بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم..
قبل أن أتحدث عن السنة الربانية لهذه الحلقة سأقدم لها بمقدمة لأن أهل الحق وأهل الخير سيفاجئون بها لو لم يكونوا مستعدين لهذه السُنة وسيحدث لهم نوع من الصدمة والخدعة، ونحن في "خدعوك فقالوا" نكشف هذه الخدعة عن طريق سُنة اليوم. عندما خلق الله الانسان وضع فيه الخير والشر وكأن الله تعالى جعل الآية الكريمة: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} محفوظة في قلوب جميع الناس بدءًا من الأطفال.. فألهمها: أي أودع فيها وخلقها.. في الجِبلة، في الفطرة.. ثم بعث الله الأنبياء حتى نعرفه ونعبده وما هي الأخلاق التي يجب أن نتصف بها، ويخبروننا عن الآخرة، وكيف نصل إلى رضا الله، حتى يُغلّبوا جانب الخير عندنا على جانب الشر.. بعد ما جاء الأنبياء انقسم الناس إلى من هو شهوته أقوى منه، وحبه لذاته أكبر من حبه لربه، وسعيه للسعادة العاجلة ولو كانت عن طريق الحرام أهم من سعيه لرضا الله عز وجل، فتسرّع.. ومع تسرعه اقترف الحرام وغلّب شهواته ورغباته على رضا الله.
وهناك من أحب الله تعالى أكثر من نفسه.. وعندما نقول أن أناس أحبت الله، فذاك معناه أنها أحبت الله وأوامر الله.. أحبت الحق الذي يريد الله أن يراه في الدنيا، أحبت الخير الذي يريد الله أن يراه منتشرًا على أيدينا، أحبت الاحترام الذي يحب الله ان يراه في أخلاقنا، أحبت الصدق الذي يحب الله أن يراه في تعاملاتِنا.. وأخذوا عهد على أنفسهم بأنهم سيعيشون بالله ولله ولنشر أوامر الله والخير الذي يحبه الله تعالى.. وعندما بدأوا في نشر هذا الخير اصطدموا بحقيقة وهي: أن أهل الخير وأهل الحق في الغالب هم القلة.. فوقف بعضهم يتسائلون: هل من المعقول أن يكون كل هؤلاء على خطأ ونحن فقط الذين على صواب؟!! فوقف الذين فهموا السنة الربانية وقالوا لمن يتشكك: الله ينصر أهل الحقِ ولو كانوا قلة. من يريد فعل الخير في الدنيا وأن يعيش لنصرة الحق سيجد من يقاومه، وقد ينسى أن الله هو الحق المبين، وعندما تثبت على الحق فأنت هنا تنصر الله، ومن ينصر الله ينصره [وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ] {الحج:40}
لو أنك ثابت على الحق الذي تنصره والخير الذي تنشره فأنت سبب بقاء الدنيا. فقد قص الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم في "سورة هود" قصص لأنبياء كُثر كانوا قلة ولكنهم ثبتوا ونصرهم الله على أقوامهم، فقال الله للنبي: [فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ * فَلَوْلَا كَانَ مِنَ القُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ] {هود:112-117}
فلولا أن هناك من ينشرون الخير وينهون عن الفساد في الأرض لكان الله أهلك القُرى.. لولا أن هناك بقية محترمة تنشر الخير والأخلاق والروحانيات واعمار الأرض والاتقان لكان الله أهلك القُرى كلها.. فسنة اليوم هي القانون الثابت: أنك لست وحدك والله معك.
اعلم أن أحد مداخل الشيطان هي أن يشعرك بأن الكثرة هي الأصح.. فالشيطان يقول لله تعالى: [ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ] {الأعراف:17} أي سآتيهم من كل جهة وأوسوس لهم حتى يكون الأغلبية متقاعسين عن نشر الخير وعمل ما أمرهم الله به، فلو وجدت أن الأغلبية هكذا فلا تنكسر أو تضعف لأن الله معك، والذي معه الله ستجد أن الدنيا كلها معه.
قصة طالوت وجالوت والسنة الربانية
ظهرت هذه السنة في قصة طالوت وجالوت.. كان بني إسرائيل بعد سيدنا موسى يريدون أن يحاربوا أهل الشر فطلبوا من نبي من الأنبياء أن يُخرج لهم ملِك ليحاربوا معه، فاستجاب الله لهم وأخرج لهم ما أرادوا.. ولكن غالبًا ما تجد أن أهل القول كُثر، إنما أهل الفعل من الصالحين قد يكونوا هم القلة.. فيبين الله ذلك في الآيات بأن أهل الخير يتضائل عددهم ويبقى الثابت منهم، الواعي للسنة الربانية فلا يصطدم.. [أَلَمْ تَرَ إِلَى المَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {البقرة:246-247} ثم قال الله: [فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ] {البقرة:249}
أنا عبد رباني.. أريد أن أعيش في هذه الدنيا ابتغي رضا الله ولو كنت وحدي.. مستأنس بالله ولو كنت وحدي.. فالله ينصر أهل الحق ولو كانوا قلة.
