ندوات تلفزيونية - قناة القصيم - مقاصد الشريعة - الدرس (25- 27) : كسب المال-1
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-11-09
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الأخوة الأكارم، مع درس جديد من دروس مقاصد الشريعة الإسلامية والموضوع اليوم كسب المال بالذات.
كسب الرزق عبادة لأن المال قوام الحياة:
إن كسب الرزق عبادة، لأنه قوام الحياة هو المال، طلب الحلال فريضة بعد الفريضة، لا تقدر تشد ابنك لك، ويسمع كلامك، وينصاع، إذا كل شيء بابا ما معي، ما معي، ما معي، يأتي رفيق له غني يأخذه مشوار، يدخله لمطعم، يريه كل شيء، يكون ابنك قد انتهى، من كلمة ما معي، أنا أعترض فقط على فقر الكسل، سامحوني، على فقر الكسل.
هناك فقر القدر، صاحبه معذور، و فقر الإنفاق، أنا أعترض على فقر الكسل مهمل لا يتقن عمله، إرجائي، تأخير.
حتى مع الأسف الشديد بعض البلاد الغربية يصفون الإنسان الشرقي بكلمة أي بي إم، ما معناها ؟ أي ؛ إن شاء الله، بي ؛ غداً، إم ؛ لابأس، أي، بي، إم، أي إن شاء الله، لا يريد أن يدفع، إن شاء الله أعطيك، إن شاء الله آتي ولا يأتي، استخدم إن شاء الله على غير ما أرادها الله، الله أراد أن تقولها وأنت عازم على المجيء.
﴿ إِلاَّ أَن يُحَاطَ ﴾
( سورة يوسف الآية: 66 )
أراد أن تقولها وأنت عازم على دفع الذمة
﴿ إِلاَّ أَن يُحَاطَ ﴾
تستخدمها أنت بخلاف ما أرادها الله، بي، غداً، إرجاء، إرجاء.
ورد في بعض الأقوال المأثورة:
(( أن هلك المسوفون ))
وإن ؛ لابأس ماذا حصل ؟ اللامبالاة، هذه صفة التخلف.
من ابتغى بعمله خدمة الناس كان عمله صالحاً:
لذلك أيها الأخوة، كسب المال عمل صالح، ولكن بشرط ألا يصرفك عن طاعة وعن أداء واجب، أقول لكم هذه الحقيقة: صنعتك، حرفتك، دكانك، عيادتك، مكتبك الهندسي، مكتب المحاماة، حقلك، عملك، حرفتك، مهنتك، إذا كانت في الأصل مشروعة وسلكت بها الطرق المشروعة تخدم الناس، تكرم، تكرم، سهلة جداً، يقوم معه أحياناً يمشي المعاملة، يقول: الله يجزيك الخير، الله يحفظك، الله يديمك، الله يقويك، إذاً يمتن المواطن.
والله يا إخوان ممكن أن تجعل عملك جنة إذا ابتغيت به خدمة الناس، وكان العمل صالحاً.
أكثر معاصي الإنسان تكون من كسب ماله:
أيها الأخوة، الحياة قصيرة، والدروس بليغة، والموت ! إنسان يكون ببيت، أو راكب بمركبة، أو في تجارة، بثانية بقي في النعش، تحمله إلى القبر، ماذا يوجد بداخل القبر ؟ لا في سيراميك، ولا في دهان، ولا في ثريات، ولا في شيء، إن كنت كريماً أكرمك القبر، وإن كان العبد لئيماً القبر أصبح حفرة من حفر النيران.
يا أيها الأخوة، أكثر المعاصي تكون في كسب المال، تسعة أعشار المعاصي في كسب المال، في كذب، في تدليس، في غش، في كذب بالمواصفات، في بضاعة انتهى مفعولها، أصبحت لا تفيد، تباع، الحديث عن الأخطاء في البيع والشراء يكاد يكون البيع والشراء أكبر مجال، أي إنسان ولو ما كان تاجراً، موظف يبيع ويشتري، ينفق راتبه، كيف تنفق هذا المال ؟.
فلذلك أيها الأخوة، الموضوع الآن هو كسب المال، المؤمن يتحرى الحلال ودائماً وأبداً المال الحرام يذهب هو وأهله، الحلال يذهب، قال والحرام ؟ يذهب وأهله ، يذهب بالإنسان، المال يذهب وصاحبه يذهب معه.
