مع اسم الله "اللطيف" حلّق بنا الشيخ إبراهيم أيوب في حلقة برنامج "الله في حياتي"، ومع المعاني الجميلة والجليلة لهذا الاسم العظيم، رغب الشيخ وجمهوره إلى الله أن يرزقهم التخلق بتلك المعاني.
واسم الله اللطيف له معنيان :
أحدهما : بمعنى الخبير وهو أن علمه دقّ ولطُف حتى أدرك السرائر والضمائر والخفيات.
المعنى الثاني: الذي يوصل إلى عباده مصالحهم بلطفه وإحسانه من طرق لايشعرون بها.
قال ابن القيم- رحمه الله- في نونيته:
وهــو اللطيف بــعبده ولــعبده *** والـلـطف في أوصـافه نـوعـانِ
إدراك أســرار الأمــور بخُـبره *** والـلـطف عند مواقع الإحـسـانِ
فيــُريك عزته ويُـبدي لطـــفه *** والعبد في الغفلات عن ذا الشانِ
لخص الشيخ إبراهيم قصة لطف الله بيوسف – عليه السلام - بثلاث كلمات (يوسف من البئر إلى القصر) وفي قصته نرى أبرز مثال على لطف الله تعالى بأصفيائه، وبعد اكتمال القصة أدرك يوسف عليه السلام ذلك وأثنى على مولاه فقال بعد سنوات طويلة من الفراق عن والديه انتقل فيها من الرمي بالجُب والبيع كمملوك واتهامه بالباطل وهو بريء وإلقائه في السجن بضع سنين ثم تبرئته وثقة الملك به وجعله وزيراً على خزائن مملكة واسعة الأرجاء فقال عن لطف الله في هذه الأحداث وكيف دبّر ليوسف أن يصل لهذه المنزلة الرفيعة وكحّل عيني والديه برؤيته وتاب على إخوته "إني ربي لطيف لما يشاء"
نعم فقد تلطف الله تعالى بيوسف وأوصله إلى المنازل العالية بأسباب وطرق وهو لايشع، وقدّر أمورا خارجة عن إرادته فيها رفعته وعزته في الدارين وفيها التوبة على إخوته ورفع أجر والديه. فسبحان الله اللطيف الخبير.
وعلى كل عبد مؤمن أن يفهم ما يحدث معه من أقدار بهذا الإطار فلطف الله بالعبد من الرحمة بل هو رحمة خاصة ؛ فالرحــمة التي تصل إلى العبد من حيث لايشعر بها أو بأسبابها هـي اللــطف.
يقال : (لطف بعبده ، ولطف له) أي تولاه ولاية خاصة بها تصلح أحواله الظاهرة والباطنة ، وبها تندفع عنه جميع المكروهات من الأمور الداخلية والأمور الخارجية. فالأمور الداخلية لطفٌ بالعبد ، والأمور الخارجية لطف للعبد.
فإذا يسر الله لعبده وسهل له طرق الخير ، وأعانه عليها فقد لطف بــه ، وإذا قيض له أسبابا خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد فيها صلاحه فقد لطف لــه. فمن لطفه بعباده المؤمنين أنه جل وعلا يتولاهم بلطفه فيخرجهم من ظلمات الجهل والكفر والبدع والمعاصي إلى نور العلم والإيمان والطاعة.
ومن لطفه بهم أنه يقيهم طاعة أنفسهم الأمارة بالسوء فيوفقهم لنهي النفس عن الهوى ، ويصرف عنهم السوء والفحشاء مع توافر أسباب الفتنة وجواذب المعاصي والشهوات ؛ فيمنّ عليهم ببرهان لطفه ونور إيمانه فيدعونها مطمئنة لتركها نفوسهم ، منشرحة بالبعد عنها صدورهم.
ومن لطفه بعباده أنه يقدر لهم أرزاقهم بعلمه بمصلحتهم لا بحسب مراداتِهم؛ فقد يريدون شيئا وغيره أصلح ؛ فيقدر لهم الأصلح وأن كــرهوه لــطفاً بهم. قال تعالى: " الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز".
ومن لطفه جل وعلا بهم : أنه يقدر عليهم أنواعا من المصائب وضروبا من البلايا والمحن سوقاً لهم إلى كمالهم وكمال نعيمهم.
وعن التخلق باسم الله اللطيف بالنسبة للعباد يرشد الشيخ إبراهيم أيوب إلى أن ندبر بيوتنا باللطف أي نعمل على إصلاح الأمور دون الظهور وأن ننشىء أولادنا على اللطف في المعشر ويطلق مشروعا مستوحى من اسم الله اللطيف يختصره بكلمات معدودات "كن لطيفا في بيتك لأسبوع والمس الفرق"
انطلق برحلة مع الشيخ إبراهيم للعيش في ظل أسماء الله الحسنى مع برنامج "الله في حياتي"