سر كلمة "حسبي الله ونِعم الوكيل"
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلامُ غريبًا وسيعودُ غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء.. قيل: ومن الغرباء يا رسول الله، قال: الذين يُصلحون ما أفسد الناس)، وكأنه يتحدث عن نفسه عندما كان يتعبد وحده في غار حراء، عندما بدأ ينشر الخير ويُعادى.. وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة غالية نستخدمها عند اللجوء إلى الله والاستعانة به في أوقات ولحظات الضعف وهي: "حسبي الله ونعم الوكيل" فيقول عنها النبي: (حسبي الله ونعم الوكيل كلمة قالها إبراهيم حين ألقوه قومه في النار، وقالها المؤمنون حين قال لهم الناس: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فعندما وضِعَ سيدنا إبراهيم عليه السلام في المنجانيق ليُقذف في النار قال: "حسبي الله ونعم الوكيل" فنزل إليه جبريل عليه السلام ليسأله إن كان له حاجة يطلبها، فرد عليه سيدنا إبراهيم: "أما لكَ فـ لا، وأما إلى الله فعلمه بحالي يغنيني عن سؤاله" فكان وحده ومع ذلك نصره الله.. [قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ] {الأنبياء:68} [قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ] {الأنبياء:69} هم أرادوا أن يحرقوه وهم الأكثرية، والله الواحد الأحد أراد له السلامة.. فاثبت على الخير والحق وعلى كل قيمة وروحانيات تحافظ عليها، فإن الله معك.. اثبت ولا تغتر بالأكثرية، فأهل الحق هم القلة دائمًا ولكن الله ينصر أهل الحق ولو كانوا قلة.
قالها سيدنا خالد بن الوليد يوم غزوة اليرموك، التي خاضها المسلمون دفاعًا عن القيم والمبادئ ونشرها.. كان عدد جيش الرومان وقتها يقدر بحوالي 250000 ضد 36000 مسلم.. فكان عددهم يزيد 10 أضعاف عدد المسلمين.. فقالوا: "ماذا ترى يا خالد؟" فقال خالد بن الوليد: "والله إن كنا نقاتلهم بالكثرة والقوة، فهم أكثر منا وأقوى علينا، إنما نقاتلهم بالله ولله، فما أرى أن جماعتهم لو كانت أهل الأرضِ ما أغنت عنهم شيئًا"
قصة كريم
الله عز وجل ينصر القلة، وهذا ما حدث مع كريم.. هو أحد موظفي وزارة البترول، بدأ في فكرة قبل ثورة 25 يناير، وكانت مبادرته تحت شعار "لا للظلم" عندما رأى أن المدراء يتقاضون رواتب بعشرات الآلاف أو أكثر في حين أن الموظفين البسطاء لا يتقاضون سوى الفُتات.. لماذا تُصدر بلدنا الغاز لإسرائيل وهناك من يتقاتل في الطوابير من أجل أنابيب الغاز..؟! فبدأ كريم في عمل اعتصامات ليقول "لا" ونحن نطالب بحقنا كمصريين، كمواطنين، ونتساوى بهؤلاء، ونحيا حياة كريمة كالبشر، فاجتمعت ضده رؤساء الوزارة وإداراتها بما فيهم الوزير شخصيًا، ورُفعت ضده قضية يُرافع فيها عدد كبير من المحامين، وهو وحده ومعه صديقه المحامي وتحققت فيه سُنة " الله ينصر أهل الحق ولو كانوا قلة "
يقول كريم: اتُهِمَت بتهمة تحريض عُمال الشركة على الاضراب ودعوة المواطنين لعدم دفع فواتير الغاز احتجاجًا على تصديره لإسرائيل بسعر مُتدني، أقل مما يُباع به للمواطن المصري، فأتيت بصديقي المحامي الذي اهتم بالقضية، وخضت المعركة.. ولقد فوجئت بحكم تاريخي من المحكمة لم أكن أتوقعه هو: " دعوة عدم تصدير الغاز إلى دولة معادية لهو من الأمور التي يجب أن يُكافئ من يدعوا له لا أن يُعاقب، وأن ما فعله المتهم ليعتبر من الأعمال الوطنية الغير مجرمة " وحُكمَ لي في النهاية بالبراءة!!