الكسب الحلال والكسب الحرام:
قاعدة كبرى: أي منفعة بنيت على مضرة الكسب حرام، أي منفعة متبادلة فالكسب حلال، أوضح مثل:
معك مال لكنك لا تحسن التجارة، كبير في السن، أو شاب صغير، أو مريض لا سمح الله، معك مال، يأتي شاب كتلة نشاط، وحيوية، وفهم، وخبرة، ما معه مال المال منك، تصنع شركة، المال منك والجهد من الشاب والربح بينكما هذه المضاربة التي أقرها النبي بل مارسها في أول حياته مع السيدة خديجة، المضاربة منفعة متبادلة، إنسان معه مال لا يحسن استثماره، إنسان معه خبرة لا يملك المال الكافي لها، هذه منفعة متبادلة أما السرقة منفعة بنيت على مضرة، هذه قاعدة كبرى.
أحد إخوانا يعمل بدائرة جانب جامع، فكان يحضر الدرس، دخل لعند المدير العام وقال له: أريد ستة أيام إجازة، المدير العام عصبي، لا يوجد وقت، والآن عندنا موسم، قال له: أنا مستهلكها، كيف مستهلكها ؟ قال: أصلي الظهر كل يوم بالجامع جمعتهم كل يوم ربع ساعة، فكانوا ستة أيام حتى آكل معاشي حلالاً، يقول هذا الأخ: المدير بعيد عن الدين جداً، عمل له صدمة، قال له: أنت أين جامعك ؟ يقسم بالله العظيم أن هذا الإنسان أبعد إنسان أن يدخل لجامع، وجده الأسبوع القادم بالدرس هنا، هذا الإنسان حاسب نفسه على ربع ساعة، جمعهم فكانوا ستة أيام قدم إجازة حتى يأكل مالاً حلالاً.
(( أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))
[ رواه الطبراني عن أبي رزين العقيلي ]
هذا الرجل الذي علّم ثمانين سنة، وكان منتصب القامة، حاد البصر، أسنانه في فمه، مرهف السمع، على كل خد وردة بالتعبير العامي، لما سُئل يا سيدي ما هذه الصحة ؟ قال: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً.
الدين النصيحة:
هل تحب أن تكون قوياً ؟ الله يسلمك من كل مرض ؟ أطب مطعمك، انصح الناس، انصحهم الدين النصيحة، لأن أكبر المعاصي تتأتى من كسب المال، وألف كسب مال حرام لست مداناً في الأرض، ممكن أن تعمل عملاً سيئاً، لكن صعب كشفه، بعد ذلك يكشف، الله يتولى كشفه، أما الإنسان لا يقدر، نريد اثني عشر تحليلاً ! هل تستطيع أن تناقش الطبيب ؟ هو يريد واحد، ممكن، مثلاً هذه الدعوى رابحة، هي ليست رابحة، ليست رابحة أكيد، في اجتهاد محكمة النقد، يمنع أن تربح الدعوى، معك ثماني سنوات، من الصلح، للاستئناف، للتميز، ومماطلة، وتأجيل ثمان سنوات، تأخذ منه خير الله.
أنا أقول كلاماً أعني ما أقول، هناك سؤال كبير لماذا تخلى الله عنا ؟ كأنه في تخلي نحن وضعنا سيء جداً، ما كنا كذلك، كنا في الأمم الراقية، كنا قادة للعالم، كنا قبل الإسلام رعاة الغنم بعد الإسلام أصبحنا قادة للأمم، بعد الإسلام بسبب الاستقامة.
لما عبد الله بن رواحة أرسله النبي الكريم لتقييم تمر خيبر، أعطاه اليهود حلي نسائهم كرشوة، فردها، وقال: جئتكم من عند أحبّ الخلق إلي ولأنتم أبغض إليّ من القردة والخنازير، ومع ذلك لن أحيف عليكم، فقالت اليهود: بهذا قامت السماوات والأرض وبهذا غلبتمونا.
والله الذي لا إله إلا هو لو فهم الصحابة الإسلام كما نفهمه نحن الآن لما خرج من مكة المكرمة، ما في التزام، ما في انضباط، ما في تحري الحلال.
شخص يصلي في الصف الأول ساكن ببيت أجرة لواحدة من تركيا فقيرة جداً تعيش على أجرته، بأساليب ذكية جداً، بأساليب فيها احتيال باعته إياه بسبعمئة ألف يساوي سبعة ملايين، وعامل حاله شاطر، لا لست شاطراً أبداً.
التيسير سببه الاستقامة على أمر الله:
والله يا إخوان عندنا أخطاء لا يعلمها إلا الله، هذه تمنع النصر، فإذا استقام في فراغ جماعي، إذا الجميع ما استقاموا، إذا إنسان استقام لوحده في فَرَج فردي، أما لا بد من أن تقدم شيئاً لله عز وجل.
إذاً:
(( أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))
[ رواه الطبراني عن أبي رزين العقيلي ]
﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾
( سورة الطلاق )
﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾
( سورة الطلاق )
في تيسير، يا إخوان التيسير شيء مريح جداً، التيسير:
﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْن * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾
( سورة الليل )
التيسير مريح جداً سببه الاستقامة على أمر الله.
