزه سبحانه
وامام من امام ملائكه ، حياء ، قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم
فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال
( يقول اللهُ تعالَى : أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرْولةً
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7405
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
اذا تدبرت ذالك ستشعر بالحياء بسرعه فيزيد اجرك وثوابك وهكذا
بل ان سمعتك الطيبه عندما تذكر الله تعالى لن تتوقف عند حدود السماء فحتى الاراضي الشاسعه والجبال التي في الارض سيكون لك منها نصيب
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
((ان الجبل لينادي الجبل باسمه ويسأله أمر بك اليوم أحد يذكر الله عز وجل فاذا قال نعم استبشر ))
اي ان هذا الجبل يتوقع ان يصل اليه هذا الذي يذكر الله تعالى فيفرح الجبل الثاني بمرور رجل عليه كما فرح الجبل الاول
استشعار هذه الامور عند الذكر يغير طعم الذكر في قلبك
اخواني اخواتي نريد مشاعر اثناء الذكر
لا نريد أن يكون ذكراً جامداً لا عبادات قلبيه معه ولا شي
ادخل مثلاً شعور رجاء ، الرجاء بأنك الآن لديك أمل كبيرٌ وغلبة الظن بان الله تعالى سيثيبك مقابل هذا الذكر ثوابا عظيما من عنده ، ذكر إبن ابي الدنيا الحكيم محمد انه قال
(( بلغني ان غرف الجنه تبنى بالذكر فاذا امسك العبد عن الذكر امسكت الملائكه عن البناء فيقال لهم لماذا امسكتم فيقولون حتى تأتينا نفقه ))
أي حتى يأتينا ذكر من العبد
فانت ترجو وانت تذكر الله ان الملائكه الان تبني قصورك
هذا الرجاء الذي تشعر به الان هو عباده زائدة عن مجرد الذكر وهذا الرجاء ليس رجاء أوهام
بل والله ان لنحسن الظن به سبحانه انه سيعطينا كل خير عندما نذكره
وسينجينا من كل سؤ ايضا
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
( ألا أنبِّئُكُم بخيرِ أعمالِكُم ، وأزكاها عندَ مليكِكُم ، وأرفعِها في درجاتِكُم وخيرٌ لَكُم مِن إنفاقِ الذَّهبِ والورِقِ ، وخيرٌ لَكُم من أن تلقَوا عدوَّكُم فتضرِبوا أعناقَهُم ويضربوا أعناقَكُم ؟ قالوا : بلَى . قالَ : ذِكْرُ اللَّهِ تَعالى قالَ معاذُ بنُ جبلٍ : ما شَيءٌ أنجى مِن عذابِ اللَّهِ من ذِكْرِ اللَّهِ
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3377
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ولا يزال العبد يذكر الله ويستشعر كل هذه المشاعر الى ان يزيل الوحشة التي بين العبد وبين ربه سبحانه
لأن الغافل كما قال اهل العلم بينه وبين الله وحشة لا تزول الا بالذكر
قال ابن القيم رحمة الله عليه
ان للذكر من بين الاعمال لذة لا يشابهها شيء
فلو لم يكن للعبد من ثوابه ومكافأته إلا اللذة
الحاصله للذاكر في قلبه لكفاه
ولهذا سميت مجالس الذكر رياض الجنه اي حدائق الجنه
أسأل الله ان يجعل لنا ولكم من هذه الحدائق اعظم الحظ والنصيب
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
:: مع الشكر لفريق التفريغ في منتدى الشيخ محمد العريفي
http://3refe.com/vb/