يستكمل كريم قائلًا: حضر يوم الجلسة 30 محاميًا ضدي من الوزارة ومن الشركة.. ولكنني مؤمنًا بأن مقاومة الفساد هو شكل من أشكال الجهاد في سبيل الله، وأعلم أن الله سوف يكافئني وقد أنتقل إلى وظيفة أفضل مما أنا عليه، وهذا هو الدافع الذي يعطيني القوة للاستمرار..
عندما رأيت كريم وكان في قضية وخصمه قد عيَن اثنى عشر محامياً، وقد أتى هو وصديقه المحامي ونصره الله، وحكم له القاضي بأنه لا يضر الشركة ولكن يتحدث بحديث يعادي به دول صديقة مثل إسرائيل، فإذا بالقاضي يقول كلاماً عكس ما هو متوقع منه، فيقول أن هذا عمل وطني ويحكم له بالبراءة لأنه إنسان وطني، ضد الشركة ضد الوزير، في قضية خصمه فيها يدافع عنه 30 محامي! هذا لأن الله معه، وعندما رأيته تذكرت الآية الكريمة [وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] {الأنفال:26} كان خائفاً أن تتخطفه أيادي الظلم ولكن الله حيٌ لا يموت سبحانه وتعالى ينصر أهل الحق ولو كانوا قلة.
ومن هنا أقول لكم أن هذا ما حصل في الثورات، فعندما تنظر إلى ثورة مصر أو ثورة ليبيا –أنجاهم الله- أو ثورة تونس أو اليمن، فأنظر كيف ينصر الله القلة، فمثلاً الشباب في مصر الذين حضروا جمعة الغضب كانوا شباب عزل بدون سكين أو مطواة أو عصي، كل ما كان معهم هو البيبسي أو الكوكاكولا لإزالة آثار القنابل المسيلة للدموع، شاب ذاهب إلى ميدان التحرير ومعه بيبسي لمقابلة القنابل والقناصة والبلطجية الذين يلقون بالرخام المكسور فيكسر الرأس إذا نزل عليها، وتيل الفرامل الخاص بعربيات النقل شيء مرعب، وبالنهاية كما رأيتم تقول الآية الكريمة [إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ] {آل عمران:160} لهذا يجب أن تثبت فالله ينصر أهل الحق ولو كانوا قلة، على فكرة ليس ضرورياً أن ينصر الله أهل الحق لأنهم يعادون أحداً ما، فقد ترغب مثلا أن تنشر خيراً فيساعدك الله لنشر هذا الخير، إذا أردت أن تدعو أحد ما إلى القرب من الله أو أردت أن تغير شيئاً ما إلى الأفضل في الوسط الذي توجد أنت به أياً كان هذا الوسط فسيعينك الله أيضاً.
البداية.. مسجد بكلية الزراعة
في الثلاثينات لم تكن توجد مساجد بالجامعة، وفي كلية الزراعة ذهب أحد الطلبة ليصلي فلم يجد مسجداً ولكن وجد غرفة تحت الأرض مثل القبر يصلون بها، وعندما نزل وجد السجاجيد متربة والحصر مقطوعة ووجد عاملاً يصلي، فسأل الطالب عن طلاب الجامعة ألا يأتون للصلاة فقال لا، وسأله الرجل أن يصلي معه فرفض أن يصلي الطالب في هذا الغبار، وصعد وأذن في وسط الجامعة ووقف ليصلي، فأخذ الناس يهزئون منه ويقولون أنه يمثل دور الشيخ، وبعد عدة أيام توقفوا عن الاستهزاء به وبدأوا يطلبون منه الدعاء لهم، وبعد ذلك بفترة وقف معه طالبين وبعض العمال، بعدها وقف معه أستاذ بالجامعة فاستدعاهم العميد ليقول لهم أن ما يفعلونه وسط الجامعة لا يجوز وأنه سيبني لهم غرفة مناسبة بدلاً من القبو وكانت هذه الغرفة بكلية زراعة، كانت نواة لإنشاء مسجد بكل الجامعات المصرية والتي شعرت بالغيرة لإنشاء مسجد بكلية زراعة، شاب.. أنا لا أعرف اسمه ولكن بالتأكيد يعرفه الله سبحانه وتعالى، وكان وحده وصلى بمنتهى الأدب دون أن يضايق أحداً ما، بدون إرهاب أو استهزاء بأي أحد، كل ما أريده هو أن أصلي، وبنيت هذه المساجد كلها على شرف هذا الإنسان الثابت وحده، ولكن سنة الله أن الله ينصر أهل الحق ولو كانوا قلة.
