الحقوق محفوظة لأصحابها

مشاري الخراز
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه ومن والاه

أما بعد

أتى رجل إلى أحد الصالحين يشتكي له الحال والضيق فقال الصالح له ألك زوجة

قال أجل

قال ألك دار

قال أجل

قال ألك دابة

قال أجل

قال له أنت غني

قال عندي خادم قال أنت ملك !

ماهي أكثر الأشياء التي تعلقت بها في حياته عهل هي سيارتك أموالك أولادك تجارتك هوايتك ،أنا لست ألومك لأنك تعلق بهذه الأشياء أريد لهذه الأشياء التي تعلقت بها أن تستمر معك إلى الأبد لأن الأصل أنها مؤقتة لن تستمر إلا باستثناء فهذا العطاء إما أن تتركه وإما أن يتركك قد يتركك العطاء

كيف ؟

بأن يغير الله أحوال الناس فتنقص أموال الإنسان أو أن يعفى الإنسان من منصبه أو يقل مستوى جمال المرأة بتقدم العمر هذا الاحتمال الأول

أما الاحتمال الثاني أن تترك أنت هذا العطاء وذلك بالانتقال إلى الدار الآخرة

لا أريد قلب الحلقة إلى هم وحزن بل الهدف هو أن نجعل هذا العطاء يستمر معك أقصى مدة ممكنة وهذا سيكون بإذن الله عز وجل لكن بشرط أن نطبق قانوناً معينا والمسألة ليست صعبة فإذا طبقت هذا القانون استمرت النعمة التي تحبها معك إن شاء الله عز وجل

القانون هو الآتي

أي عطاء جميل يعطيك لاله إياه إنكنت تريده ان يستمر معك فعليك أن تستعمل نفس العطاء هذا فيما يحب الله أن تستعمله فيه ،عندها سيستمر العطاء معك إلى ان تدخل باب الجنة

مثال

إذا زاد راتبك وأردت أن تستمر هذه الزياة وأن تبقى بركتها فاصرف هذه الزيادة فيما يحبه الله

قد تقول لي هل هذا يعني أن كل زيادة أصرفها في الصدقات كلها

لا بل المطلوب هو ألا تصرف هذه الزيادة في شيء من المحرمات وإلا توجد أشياء كثيرة غير الصدقة يحبها الله تعالى وتؤجر عليها في الإنفاق كالإنفاق على أهلك بالطعام والسكن واللباس بل هو واجب فإذا أنفقت هذه الزيادة في مثل ذلك ستعقبها زيادة أخرى سواء من الراتب أم غيرها

ومن الأشياء التي يحب الله تعالى أن تصرف بها أموالك قضاء الديون أو إدخال السرور على الآخرين بهدية أو عزومة ولو اشتريت أمراً متطوراً يسهل حياتك كهاتف نقال أو حاسب آلي فإنه يمكن اسهخدامه بنشر أشياء مفيدة عندها يعتبر إنفاقاً في سبيل الله تعالى يطبق عليك قانون استمرار النعمة

أيضاً جمالك وصحتك عزيزة عليك فإذا أردت أن تنهي هذه النعمة في سنوات قليلة فاصرفها في معصية الله تعالى كالعلاقات المحرمة أو التبرج والسفور عندها سينتهي هذاا لجمال خلال فترة بسيطة واسألوا أجمل الجميلات عندما كبرت في السن كيف أنها تتحسر إذا شاهدت صورها في ريعان الشباب حتى من استخدموا الجمال في غير المحرمات سيكبرون وييشيخون ولكن مسألة حسن المنظر ليست مسألة جسدية مطلقة بل هي نفسية في المقام الأول

فهذا الّذي عف جماله وصحته عمّا لا يرضي الله عز وجل والمرأة الت عفت نفسها بحجابها وبذلت جمالها في الحلال والزواج فقط هؤلاء جميعاً سيجدون من الناس قبولاً وإعجاباً بهم حتى ولو تغير جمالهم وإلا فمن المؤكد فيزيائياً أن كل جسد سيتغير لكن هل إعجاب الناس بك وبوجهك سيتغير هذا هو السؤال .

