ندوات تلفزيونية - قناة الفجر - سنريهم آياتنا - الندوة 29-13 : علاقة العقل بالوحي ـ عالم الطيور1
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2009-09-03
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم، مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسعدني أن أتواصل معكم عبر هذه الحلقات من برنامج:"سنريهم آياتنا"، الذي يتناول الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة، كما يشرفني أن أستقبل دائماً فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين، أهلاً بكم.
الدكتور راتب:
بكم أستاذ معتز جزاك الله خيراً.
الأستاذ معتز:
أستاذ راتب، تحدثنا في حلقاتٍ سابقة عن محاور عدة كان أهمها العقل، بحيث قلنا: إن الإنسان هو عقلٌ يدرك، وقلبٌ يحب، ويبدو أن موضوع العقل بحاجةٍ إلى تفصيلٍ أكثر، وبدقة في محور علاقة العقل بالوحي، حبذا لو تحدثنا في هذا الموضوع.
علاقة العقل بالوحي:
الدكتور راتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحقيقة موضوع العقل موضوع دقيق وأساسي ومهم، وله دور كبير في إيمان المؤمن، وفي تدعيم قناعاته التي جاءته عن طريق الوحي، فأنت سألتني عن علاقة العقل بالوحي، الوحي من الله عز و جل، والعقل مقياس، لكن لو أردنا أن نبين واقع الناس في هذه العلاقة، هناك من اعتمد العقل كمقياسٍ واحدٍ كافٍ للمعرفة، وهناك من اعتمد النقل ، وهذا شيءٌ صحيحٌ وحقيقي كمقياسٍ واحدٍ للصحة، فالحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع، ولكن لابد من توضيح علاقةٍ بين الوحي والعقل.
بادئ ذي بدء: لا يمكن أن يكون هناك تناقضٌ بين العقل والوحي، لماذا ؟ لأن العقل مقياسٌ أودعه الله فينا، ولأن الوحي من عند الله عز و جل، كلاهما من الله، فالعقل مقياسٌ أودعه الله فينا، والوحي وحي الله عز و جل، كلامه، وعلماءٌ كثر يؤكدون حتمية توافق العقل مع الوحي مئة بالمئة، ولكن مع تطور الحياة، واعتداد الإنسان بعقله، وبعده عن حقائق الوحي، هناك من اعتمد العقل وحده، ومن اعتمد العقل وحده ضلّ، لماذا ؟ كي أوضح الحقيقة لابد من مثل، هذه العين، لو أنها في أعلى درجات الدقة، الإنسان أحياناً يفحص عينه عند الطبيب، فتكون في أعلى درجات الدقة، هذه العين لا قيمة لها إطلاقاً من دون نورٍ يتوسط بينها وبين المرئيات، بمعنى أننا لو وضعنا شخصين في غرفةٍ مظلمة، الأول أعمى والثاني بصير يستويان تماماً، فكما أن العين بحاجةٍ ماسة إلى نورٍ يتوسط بينها وبين المرئيات، كذلك العقل بحاجة ماسة إلى وحيٍ ينير له ما عجز عن إدراكه.
كلّ شيءٍ عجز العقل عن إدراكه أخبرنا الله به:
الحقيقة الأولى أن كل شيءٍ عجز العقل عن إدراكه أخبرك الله به، كيف ؟ أنا أحياناً أفتتح مكاناً لبيع الحاجات الغذائية، أشتري ميزاناً، وقد يكون الميزان غالياً جداً، باهظ الثمن، لأن فيه ميزات كبيرة، فيه ذواكر، فيه حساسية بالغة، لكن هذا الميزان على ارتفاع ثمنه، وعلى نوعيته العالية جداً، هو معد لحدود دنيا وقصوى، أي من خمسة غرامات لخمسة كيلو، هذه حدوده التي صنع وفقها، لو أردت أن أستخدمه لوزن سيارتي، وضعته على الأرض، وسرت فوقه أحطمه، هل معنى تحطيمه أنه غير صالح ؟ المعنى أنه محدود الاستعمال، كلفته فوق ما يستطيع، فتحطم، والعقل البشري في اللحظة التي تتوهم أنه صالح للمعرفة المطلقة، هذا خطأ كبير، العقل أحياناً يعجز عن إدراك شيءٍ غابت عنك ذاته، وآثاره.
