ندوات تلفزيونية - قناة الفجر - سنريهم آياتنا - الندوة 29-18 : عمل المثانة ـ النعامة
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2009-09-08
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
مشاهدينا الكرام، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ما زلنا عبر حلقات هذا البرنامج نستعرض آياتٍ جديدة من آيات إعجاز خالق هذا الكون عز وجل، ويصحبنا من خلالها فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي، في القرآن الكريم والسنة، في كليات الشريعة وأصول الدين، أهلاً بكم.
الدكتور راتب:
بكم أستاذ، جزاك الله خيراً.
الأستاذ معتز:
أستاذ راتب، كنا قد تحدثنا في الحلقة الماضية عن بعض آيات إعجاز الخالق لهذا الكون في خلق الإنسان، ومنها السائل الأمينوسي الذي تحدثنا عنه، هو الذي يحمي الجنين، ومنها الغدة النخامية، تلك الغدة على صغرها، وما تتحكم به من وظائف، وهرمونات...إلخ.
في أعضاء جسم الإنسان أعضاءٌ مهمة، ولكن أحد أهم تلك الأعضاء، هي المثانة، حبذا لو حدثتنا عنها.
الكليتان والمثانة من باب تكريم الله للإنسان:
الدكتور راتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين.
أستاذ معتز، الكُليتان من أخطر أجهزة الجسم، لأن الكُلية تتولى تصفية الدم من حمض البول، وحمض البول نتاج الاستقلاب، وهذا الحمض إذا زاد عن حده تسمم الإنسان، فالكُلية مُهمتها تنقية الدم من الأشياء التي تؤذيه، وتعيد برمجة الدم، وتعير نسبه الدقيقة، طبعاً نتيجة هذه التصفية هو البول، والكُليتان يسقط منهما في كل عشرين ثانية نقطتان، تصور لو لم تكن المثانة، لو فكرنا تفكيراً منهجياً بتصور افتقاد المثانة، ما الحل ؟ لابد من نزول نقطتين كل عشرين ثانية باستمرار، فالإنسان يحتاج إلى فوط، وهذه مشكلة كبيرة جداً، من باب تكريم الله لهذا الإنسان، من باب:
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾
( سورة الإسراء الآية: 70 )
من باب:
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾
( سورة التين )
من باب:
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
( سورة النمل الآية: 88 )
أودع الله تعالى في جسم الإنسان هذه المثانة، هذه تجمع البول لساعاتٍ طويلة لسبع ساعات، أو أكثر، ثم تفرغ في وقت محدود، لكن بحسب العلوم الحديثة لو أن هذه المثانة ليس فيها عضلات، البول لا ينزل.
تماماً كما لو جئت بمستودع للماء، أحكمت إغلاقه من علٍ، الصنبور إذا فتحته الماء لا ينزل، يحتاج إلى ضغط، فلا يمكن أن ينزل ما في هذه المثانة إلا بأنبوب هوائي هذا شيء مستحيل، لذلك ربنا جلّ جلاله جعل في هذه المثانة عضلات قابضة، فلمجرد أن يريد الإنسان أن يفرغ هذه المثانة تتقلص العضلات فيفرغ كل ما فيها، لذلك من باب تكريم الله للإنسان أن هذه المثانة يتجمع فيها مفرزات الكُليتين لساعاتٍ طويلة، تبقى نظيفاً مهفهفاً، متعطراً، في لقاء، في سفر، في اجتماع، في إلقاء درس، في إدارة عمل، و من حين لآخر تفرغ هذه المثانة.
التفكر في جسم الإنسان طريقٌ قصيرٌ إلى الله وبابٌ واسعٌ ندخل منه على الله:
من منهج التفكير في خلق الله، أن تتفكر بالشيء وعدمه، أو أن تتفكر بالشيء وخلاف ما هو عليه، بعدمه بلا مثانة، نحتاج إلى فوط، أما بخلاف ما هو عليه بلا عضلات لا يوجد حل، بالشيء وخلاف ما هو عليه، أو بالشيء وعدمه، أو بالشيء وأصله.