ألا يحدث لك أحياناً أن ترى إنساناَ شكله عادي أو أنه كبير في السن ولكنك ترتاح لرؤيته وتجد قبولاً له في قلبك هذا والله أكبر مكسب يمكنك أن تحصل عليه من منظرك العام هذا هو الاستمرار الحقيقي لنعمة الجمال لأنه سيستمر إلى أن تكبر في السن بل حتى إلى ما بعد الوفاة فجمالك يوم القيامة أخي الكريم وجمالك يوم القيامة يا أختي الكريمة لايمكن الآن تصوره لا يخطر ببال بشر بل المراة الصالحة العفيفة ستملك من الحسن والجمال مايفوق جمال الحور العين في الجنة لأن نساء الدنيا ممن سيدخلن الجنة أجمل من الحور العين الذين يسكنون الجنة أصلاً ،كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها .

وأقترح عليك إن دخلت الجنة بإذن الله تعالى ألا تدخلها لوحدك خذ معك العطايا الجميلة التي أعطاك الله إياها في الدنيا

أبناؤك عطية من الله تحبهم أليس كذلك ألا تحب أن تعيش معهم أطول مدة ممكنة نعم ؟

كيف ستجدهم يوم القيامة ولو دخلوا الجنة وبإذن الله يدخلونها قد يكونوا في مرتبة أقل منك لأن الجنة عبارة عن مراتب فماذا سنفعل الحل هو الآتي حاول أن تصلحهم الآن قدر المستطاع في الدنيا وسيضمهم الله تعالى إليك يوم القيامة وستفرح بصحبتهم حتى ولو كانوا في مرتبة أقل منك في الجنة يرفعهم الله عز وجل كما قال سبحانه في سورة الطور

(( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّ‌يَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّ‌يَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِ‌ئٍ بِمَا كَسَبَ رَ‌هِينٌ )) ﴿الطور / ٢١﴾

والذي يكون مع أبنائه في الجنة سيفرح أكثر مما لو أن أبناءه ذهبوا والعياذ بالله إلى المكان الآخر فالحمد لله

إذاً لا يكون أكبر همك أن يأكل الأولاد أو يلبسوا فقط نعم الأكل والدراسة أشياء مطلوبة لكنها ليست كل شيء الاجتماع في الآخرة مطلوب أيضاً بل هو الأهم من أجل أن تستمر معك هذه النعمة إلى الأبد سبحان الله العطايا من الله كثيرة لانعرف كيف نحصيها أو نكافئه عليها سبحانه وتعالى ولهذا لما قال تعالى

(( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَغَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ)) (النحل /١٨﴾

قال بعدها مباشرة((إِنَّ اللَّـهَ لَغَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ)) فإذا أعطاك الله عطية ليس سببها أن الله تعالى يحبك أو أن الله فضلك بين الناس بل هذا العطاء للاختبار لينظر ماذا ستفعل في هذا العطاء هل ستفعل مايريده هو أو ماتريده أنت ولقد علمنا كيف أن نجعل العطية تستمر ،لكن السؤال الآن كيف نجعل هذا العطاء يزيد فإذا كان لديك 1000 يكون لديك 2000 وإن كان لديك ابنان يصبحوا ثلاثة وإن كان لديك منصب متوسط تصبح صاحب منصب كبير .. وهكذا .. زيادة وليس فقط الاستمرار

الجواب يمكنك ذلك باستخدام مكفتاح يسمى مفتاح الزيادة هو الّذي سيفعل لك كل هذا بإذن الله عز وجل ماهو إنه الشكر قال تعالى

(( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَ‌بُّكُمْ لَئِن شَكَرْ‌تُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْ‌تُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) ﴿إبراهيم / ٧﴾

الشكر ليس أن نقول الحمد لله فقط هذا ثلث فقط من الشكر وبقي الثلثان فمقام الشكر ليس سهلاً وليس مقاماً عادياً لأن في الإسلام مقامات كثيرة

مقام التوبة

مقام التوكل

ومقام الرضا

ومقام الخوف

والزهد

والمحبة

والخشية

مقامات كثيرة إلا أن أعلى مقامات الإيمان جميعاً هو مقام الشكر كما ذكر ذلك ابن القيم رحمة الله عليه لأن مقام الشكر جامع لجميع مقامات الإيمان فمن أراد الزيادة في النعم عليه أن يشكرها ومن أردا أن يشكرها فعليه أن يطبق ثلاثة شروط :

الشرط الأول :

=======

أن يعترف بهذه النعمة باطناً أي أن قلبه ينسب حصول هذه النعمة لله عزو جل فإذا ربح في التجارة فلا يحدث نفسه أن هذا الربح حصل بسبب خطته الرائعة في البيع او أن هذا المنصب كان بسبب خبرته القديمة وأفضليته بين موظفي الشركة أو أن يحس أنه نجح بسبب ذكائه أو مذاكرته .. بل ضع في قلبك أن كل هذا حصل بسبب توفيق الله ،فالله هو الّذي تفضل بذلك وإلا فكثير من الناس عنده خبرة أكبر من خبرتك ولم يربح بالتجارة كما ربحت وبعضهم درس أفضل مما درست ولم يحصل على مثل درجتك فالفضل لله تعالى أولاً وآخراً ظاهراً وباطناً ،هذه اول خطوة للشكر قبل أن تقول الحمد لله وقبل أي شيء .

