السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد أحبائي وأهلي وإخواني مرحبا بكم في دروس السابقين.
لو تفتكروا أمس تكلمنا في موضوع علو الهمة في طلب العلم والموضوع لم يكمل ، لكن ذكرنا بعض الأمثلة والنماذج الجميلة ، اليوم نكمل بعض الأمثلة أيضا ، ونختم بأمانة هذا العلم ، العلم له أمانة عظيمة وله تبعة ثقيلة ، المسألة أكبر مما نتخيل، احنا في النماذج إلي فاتت لما ذكرنا بعض النماذج العالية جدا إلي تحس على الهمة وتنشط الإنسان ، صراحة حياتنا كلها سنحاسب عليها، فإن لم نعلوا بهمتنا وننشط في الدنيا علشان الإنسان مهما تعلم هنسى ، إذا كنت أنت تريد أن تتعلم وتنسى بكرة فلابد أن تزداد، كان في واحد من سلفنا الصالح اسمه "يعقوب بن سفيان" كتب عن ألف شيخ من شيوخه وكانوا كلهم رجال ثقات ، وطلب العلم في رحلة طويلة جدا جدا كان زمان يقولون ،رحلة فلان الفلاني، كان لهم رحلات، من مصر لبلاد الشام وإلى الأندلس، اليوم تجد المساجد جانب البيت والتليفزيون معاك جو بيتك ، ومكسل تفتح تسمع درس ، أسأل الله أن يفوقنا بالعلم الصالح اللهم آمين.
"يعقوب بن سفيان" طلب العلم لمدة ثلاثين سنة ، وكان يصنف ويكتب أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكان يسهر كثيرا كما قال القائل من طلب العلى سهر الليالي " يعقوب بن سفيان من كثرة تدوينه لأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، نزل الماء في عينيه فعمي بصره، فنام حزينا جدا هو لم ينم حزينا علشان مش هيعرف يشوف الدنيا أو الزرع والخضرة والمياه هو زعلان علشان مش هيعرف يكتب سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، يقول يعقوب بن سفيان" فنمت في تلك الليلة وأنا في غاية الحزن والأسى ، قال فجاءني النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال مالك يا يعقوب فقلت حزين يا رسول الله قلت حزين لأنني قد فقدت بصري وأنا أود أن أكتب سنتك يا رسول الله قال أدني مني يا يعقوب ، قال فدنوت منه فوضع يده على عيني وتفل فيها فقمت من النوم ، فإذا أنا أبصر بفضل الله سبحانه وتعالى وعدت إلى تدوين سنة البي صلى الله عليه وسلم.
نشوف مثال ثاني جميل لواحد من سلفنا الصالح اسمه "بقي بن مخلد" كان علم من أعلام بلاد الأندلس ، نحن نقوم بصدد عمل مجلدين في قصص التابعين ، لنتعلم ونتعرف عن هؤلاء السادة الأطهار لأنهم ملأوا الدنيا تقوى وورع ودعوة ويعني ربنا يرحمنا رحمة واسعة ويرضى عنا وعنهم يا رب العالمين، "بقي بن مخلد" قال عنه نفسه في بلاد الأندلس والله لقد غرست لهم غرسا في بلاد الأندلس لا يقلع أبدا إلا بخروج الدجال ، كان له قصة بقي بن مخلد جميلة بس تصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، حضراتكم فاكرين المحنة التي تعرض لها إما أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل ، لما تعارض لقضية خلق القرآن وعذب في سبيل الله عذابا شديدا ، اقرأ ترجمة الإمام أحمد وشوف المحنة التي تعرض لها وكيف ثبت على دين الله في ظل هذه المحنة كان بقي بن مخلد كان واخد طريق من بلاد الأندلس إلى بلاد العراق كل ده علشان يوصل ويطلب العلم من الإمام أحمد ، وطبعا هو كان لا يملك مالا كثيرا فكان يسير بجوار الساحل فإذا أراد أن يأكل كان يصطاد سمك يأكل عشب ، المهم هو يقضيها حتى يوصل للعراق ، تخيل المنظر مدى المشقة والتعب، هو لو كان راكب سيارة هيتعب ولو راكب طيارة هيتعب برده ، فما ظنك أنه كان راكب دابة أو ماشي على رجليه حتى وصل إلى بلاد العراق، في أول ما وصل ، هو وصل في الوقت محنة الإمام أحمد ، دخل سأل على الإمام أحمد فقالوا له بيته في المكان الفلاني ، فطرق الباب وقال أنا بقي بن مخلد من بلاد الأندلس وكذا وكذا .