حوار مع الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل
أ. مصطفى: ضيف اليوم معنا هو أستاذي الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل.. أهلاً وسهلاً بحضرتك، - لدي اليوم سؤال أسأله من صدور الكثير من الناس وقد يكون هذا السؤال صادم قليلاً ولكن الحقيقة دائمًا ما تكون صادمة.. لقد خلق الله الدنيا بالحق فالله عز وجل هو الحق، وقد طلب منا الله أن ننصر الحق وكان الطبيعي أن يساعد الله الناس الملتزمة بالحق، فعندما ننظر إلى التاريخ دائمًا ما نجد أن أهل الحق هم قِلة، فما هي حكمة الله من وراء ذلك، بالرغم أنه من الطبيعي أن يكونوا كثرة ويكون الحق هو السائد؟
الشيخ حازم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، هناك خلق آخر غير البشر فهناك الملائكة وهناك بقية المخلوقات ولو أن المسألة بالكثرة فهذه المخلوقات بإجماعها وليس بكثرتها عابدة لله سبحانه وتعالى وقانتة، وبالتالي عنصر الكثرة ليس المقصود به هنا الجنس البشري لأنه متحقق في أجناس أخرى، وأنت تعلم أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق كمعرض لأسماء الله الحسنى ليظهر اسم الله عز وجل، فمثلاً إذا أردت أن تتكلم عن الغفور فالملائكة ربما مجبولة على أنها لا تعصي الله، وبالتالي الكثرة موجودة عند غيرك أما أنت فالعكس فالمطلوب منك أن لا تفتتن بكثرة العصاة وأن لا تفتتن بكثرة الضالين لأنه إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله، فالملك في وسط ملائكة كلهم طائعون الحيوان في وسط حيوانات كلهم طائعون النبات في وسط نباتات كلها طائعة، إنما فتنة أن يكون الإنسان على الحق وحوله أكثرية على الباطل ومع ذلك يثبت على عبادة الله فهذا من خصائص الجنس البشري، فمن أجل هذا كان المنطقي مع خلق البشر أن يكون أهل الحق قلة ليثبتوا برغم الكثرة الخارجة.
أ. مصطفى: وكأن حضرتك تريد أن تقول أن من أحد أنواع الابتلاء الذي نعيش به والملاصق لطبيعة الدنيا أن أهل الحق قلة.
الشيخ حازم: لأنك اخترت الله بالرغم من أن غالبية من حولك اختاروا غير الله ومع ذلك أعليت شأن الله وآثرت الله ولم تقع في فتنة أن تتبع الناس، ولذلك يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- (لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم) فقد نبهنا الله فقال أولاً [وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ] {يوسف:103}، وثانياً [وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ...] {الأنعام:116}، وثالثاً [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] {يوسف:106}، هذه هي الفتنة التي من أجلها جبلت على أن تؤثر الله وإن كان المال مع غير المؤمنين وكذلك كانت الكثرة مع غير المؤمنين، ولذلك فكلمة الأقلون والأكثرون في الدنيا مختلفة عنها في الآخرة، فالمكثرون في الدنيا ربما هما الأقلون يوم القيامة والعكس، بمعنى أني قد أكون في الدنيا ضمن القلة، فتصور عندما خرج موسى عليه السلام خائفاً يترقب، كان الوضع كله هو فرعون الوضع كله كان جند فرعون الوضع كله تشريفة فرعون وإعلام فرعون مجتمع فرعون والملأ من قوم فرعون وكان موسى وحده، فكونه لم يفتتن بهذه الوحدة ويظل ثابتاً ويخرج خائفاً يترقب وهو يومئذ خير خلق الله، ومع ذلك كان ظاهراً على الحق ولذلك يقول القول الكريم (الجماعة أن تكون على الحق ولو كنت وحدك)، فالمسألة أن لا تجعل الكثرة العددية هي من يفتنك.
أ. مصطفى: دعنا نتكلم عن حياتك، هل هناك موقف كنت وحدك به أو كنتم قلة ونصركم الله؟
الشيخ حازم: لقد حدث هذا كثيراً، فهناك موقف حدث بميدان عام فكان هناك شخص ما ظُلِم فذهب إلى قسم الشرطة ليسجل أنه ضرب وجُرِح، ومن ضربه كان ركاب أتوبيس بالكامل، ليس أتوبيس نقل عام بل خاص فقدم بلاغاً ضدهم فكانت النتيجة انه لم يجد معه ولا حتى شاهد واحد، فكتب المحضر بسذاجة فكانت النتيجة أن الآخرون جاءوا بشهود زور فحكم لهم بالبراءة وحوكم هو بتهمة البلاغ الكاذب وحكم عليه بالحبس، إلا أن الله سبحانه وتعالى أراد أن تحدث مقابلة وتذكرنا الواقعة فوجد شاهداً، فكان هذا الشاهد هو المنقذ وكان وحده وسط هؤلاء الناس، بالطبع هذا من الممكن أن يحدث كثيراً.