الإنسان كله من نقطةٍ لا ترى بالعين، حُوين واحد لقح بويضة، والبويضة بحجم ذرة الملح، قد لا ترى، حُوينٌ لقح بويضة، فتشكل إنسان فيه ثلاثمئة ألف شعرة، فيه دماغ، في الدماغ مئة وأربعون مليار خلية، بالشبكية مئة مليون مُستقبل بالمليمتر مربع، بالأنف عشرون مليون عصب شمي، بالمعدة خمسة وثلاثون مليون عصارة هاضمة، بالأمعاء زغابات تتجدد كل ثمان وأربعين ساعة، وهناك طريق في الكلية طوله مئة كيلو متر، بالأوعية مسافة تزيد عن أربعين ألف كيلو متر، شيء مذهل ! القلب وحده بيضخ باليوم ثمانية أمتار.
أتحسب أنك جُرمٌ صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
* * *
والله لو اكتفى الإنسان بالتفكر في خلق جسمه لوصل إلى الله ، أي الإنسان آيةٌ كبيرةٌ، لو أن الإنسان المؤمن عود نفسه أن يجول فكره في آيات الله الدالة على عظمته، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم.
هذه العضلة القابضة، بيدك إرادية، لو لم تكن إرادية لكان هناك مشكلة كبيرة، عندنا عضلات إرادية كالعضلة القابضة للمثانة، وهناك عضلات غير إرادية، كالقلب ، وتحدثنا في لقاء سابق عن نعمة هذه العضلات، عضلات القلب، والتنفس، والهضم، كله يعمل آلياً،
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾
لذلك التفكر في جسم الإنسان طريقٌ قصيرٌ إلى الله، وبابٌ واسعٌ ندخل منه على الله.
الأستاذ معتز:
أيضاً من آيات الإعجاز في خلق الإنسان، الرضيع يأتي إلى الحياة، وبحاجة إلى الغذاء، وأنتم تعلمون أنه لا يستطيع أن يأكل أي شيء، لذلك فهو يحتاج إلى حليب أمه.
منعكس المص عند الرضيع من آيات الله الدالة على عظمته:
الدكتور راتب:
أستاذ معتز، قبل حليب الأم، الطفل يولد ليس معه أية مهارة، ولا خبرة، ولا قدرة، ولا شيء، الدليل هو الذي:
﴿ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ﴾
( سورة النحل الآية: 78 )
إلا أن هذا الإنسان مزود بمنعكس وحيد، لولاه لما قامت هذه الندوة، ولما كانت هذه المدينة، ولما كان إنسان على وجه الأرض، ما هذا المنعكس ؟ منعكس المص فلمجرد أن يولد الإنسان، ويضع فمه على حلمة ثديِّ أمه، يحكم الإغلاق ويسحب الهواء، لا يوجد بالأرض كلها قدرة تعلم هذا المولود لتوه طريقة مص الحليب.
الأستاذ معتز:
خاصةً أنه لم يكن يستخدم في رحم أمه فمه، هو يتغذى عبر المشيمة.
الدكتور راتب:
أنا أعلم علم اليقين، أحياناً ربنا عز و جل بكل خمسمئة ألف طفل، يأتي طفل بلا هذا المنعكس، يموت، هل هناك قوة فغي الكون تعلمه كيف يمص ثدي أمه ؟ يا بابا، أي بابا ؟ الآن ولد، لا يوجد فيه وعي، ولا إدراك، ولا فهم، ولا لغة، هل في الأرض كلها جهةٌ يمكن أن تقنع هذا الطفل الذي ولد لتوه أن يمص ثدي أمه ؟ من أودع في الإنسان هذا المنعكس ؟ منعكس المص.