الأستاذ معتز:
ولكن هناك من يعتبر أن العقل هو كل شيء ؟
العقل قبل النقل ومهمته التأكد من صحة النقل و فهمه و ليس حكماً عليه:
الدكتور راتب:
هذا خطأ، الإنسان كما قلت في حلقة سابقة هناك دائرة حسية، أداة اليقين بها الحواس الخمس، و دائرة عقلية، أداة اليقين بها العقل، العقل لابد من أن تعطيه شيئاً مادياً، لابد له من أن يرى شيئاً، أو أن يسمع شيئاً، أو أن يلمس شيئاً، أو أن يشم شيئاً، حتى يدرك، العقل مرتبط بالواقع، العقل مرتبط بالمادة، أما إذا أقحمته في الغيبيات، في موضوعٍ غابت عينه، وآثاره، لا يستطيع أن يتحرك ولا حركة، لذلك نحن في حلقة سابقة بينا هناك دائرة المحسوسات، أداة اليقين بها الحواس الخمس، هناك دائرة المعقولات، أداة اليقين بها العقل، وهناك دائرةٌ لا يستطيع العقل أن يقترب منها دائرة الإخباريات، أداة اليقين بها الخبر الصادق، فنحن حينما نبين أن هناك دائرة الإخباريات أعطينا العقل حجمه، أنا بدل أن أستخدم هذا الميزان الرائع الحساس الدقيق في وزن سيارتي، وقد حطمته، أنا أسأل الشركة ما وزن هذه السيارة ؟ والشركة المحترمة وضعت لوحةً على السيارة تقول: هذه ألف ومئتان وثمانون كيلو، إذاً الحقيقة الدقيقة أي شيءٍ عجز العقل عن إدراكه أخبرك الله به، العقل قبل النقل، للتأكد من صحة النقل، وبعد النقل لفهم النقل، أما أن يكون العقل حكماً على النقل هذا شيء مستحيل.
الأستاذ معتز:
في هذه النقطة بالذات هناك بعض غير المسلمين عندما يصبحون مسلمين يقولون إنهم استعملوا عقلهم ليتبينوا أن هذا هو الهدى من الله عز و جل، إذاً هو استعمل عقله بصدق، فوصل إلى نتيجة صحيحة.
من يستخدم عقله بصدق يصل إلى نتيجة صحيحة:
الدكتور راتب:
جيد، استخدم عقله في ضوء الوحي، فنجح العقل، أنا أقول لك مسألة رياضية، أقول لك الجواب هذا، فاستخدم عقلك، فإن جاء الحل وفق عقلك، وفق هذا الجواب، فعملك صحيح، بذلك الشرع هو مقياس.
وأنت حينما تعالج قضية، وتنتهي بالمعالجة إلى حكم يخالف الشرع معنى ذلك أن العقل لا يحسن العمل، لأن المقياس هو الشرع، الحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع، أنا حينما أقول: العمل الخيري قد أتوسل له بأي وسيلة، بشيء محرم مثلاً، يرصد ريع هذا الاحتفال إلى عملٍ خيري، هذا يخالف الشرع، لأن الشرع عنده قاعدة، الغايات النبيلة لها وسائل من جنسها، أما أن أتوسل إلى غاية نبيلة بوسائل غير نبيلة هذا شيء محرم، أنا حينما يأتي عقلي وفق منهج الله يكون العقل قد عمل عملاً صحيحاً، لذلك قال تعالى:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾
( سورة الشعراء )
والقلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوةً لا ترضي الله، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، فالعقل قبل النقل مهمته التأكد من صحة النقل، وبعد النقل مهمته فهم النقل، أما أن يكون العقل حكماً على النقل فهذا مرفوضٌ في الدين الإسلامي، إن الوحي هو من عند الله، من عند المطلق، من عند الخير المطلق، والحكمة المطلقة، والعلم المطلق، من عند القوة المطلقة، في ديننا الوحي من عند الله، والله كماله مطلق، فلا يعقل لعقلٍ أن يحكم بالنقل.
