حلقة جديدة من التجربة الٌعُمرية وكما قلت من قبل أن الهدف الأساسي من التجربة العٌمرية هو وضع معايير أساسية لإختيار رئيس الجمهورية. وأن يكون سيدنا عُمر بن الخطاب هو المعيار لنا جميعاً، وحديثنا اليوم عن الأُسس التي ارساها سيدنا عُمر في المجتمع لينهض به، ومن هذه الأُسس ما يلي:
الوظيفة الأخلاقية للحكومة:
خاطب الناس عن الولاة الذين يتولوا الحكم في عهده فقال "إني لم أستعمل عليكم عمالي ليضربوا أبشاركم ولا ليشتموا أعراضكم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكني استعملتهم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم، فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له على ليرفعها إلي حتى أقصه منه".
كأنه يُريد أن يقول للأمة أن لم تجدوا من الحكام أمانة احذروهم وأنه بنفسه سيقتص منهم، وهذا يدل على اهتمامه الشديد برد الأمانات إلى أهلها، فقيل له: "أريت أن أدب أمير رجلاً من رعيته أتقصه منه؟"، فقال عُمر: "وما لي لا أقصه منه، وقد رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم يقص من نفسه؟ وكتب إلى أمراء الأجناد: لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تحرموهم فتكفروهم".
وهنا إرساء لمعنى العدالة لجميع فئات المجتمع، وهي من القيم العليا التي حرص عليها، وعندما قال لا تضربو المُسلمين فتذلوهم كأنه يتحدث كخبير فى التنمية والنفس البشرية؛ لأن الإنسان إذا اذللته وأخذت حقه وظلمته سيظلم وسيهون عليه ظلم الآخرين، والذل سيجعله يرضى بأقل قليل مما يؤثر على مستوى الأُمة فى العدل والحرية كما أن الكفر بالدولة يعني عدم الاهتمام لأمرها؛ لذلك شاهدنا جميعاً بعد الثورة اهتمام الشباب بتنظيف الشوارع لإنهم لم يعودوا يكفروا بالدولة كما سبق ولكنهم شعروا بملكيتهم لهذه البلد.
سر اهتمام سيدنا عُمر بن الخطاب بالأخلاق أكثر من العبادة في تقييم الناس أو الحكام:
كان يقول: "لا تنظروا إلى صلاة امرئ ولا صيامه، ولكن انظروا إلى عقله وصدقه" هذا كان مقياس ومعيار سيدنا عُمر بن الخطاب. وقال العلماء أن حسن الخلق هو احتمال الأذى، والعبادة أن لم تصلح الأخلاق تسببت في تضخم الذات، فالعبادة إما صورة من صور عبادة الله أو طمئنة النفس أي تفيعلها فقط لتطمئن على حالك مع ربك وأنك على الطريق السليم وليس لعبادة الله للامتثال لأوامره ونواهيه في المعاملات والأخلاق؛ لأن اساس الدين هو العبادات وأركان الإسلام، لكن البناء نفسه هو الأخلاق والمعاملات، حيث أن إكرام الخلق وتعظيمهم من أدوات تعظيم خالقهم.
العلم أساس النهضة :
العلم من الأسس التي بنى عليها سيدنا عُمر نهضة الآمة حيث قام بــ:
- نشر العلم الوسطي: من خلال مدارس (حياتية – دينية) وجعل على كل مدرسة صحابي من الصحابة الذين شربوا المنهج الوسطي من النبي صل الله عليه وسلم.
- أقنع الناس أن الوقود الحقيقي لنهضتهم هو العلم فصنع حالة مُجتمعية تقوم على احترام العلم والعلماء.
- كان يعطي الأموال لمن يقوم بتعليم غيره.
- وحوافز ومكافئات لمن يتفوق في العلم.
روحانيات المجتمع في عهد سيدنا عُمر بن الخطاب:
- اشاع جو مُجتمعي مليء بالروحانيات والمنهج الوسطي المنتشر بين الناس، فكان يطمئن على دين العباد.
- كان قدوة ونموذج في نفسه وينصح الخُلفاء أن يكونو قدوة من بعده.