إغلاق ثقب بوتال بين الأذنين بعد ولادة الإنسان بقدرة الله عزّ وجل:
هناك شيء ينقلنا إلى شيء آخر، الجنين بالرحم لا يوجد هواء، ولا تنفس، يوجد رئتان مجهزتان لما بعد الولادة، أما بالرحم لا يوجد هواء، الرئتان معطلتان، فكيف تتم دورة الدم ؟ نحن عندنا دورة كبرى، ينطلق الدم من البطين إلى كل الجسم، وهناك دورة صغرى، ينطلق الدم إلى الرئتين كي يتجدد، هذه الدورة معطلة، ما الحل ؟ هناك ثقب بين الأذينين، اكتشفه عالم فرنسي اسمه بوتال، هذا الثقب يختصر الطريق إلى الرئتين المعطلتين فينتقل الدم من أذين إلى أذين، ما دام الطفل في بطن أمه، فإذا ولد ـ هكذا قال الأطباء، أنا أراها يد الله ـ تأتي جلطة فتغلق هذا الثقب، وإن لم يغلق هذا الثقب، فهذا مرضٌ خطيرٌ جداً، ينتهي بالموت المحقق، اسمه داء الزرق، لأن الدم بدل أن يذهب إلى الرئة، ليجدد نشاطه، ويأخذ الأوكسجين، ويطرح غاز الفحم، يجد الطريق إلى الأذين الثاني أقرب، فينتقل من دون تجديد، يصير لون الطفل أزرقاً، هناك عمليات جراحية تكلف مئات الألوف وقد لا تنجح، لذلك من فتح هذا الثقب ؟ ومن أغلقه ؟ يد من ؟ إنها يد الله، لكن الله عز و جل للتعليم، ولحكمةٍ بالغةٍ بالغة بكل ثلاثمئة ألف طفل يأتي طفل، الثقب عنده لم يغلق، ويموت هذا الطفل، لحكمةٍ يريدها الله، لكن كي ننتبه أن في هذا القلب ثقباً، من فتحه وهو في الرحم ؟ ومن أغلقه عند الولادة ؟ إنها يد الله عز و جل، من أودع في الإنسان منعكس المص ؟
لذلك لولا منعكس المص لما كان إنسانٌ على وجه الأرض، آليةٌ معقدةٌ جداً، يعرفها المولود لتوه من دون تعليم، أحياناً أثناء خروجه من بطن أمه بأول دقيقة، أثناء تغسيله، قد تأتي إصبع الممرضة أمام شفتيه، فإذا به يلتقمها ليمصها، منعكس المص جاهز، ما إن يضع الطفل فمه على حُلمة ثدي أمه، حتى يحكم الإغلاق، ويسحب الهواء، فيأتيه الحليب.
الشحوم التي أودعها الله في جهاز الجنين الهضمي من الآيات الدالة على عظمته:
لكن هناك شيء دقيق جداً، أول يومين لا يوجد حليب، هناك مادة سوداء، هذه مادة مذيبة للشحوم في الجهاز الهضمي، لئلا تلتصق الأمعاء ببعضها، لئلا تشوه بنيتها، الله عز وجل أودع في الجهاز الهضمي، والطفل في بطن أمه، قبل أن يعمل هذا الجهاز، وقبل أن يأكل الطعام، مادة شحمية.
الآن ولد هذا الطفل ويريد أن يأكل، أول ثمان وأربعين ساعة لا يأتيه الحليب، تأتيه مادة مذيبة للشحوم التي وضعت في جهازه الهضمي، لذلك الطفل في أول يومين، خروجه أسود، خروجه شحوم مذابة، يد من ؟ حكمة من ؟ قدرة من ؟ علم من ؟ رحمة من؟
أتحسب أنك جُرم ٌ صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
* * *
حقّ الطفل في الرضاعة:
الآن الحليب، من يصدق أن حليب الأم يتبدل في أثناء الرضعة الواحدة، في بداية الرضعة الحليب نسبة الماء فيه ستون بالمئة، في نهاية الرضعة نسبة المواد الغذائية في الحليب ستون بالمئة، تتبدل هذه النسبة، يأتيه الحليب بارداً قي الصيف، و دافئاً في الشتاء، فيه كل مقومات نموه، بل إن الطفل الذي يرضع برضاعةٍ صناعيةٍ هذه تؤذي قلبه وأوعيته على المدى البعيد، لأنه يوجد بحليب البقر مواد معينة، حموضاً أمينية، خمسة أضعاف ما تحتمله أجهزة الطفل، أما حليب أمه مبرمجٌ برمجة رائعة ليفي بحاجة جسمه.
لذلك الآن أكبر شركات حليب الأطفال، أُجبرت أن تكتب على عبواتها: لا شيء يعدل حليب الأم، في حليب الأم مادة مضادة للالتهابات، في حليب الأم مادة مضادة لالتصاق الجراثيم في أمعاء الطفل، في حليب الأم مادة مضادة للإنتانات المعوية، هناك وقاية رائعة جداً، و تعقيم كامل، و جاهزية عالية، و سخونة بالشتاء وبرودة في الصيف، و تبدل النسب في أثناء الرضعة الواحدة، وهناك شيء يكاد لا يصدق لذلك لم يرد في القرآن الحليب الصناعي، قال:
﴿ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ﴾
( سورة الطلاق )
لأنه لا شيء يعدل حليب الأم، أو حليب أية مرضعة، لكن الآن هناك نساء تستغني عن إرضاع أولادها حفاظاً على رشاقتها، هل تصدق أن أحد أسباب إصابة أثداء المرأة بالورم الخبيث هو عدم إرضاع الصغير.