الأستاذ معتز:
هذا ينقلني إلى لذة استخدام العقل.
كلما ارتقت سعادة الإنسان من حسية إلى عقلية سما في مدارج الكمال:
الدكتور راتب:
الحقيقة أن الإنسان كلما هبط مستواه الإنساني تصبح لذائذه حسية، لكن كلما ارتقى في طريق الإيمان تصبح سعادته عقلية، أي إدراك عظمة الله، فهم كتاب الله، العمل الصالح، البذل، التضحية، الانضباط، يشعر بسعادة لا توصف، وهناك إنسان سعادته في الطعام والشراب، والملذات الأخرى، فكلما كانت السعادة حسية، هبط مستوى الإنسان، وكلما ارتقت سعادته من حسية إلى عقلية، سما في مدارج الكمال، هناك حقيقة دقيقة جداً، أنت أحياناً تسعد بطعام، تسعد بمنظر جميل، لكن الذي يبحث عن الحقيقة، كلما طالع كتاباً، كلما قرأ بحثاً، كلما توصل إلى حقيقةٍ، أي يفرح فرحاً لا يوصف، فاللذائذ العقلية رائعة جداً، الأنبياء عاشوا في بيئة محدودة جداً، النبي الكريم ما رأى شيئاً من العالم لكنه أدرك كل شيء، وصل إلى معرفة الحقيقة المطلقة، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً لدى الأخوة، العقل من أجل التأكد من صحة النقل، وبعد النقل من أجل فهم النقل، ولا يمكن للعقل أن يكون حكماً على النقل، لأن النقل هو الوحي، النقل هو الحق المطلق، النقل هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لذلك في العالم الإسلامي غير مقبول أن تبحث في النقل، لأنه وحيٌ من الله عز و جل، الدين ليس تراثاً، ليس منتجاً بشرياً، وحيٌ إلهي، والنبي ليس مصلحاً اجتماعياً، ولكنه إنسان يتلقى الوحي من ربه، ولقد أكّد لنا القرآن والسنة الكثير من هذه الحقائق.
الأستاذ معتز:
طالب الله عز وجل الإنسان أن يعبده عن طريق معرفته، عن طريق العقل يعرف الإنسان رب العالمين عز و جل، فما دور الشرع أيضاً ؟
الإنسان بالعقل يعرف الله وبالشرع يعبده:
الدكتور راتب:
الإنسان بالعقل يعرف الله، وبالشرع يعبده، أنت حينما تتقرب من إنسان، وتعرفه حق المعرفة، وتُأخذ بأخلاقه العالية، وتحب أن تكون قريباً منه، ماذا تفعل ؟ تبحث عما يرضيه فتفعله، وعما يغضبه فتبتعد عنه، هذا أيضاً من حكمة الإنسان، الإنسان بالعقل يعرف الله، لأن الله عز و جل غابت ذاته، وبقيت آثاره، آثار الإله العظيم نراها بأعيننا، الكون، الكون مظهرٌ لأسماء الله الحسنى، وصفاته الفضلى، ولكن العقل يدرك من خلال الأثر عظمة المؤثر، من خلال التسيير عظمة المسير، من خلال الحكمة عظمة الحكيم، من خلال القوة عظمة القوي، فنحن بالعقل نتعرف إلى الله، هذا الكون معرضٌ لأسماء الله الحسنى، وصفاته الفضلى، هذا الكون قرآنٌ صامت، والعقل يقرأ في هذا الكون، وأي إنسان يقرأ بهذا الكون، فلذلك المعرفة العقلية الصادقة، الهادفة، بالعقل الصريح تتوصل إلى معرفة الله عز و جل، وسيدنا خالد بن الوليد حينما تأخر في إسلامه، عاتبه النبي قال له: يا خالد أرى لك فكراً، ما معنى هذا الكلام ؟ أي العقل من لوازمه أن يؤمن بالله عز و جل.
