كيف استطاع أمير المؤمنين أن يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية بين أفراد شعبه؟
نكمل عُمريات عُمر بن الخطاب التي لا تزال تتحدث عن رئيس الجمهورية، فلابد وأن يكون الحاكم خادم للشعب وللمسلمين، لا هو أعلى منهم قدراً ولا شرفاً، فسيد القوم خادهم.
نتكلم اليوم عن كيف استطاع أمير المؤمنين تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية بين أفراد شعبه.
عندما تولى عُمر خلافة المؤمنين، لم يبتكر شيء اسمه (العدالة الاجتماعية)، بل اقتبسه من كلام الله الكريم وكلام النبي المصطفى (عليه الصلاة والسلام).
قال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (الحجرات 13).
وعرفه أيضاً سيدنا عمر من كلام النبي المصطفى حيث قال (عليه الصلاة والسلام) - مُحققاً مبدأ إرثاء العدل والمساواة بين الشعب غنياً أم فقيراً، قوياً أم ضعيفاً- في حديث روته السيدة عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم "إنما أهلك الذين من قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف، تركوه . وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد. وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
كيف بدأ عُمر بإرثاء مبدأ العدالة الاجتماعية:-
عرف أمير المؤمنين الورع وأنه هو القدوة، فكانت كلمته التى تُسطر بماء الذهب ألا وهى (كيف يعنيني شأن الرعية وأن لم يمسنى ما مسهم) حينما تيقن أنه القدوة.
1- بدأ بنفسه أولاً:-
كان يزرع في شعبه الكرامة وأنهم هم أصحاب كل شيء، وأنه هو من يرعى لهم مصالحهم ويخدمهم، فذات مرة مرض عُمر وكان علاجه في جُرعة من العسل، وهذا العسل لم يكن موجود إلا فى بيت مال المُسلمين، فأمر أن يُنادي المنادي بالصلاة، قال لهم يستشيرهم أن دواؤه موجود فى جُرعة العسل، فبكى الناس وقال بعضهم "أتعبت الخلفاء من بعدك يا عُمر" بتحقيقه مبدأ العدالة الاجتماعية ومساواته بين الناس، وكرامة شعبه.
2- عقب بأسرته:-
عندما اشترى ابنه عبد الله إبل، بماله وتركها ترعى مع باقي الإبل كما يفعل الناس، فقال له سيدنا عمر "لا الناس تقول: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين"، فقال له الفاروق "يا عبد الله بيع هذه الإبل وخذ رأس مالك ثم ترد ربحك إلى بيت مال المسلمين فليس لابن الحاكم سلطة ولا جاه وإنما حينما اُختير والياً ليس لهم تجارة ولا ربح وغنماً خدمة المسلمين".
"أيُما والياً ولُى على عشرة، بُعث يوم القيامة مكبولاً، فكه عدله أو كُب فى النار"، هكذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم، فرحمك الله يا عُمر يا من أرسيت لنا مبدأ من أهم مبادئ الحياة، ورزقنا أميراً عُمرياً، وصدق معُلمك الكريم الذى لا ينطق عن الهوى.