السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فمرحبا بإخواني وأهلي وأحبائي مرحبا بكم أيها السابقون.
شفت الهمة العالية واحد عالم فقير ينظر الي واحد اخر غني يقول ياه و الله لو عندي من المال اقسم بالله لابني مسجد مثله و ابني دار ايتام و ازوج الشباب و اعمل كذا و كذا فياخذ نفس الاجر ، من الذي قال " النبي صلي الله عليه وسلم قال لو هو صادق النية يقول يا ليت عندي مثل ما عند فلان افعل كما يفعل قال صلي الله عليه وسلم هذا بعمله و هذا بنيته فهما في الاجرسواء ، و الثالث رجل اتاه الله مالا و لم يؤته علما ، رجل غني جدا لكنه لا عنده علم و لا دين و لا شئ و هو لا يعرف لله فيه حق هذا في اخبث المنازل ، و الرابع رجل لم يؤته الله مالا و لا علما لا طال دنيا و لا اخرة ،فهو يقول يا ليت عندي مثل ما عند فلان اللي هوا الثالث فافعل مثلما افعل قال صلي الله عليه وسلم فهذا بعمله و هذا بنيته فهما في الوزر سواء ، و الشاهد في الحديث ناخذ منه الاول و الثالث .
الاول رجل اتاه الله مالا و علما و هذا هو اعلي المنازل ، والثالث رجل اتاه الله مالا و لم يؤته علما فهذا باخبث المنازل ، ايه اللي خلي الاول في اعلي المنازل و الثالث في اخبث المنازل انه العلم ، الفرق بين الاول و الثالث هو العلم ، الاول كان عنده مال و علم فاستخدم المال في كل ما يرضي الله ، والثالث كان عنده مال و لم يكن عنده علم فاستخدم المال في كل ما يغضب الله فالعلم يخلد ذكري صاحبه والمال لا يخلد ذكري صاحبه ، العلم خير من المال فانت تحرس المال والعلم يحرسك انت ، و لذلك اسالك سؤال اكيد طبعا كلنا نعرف الامام مالك و الشافعي و ابو حنيفة و غيرهم هل ما كانش فيه ناس اغيناء بالطبع اكيد ، لدرجة ان ابا الامام البخاري نفسه عند موته ـ ولم يكن عالم و انما كان في صحبة اهل العلم ـ و قال يا بني و الله لقد تركت لك الف الف و الله ما اعلم درهم فيه شبهة ، لماذا نحن اليوم نعرف الائمة في هذا العصر و لا نعرف احد من اغنياء هذا العصر لان العلم يخلد ذكري صاحبه و المال لا يخلد ذكري صاحبه .
العلم خير من المال فانت تحرس المال و العلم يحرسك ، كتب الائمة و علم الائمة موجود بين ايدينا حتي الان نقراه و نترحم عليهم و كل هذا بسبب علو الهمة في طلب العلم ، و اسمع الي كلمة حبيبك حديث رواه البيهقي بسند صحيح ان النبي صلي الله عليه وسلم قال " طلب العلم فريضة علي كل مسلم " و زاد بعضهم و مسلمة و هي زيادة ضعيفة لا تثبت في كتب الحديث ، و قوله صلي الله عليه وسلم خذوا عني مناسككم فالنداء للذكور ولكنه يشمل الاثنين الذكور والاناث ، وقال صلو كما راتموني اصلي ، فكل حكم شرعي يشمل الذكر و الانثي الا ما جاء دليل ليخصصه للذكر او للانثي ، وطلب العلم فريضة علي كل مسلم ، و النبي صلي الله عليه وسلم يقول " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الي الجنة " لان طلب علم يعرف بالله و كيف تدعو اليه ، و تعالي نري امثلة في ناس كانوا حريصين علي طلب العلم و اولهم انبياء الله و رسله صلوات الله عليهم .
سيدنا موسي لما ذهب الي الخضر و في ارجح الاقوال انه نبي لانه يقول " و مافعلته عن امري " ، و سيدنا موسي معلوم علم اليقين انه افضل من الخضر لانه رسول من اولي العزم من الرسل و هم صفوة الرسل كلهم و الله اصطفي من اولي العزم الخليلين محمد و ابراهيم ، ثم اصطفي محمد علي العالمين بابي هو وامي صلي الله عليه وسلم ، سيدنا موسي لما ذهب الي الخضر يريد طلب العلم في بعض المسائل قال " هل اتبعك علي ان تعلمني مما علمت رشدا " انظر الي التواضع في طلب العلم و هذه الاية مدرسة ، فجعل موسي نفسه تابع و الخضر متبوع و هذا من التورع في طلب العلم ،" هل اتبعك علي ان تعلمني مما علمت رشدا " و اختار الرشد من الغي .