الأستاذ معتز:
حتى في قول اعقل وتوكل، هناك مطالبة بأن نتجه إلى العقل أولاً ومن ثم نقوم بأي شيء ؟ بالتوكل على الله عز و جل.
العقل يقتضي أن آخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم أتوكل على الله وكأنها ليست بشيء:
الدكتور راتب:
لعل اعقل هنا، بالأخذ بالأسباب، قال له: أأعقلها أم أتوكل ؟ أي ناقةٌ تركها صاحبها على باب المسجد، قال: يا رسول الله أعقلها أم أتوكل ؟ قال: اعقل وتوكل، أي اربط الناقة وتوكل، وهذا تحدثت عنه في لقاءات سابقة حينما قلت: العقل يقتضي أن آخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وأن أتوكل على الله و كأنها ليست بشيء.
الأستاذ معتز:
أعتقد أننا وصلنا إلى فقرة المادة العلمية وما زلنا في عالم الحيوان.
إقلاع الطيور من أعظم الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل:
الدكتور راتب:
لكن نحن الآن تركنا التمويه إلى عالم الطيور، والطيور من أعظم الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل، وسوف نرى كيف يقلع الطائر ؟ وكيف أن موسوعةً في الطيور أقتنيها كُتِبَ في مقدمتها: إن أعظم طائرة صنعها الإنسان لا ترقى إلى مستوى الطير، في هذا المشهد نبحث عن طبيعة كل طيرٍ من الطيور، لنرى معجزة خلقه وحده، وخصائصه المدهشة، ربما كان الحمام أكثر الطيور التي يقابلها الناس في حياتهم اليومية، عندما نراقب عن كثبٍ هذه الكائنات الصغيرة التي لا تشد انتباه أحدٍ تظهر لنا معجزة الخلق، ولكي نرى هذه الحقيقة فلندقق في كيفية إقلاع الحمام من الأرض إلى الهواء، ولنشهد هندسية تصاميمه الكاملة، لعل الطائرات أخذت من الحمام، تقفز الحمامة أولاً باتجاه الأعلى لحظة انفصالها عن الأرض، ترفع جناحيها ثم تميل إلى الأمام قليلاً، وتعلو بحيث تستطيع التقدم في الجو، أما الطيور التي هي أكبر من الحمام، فلا تستطيع فعل هذه الحركة الصعبة أكثر من مرتين، وإذا كان الطائر كبيراً، فلا يستطيع فعل هذه الحركة أبداً، لذلك كان لها تقنياتٌ خاصةٌ في الإقلاع مختلفة، على سبيل المثال الإقلاع تدريجياً في ميدانٍ طويل، وهذه هي الطريقة التي تستخدمها الطائرات، اللحظة الأولى من الإقلاع هي أصعب مرحلةٍ بالنسبة لعامة الطيور، ثم تحلق بسهولةٍ تامةٍ في الفضاء، ما الذي يؤمن للطائر تحلقه في الجو بعد إقلاعه أول مرة؟ الجواب يكمن التصميم الهندسي الكامل الموجود تحت جناحي الطائر، فالقسم الخلفي لجناح الطائر ينثني للأسفل قليلاً، يصدم الهواء المار من أسفل الجناح بهذا الانثناء فينضغط، وبهذا يرتفع الطائر باتجاه الأعلى، أما الهواء المار من القسم الأعلى للجناح، فيدفع القسم الأمامي في الجناح للأعلى، ويقل ضغط الهواء الذي فوق الجناح، مما بجذب الطائر إلى الأعلى، سبحان الله على الإتقان، إذا كان هناك مجرى هواء كافٍ، فقوة الجاذبية المتكونة فوق الجناح، وقوة الرفع تحت الجناح، كلتاهما تكفيان لتعلق الطائر في الجو، يستطيع طائر الباتروس البقاء في الجو لساعاتٍ باستخدام الرياح الصاعدة فقط دون أن يرفرف بجناحيه، أما بعض الطيور فتكون بنفسها تيار هواءٍ، هذا التيار يلزم أن يكون تحت جناحها، لهذا ترفرف بالجناح، كأن الطائر يجدف بها في الهواء، وفي أثناء رفع جناحيه إلى الأعلى يضم نصفه باتجاه الداخل، وهكذا يقلل كما نرى من احتكاك الهواء، ويفتح جناحاه بشكلٍ كامل عندما ينزلان باتجاه الأسفل، وتتداخل الأرياش بعضها في بعض في كل حركة، ولكن يبقى القسم الأسفل أملس رغم تغيير حركة الجناح في كل لحظة، سبحان الله مشاهد مؤثرة جداً.