التيسير سببه الاستقامة على أمر الله:
أيها الأخوة، بالدرجة الأولى العمل أحد أربع أخماس دينك، أقول لكم بصراحة: عندنا شهوتان إذا انضبطتا نجوت، شهوة المال، وشهوة النساء، لذلك الفضائح بالأرض كلها من آدم إلى يوم القيامة إما فضيحة أخلاقية جنسية، أو فضيحة مالية، هناك غير هذا ؟ الأحكام الشرعية تسعة أعشارها لتنظيم علاقتك بالمرأة، وعلاقتك بالمال، أكبر ثغرتين كبيرتين في شخصية الإنسان ضعفه أمام المال وأمام المرأة، فإذا قويت همته صار محصناً، والمستقيم ملك لا يستطيع إنسان ينال منه إطلاقاً.
فيا أيها الأخوة، هذا من أعماق أعماقي أقوله لكم، الدين ليس في المسجد، في بيتك، في عملك، في كسب مالك، في إنفاق مالك، في ضبط عينك، في ضبط لسانك ، في ضبط أذنك، هذا هو الدين، الدين الاستقامة، والاستقامة عين الكرامة، والاستقامة هي نتيجة العلم، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، اقرأ القرآن:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾
( سورة النحل الآية: 97 )
حياة طيبة.
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾
( سورة طه )
النجاح لا يسمى نجاحاً إلا إذا كان شمولياً:
يا أيها الأخوة، جانب كبير من حياتك عملك، وجانب كبير آخر من حياتك زواجك، إن صحّ زواجك وصحّ عملك بقي أن تعرف الله، وأن تعتني بصحتك، أصبحوا أربعة، علاقتك مع الله بند، وعلاقتك مع أهلك وأولادك بند آخر، وعلاقتك مع عملك بند ثالث، وعلاقتك مع صحتك بند رابع.
وصدقوا لا يمكن أن يسمى النجاح نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، علاقتك مع الله جيدة، عرفته، وأطعته، وخضعت له، وتقربت إليه، وخدمت عباده، وعلاقتك مع أهلك جيدة، زوجة صالحة، أولاد أبرار، وعلاقتك مع عملك منضبطة، وعلاقتك مع صحتك جيدة في عناية بالصحة.
مثلاً: إنسان دينه قوي جداً، ورع جداً، مستقيم جداً، لكن فقط يتأخر عن العمل أول تأخر، ثاني تأخر، خامس تأخر، تسمع من المعلم كلمة قاسية جداً، يجب أن يتحملك أمام أشخاص عينوك، يبقى معطلاً شهراً، يقول جرحني، أنت جرحت حالك، لا تستطيع أن تقول لي أنا ببيتي رائع، أريدك ببيتك رائع، وبالعمل رائع، وبصحتك رائع، وبعلاقتك مع الله رائع، لا يسمى النجاح نجاحاً إلا إذا كان شمولياً.
من استقام على أمر الله و اصطلح معه أصبح له معاملة خاصة من الله تعالى:
فيا أيها الأخوة:
(( من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ))
[ أخرجه البخاري، والترمذي وابن ماجة عن عبد الله بن محصن ]
الملك الذي سأل وزيره من الملك ؟ قال له: أنت، قال: لا، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا، له بيت يؤويه، و زوجة ترضيه، و رزق يكفيه، إنه إن عرفنا جهد في استرضائنا، وإن عرفناه جهدنا في إحراجه.
فدقق بعملك، عملك واسع جداً، عملك منذ أن تستيقظ.
(( من أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله ولم يؤتيه من الدنيا إلا ما قدر له ))
( أخرجه ابن ماجة عن الترمذي ]
لما المؤمن يفتح مع الله صفحة جديدة ويتوب إليه حكمة ربنا عز وجل يشجعه، يعمل له معاملة طيبة جداً، يوفقه، ييسر أمره، أنا أقول كلمة دقيقة جداً: ما الذي يشدك إلى الدين ؟ سؤال، أحياناً تشد إلى الكمبيوتر، إلى مشاهدة مباراة فرضاً، أنا أسالك هذا السؤال، ما الذي يشدك إلى الدين ؟ قد يقول أحدكم: أفكار الدين عظيمة، صح، قد يقول أحدكم: أن الدين قدم تفسيراً عميقاً جداً، دقيقاً جداً، شمولياً، متناسقاً للكون والحياة والإنسان، تمام، لا يكفي.
المؤمن شخصية فذة و صاحب مبدأ لا يضعفه شيء:
إخوانا الكرام، الذي يشدك إلى الدين أنك حينما استقمت على أمر الله واصطلحت مع الله صار في معاملة من الله جديدة، لما أنت تقرب، تستقيم، والله القصص بهذا المعنى لا تعدّ ولا تحصى، لما أنت اصطلحت مع الله، ضبطت أمورك.