المولي عز و جل لم يامر النبي ان يطلب الزيادة في اي شئ الا في العلم " وقل رب زدني علما " ، سيدنا عمر بن الخطاب و هؤلاء تلاميذ النبي صلي الله عليه وسلم يتعلمها من النبي صلي الله عليه وسلم ، سيدنا عمر كان له جار من الانصار و كانوا يعملوا مع بعض واتفقوا ان يعمل احدهم يوم و الاخر ينزل فيسمع كلام النبي و يرجع ليحدثه به ، و اليوم الاخر ينزل الاخر و صاحبه يعمل و هكذا يحصلوا العلم و العمل لا يعطل فكان يتناوب مع هذا الصحابي الجليل ، سيدنا عبد الله بن عباس و هو حبر الامة و ترجمان القران الذي دعا له النبي بـ " اللهم فقه في الدين و علمه التأويل " و احد الصحابة يقول و الله لو اجتمعت الفرس ولاروم و استمعوا لابن عباس و هو يتكلم لاسلمت الفرس و الروم في لحظة واحدة ، لدرجة انه جلس يكلم الناس من الظهر الي المغرب ما كان ينزل الا الي الصلاة فقط ، يقول لما قبض رسول الله وكان لي جار من الانصار قلت له هلم نسال اصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم و هم كثير اليوم فقال له ، و هل الناس في حاجة اليك يا بن عباس ،قال ابن عباس فظللت اطلب العلم حتي مات الكثير من الصحابة و بقي ابن عباس قال هذا الانصاري فلقد رايت ابن عباس يجتمع الناس اليه فقلت لقد كان هذا الغلام اعقل مني .
سيدنا معاذ بن جبل اعلم الامة بالحلال و الحرام و مات لم يتجاوز من العمر ثلاث و ثلاثين سنة ، و قلنا ان سيدنا ابو هريرة صحب النبي صلي الله عليه وسلم اربع سنين فقط و ملأ الدنيا بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم ، و اذكر موقف لاحد مشايخنا يقول كنت نازل من بلدي و مسافر و باقي علي صلاة الجمعة عشر دقائق فدخلت اصلي ووجدت الخطيب سرد عشرين حديث كلهم عن ابي هريرة وكلهم ضعيف و بعد الصلاة ذهبت اليه بكل ادب و سلمت عليه و دعوت له و قلت الاحاديث اللي حضرتك ذكرتها ضعيفة ، قال له كلها عن ابي هريرة ضعيفة ايه ، قال نعم و فسر له ضعف كل حديث لماذا ، الشاهد في الموضوع انه قال له عن ابي هريرة مرفوعا " لو عرفتم ما في الجرير لزرعتوه تحت السرير " قال له و هل هذا حديث ، قال يا اخي ربنا يبارك فيك لابد ان الانسان يعرف سند الحديث بعد الصحابي رضي الله عنه ، والشاهد من الكلام ان ابو هريرة رضي الله عنه ملأ الدينا بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم و قد صحبه اربع سنوات فقط .
سيدنا جابر بن عبد الله يسافر الي بلاد الشام لكي ياخذ حديث واحد ، انظر يسافر من المدينة الي الشام لانه علم ان هناك حديث واحد لم يسمعه .
من تاني عمل الموضوع هذا ، ابو ايوب الانصاري الذي دفن تحت اسوار القسطنطينة ، ذهب الي عقبة بن عامر في مصر لانه سمع انه عنده حديث واحد لم يسمع عنه .
نحن اليوم عندنا صحيح البخاري و مسلم و مسند احمد و الترمذي و كل هذه الكتب موجودة في بعض البيوت زينة رغم ان كتاب الامام البخاري وحده تعب فيه الامام البخاري كثيرا .
كان فيه واحد اسمه الامام عبد الرحمن بن القاسم وقصته عجيبة كان متجوز جديد و زوجته حامل فتركها وهي حامل و ذهب الي الامام مالك في المدينة يطلب العلم و نسي نفسه عند الامام مالك فجلس عنده 17 سنة و ابنه كبر ، وبعد 17 سنة يفاجئ عبد الرحمن بن القاسم بواحد يدخل مجلس الامام مالك و هو يقول اين عبد الرحمن بن القاسم فوقف رجل و قال ماذا تريد ، قال له انت عبد الرحمن بن القاسم قال اجل ماذا تريد ، قال له انا ابنك فلان الفلاني الذي تركتني حملا في بطن امي ها انا اتي اليوم لاطلب العلم علي يد الامام مالك ، فاحضتنه و بكي الاب و بكي الابن ، انا اقول لك قد ايه نهمه في طلب العلم .