وجئت أطلب العلم على يديك ، قال الإمام أحمد أنت تعلم أنني في محنة وأنني الآن منعت من كل دروسي ، قال "بقي بن مخلد " إنا لله وإنا إليه راجعون" ألا تعلم أنني جئت من بلاد الأندلس ، فالإمام أحمد صعب عليه الموضوع ، وقال له عموماً ، أقول لك على فكرة كويسة أنت تأتي إلي كل يوم في الصباح الباكر ، وكأنك رجل شحات ، وتخبط على الباب وتقول الأجر يرحمك الله ، وأنا أقرأ إليك بعض الأحاديث وتدونها أو تحفظها في عجالة سريعة وتمشي على طول ، فكان كل يوم يلبس لبس مرقع ، ويذهب للإمام أحمد ، علشان شرطة الأمير كانت مراقبة بيت الإمام فكان يخبط على الباب ويعمل نفسه شحات ، فيخرج الإمام أحمد ، يقول حدثت عن فلان بن فلان ويذكر له أحاديث ويأخذها ويذهب إلى بيته وربنا يوفقه طول الليل في حفظها.
وكان الإمام أحمد يقرب "بقي بن مخلد" ويقول هذا هو طالب العلم، هؤلاء هم طلاب العلم، طيب شوف اليوم يكون شيخ من الشايخ على بعد 3 محطات من بيتك، ولسه هانزل وهركب مواصلات، بقي بن مخلد " مشي على رجله من بلاد الأندلس إلى العراق علشان يسمع أحاديثم من الإمام أحمد بن أحمد،
اليوم ممكن يكون مسند الإمام كله في بيتك والتراب معشش عليه، محدش يفكر يفتح ويتعلم سنة النبي صلى عليه وسلم إلا ما رحم الله .
"الإمام بن الجوزي " أكثر ناس يخشون الله أهل العلم الذين يعملون بالعلم ، يقول حفيد الإمام الجوزي ، والله لقد رأيت جدي واقف على هذا المنبر ويقول والله قد كتبت بيدي أكثر من ألفي مجلدا ، علشان تقرأ هذه المجلدات محتاج أنت عمر على عمرك ، وبرغم ذلك تاب على يديه أكثر من مائتي ألفي ، وأسلم علي يديه أكثر من مائتي ألف ، وهو عند الموت كان يقول ، "إلهي وسيدي ومولاي إن عذبتني غدا فلا تخبرهم بعذابي ، لألا يقول عذب الله من دعا إليه عذب الله من دل عليه"
تعالوا نعيش مع أمثلة أخرى جميلة.
الإمام الشافعي رحمه الله رحمة واسعة، حفظ القرآن وهو بن سبع سنين ، وحفظ الموطأ للإمام مالك وهو بن عشر سنين ، وسار إماما علما وهو بن 14 سنة ، كان يقول عنه الإمام أحمد إن الشافعي ، كان كالشمس في الدنيا، والعافية للأبدان" بسبب الكلمة هذه كان في يوم من الأيام بن الإمام أحمد بيسأله ويقول يا أبتي أسمعك دائما تدعوا للشافعي من هو الشافعي ، قال له يا بني الشافعي كالشمس ،
الإمام أحمد بن حنبل نفسه كان دائما يذاكر ويتابع ويجتهد في طلب العلم ، فكان يقول الكلمة المشهورة ، من المحبرة إلى المقبرة، وكان أحد الإئمة لا يأكل العيش الطري وليس معنى ذلك ألا نأكل العيش الطري ، أنا أحكي لكم حياة وواقع عاشه هذا الإمام وكان يأكل ويطلب من أهل بيته أن ينشفوا الخبز ويطحنوه ، ثم بعد ذلك يأخذه ويسفه ويشرب عليه شوية ماء ، ويبدأ يكمل يومه ، فقالوا يا إمام ألا تأكل العيش والخبز الطري فإنه أهنأ وحتى تتمتع به ، فكان يقول ما بين مضغه وسفه قراءة خمسين آية في كتاب الله ، اليوم بعض الناس يقضي حياته كلها في السهرات وأشياء أخرى كثيرة، كان واحد من السلق يقال له أسأل سؤالا فيقول للرجل إذا أوقفت الشمس فأوقفني ، إن كانت حاجة مفيدة ، اسألني فيها وإلا فلا.
كان في واحد هو شيخ الطب "ابن النفيس " ألف كتاب اسمه الشامل " كان 300 مجلد ، كان من ضمن الكتب له الفنون " جمع فيه جميع الفنون من الحديث والفقه والسيرة وكل ما يختر على بالك " هذا الكتاب كام مجلد 800 مجلد ، كان هؤلاء بيجيبوا الوقت منين، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، يقال لو الإنسان أخلص الني لله سبحانه وتعالى يوفقه الله في كل شيء " الله يقول " واتقوا الله ويعلمكم الله " في علم كسبي ، كل ما تتقي الله ربنا يفتح عليك فتوحات لا يخطر لك على بال ، يعني ممكن يعرض عليك الله في تفسير آية لما تعرضها على أهل العلم يستحسنوها وهذا فتح من الله كلما ازدت تقوى ازدت قربا من الله.
