إن يصلح الراعي ويتقي ربه تصلح الرعية، هذا هو حال عُمر بن الخطاب الذي نُعطر به مجلسنا كل حلقة إسبوعية، فهل نستطيع أن نصل إلى مكانة عُمر بن الخطاب، قال تعالى "أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ" (الأنعام 90)، فسيدنا عُمر لم يأتى بمعجزات ولكنه اقتبس منهجه من منهج القرآن وسنة النبي (صلى الله عليه وسلم)؛ لأنه تربى على يد النبي في مدرسة النبوة.
النساء في حياة الخليفة عُمر بن الخطاب:-
1- مرحلة حمية الجاهلية: وهي المرحلة التي غابت فيها الشريعة، وكانت تسود الغرائز في الحكم على النساء حتى أن النساء كانوا يُورثوا في الورث، وكان الرجل يأتى باكراً أن أراد زوجة صاحبه الذي مات، فلننظر إلى مدى إهانة المرأة قبل الإسلام.
2- مرحلة الإسلام: وهى تلك المرحلة التي غيّرت وجهة نظر بل وطريقة نظر العالم كله إلى المرأة، بل وأنه من أرقى معاني الرومانسية والوفاء وتكريم المرأة هو قول النبي (صلى الله عليه وسلم) في حديث حسن "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، وما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم".
نظرة عُمر للتغيير المجتمعي ونظرة العالم إلى المرأة التي لا بد أن تأتى من الحاكم:-
للمرأة دور في حياة عمر وإدخالها للحياة السياسية والدينية والسماح لها بإبداء رأيها وإحترام عقلها، فالقصة التي تُروي أنه بعد أن زادت الفتوحات الإسلامية، ورأى الآباء من سعة في الغنائم، فرأى عُمر مغالاة في المهور، فأصدر مرسوم بأنه لا مهر أغلى من أربعمائة درهم فمن زاد على ذلك أخذنا منه، فأوقفته إمرأة وقالت: يا عُمر ليس هذا لك بحق؛ لأن الله يقول"وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا" (النساء 20)، فقال عُمر: كل الناس أفقه من عُمر، ما يضركم أن ناضلت إمرأة عُمر فناضلته – كسبته - أخطأ عُمر وأصابت إمرأة.
رومانسية عُمر:-
في قديم الزمن كان يأتى يوم وينحدر مسار مياه النيل ولا يمر على مصر، وكان عمرو بن العاص والياً على مصر، فكانوا يأخذون أُنثى من رجل ويعطونه مال لمراضاته، وتُزين المرأة بالذهب ثم تُرمى في النيل، فعلم عُمر بذلك، فأرسل برسالة إلى عمرو بن العاص "إذا وصلك خطابي اقذف به في النيل: إلى نيل أهل مصر، أن كنت تجري بإرادتك فلا حاجة لنا فيك، وأن كنت تجري بإرادة الله الواحد القهار فبأمر الله اجري واسقي المسلمين، فلما رماها في النيل فاض من يومه النيل وانقطعت هذه العادة من يومها".
المرأة الصالحة هي حسنة الدُنيا:-
أصدر سيدنا عُمر مرسوماً للناس أن لا يغشوا اللبن بطبيعة حال التجارة لكثرة المراعي، فكان يسير ليلاً، فسمع إمرأة تقول لابنتها: امزجى اللبن بالماء، فتقول البنت: ولكن عُمر قال لا، قالت الأم: وهل يرانى عُمر، قالت البنت: ولكن رب عُمر يرانا، فذهب عُمر – كما في إحدى الروايات- وزوّجها لإبنه عاصم والتي أنجبت منه بعد ذلك عُمر بن عبد العزيز، فهو حفيد عُمر بن الخطاب.
فالمرأة الصالحة هى الإنسانة التي تعرف ربها في السر والعلن وتخشى الله في معاملة زوجها، فكما يقول المولى تبارك وتعالى "وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" فالمرأة الصالحة هي الحسنة.