في حلقة برنامج برنامج "الله في حياتي" انطلقنا مع مع اسم الله تعالى "الوهاب" وتذكرنا حقيقة بدهية لكنها تغيب عنا على عظمتها وجلال قدرها، وقام الشيخ إبراهيم أيوب من خلال التسبيح باسم الله الوهاب بتذكيرنا بهذه الحقيقة الكبرى وهي أن الله تعالى الوهاب له في كل لحظة هبة، كما استحضرنا عند التسبيح باسم الله الوهاب الاتصال بالله سبحانه وتعالى وبالأمان والطمأنينة والراحة النفسية والفرح، إنها معانٍ ومشاعر يستحيل أن يوجد أحد في الوجود يستطيع أن يمنحها لنا في جزء من الدقيقة إلا الوهاب سبحانه وتعالى جل في علاه. لأننا حين نسبح بهذا الاسم نبتعد عن المشوشات ونركز على الله سبحانه وتعالى.
الفرق بين الوهاب والرزاق
في الحلقة عرفنا المعاني المختلفة التي يمكن أن نفهمها من اسم الله الوهاب وأنها تختلف عن تلك المعاني المرتبطة باسم الله الرزاق الذي يرزق سائر خلقه وكثيرا ما يرتبط رزقه بأسباب هو وضعها لتصلح الحياة وعندما لا يرتبط رزقه بالأسباب فذلك ما نسميه الهبات الربانية.
إذاً فإن الوهاب هو المتفضل، ذو العطاء والاحسان، والمتفضل بلا عِوَض. هو الذي يُمَلِّكُنا شيئا بلا عوض. وبدون بذل الأسباب. وإن كانت الهبة نوع من أنواع الرزق، ولكنه رزق مميز، لأناس مميزين. الميزة التي لديهم أنهم عندهم محل قابل لقبول الهبات الربانية فهم أهل لهذه الهبات. جهزوا أنفسهم للمنح والعطايا الإلهية، عند ذلك يهبهم الله سبحانه وتعالى. وأول الهبات الربانية لنا هي هبة الوجود حيث أننا موجودون بدون أن نطلب.
هبة سليمان وخليل الله عليهما السلام
ولذلك فإن سليمان - عليه السلام - لما سأل ربه ملكاً لا ينبغي لأحد منه بعده فإنه لم يقل (ارزقني) بل قال: "رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب" والنتيجة أن الله وهبه ذلك، حتى أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يشأ أن ينازع أخيه سليمان هذه الهبة، فأطلق عفريتا من الجن حاول أن يقطع عليه صلاته لأنه اعتبر أن تسخير الجن والسيطرة عليهم هي ملك لا ينبغي إلا لسليمان.
وأما خيل الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام فقد سأل الله هبة من نوع خاص فقال: "رب هب لي من الصالحين" فماذا كانت النتيجة وهبه الله إسماعيل على كبر وجعل من نسله خير المرسلين وخاتمهم، ووهبه كذلك إسحاق من امرأته العجوز العاقر وجعل في ذريته النبوة والكتاب بيعقوب ويوسف عليهم السلام أجمعين.
الهبة الإلهية لا ترتبط بالأسباب كما قلنا، ولذلك فإن المؤمن لا يعتمد على أسبابه في الحصول على المحبوبات ويعلم أن علمه وحوله وقوته لا تبلغه ذلك، لكنه يثق بهبة ربه وينسحب هذا على العلوم المكتسبة، فعباد الرحمن يعلمون أن صلاح الأولاد لا يأتي فقط بالخبرة في التربية والنجاح في الدورات المتخصصة بل هو هبة من الله وتوفيق يقول تعالى على لسان أهل الألباب: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما".
التخلق باسم الله الوهاب
من أجمل السلوكيات في الأب والأم المربين أن يعلموا أبنائهم كلما طلبوا منهم شيئا أن الله هو الوهاب والمعطي والمحسن وذو الفضل وهو المعطي والمانع. فعندما نربي أبنائنا بهذا المفهوم فإن طلبات أبنائنا ترتقي ويكون فيها شيء من القيم الروحية. فليطلب ما يشاء من أمور الدنيا لكن في النهاية سيحولها إلى منظومة فيها تعبد. لأننا ربطناه مباشرة بذي الجلال والإكرام.
عبد الوهاب الذي عرف الله باسمه الوهاب يجب أن يمتلئ قلبه بالأمل ، الرضا والتفاؤل والإحساس بالأمان. ويكون لسانه دائم الشكر لله الوهاب عز وجل. إذا أعطى لا يرى إلا الله ولا ينظر عوضا عما أعطى فيكون بذلك كريما. وأجمل أنواع الكرم كرم المحيا أن يكون دائم الابتسامة.
نصف هذه الشخصية لنقيس عليها أنفسنا ونعرف المناطق المصابة عندنا ونبدأ في معالجتها. ولنعالج هذا الجانب نحتاج أن نسبح الله باسمه الوهاب.
ويختم الشيخ إبراهيم أيوب التخلق باسم الله الوهاب بوصية للأزواج: التوجه إلى الوهاب بطلب قرة العين في الأولاد وليس تربية الأولاد فقط وحسن النية لأن الله يعاملنا بنوايانا قد يقبل منا نصف العمل ولكنه لا يقبل نصف النية.
التفرد في عبودية الوهاب
في جزء التفرد ، حيث المشاريع الحياتية التي يمكن تبنيها تحت اسم الله الوهاب ، يقترح الشيخ ابراهيم أيوب على المشاهدين مشروعا أسماه ( مشروع هبة ) بحيث أن نعبد الله باسمه الوهاب. قد تكون هذه الهبة بأن نهب من أوقاتنا لله سبحانه وتعالى. وقت ثابت أو كما يسميه الشيخ ابراهيم ( الوقف الوقتي ) أن توقف من وقتك لله عز وجل لفائدة مجتمعك ، سواء في أعمال تطوعية أو أعمال إغاثية أو أعمال فيها مبادرات وغيرها. فنهب أوقاتا من أوقاتنا لمجتمعنا تخلقا باسم الله الوهاب سبحانه وتعالى.
عش مع الشيخ إبراهيم أيوب معاني وحقائق أسماء الله الحسنى في برنامج "الله في حياتي"