أ. مصطفى: هل هناك مشاعر سلبية تظهر عندما يكون الشخص وحده وهو على الحق، فيأتيك سؤال طبيعي جداً وهو هل جميع الناس على خطأ وأنا على صواب؟ وماهي نصيحتك لنا لكي نحافظ على أخلاقنا سواءاً في العمل فلا نكذب، وأن نكون جيراناً محترمين قريبون من جيرانهم، عندما يعطى الشخص مشاعر سلبية فكيف يثبت؟
الشيخ حازم: إذا كان الشخص سينتظر حتى تأتي المشاعر السلبية ثم يفكر كيف يواجهها فسيكون أقرب للإنهزام ولكن هي سنة الله في دين الله عز وجل بأن يجهز نفسه سلفا،ً تماماً مثل تلقي المصيبة أو تلقي الخبر بموت عزيز أو غيره، فلا يجوز أن تنتظر حتى يأتي الخبر فمن المفروض أن تهيء نفسك سلفاً للتلقي.
لقد أخبرنا الله عز وجل سلفاً أننا سنجد أن الكثرة ليسوا على الحق، فبمقدار ما أنت رجل مسلم حقاً يجب أن تجهز نفسك مسبقاً، لأنك لن تجد الكثرة معك بل ستكون مواجهاً لهم، فمثلاً قرأت أن سيدنا لقمان قال لإبنه: وأمر بالمعروف وانهى عن المنكر ولذلك لابد أن أتعجب، كيف آمر إبني الذي عمره سبع أو ثمان سنوات أو حتى عشر سنوات أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فأجد تربوياً أنه لا يمكن للإبن الذي تربى جيداً بالمنزل أن ينجرف مع تيار المدرسة والذي يحتوي مثلاً على تلامذة غير محترمين، فلا يمكن ألا يتأثر بهم إلا إذا هيأته سلفاُ قائلاً أن لك دور تجاه المنكر إذا ظهر بأن تقول لصاحبه لا، لاتفعل الشيء الفلاني، فأنت تحصنه مسبقاُ، فلو وجد أن جميع الطلاب يشربون السجائر مثلاً فهو أصلاً مهيأ أمام إنحراف الكثرة بأنه ليس معهم.
الحقيقة أنك تسألني عن تجربتي الشخصية، لقد مررت بهذه التجربة بالظبط، تجربتي الشخصية كانت لما لم أهتز ولو مرة واحدة أمام أي نوع من الانحرافات التي كانت موجودة بالمدارس وقتها؟ وذلك بفضل والدي رحمة الله عليهما، وكذلك لأنني أعلم سلفاً فقد أخبرني بهذا القرآن نبهني القرآن لأن آخذ حذري لأنني عندما سأخرج للمجتمع لن أجد معظم الناس على الصواب، ولذلك في قصة سيدنا نوح عندما وجد أن الأكثرية ضده وإنما كان الأساس هو التحصين نفسه يقول المولى عز وجل [... إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ] {هود:38} هذه الإجابة عجيبة جداً، لأنه يقول علام تسخرون منا إننا على صواب في كذا وكذا وكذا، ولكن التحصين أتى من قوله لهم إنكم إن تسخرون مني لأنكم جمهور وأنا شخص واحد فقط فاحذروا لأننا نسخر منكم كما تسخرون.
أنا أتذكر أحد الدعاة الطيبين كان يهاجم السينما على المنبر فسألوه إن كان رأى السينما قبل أن يهاجمها هذا الهجوم فقال لا لم أرها بعد، كان هذا في الثلاثينيات وعندما ذهب الشيخ إلى السينما أخذ يشاهد الفيلم حتى حان موعد صلاة المغرب فوضع الشال الذي كان يلبسه وصلى المغرب، فترك الناس مشاهدة الفيلم وبدأوا ينظرون إليه ويقولولون انظروا إلى الرجل الذي يصلي المغرب في السينما، فلما انتهى نظر إليهم وقال انظروا إلى الناس الذين لم يصلوا.
وعندما دعا الرسول –صلى الله عليه وسلم- في قريش فهناك بعض من استجاب إلى الدعوة ووجد أن علية القوم هم الكفرة وأن من أسلم هم الناس الأقل منزلة وكذلك الشباب الأصغر سناً ولو كانوا أثرياء، ونبي آخر قيل له [...وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ...] {هود:27}، فالفكرة أن الثقة هنا تأتي من البراهين ولذلك طرح القرآن فكرة أن الموقف الصحيح ليس بالكثرة وقال تعالى [...إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا...] {يونس:68}، أي هل عندكم برهان أو كتاب تخرجونه لنا، فاستبدل الله الكثرة العددية بفكرة البرهان والحجة والصواب.