الامام النووي مات و هو سنه صغير و هو عنده 45 سنة و الامام النووي الذي ملأ الدنيا علم ، كان يقول كنت في بداية الطلب اي العلم يقول كنت اجلس و استند الي الكتب و اقرا فما نمت علي جنبي عامين كاملين و كنت اذا اردت ان انام استند الي الكبت ساعة ثم اقوم .
عبيد بين عيس قعد ثلاثين سنة لا ياكل لقمة بيدية لانه اخته تاكله وهو يكتب الحديث ، النهاردة فيه ناس تقعد تاكل ثلاث ساعات و يحس ان حقه هضم .
كان فيه واحد اسمه هشام بن عمار في يوم من الايام كان طفل صغير و ذهب الي الامام مالك وقال حدثني ، قال بل اقرا انت ، قال بل حدثني انت ، قال بل اقرا انت ، الامام مالك نادي غلام وقال له خذه و اضربه خمسة عشرة سوطا ، وفعل به و دخل عليه هشام بن عمار و قال لقد ظلمتني و لست منك في حل ، فقال الامام مالك و ما المخرج يا غلام ؟ , و النبي يقول اتدرون من المفلس ، قالوا المفلس فينا من لا درهم له و لا متاع قال المفلس من امتي من ياتي يوم القيامة بصلاة و قيام و ياتي وقد شتم هذا و ضرب هذا و سفك دم هذا فيعطي هذا من حسناته و هذا من حسناته فان فنيت حسناته طرح من سيئاتهم عليه ثم طرح في النار ، فقال انا مش مسامحك ، ولو اردت مثلما ضربني 15 ضربة حدثني بهم 15 حديث ، فحدثه الامام مالك بخمسة عشرة حديث ،فقال له هشام بن عمار زدني من الضرب و زدني من الحديث .
تعالو نختم الدرس مع الامام العلم الامام البخاري يقول و الله ما وضعت في هذا الكتاب حديثا الا وتوضأت واغتسلت و صليت ركعين ثم اكتب هذا الحديث يا الله علشان كده هو اصح كتاب بعد كتاب الله ، و العوام يعرفون قدره يقولون هوا انا غلطت في البخاري ، وهذا يدل علي عظم قدر الامام البخاري في قلوب طلبة العلم و العوام ، الامام الذهبي يقول عن صحيح البخاري و الله لو رحل رجل علي مسيرة عام كامل ليسمع صحيح البخاري ما فرط ابدا .
كان فيه اثنين يطلبوا العلم مع الامام البخاري فكانوا يكتبوا و هو لا يكتب وبعد فترة قالوا له انت بتضيع الوقت ، قال لهم كم كتبتم من الاحاديث قال 15 الف حديث قال اتظنون ان اضيع عمري في لا شئ و الله لقد حفظت 15 الف حديث وظل يسرد عليهم الخمسة عشر الف حديث بالسند و المتن ، الاعجب ان الامام البخاري لما ذهب في رحلة الي احد البلاد اجتمع الناس له و حبوا يعلموا حيلة ليروا قدر الامام البخاري وهل هو فعلا امير المؤمنين من الحديث ، فجاؤا بمائة طالب للعلم و حفظ كل واحد منهم حديث بالسند و المتن فقلبوا السند و قالوا للامام البخاري و عرضوا عليه المائة حديث فقال الحديث عن فلان عن فلان عن فلان قال كذا قال الامام البخاري لا اعرف لا اعرف حتي كاد الناس ان يفتنوا ، يعرض عليه مائة حديث لا يعرف منهم حديث واحد و لما راي عجبهم قال اما الحديث الاول فقد قال فيه الرجل انه عن فلان عن فلان و هذا الاسناد ليس صحيح و انما الاسناد الصحيح و هكذا حتي سرد المائة حديث بالسند الخطأ الذي قالوه وقال السند الصواب لهم ، يعني حفظ المائة سند الخطا و قال لهم الصواب .
هذه كانت همسة بسيطة عن بعض النماذج التي كانت حريصة علي طلب العلم و مازال الباب مفتوحا علي بعض النماذج في علو الهمة في طلب العلم حتي نعلم قدر العلم و العلماء و كلما ارتقيت في طلب العلم كلما ارتقيت في درجات الجنة واقتربت من الله اكثر " انما يخشي الله من عباده العلماء " اسال الله عزوجل ان يجعلنا واياكم من العلماء العاملين المخلصين المخبتين الذين لا يفعلون هذا الامر الا ابتغاء مرضاة الله ، سبحانك اللهم بحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك و صلي الله علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته .
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=426_0_2_0