عند التسبيح باسم الله الودود سبحانه وتعالى يغمر قلوبنا شعور بالراحة والطمأنينة والفرح بالله عز وجل. فما أعظم تلك المشاعر حينما نعلم أن العلاقة بين السيد والعبد عادة ما تكون محدودة في الأوامر والنواهي خالية من أي مشاعر للحب. لكن الودود سبحانه وتعالى، وهو الخالق المبدع الحكيم والمالك المتصرف في كل شيء، يحب عباده ويتودد إليهم.
الخالق سبحانه وتعالى علم أزلا أن عباده يحتاجون إلى الود فسمى نفسه ودودا. علم سبحانه وتعالى أن خلقه لن يكونوا بشرا سويا بدون أن يُحِبوا ويُحَبوا فسمى نفسه ودودا.
الودود سبحانه وتعالى ابتدأ بحبنا قبل أن نبدأ نحن بحبه. ففي القرآن الكريم يقول عز وجل: "يحبهم ويحبونه" و "رضي الله عنهم ورضوا عنه".
الله سبحانه وتعالى لم يسمي نفسه حبيبا بل سمى نفسه ودودا. وهنا نميز بين الحب والود، فالحب هو مكامن داخلية في قلب المحب. لكن الود هو الجانب السلوكي للحب، الجانب الحركي للحب، الجانب التطبيقي التنفيذي للحب. فمثلا قد تحب أحدا داخل قلبك لكنك إذا ابتسمت فهذا ود، الابتسامة ود، لأنها تعبير لما في داخلك. كذلك المصافحة والكلام اللطيف اللين فهي ود لأنها تعبر عن شيء في داخلك.
لذلك قد نجد في المجتمع كثير من الناس الذي يحبون وقد يحبون بعمق لكن ليس لديهم القدرة على التعبير عن هذا الحب فليس لديهم القدرة على إظهار الود.
ود الله في الدنيا
الودود سبحانه وتعالى يتودد إلينا. أي الجانب الفعلي منه سبحانه وتعالى. يتودد إلينا بكل ما نراه من مظاهر الوجود فخلقنا ود، جمالنا ود، طعامنا ود من الله، عقولنا ود من الله عز وجل، الرحمة التي وضعها الله فينا ود منه سبحانه وتعالى، أن أعطانا الذرية فهذا ود، أن رزقنا العلاقات الطيبة بيننا وبين أنفسنا وبيننا وبين غيرنا ود من الله سبحانه وتعالى، تسخير هذا الوجود كله تودد من الرب إلينا، فعلينا أن ننظر إلى كل شيء في حياتنا بعين الود. أن الله سبحانه وتعالى يتودد إلينا بهذا. إذا نظرنا إلى الوجود بهذه النظرة فسوف نحترم ونقدر كل نعمة وكل عطاء وفضل إلهي.
من وده سبحانه وتعالى أنه أحيانا إذا أحب عبدا ابتلاه، ليرفع منزلته عنده ويعالجه ويطهره؛ "إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه".
ود الله في الآخرة
الودود عز وجل ينفرد بود خاص في الآخرة سبحانه وتعالى: "لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً" في لحظات نكون فيها في أشد الحاجة إلى الحميم والصديق والأنيس لا يمكن أن يملئ قلوبنا سوى حب الله عز وجل. يقول سبحانه وتعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً". حين تتقطع العلاقات حيث لا حميم ولا صديق ولا قريب كل شيء يتلاشى ويظل الحب الإلهي الذي يغمرنا في تلك اللحظات. فالرحمن يجعل لنا ودا والرحمن يغمرنا برحماته حيث نكون في أمسّ الحاجة لهذه الرحمة الإلهية.
يجب علينا أن نتودد إلى الله وأن يكون حبه عز وجل في قلوبنا أشد من أي شيء آخر. "وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ" لنضمن وده في الآخرة.
التخلق باسم الله الودود
كيف نتودد إلى بعضنا البعض؟ وكيف ننتقل من الحب إلى الود؟ أسئلة مهمة للتخلق باسم الله الودود
يأتي الود بالتودد. والتودد ليس أمرا صعبا فحينما نمسح على رأس الطفل الصغير أو نضمه أو نبتسم في وجهه فقد توددنا إليه.
عبد الودود الذي يعبد الله باسمه الودود له شخصية معينة فهو إنسان في قلبه حب لا منتهى له لله سبحانه وتعالى. يستأنس قلبه باسم الله الودود بل ويذوب حبا لمجرد سماع اسم الله الودود ، فقلبه عامر بحب الله سبحانه وتعالى مليئ بالأمل ولا يمكن أن يكون عنده يأس. لسانه ينطق دائما بكلمات الود والحب لله سبحانه وتعالى ، يتودد إلى الخلق لطيفا في عباراته وكلماته. أما شخصيته فهو ذلك المربي بالود في تعامله مع الآخرين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف".
للود بُعد نفسي مهم جدا. فالإنسان إذا شعر بأنه فقد الحب يصبح جسدا يتحرك بلا روح ويتدمر من الداخل. لذلك علينا أن نتودد إلى الناس فكلما أشبعنا الناس حولنا بالحب كلما كسبناهم أكثر. بأمور بسيطة جدا لا تكلفنا جهدا ، فقد تفي الابتسامة بالغرض فيكون لها بالغ الأثر في قلوب الناس.
التفرد من خلال اسم الله الودود
في جزء التفرد لهذه الحلقة حيث المشاريع الحياتية المندرجة تحت اسم الله الودود والتي يمكن أن ننفع بها المجتمع. يقول الشيخ إبراهيم أيوب أن أغلب المجتمعات حول العالم أصبح فيها جفاف في المودة وفي العلاقات الإنسانية وهذا ما يفسر بحث الناس المتواصل عن الحب من خلال مواقع الانترنت وبدءوا يخترعون مشاريع كثيرة تحت مسمى المودة.
هناك مشاريع كثيرة قائمة حاليا في مجتمعنا وفي مجتمعات كثيرة حول العالم تدعوا إلى التودد وإلى الرحمة وإلى الحب. لكن لا زلنا في حاجة إلى مشاريع ومؤسسات وفرق عمل منظمة حتى نجعل هذا الأمر منتشرا في الأرض.
من أمثلة أفكار المشاريع التي يعرضها الشيخ إبراهيم مع جمهوره خلال هذه الحلقة مشروع "حملة مودة" حيث يفعّل عن طريق برامج تلفزيونية أو برامج تدريبية تهدف إلى نشر المودة بين الناس. أو مشروع "رحلة ود" حيث تقام مراكز صيفية أو رحلات مدرسية أو بين مجموعة من الأسر المتعارفة وتهدف إلى تعزيز مفاهيم الود والمحبة بين الناس ونشرها في المجتمع.
عش الأجواء النورانية وأطلق للروح إشراقاتها مع أسماء الله الحسنى في برنامج "الله في حياتي"