دور المرأة المسلمة في طلب العلم ، النساء وذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت واحدت منهم يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك "اجعل لنا يوما يا رسول الله ، فجعل الرسول لهم يوم الاثنين ، يعلم فيه الصحابيات ، رضي الله عنهم أجمعين"
طبعا كلنا نعرف السيدة عائشة هي علم من أعلام العلم قال عنها الإمام الزهري " لو وزنا علم عائشة وبعلم نساء العالمين لكان علم عائشة أفضل "
وقال مسروق "لقد رأيت صحابة النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن الفرائض، كانت عالمة.
أمانة العلم ألخصها لك في ثلاث نقاط.
- أن تتعلم العلم خالصا لوجه الله تبارك وتعالى ، وفي حديث رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم "أو من تصعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، قارئ القرآن ، المتصدق ، والمجاهد في سبيل الله، يؤتى بقارئ القرآن ويعرفه الله عز وجل بذنبه فيعترف ، فيقول تعلمت العلم وعلمته وقرأت القرآن وأقرأته ، فيقول الله كذبت وتقول الملائكة كذبت فيقول الله إنك ما تعلمت العلم وعلمته ، وأقرأت القرآن وأقرأته إلم يقال عالم وقد قيل ، فيأمر الله الملائكة فتأخذه إلى جنهم ويفعل مثل ذلك في العالم والمجاهد إذا فسدت النية ، ولذا صح في الحديث الذي رواه بن ماجة بسند صحيح " أن الحبيب قال من تعلم العلم ليباهي به السفهاء أو يجالس به العلماء أو يصرف وجوه الناس إليه، أدخله الله جهنم"
- ثاني شيء أن تعمل بهذا العلم ، وإلا الإنسان يستفيد إزاي من العلم ما دام لا يستفد هو من ذلك "قال جل وعلا ، وإنه لذو علم لما علمناه " قال قتادة في تفسير الآية ، أي إنه لذو عمل لما علمناه ، وقال جل وعلا " قد أفلح من زكاها" ولم يقل جل وعلا وقد أفلح من تعلم كيف يزكيها، من خلال العلم الشرعي، لذلك يقول النبي في حديث رواه البخاري ومسلم "قال" يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتنزلق أقتابه "أمعائه" فيدور معها كما يدور الحمار في رحاه ، فيجتمع إليه أهل النار ويقولون له ما وردك هذا ، أمل تكن نأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ، قال بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وكنتم أنهاكم عن المنكر وآتيه.
- تبلغ هذا العلم " قال جل وعلا " إن الذين يكتمون العلم من بعد ما بينهاه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللعنون " وقال صلى الله عليه وسلم " عند أحمد في حديث صحيح " من سأل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار" وكما قال في رواية البخاري "بلغوا عني ولو آية "
الحق نفسك أخي الحبيب ، والحقي نفسك أختي الحبيبة بطلب العلم ، ابدأوا بالعقيدة أصل الأصول، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، وأن يثبت الجهل" يرفع العلم بقبض العلماء "إن الله لا ينزع العلم انتزاعا وإنما يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقى عالما اتخذ الناس رؤوس الجهال فسألوهم فأفتوي بغير علم فأضلوهم وأضلوا "
كما تعلمون أنه من علامات الساعة الصغرى رفع القرآن ، كما ثبت في رواية الحاكم بحديث صحيح أن حبيبنا "قال " يدرس في الإسلام تتلاشى آثار وتنمحي ، يدرس الإسلام كما يدرس لنفسه الثوب ، حتى لا يدرى ما صيام ولا قيام ولا صدقة ، ويرفع في كتاب الله في يومين فلا يبقى في الأرض منه حظ ولا في الصدور منه آية"
كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق "
محتاجين نرجع للقرآن وللسنة ، قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم "أبشروا إن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولا تهلكوا بعده أبدا"
قال عند الحاكم في سيند صحيح " تركت فيكم ما إن تمسكت به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي ، وإنهما لا يتفرقا حتى يرد علينا الحوض "
ويقول صلى الله عليه وسلم " القرآن والصيام يشفعان ،للعبد يوم القيامة فيقول القرآن أي رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه"
ويقول الحبيب كما عند الطبراني " القرآن شافع مشفع وماحي مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار"
ويقول كما عند مسلم " اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيام شفيعا لأصحابه"
ويقول كما عند الترمذي " يقال لقارئ القرآن يوم القيامة اقرأ وارتقي ورتل كما كنت تقرآ وترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها"
أسأل الله عز وجل أن يجمعنا جميعا في الفردوس الأعلى.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=442_0_2_0