الشرط الثاني :

=======

التحدث بهذه النعمة ظاهراً تقول الحمد لله وإذا مدحك أحد تقول هذا إنما كان بفضل الله وحده وليس مني كما قال تعالى

(( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَ‌بِّكَ فَحَدِّثْ )) ﴿الضحى / ١١﴾

ولكن انتبه إلى ان هذا التحدث يجب أن يكون بلا تفاخر ولا غرور لأن البعض يتخذ هذه الآية وسيلة للتفاخر فيقول

(( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَ‌بِّكَ فَحَدِّثْ )) ﴿الضحى / ١١﴾

فإذا قلبه يمتلأ بالتفاخر ولا يستحضر أنه يثني على ربه لكن الشيطان يلقي هذه الآية على لسانه لتبرير مدح النفس أمام الناس إلى هذه الخدعة القديمة من الشيطان

الشرط الثالث :

========

أن يستخدم هذه النعمة التي أعطاه الله إياها بالخير والطاعة وهو القانون كما ذكرنا في بداية الحلقة إن أراد استمرار عطاء الله تعالى له للأبد .

هذا هو التعامل المثل مع الله إذا أعطاء والموفق هو من أحسن التعامل مع ربه وهؤلاء هم القلة من البشر قال تعالى

(( يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِ‌يبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ‌ رَّ‌اسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرً‌ا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ‌ )) ﴿سبأ / ١٣﴾

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم أن نكون من هؤلاء النادرين في الحياة فليس المهم أن تأتي العطية في الدنيا بل أن تستمر أطول مدة ممكنة والأهم أن تجدها معك في الآخرة .

وأنا أستغرب كيف يفضل بعض الناس الدنيا على الآخرة شيء غريب أنا أستغرب من ذلك كثيراً سأقول لم هو شيء غريب :

فلنفرض مثلاً لو ان شركة عملاقة خارج البلاد طلبت منك أن تسافر إليها لتعمل لديهم وعرضت عليك العمل عندها لمدة عشر سنوات والشركة بالتالي يلزمها أن توفر لك السكن في هذا البلد ولكنها خيرتك بين عقدين

- العقد الأول أن تسكن في شقة عادية طوال مدة هذا العقد طوال العشر سنوات

- او ان تسكن في قصر فاخر ولكن لمدة يوم واحد ثم بعد ذلك تخرج منه وتتحمل أنت السكن من جيبك الخاص .

بالله عليك ماذا ستختار سبحان الله وهل يوجد عاقل يختار القصر لمدة يوم لينام بعدها في الشارع طبعاً لا أكيد سأختار الشقة ..

إنسى العقد السابق وانتبه معي في هذا الاحتمال الثاني :

أن يكون العقد كالآتي

- إما أن تسكن في شقة عادية لممدة يوم واحد

- وإما ان تسكن في قصر فاخر طوال العشر سنوات

الآن ماذا ستختار ؟

طبعاً سأختار القصر لمدة عشر سنوات

سبحان الله .. هذا تماماً ما يحدث بين الدنيا والآخرة إما أن نأخذ عطاءاً قليلاً مؤقتاً في الدنيا من الشهوات المحرمة أو ان نأخذ عطاءاً دائماً وأكثر وأجمل في الجنة مما لا عين رات ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ،فمن منا الآن سيختار الدنيا ؟ ..

هل تصدق أنه يوجد من الناس من يختارها ويترك الآخرة مع أنه متاكد أن مافي الآخرة هو أعظم وأكبر والله أنا لا أفهم لماذا يفعلون ذلك فعً مستغرب لا أعرف السبب لكن سبحان الله قال تعالى

((بَلْ تُؤْثِرُ‌ونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿١٦﴾ )) (الأعلى / 16)

اللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا اللهم آمين والحمد لله رب العالمين .

:: مع الشكر لفريق التفريغ في منتدى الشيخ محمد العريفي:http://3refe.com/vb