بعث عمر بن الخطاب لأحد أمراء الجيوش يقول له أنه معك أربعة آلاف شخص ولقد بعثت لك بأربعة آلاف آخرين ليصبح العدد الكامل ثمانية آلاف، وبعثت لك أربعة أشخاص الواحد منهم بألف ليصبح العدد اثنى عشر ألفاً ويقول عمر له أيضاً لقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم- (لن يغلب اثنى عشر ألفاً من أمتي من قلة) الذي أتعجب له أنك يا عمر تستدل بالحديث أن معه اثنى عشر ألفاً أي أنك اعتبرت أن كون الواحد بألف هو عدد حقيقي؟! وليس مثلاً أو إشارة أن هؤلاء الأربعة من العظماء ولكن إنك فعلاً حسبت العدد الكامل باثنى عشر ألفاً، إن الفكرة أن الواحد قد يتحول بالفعل إلى ألف قال تعالى [إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ...] {النحل:120}، وكما قالت الآية الكريمة أيضاً [... إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا...] {التوبة:25}، وانتهى الأمر فعندما وجدوهم قلة فالمنافقون والذين في قلوبهم مرض والكفار قالوا [... غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ ...] {الأنفال:49}، أي هل هؤلاء من سيغلبوننا لأنهم وجدوهم قلة، ولكن دائماً ما يأتي التمكين لدين الله من البناء الداخلي للفرد، فأنت تعرف أنه كان هناك صحابة كانوا في البداية بعشرة أفراد [...إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ...] {الأنفال:65}، ولكن بعد هذا فمن نفس هذه الفئة يبدأ التخفيف فيغلب المئة مئتين فقط.
أ. مصطفى: وبالتالي خلاصة ما قلته فضيلتك أن الفرد يجهز نفسه مسبقاً أن الطبيعي أن الحق مع القلة وليس الكثرة بحيث أنه إذا حصل موقف شعر به الفرد أنه لوحده أو أن من على الحق قليل فلا يُصدم لأن هذا ليس بالشيء الجديد، بل شيء نرتب عليه أنفسنا مسبقاً قبل حدوث أي موقف، بأن الله دائماً معك وأن يكون هذا هو القانون الخاص بك، جزاكم الله خيراً يا مولانا.
الله ينصر أهل الحق ولو كانوا قلة، فأنت لست قلة ومعك الله سبحانه وتعالى، ولو أن الله معك فإنك تملك الدنيا كلها ومعك ملائكة الله تعالى التي تدعو لك ومعك قلبك المملوء بالفطرة السليمة التي تقول [...وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] {البقرة:284}، فاثبت على الحق ولو كنت وحدك.
فقرة الأخبار.. مع الداعية/ عمرو مهران
أ. عمرو: معنا خبر من جريدة OC weekly الخبر يقول: أن ديزني لاند تسمح لعامليها بإرتداء زي الحجاب وبتغيير الزي الرسمي في حدود المسموح.
إن ديزني لاند من أكبر المؤسسات الحازمة جداً بنظامها، وقد قاموا بعمل المقابلات لتعيين موظفين جدد، وتقدمت أحد السيدات الأمريكيات وكانت كفاءتها عالية وقبلت وأخذت الدورة التدريبية وانتهت وجاء وقت تسليم الزي الرسمي فأخبرتهم أن لديها تحفظ على هذا الزي وأنها ستلتزم بالألوان ولكن ستغير الشكل فرفضوا رفضاً تاماً، وأخبروها أن لديها اختيارين إما أن تترك العمل أو أن تنقل إلى مكان آخر لاستقبال المكالمات ولكن دون تعامل مع الجمهور.
قامت هذه السيدة بهذا الأمر لأنها مسلمة محجبة وتريد إرتداء حجابها ولكن هذا الزي لن يناسبها، وهذه الشركة حازمة جداً ولا يقبلون بغير الزي المخصص وكان هناك الكثير غيرها من المسلمات اللاتي رفضن هذا الزي ولهذا السبب لم يقبلوا أو يعينوا بالشركة، ولهذا تضايقت جداً من هذا النظام وسخر لها الله عز وجل منظمة أمريكية اسمها كاير وأخذت هذه المنظمة على عاتقها نصرة هذه السيدة، بهذا كان الله يجند لها الجنود فرفعت هذه السيدة دعوى ضد ديزني لاند، وقدّر الله أن يُحكم لها في هذه القضية، وأن حيثيات هذه القضية كانت شيئين، أولاً أن عقيدتها لا تسمح لها بفعل هذا، وثانياً أنها ترغب بالمحافظة على مستقبلها الوظيفي، فمن حقي مع قوانين عقيدتي أن أكون في هذا المكان وأن لا يجبرني أحد على شيء ما فحكم لها، وتم عقد اتفاق بينها وبين ديزني لاند أن كل من يأتي من بعدها ولديه نفس المعتقدات والحيثيات سيقبل وسيعمل هناك، ففتحت باب الخير لغيرها، فلا يضيع حقٌ وراءه مطالب.