الطيور أعطت الناس الأسوة في صنع الطائرات في كل زمان:
إن أشكال أجنحة الطيور وأرياشها كاملةً في الديناميكية الهوائية، هذه البطة بفضل بنيتها الديناميكية الهوائية الرائعة تُرى كأنها تحلق في الهواء ببطءٍ، رغم طيرانها بسرعة تقدر بسبعين كيلو متر في الساعة، أجنحة الطيور المختلفة، أعطت الناس الأسوة في صنع الطائرات في كل زمان، بعض الأجنحة قصيرةٌ ومتينةٌ للمناورات المتتابعة، وبعض الأجنحة ضيقةٌ وحادةٌ للطيران السريع، وبعض الأجنحة طويلةٌ وواسعةٌ للطيران في ارتفاعٍ عالٍ، وبعض الأجنحة طويلةٌ وضيقةٌ للتحليق قي الجو بسهولة، الله تعالى خلق في جسم كل طائرٍ أكمل أنظمة الطيران، وكل بحسب حاجته، بعض الطيور تطير أشهراً تأكل، وتشرب، وتنام في الجو، الصقور تنقض على فريستها بسرعة ثلاثمئة كيلومتر في الساعة، العقاب لا يطير لإيجاد طعامٍه فقط بل لإثبات قوته أيضاً، الصراع بين هذين العقابين ليس مشاجرةً، بل هو مسابقةٌ في الشجاعة، والمهزوم هو الطائر الذي يسقط على الأرض أولاً، نبقى مع مشهد الطيران الرائع هذا، سبحان الله ينقض بسرعة ثلاثمئة كيلو متر في الساعة، وفي كل شيءٍ له آية تدل على أنه واحدٌ.
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ﴾
( سورة الملك الآية: 19 )
أعظم طائرةٍ صنعها الإنسان لا ترقى إلى مستوى الطائر:
نحن بالكون نعرفه، وبالشرع نعبده، مخلوقاتٌ كما قلت لك قبل قليل: عندي موسوعة في الطيور، كُتب في مقدمتها إن أعظم طائرةٍ صنعها الإنسان لا ترقى إلى مستوى الطائر.
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾
( سورة لقمان الآية: 11 )
هناك طيور تطير ستة وثمانين ساعة بلا توقف، وتقطع مسافة تقترب من عشرين ألف كيلو متر، من أقصى شمال الأرض إلى أقصى جنوبها، مشهد من مشاهد السباق بين الطائرين.
خاتمة و توديع:
الأستاذ معتز:
جزاكم الله خيراً، تحدثنا في هذه الحلقة عن العقل وعلاقته بالوحي، وقلنا: إننا بالعقل نعرف الله عز و جل، وبالشرع نعبده، كما قدمنا مادةً علمية عن الطيور، في نهاية هذه الحلقة لا يسعني إلا أن أشكر فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة، في كليات الشريعة وأصول الدين، شكراً جزيلاً لكم مشاهدينا على أمل اللقاء بكم في حلقةٍ قادمة.
والحمد لله رب العالمين
http://nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=5244&id=189&sid=799&ssid=811&sssid=1211