هل ساهمت ظاهرة علماء السلطان في تخويف الناس من المرجعية الشرعية للسلطة ؟
وما هي وسائل علماء السلطان في تطويع الناس لاستبداد الفرد الحاكم بدعوى طاعة ظل الله في الأرض؟
لماذا يقدم علماء السلطام قضايا السواك وإسبال الثوب وحرمة التدخين على قضايا الشورى والعدل وحرمة المال العام؟
المقدمة
في العالم الإسلامي هناك سلطتان : سياسية وشرعية
ـ السلطة السياسية دائما تحتاج إلى غطاء من السلطة الشرعية بسبب قوة النص الشرعي وهيبته في قلوب الرعية، وتحرص السلطة على إبراز دعمها للمناسبات الدينية حتى في اكثر الدول عداء للدين.
السلطة الحاكمة التي تحارب الإسلام النهضوي الخطر هي نفسها التي تحتضن الإسلام السلبي الساكن !! .
علماء السلطان يشبهون رهبان الكنيسة في العصور الوسطى الذين نفروا الناس من الدين لدرجة ظهور مقولة الدين أفيون الشعوب !! لأن علماء السلطان يطوعون النصوص الشرعية لسلب حقوق الناس.
من هم علماء السلطان
علماء السلطان مجموعة الأشخاص الذين لديهم قدر من العلم الشرعي ولكن يستعملونه بشكل أو بآخر لخدمة مصالح السلطة حتى لو تناقض الحكم الشرعي والحق والعدل مع توجهات السلطة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه سيكون أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم و أعانهم على ظلمهم فليس مني و لست منه و ليس يرد على الحوض و من لم يصدقهم بكذبهم و لم يعنهم على ظلمهم فهو مني و أنا منه و هو وارد على الحوض ". أخرجه أحمد وغيره وصححه الألباني.
دور علماء السلطان
من أهم واجبات علماء السلطان العمل على تعميق وتضخيم نصوص الطاعة والولاء للسلطة و تهميش حقوق الرعية.
1. غطاء شرعي للسلطة
فوجودهم يعطي للسلطة غطاءا شرعيا خاصة إن جمعوا مع قرب السلطة منصبا رسميا شرعيا فتكتمل الصورة .
2. التبرير الشرعي لتصرفات السلطان
حتى أصبحت للفتوى سوق قائمة ولكل فتوى ثمنها المناسب، حتى وجدنا من يضفي القدسية على تصرفات السلطة المقدسة بقوله تعالى : {لا يُسألُ عمَّا يَفعل وهُم يُسْألُون}.
فوجودهم الديكوري حول السلطة يوحي للناس أن من يعارض السلطة ليس خارجا عن القانون بل خارجا عن الدين أيضا !!
3. التواجد في المناسبات
مرّ الحسن البصري رحمه الله ببعض العلماء على باب أحد السلاطين فقال: أقرحتم جباهكم وفرطحتم نعالكم وجئتم بالعلم تحملونه على رقابكم إلى أبوابهم أما إنكم لو جلستم في بيوتكم لكان خيراً لكم، تفرّقوا فرّق الله بين أعضائكم.
4. بطانة سوء تخصصية
فهم بطانة سوء ولكن تخصصهم هو العبث بدين الله متى ما احتاج الأمر إلى ذلك .
وهم الذين يحرضون على الدعاة والعلماء الربانيين ، فما ابتلي بمحنة الإمام أحمد بمحنة القرآن ولا قضى ابن تيمية حياته في السجون إلا بسبب علماء السلطان الذين يزينون للسلطة إنزال العقوبة بخصومهم !!
5. الميرزا غلام القادياني ( زعيم القاديانية ، وأحد صنائع الإنجليز )
يقول : « لقد قضيتُ معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ومؤازرتها ، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر الإنجليز من الكتب والنشرات ما لو جُمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة ». تمجيد السلطان
وسائل علماء السلطان
يرون كلّ وسيلة لإنكار المنكر على السلطة حرامٌ وكلّ وسيلة تراها السلطة لقمع المصلحين مصلحة شرعيّة.
1. تضخيم نصوص الطاعة والولاء
فيأخذون هذه النصوص ويضخمونها ويعظمونها ويجعلونها في مصاف توحيد الله والإيمان به، مع أنها نصوص مقيدة بطاعة ولي الأمر في المعروف فقط وفيما فيه الصلاح للبلاد والعباد.
كحديث "اسمع وأطع ولو جلد ظهرك وأخذ مالك" وهناك اختلاف بين علماء الحديث في زيادة ولو جلد ظهرك وأخذ مالك وقالوا زيادة منكرة (زياده "وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك" لم تثبت من حديث حذيفه لمجيئها من طريق مرسل وأخر ضعيف جدًا، وفي حديث عباده هي زياده شاذه تفرد بها سعد بن مدرك.)
وفي مقابل تقويتهم لزيادة "اسمع وأطع ولو جلد ظهرك وأخذ مالك" يضعفون حديث"سيد الشهداء حمزةُ بن عبد المطلب ورجُلٌ قام إلى إمام جائرٍ فأمرهُ ونهاهُ فقتله".".( صحيح الترغيب وقال الألباني: حديث صحيح) فهم يثبتون ما يدعم الحاكم ويضعفون ما هو نقيضه.