- الخبر الثاني من جريدة دوش بيجل، وهي جريدة ألمانية تتكلم عن مواطن ألماني مسلم
يقول الخبر: محكمة ألمانية تقضي بحق مسلم رفض التعامل مع الخمر.
هذا الرجل هو عامل في سوبر ماركت وهو من أكبر السوبر ماركتس بألمانيا، وهو يعمل ببيع كل شيء بما فيها الخمر، فرفض ذلك بحجة أن الخمر في ديننا هو مصدر ضرر للناس وطلب نقله لمكان آخر فرفضوا وأعطوه خيارين إما العمل كبقية الناس في هذا المكان وإما أن يفصل نهائياً فرفض ففصلوه، يقول هذا العامل أنه لم يقبل بالفصل لسبب واحد فقط أنه كان ينصر الله فكيف يفصل لهذا السبب؟! وكيف لهذا أن يكون شكل الإسلام أمام الناس، فأخذ على عاتقه أن ينصر هذا الأمر تقول الآية الكريمة [... إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ] {محمد:7}، وذهب بهذا الطريق ورفع دعوى على هذا السوبر ماركت الكبير بألمانيا وأخذت هذه القضية وقتها ولكن في النهاية حكم لهذا الشخص وانتصر وكان الحكم أن يعود إلى عمله بالمكان الذي يناسب عقيدته وشريعته وإتجاهاته لأن هذا هو الحق.
ربما هؤلاء الأشخاص مسلمون ولكنك كنت قد قلت شيئاً ما بخصوص السنن الربانية قائمة على المسلم وغير المسلم فهي لا تحابي أحداً، فبدون المسلمين يوجد أشخاص مثل غاندي، إذا راجعت حياة غاندي ستجد أن بنيانه كان نحيفاً وضعيفاً جداً وفي نفس الوقت كان الشعب الهندي شعباً مسلوب الإرادة في هذا الوقت فقد كان الشعب في هذا الوقت محتلاً يتصور أنه لا يستطيع فعل أي شيء، والمستعمر في هذا الوقت كان إمبراطورية بريطانيا القوية العظيمة وكانوا مسيطرين تماماً على الهند، ولكن غاندي كان يرى أنه لا يستطيع أن يعيش عبداً في بلده بل من حقه أن يكون حراً، ومن حقه أيضاً أن تكون خيرات بلده لأهل بلده، و كل العوامل كانت ترفض هذا ولكنه وقف وأخذ على عاتقه أن يوقظ هذا الشعب، وأن يقف ضد الاستعمار وضد هذه المنظومة التي تدير هذا العالم بالحق، قام بأشياءاً ربما نظن أنها قد لا تحرز أي نتيجة مثل الإعتصامات، إعتصام أمام بريطانيا وليس اعتصام أمام حكومة البلد، بدأت الناس تتقبله ولكن في النهاية كانوا قلة، ولكن بعد الاعتصام كان هناك الصيام ومقاطعة الطعام، وفي النهاية إقترح أن يتفاوض معهم، وكان غاندي من أحد العناصر التي كانت سبب في خروج بريطانيا من الهند، لقد مات الآن ولكن خلد إسمه بغض النظر عن عقيدته لقد نصر الحق فنصره الله وأعلى شأنه في الدنيا، عندما قرأتُ قصة غاندي ونصرة الله له تذكرت مقولة (أنت الجماعة ولو كنت وحدك) وقول الله عن سيدنا إيراهيم [إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً...] {النحل:120}، نصرنا الله وقوانا وأعاننا.
أ. مصطفى: شكراً لك يا عمرو على أخبارك الجميلة التي تجعل قلوبنا مطمئنة وتقوي عقيدتنا بالله سبحانه وتعالى، لأن هذه السنن حدثت منذ زمن بعيد ومازالت تحدث حتى الآن تحدث مع المؤمن ومع غير المؤمن، أتمنى يا جماعة أن نقدم لكم ما يغير تفكيركم تجاه أحداث الدنيا وتجاه تعامل الله عز وجل معنا.
(أنت الجماعة ولو كنت وحدك) هذه المقولة هي مقولة ابن مسعود وهي تعني مثلاً أن الآذان قد أذن ولم يقوم للصلاة أحد فقمت للصلاة وحدك، أنت جماعة ولكن لا أحد معك، وكأن ابن مسعود يعلمنا أنه طالما أنك على الحق فلا بأس بذلك ولو أن الكثير يخالفك بهذا، وهذا لا يجعل الناس فريسة للخداع نظراً للكثرة العددية، فلا بأس أن يكون الجميع على خطأ ومن الممكن أن تقوم بآداء الصواب دون الاستهزاء بأحد أو الاصطدام معه بأي طريقة، فبينك وبين الله أنت على صواب فأثبت على الحق ولو كنت وحدك.