الأستاذ معتز:
وما الحكمة من الإرضاع لعامين ؟
الحكمة من الإرضاع لعامين:
الدكتور راتب:
هو تمام الإرضاع لعامين.
﴿ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾
( سورة البقرة الآية: 232 )
لأنه يبدو أنه بحاجة إلى مواد متوافرة في حليب الأم، لكن بعد عامين يحتاج إلى مواد أخرى، عندنا استثناء واحد، هو أن حليب الأم ليس فيه حديد، أودع الله في طحال الطفل الصغير كمية حديد تكفيه لعامين، أودع الله في طحال المولود كمية حديدٍ تكفيه لعامين.
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾
( سورة لقمان الآية: 11 )
الأستاذ معتز:
إذاً من هنا الحكمة لإتمام الرضاعة حتى عامين.
الدكتور راتب:
أُجري بحوث في اختبار الذكاء في دول العالم، الشيء المدهش أن دولة لا يعرفها أحد اسمها دول الباسيفيك، نالت الدرجة الأولى في الذكاء مع أن البلاد العملاقة، المتقدمة، الحضارية، كانت ترتيبها السابع عشر.
الأستاذ معتز:
ما السبب ؟
الدكتور راتب:
السبب، الإرضاع الطبيعي، هذه جزر، لا تعرف امرأةٌ واحدة الإرضاع الصناعي.
لذلك أنا أتمنى على الأخوة المشاهدين أن ينزعوا من أذهانهم كلياً ألا ترضع الأم وليدها، إن إرضاع الأم وليدها بالحليب الطبيعي صيانةٌ لقلبه، وأوعيته، وكم من آفاتٍ قلبيةٍ ووعائيةٍ في المستقبل بسبب عدم الإرضاع الطبيعي.
حليب الأم شيء ثمين جداً:
لكن هناك شيء دقيق جداً، أن المرأة التي ولدت، عندها حساسية نفسية عالية جداً، تحتاج إلى رعاية، إلى حب، إلى اهتمام، إلى تطمين، إلى جو مريح، وإلا يذهب حليبها، سبحان الله هناك أزواج عصبيون، عنيفون في بيوتهم، كان يتمنى طفلاً، فجاءت بنتاً، يزبد، ويرعد، ويرغي، ويتكلم، ويقسو في الكلام، وهذا قد يسبب فقدان حليب الأم، لذلك المرأة التي تلد، تحتاج إلى رعاية فائقة، إلى عناية فائقة، إلى جو مريح.
أنا لي صديق أنجب سبع بنات، كلما أنجبت امرأته بنتاً، جاء بهدية ثمينة جداً مكافأةً لها على هذه البنت.
وقد علمنا النبي عليه الصلاة والسلام حينما جاءته فاطمة ضمها، وشمها، وقال:" ريحانةُ أشمها، وعلى الله رزقها ".
حليب الأم شيء ثمين جداً، نحن حينما نفكر في هذا الحليب، في جاهزيته، في سخونته شتاءً، في برودته صيفاً، في تبدل تركيبه أثناء الرضعة الواحدة، في مكوناته، فيما أودع الله فيه من إمكاناتٍ لصيانة جسم الوليد، لرأينا عظمة الله عز وجل.
الأستاذ معتز:
أيضاً من آيات الإعجاز في خلق الإنسان أن خلايا القلب، والدماغ، لا تتبدل، ما الحكمة من ذلك ؟.
الحكمة من عدم تبدل خلايا الدماغ و القلب:
الدكتور راتب:
سبحان الله ! كل ما في جسم الإنسان تتبدل خلاياه، أي أنت بعد خمس سنوات لك قوام آخر، بدءاً من جهازك العظمي، إلى عضلاتك، إلى رئتيك، إلى أجهزتك، إلا الدماغ والقلب، لو تبدل الدماغ، الأخ ماذا يعمل ؟ قال لي: كنت طبيباً، وعندما تبدل دماغه، فقد كل خبراته، وكل خبراتك مودعة في الدماغ، كل تجاربك، كل حياتك، اللغات، والتجارب، والخبرات، والمعلومات، والإنجازات، والذاكرة، كلها بالدماغ، لحكمة بالغةٍ بالغةٍ خلايا الدماغ لا تتبدل والقلب كذلك.