و يأتون بنص البيعة الذي ورد في حديث عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله على السمع والطاعة وأن لا ننازع الأمر أهله،ثم يتجاهلون تكملة الحديث : وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كان لا نخاف لومة لائم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتداً يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة)
2. إخفاء نصوص الحقوق
روي أن بعض ولاة بني أمية أرادوا ظلما انتزاع أرض كانت لابن عمر رضي الله عنه ، فقال ابن عمر لصبيانه وقد أخذ لأمته( عدة القتال): سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من قتل دون ماله فهو شهيد).(رواه الترمذي وقال حديث حسن)
3. استعمال الحيل الشرعية
جاء في الإحياء :(وأما الآن فقد قيدت الأطماع ألسن العلماء فسكتوا، وإن تكلموا لم تساعد أقوالهم أحوالهم، فلم ينجحوا ،ولو صدقوا وقصدوا حق العلم لأفلحوا، ففساد الرعايا بفساد الملوك، وفساد الملوك بفساد العلماء، وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه، ومن استولى عليه حب الدنيا لم يقدر على الحسبة على الأراذل، فكيف على الملوك والأكابر، والله المستعان على كل حال)
4. تضخيم بعض جوانب التدين :
كما قال البعض "تركوا لكم دينكم فاتركوا لهم دنياهم"، يريدون أن يبقوا الدين ومظاهر التدين حكراً على التعبد في المحراب، وأن يختزل القرآن ومفاهيمه الكبرى بمجرد بركة حفظه والإكثار من ختماته، ويطنون آذان الناس بالكلام عن ذم الدنيا والتحذير منها ومن متعها.
وفي الوقت الذي تحارب السلطة القبول بالقرآن كدستور وشريعة تحكم المسلمين فإنها تبالغ في رعاية وتنظيم مسابقات حفظ القرآن الكريم ، ويأتي علماء السلطان ويكملون الدور ويستغلون هذه المسابقات في مهاجمة مخالفيهم كدليل على صلاح الوالي وشرعيته !!
وهذا يجرنا على حقيقة يغفل عنها الكثير من الناس وهي أن السلطة دائما ما تشكك بأهل الصلاح ( وأنهم يستغلون الدين لتحقيق مآربهم السياسية) لسبب بسيط وواضح وهو أن السلطة تقوم بنفس الدور وهو استغلال الدين من اجل تحقيق المصالح السياسية وعرابيهم في ذلك علماء السلطان !!
5. تحريم الإنكار على السلطان
وهم يحرمون النصح للسلطان بالعلن وقصر الأمر بالمعروف على النصح سرا ، وتحريم الجرأة عليه بنصحه على المنابر او غيرها علنا لما في ذلك من إثارة الفتنة، وكأن فتنة تقديس الحاكم لا معنى لها.
قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين :( وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يُترك وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم يُرغب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان!)
6. الطعن في دين خصوم السلطان
والعجيب انهم مع هذا الحزم في تحريم النصح للسلطان علنا تجدهم لا يتورعون عن تجنيد الأموال والجهود والأوقات في مهاجمة الدعاة والمصلحين علنا ليلا ونهارا وإخراجهم من أهل السنة واتهامهم بأنهم من الخوارج او مرتدين ويطبعون الكتب ويوزعون المؤلفات بالمجان لتشويه صور الدعاة
والقرآن الحكيم يضرب لنا أمثالاً تاريخية لعلماء السوء،. يقول تعالى وهو يحدثنا عن قصة بلعم بن باعوراء العالم المنحرف في بني إسرائيل الذي استخدم علمه لمحاربة نبي الله موسى عليه السلام ورسالته: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَاَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) الاعراف،175
ولا يصيب منهم أهل الذنوب والمعاصي والبدع عشر معشار ما يصيب الدعاة والمصلحين!!
يحملون كلام الدعاة على أسوأ المحامل والتفسيرات
يفتون بأن التغييرات في العالم الاسلامي سواء في ليبيا أو تونس أو مصر أو اليمن كلها باطلة عندهم، لأنها خروج على الحاكم، ومازالوا يقولون ان القذافي كان ولي أمر وما كان من الجائز شرعا الخروج عليه، وأن الذين خرجوا عليه آثمون على الرغم من ان القذافي أظهر الكفر البواح فرفض السنة وحرف في كتاب الله.
7. محاربة الدعوة للحريات
فمن السياسات التي ينتهجونها هي تكبير دائرة الحلال للسلطة وتكبير دائرة الحرام للرعية !!
ولديهم كلمة الحرية مساوية لكلمة الفوضى والفتن
وانظر كيف جوز بعض علماء السوء في الشام دماء الشعب السوري للطاغية بدعوى محاربة الإرهاب والفتن والفوضى !! وأي مجاهد يريد لوطنه الحرية والكرامة يصفه علماء السوء بأنه : عميل متآمر، وخائن مأجور، ومخرب مغرض، ومخرب مندس.
وهو ما يذكرنا بقصيدة الشاعر أحمد مطر :
لقد شيعت فاتنة
تسمى فى بلاد العرب تخريبا وإرهابا
وطعنا فى القوانين الإلهية
ولكن اسمها والله ..
ولكن اسمها فى الاصل .. حرية
ميزان الحلقة:
مهمة علماء السلطان خدمة القصر، وتذكير الناس بنصوص الصبر والشكر
http://www.suwaidan.com/node/6614