الواجب العملي
للقيام بالواجب العملي اضغط هنا
http://www.mustafahosny.com/article.php?cat_id=151
نريد اليوم يا جماعة أن نأخذ خطوة تجاه الواجب العملي الخاص بنا وهو الثورة، سنثور اليوم على شيئين، سنثور على علاقتنا بالقرآن وسأعطيكم سورة لنتدبرها طوال الأسبوع سأقولها لكم لاحقاً، سورة صغيرة ولكن ليس بالكثرة بل بالتدبر والمعاني، وسنثور على شيء آخر، هل لديك قضية تعيش من أجلها؟ أم تعيش بطريقة عادي الصباح يشبه المساء تنام وتأكل وتشرب وتخرج وتتضايق مثل الكثير من الناس، أم لديك قضية تريد ان تتمسك بها وتعلم أنها مبدأ من المبادئ التي يريد الله أن ينشرها، مبدأ خير على الأمة، هل لديك قضية مثلاً أنك تريد أن تنشر دعوة النبي وتجعل الناس تتقرب من الله عز وجل؟ ولذلك تتعلم دينك وتحسن أخلاقك لتكون قدوة تقرب الناس من الله عن طريق إحترامك وسماع المعلومات التي لديك، أم هل لديك قضية بأن تكون رجل أعمال ناجح وتفتح الكثير من البيوت عن طريق توظيفهم لديك حتى ولو كنت شاباً صغيراً لا يزال بالجامعة؟ هل هذا حلمك أن تساعد في توظيف الكثير من الناس وفتح بيوتهم ولذلك تركز من الأن على دراستك وعلمك؟ هل لديك قضية أن تكون مثلاً ليل نهار في عمل الخير وتوزيع البطاطين وتوزيع المساعدات والإطعام وإغاثة الملهوف ونجدة المحتاج؟ هل لديك هذه القضية ولذلك تبحث عن أفضل جمعية للإنضمام إليها، أو أنك في جمعية الآن وأغلب الوقت المتاح لديك يصرف عليها؟ أو أنك كربة منزل لديك قضية كأم في أنك ستتعلمين كيف تصبحين أماً ماهرة لتجعلي من أطفالك شباباً نافعاً ولهم وزنهم في المجتمع أو في البلد ليغيروا منها؟
هل هذا الحلم موجود، حلم أن يكون لديك شيء لتعيش من أجله؟ يا جماعة أن أعرف بعض الأشخاص حلمهم أن يساعدوا أصدقاءهم الطلبة الذين لا يقدرون على أخذ دروس بالجامعات، فيكون لديه مثلاً أحد المواد التي يتقنها وهو بالجامعة فيعلّم أصدقاءه، إن الله ينصر أهل الحق ولو كانوا قلة ولكن كيف ينصرني الله وليس لدي قضية أعيش من أجلها ليس لدي فكرة أتعب لكي أوصلها للناس، سواءاً فكرة في الروحانيات أو فكرة في الأخلاق والمعاملات أو فكرة في إعمار الأرض، فكرة في القيم والأخلاق أو فكرة في العمل والبناء وفكرة في الذكر والدعاء، أي شيء من مرادات الله عز وجل هذه كانت الثورة، بعد أن أترككم اليوم سأراجع نفسي هل أنا بالفعل ما زلت ملتزماً بقضيتي أم لا، وكل واحد منكم يا جماعة يجب أن يراجع نفسه بمنتهى الصراحة، هل لديك قضية أم لا، لديك بالفعل؟ إذا هل تلتزم بالعمل على هذه القضية أم لا حتى ينصرك الله ويعينك، حتى لو كنت وحدك أو قلة قليلة انت وأصدقاؤك الذين يساعدونك بهذه القضية، وإن لم يكن لك قضية فكيف ستنام؟ (من أراد أن يسبق في الآخرة فليسبق في الدنيا) ويقول الله تعالى [... إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ ...] {الأنبياء:90}، وأيضا يقول تعالى [...وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ] {المطَّففين:26}، لا تنم إلا إن كانت لديك قضية، ثانياً الثورة على علاقتنا بالقرآن ولذا سنتدبر سورة في الجزء الثلاثين خمسة أو ستة أسطر سورة الليل.
قام بتحريرها: قافلة التفريغ والإعداد بدار الترجمة
Daraltarjama.com© جميع حقوق النشر محفوظة
يمكن نشر ونسخ هذه المقالة بلا أي قيود إذا كانت للاستخدام الشخصي وطالما تم ذكر المصدر الأصلي لها أما في حالة أي أغراض أخرى فيجب أن يتم الحصول على موافقة كتابية مسبقة من إدارة الموقع
للاستعلام: management@daraltarjama.com