أجروا بعض العمليات، وضعوا قلباً من إنسانٍ شاب لإنسان متقدم في السن، فكان المتقدم في السن يحب نوعاً من الموسيقى، فلما وضع له قلبٌ آخر هناك أشياء ثبتت علمياً، و منها أنه أحب موسيقى من نوع آخر، لأن القلب مكان المشاعر، والدماغ مكان للمعلومات، الدماغ والقلب لا يتبدلان، مع تبدل كل خلايا الإنسان، وأطول خلية تتبدل خلايا العظام، وأقصر خلية الأمعاء الدقيقة.
الأستاذ معتز:
ماذا ستقدم لنا اليوم من مادةٍ علمية ؟.
مهارة طائر النعامة في الركض:
الدكتور راتب:
آخر حلقة في الطيور، لكن نتحدث عن طيور تعلو وتسبق الإنسان، الحقيقة من هذه الحيوانات التي تسبق الإنسان هي النعامات، هناك أيضاً في عالم الطيور أنواعٌ لها استعدادات مختلفة غير الطيران، وعلى سبيل المثال: النعامة، أي عداء الطريق، تستطيع النعامة أن تركض أسرع من المتسابق، الذي حطم الرقم القياسي في الأولمبيات، فلو أقيمت مسابقةٌ في العدوِ لمسافة مئة متر بين الإنسان وبين النعامة، سيكون الإنسان هو الخاسر بلا شك، وإذا كان بمقدور بطل الأولمبيات أن يعدو بسرعة تسعة وثلاثين كيلو متر في الساعة، فإن النعامة تستطيع أن تصل سرعتها إلى ستين كيلو متر في الساعة، بساقيها الطويلتين تقطع مسافة ثلاثة أمتار في الخطوة الواحدة، هذا الطائر واحدٌ من أسرع الرياضيين في عالم الكائنات.
الحقيقة النعامة عداء من الطراز الأول، فإذا تسابقت مع الإنسان، الإنسان خسر السباق، لأن كل خطوة من خطواتها ثلاثة أمتار، ولأن سرعتها تزيد عن ستين كيلو متر في الساعة.
البطاريق أبطال سباحةٍ حقيقيةٍ بين الكائنات التي تعيش على اليابسة:
أما البطريق، يعد البطريق أيضاً واحداً من جنس الطيور، إلا أن جناحيه القصيرين يؤمنان له تقدماً ليس في الهواء بل في الماء، هذه الكائنات المحببة التي تُرى عبر الشاشة، وترى على البر متثاقلة جداً، ولكنها عندما تدخل في الماء، تبدو وكأنها تطير، فإذا أقيمت مسابقة في السباحة بين الإنسان والبطريق، سيكون الإنسان مرة ثانية هو الخاسر، ذلك لأن البطريق يسبح بسرعةٍ تفوق ثلاثة أضعافٍ سباحة أبطال الأولمبيات، إضافةً إلى أنه يستهلك أقل طاقةٍ ممكنةٍ في أثناء قيامه بهذا العمل، ويعود سبب ذلك إلى أن تصاميم جسمه خُلقت بشكلٍ يحقق سباحته في الماء بهذه السرعة، فطيور البطريق التي تتحرك في الماء كقارب سباقٍ هي أبطال سباحةٍ حقيقيةٍ بين الكائنات التي تعيش على اليابسة .
الحقيقة أن الله عز و جل خلق هذه الكائنات وجعلها مثلاً لحكمته، وقدرته ، وجماله، وعلمه.
خاتمة و توديع:
الأستاذ معتز:
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾
نتابع إن شاء الله هذا التفكر والتأمل في خلق مبدع هذا الكون، في حلقاتٍ مقبلة، في النهاية مشاهدينا، لا يسعني إلا أن أشكر فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة، في كليات الشريعة وأصول الدين، شكراً جزيلاً لكم، على أمل اللقاء بكم مشاهدينا في حلقات مقبلة.
والحمد لله رب العالمين
http://nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=5249&id=189&sid=799&ssid=811&sssid=1211