أنا حدثني أخ يلف محركات، هكذا قال بالضبط: أنا بالجاهلية، بيدي محرك يحتاج إلى لف، أجرته خمسة آلاف، يكون هناك خط خارجي مقطوع، قال لي: يكلفني دقيقة أصلح الخط اشتغل، يأتي صاحبه بعد خمسة أيام يعمل له تمثيلية، شغل، شغل، اشتغل اشتغلت، الله يعطيك العافية، ما شاء الله حولك، يعطيه خمسة آلاف، قال لي: بعد ما عرفت الله، جاءت مثل تلك الحالة، قال له: خمس و عشرين ليرة، من خمسة آلاف إلى خمس و عشرين.
يا إخوان دقق فيما سأقول: إذا لم تتبدل مقاييسك 180 درجة يكون إيمانك فيه خلل، يسعدك أن تعطي لا أن تأخذ، يعني المليون والله مثل الليرة أمام شرع الله عز وجل الله الغني، تركل مليون بطرف قدمك إذا فيهم شبهة، أو معصية، شخصية المؤمن شخصية فذة، مرتبة علمية، ما اتخذ الله ولياً جاهلاً، مرتبة أخلاقية، مرتبة جمالية، أذواقه عالية جداً.
أنا لا أريد مسلماً ليس مطبقاً، محسوباً على الإسلام ولا يقدم شيئاً، كن شخصية فذة، كن شيئاً مذكوراً، كن رقماً صعباً، في رقم سهل، معروف ثمنه، يبدأ متشنجاً، رافضاً، لا يوافق، لا يجوز، مصلحة عامة، بمئتي ليرة يوافق بعد ذلك، كل ثمنه مئتي ليرة، كله، هو وقيمه ومبادئه، وكلامه طويل عريض، لا تكن رقماً سهلاً، كن رقماً صعباً، أي صاحب المبدأ لا تضعفه سبائك الذهب اللامعة، ولا سياط الجلادين اللاذعة، صاحب مبدأ، كبير، عند الله كبير، عند الناس كبير.
الأمة الإسلامية بحاجة إلى من يتقن عمله في سبيلها:
أنا هذا الذي أتمناه، الأمة الآن تحتاج إلى أعلام، إلى أشخاص كبار، إلى شخصيات فذة، شخصيات من أصحاب المبادئ، بيدكم الأمر، أنا أخاطب الشباب، نحن قربنا أن نكون بالماضي، وإذا كان أصغر قليل الحاضر، أما الشباب المستقبل، الآن الشاب المستقبل، الأربعين الخمسين الحاضر، السبعين الثمانين الماضي، إذا جلست مع شخص فوق الثمانين، هكذا كنت، وكنا بالقائم المقامية الفلانية، ما عنده شيء يتكلم عن الماضي الرجل المتقدم بالسن ماضي، بالأربعين خمسين حاضر، بالسابعة عشر والثامنة عشر مستقبل.
لماذا النبي الكريم عين أسامة بن زيد قائد جيش ؟ سبعة عشر عاماً، من الجنود ؟ سيدنا الصديق، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، جنود عنده، يعطي للشباب حماس، ماذا تفعل ؟ تفوق بدراستك أول شيء، يأتي خبير قد يكون متآمراً، يأخذ مبالغ فلكية.
أقسم لي بالله إنسان على اطلاع، عندنا جهاز معقد جداً، قال لي بقدرة قادر يتعطل كل سنة مرة، مبرمج، في فيوزات معينة، ويصلح بالملايين كل سنة، يتعطل شهراً، مرة تعطل حسب الخطة المرسومة له، صار في تلكؤ بإصلاحه، قال لي والله طالب بثانوية صناعية بالشام أصلحه، و مجاناً.
تفوق بدراستك، نستغني عن الخبراء، دراستك دفاع، أتقن عملك، حسن إنتاجك الزراعي، حسن تجارتك، اختر مواد جيدة، سعرها معتدل، مدروس، وحد سعرك، كل واحد منا يطور نفسه، ببيته، بعمله، بصحته.
الدين هو الحياة:
أنا أتمنى أن لا يكون موضوع الدين شيء ثانوية، الدين هو الحياة، كنت أقول دائماً: كما أن هذه الأمة بحاجة إلى من يموت في سبيلها، هي في أمس الحاجة إلى من يعيش في سبيلها، لا تكن رقماً سهلاً، لا تكن معروفاً سعرك، الأسعار متفاوتة، في ألف في خمسمئة، في ملايين، لكن كله له سعر، أما المؤمن:
(( والله يا عم لو وضعوا الشمس في يمين والقمر في شمالي، على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه ))
[ السيرة النبوية ]
والحمد لله رب العالمين
http://nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=11053&id=189&sid=799&ssid=1469&sssid=1470