يعود بذاكرته أربعين عالما , لصورة انطبعت في مخيلته لاينساها أبدا إنها صورة المصلين داخل المسجد وهي لاتتوافق مع أعمالهم خارجه !
سواء كان ذلك في أخلاقهم أو في تعاملهم مع غيرهم كان يسأل نفسه كيف يكون ذلك ولماذا كل هذا التناقض لماذا لاتعمل الصلاه عملها في تهذيب الأخلاق عند هؤلاء لماذا هذا الفصل بين الدين والحياه !!!
وتمر الأيام والسنون ويكبر الطفل ليدرك أن الذي كان يتسائل أنذاك فطرته التي كانت فيه وتتسع مداركه وقرءاته للتاريخ
يقرأ صورة مشرفه ونماذج لشخصيات يمكن أن نشبههم بقرآن يدب على الأرض الدين عندهم هو الحياه والحياه عندهم هي الدين لافصل بينهما
ولنعيي أن التحدي الكبير هو أن نحي هذا النموذج الذي عاشه الأولون ونحيا به فطلب العلم عند هؤلاء عباده بل هي صورة من صور الجهاد في سبيل الله كيف لا ؟ وأول الوحي كلمة اقرأ بل وأول امر وفرض اقرأ !
والعمل عند هؤلاء عباده كيف لا والأيمان ماوقر في القلب وصدقه العمل
والمشي في حاجه غيرهم عندهم عبادة
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا فِي مَسْجِدِي هَذَا ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَقْضِيَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ " .
لعل أفضل تشبيه لحالنا مع الدين هو قصه العميان مع الفيل فقد طلبوا من عميان وصف فيل امامهم فما كان من كل واحد منهم ئلا أن أمسك من الفيل طرفا فمن أمسك بقدمه ظن أنها جزعا ومن أمسك بذيله ظنها حبلا ومن أمسك ومن أمسك بصدره ظن أنه جبلا
ان المرض العضال الذي أصاب هذه الامه هو الخلل في الفهم الصحيح لمفهوم الشموليه في الاسلام, فأخذ كل واحد منهم جزاءا من هذا الدين وتشبث به مما أدى لتكوين نظره قاصره بل وخاطئه عن الدين ولا عجب أن رأ بعضهم بالدين عائقا لتقدمهم بل وحملوه تبعه تخلفهم
قد نرا من يستنكر على طبيب أن يخطب الجمعه من منطلق أن ذلك ليس من تخصصه , وكأن على الطبيب أن يلزم عيادته وما الحكمة اذن من وجود المنبر في الاسلام وهل كان المسجد ئلا مكانا للتعليم وللتثقيف ولتوعيه الناس وتوجيههم للخير
ليس من الأحرى لكل متخصص
أن يفعل دور المنبر في مجاله وتخصصه فنثري بذلك المساجد ونجعلها جزاءا من الحياه وبذلك نعيد الحياه للمسجد ونعيد المسجد للحياه
ان الله أكرمنا ان تكون جميع صور معاشنا عباده له سبحانه فعيادة المريض عباده وترويحك عن أخيك عباده وادخال البهجة والسرور على غيرك عباده فتبسمك في وجه أخيك صدقة والكلمه الطيبه صدقة وكل معورف صدقة ورعياه الأبناء والاحسان اليهم عبادة يخرج الملكات التي أودعها الله اياهم والرياضه كذلك يمكن أن تتحول بالنيه لتصبح صورة من صور العبادة وكذلك التأمل والتدبر في ملكوت السماء والأرض والتفكر في آيات الله عباده ومااقتصر سجود في صلاتي فقلبي ساجد طول الحياه
نعم هذا مايطلبه من الاسلام هذا هو الاسلام والله ماهزمنا ئلا عندما حبس الاسلام في المسجد وأغلقنا عليه الأبواب
إن أهم مفهوم جاء به آخر سل السماء هو مفهوم الشموليه في الاسلام , شموليته في تنظيم حياه الفرد والأسره والمجتمع والأمه إنها طريق حياه لافصل فيها بين الدين والدنيا انها الربط بين تكاليف التعبديه من صلاه وصيام وقيام و التكاليف الاجتماعيه التي ترا آثارها في حياه الناس اليوميه انها الشموليه
التي جعلت الرعيل الأول يوصف رهبان بالليل فرسان بالنهار
انها سجود القلب والجوارح في محراب الحياه ’ ليتنا نفهم معنى لاأله الا الله . الا يكون هنلك اله الا الله لا اله الهوى و الا اله المال والا اله الجهل والسلطان
أن تكون الحياه كل الحياه لله وكل مافيها من قول وعمل ماهو الا صورة من صورة العباده لله الواحد الأحد وهذا تحقيق معنى لا إله إلا الله
القدوة واضحة هي الصورة الكاملة الممثلة في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنا أعلم اننا لن نستطيع أن نصل لهذه الصورة سيبقى الخطأ وسيبقى التقصير ولكنني أعلم يقينا أنه واجب علينا أن نسعى