ما هي فلسفة المال العام في الإسلام وقواعد التصرف فيه ؟
ولماذا أصبح المال العام مستباحا لكل طامع وأفاك ؟
وما هي النماذج التي يقدمها التاريخ في هذا الملف الموجع؟
لماذا طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من عامله أن يجلس في بيت أبيه وأمه؟
ومن كان اسمه مدرجا في فقراء المسلمين عندما رفع كتاب بذلك إلى عمر؟
وكيف تصرف بهدية زوجة ملك الروم إلى امرأته ؟
وماذا فعل عمر بن عبد العزيز في صكوك تملك المتنفذين لأراضي المسلمين ؟
وما هي قصة الأعطيات السخيفة في التاريخ؟
المقدمة
من القضايا المؤرقة لكل انسان في المشرق العربي هي كثرة الفساد المالي الذي نتج عنه تخلف مستدام، وهذا يجعلنا نستدعي التاريخ لنتعرف عن قضية المال العام ومصادر جمعه وصرفه والحفاظ عليه .
فلسفة المال في الإسلام
هذه حلقة عمرية بامتياز ونقصد بالعمرية عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.
1. المال مال الله
اهتم به المسلمون بالمال العام فكتبوا عدة كتب منذ بداية عصر التأليف في القرن الثاني الهجري.
ـ فكتب أبو يوسف القاضي كتاب الخراج رسالةً لهارون الرشيد،
ـ وكتب الإمام محمد بن الحسن كتاب الكسب،
ـ وكتب أبو عبيد بن سلام كتاب الأموال، وغيرها كثير، مما يبين حرص المسلمين والعلماء على المال العام .
2. الإنسان مستخلف في المال
الصحابة كانوا الأعمق في فهم حق الأمة في المال، مع كونهم حديثوا عهد بمجتمع طبقي مرابي المال فيه دولة بين الأغنياء، ومن أعظم ما نظمه وابتدعه المسلمون في التاريخ الإسلامي في مجال إدارة الأموالواستخلافها بشكل صحيح
نظام الوقف الذي كانت له غايات وفوائد عظيمة، منها:
1.عظَّم وكثَّر من المؤسسات المجتمعية المدنية: فقد امتلأت أمصار الدولة الإسلامية بالأوقاف التي أقامت هذه المؤسسات والمشاريع المدنية التي كانت مستقلة في تمويلها.
2.أبقاها مستقلة عن سلطة الدولة، بسبب التمويل الخاص فيها المستقل.
3. زاد من الإبداع في الانتاج الحضاري لوجود الدعم الكامل والمستقل للعلماء والباحثين.
4. استمرار النهضة حتى في حال فساد البلاط السياسي: أطال من عمر الدولة الإسلامية لاستمرارية المؤسسات التعليمية والصحية والحضارية وغيرها التي استمرت بسبب الأوقاف حتى في الوقت الذي كان فيه بلاط الحكم في أشد حالات الفساد.
5. الحرية الفكرية والتنوع الفكري (بشكل نسبي) التي كانت موجودة في الدولة بفضل الأوقاف فأعناق العلماء لم تكن متعلقة برزق من الدولة، وكذا النشأة الفكرية متنوعة بسبب التنوع الموجود في دعم المدارس والكتاتيب التي لا يجب أن تتبع نهجاً معينا تخطه الدولة وسياستها كما في الدول الشمولية، فكان للصوفية أوقاف وللعلماء والأطباء أوقاف وللفقهاء وللمحدثين وللمالكي والشافعي والحنفي والحنابلة وهلم جراً مما أثرى التنوع الفكري.
6. لهذا الاستقلال لم توجد في التاريخ الإسلامي دولة شمولية تتولى أرزاق الناس وتدخل في عقولهم ما يجب أن يتعلموه من خلال المدارس، وغير ذلك من سيطرة الدولة الكاملة.
3. السلطان قاسم لا مالك
شرح النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا المبدأ فقال : (إنِّي واللَّهِ لا أُعطي أحدًا ، ولا أمنعُ أحدًا ، وإنَّما أنا قاسِمٌ أضَعُ حيثُ أُمرتُ) (مجموع فتاوى ابن تيمية : صحيح)
4. السلطان مؤتمن على المال العام
جاء في صحيح البخاري ومسلم عن أبي حميد الساعدي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عاملاً فجاءه العامل حين فرغ من عمله، فقال: يا رسول الله، هذا لكم وهذا أهدي لي. فقال له: أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك، فنظرت أيُهدى لك أم لا. ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد الصلاة فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: "أما بعد، فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول: هذا من عملكم، وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يُهدى له أم لا، فوالذي نفس محمد بيده لا يغل أحدكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه إن كان بعيرًا جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار، وإن كانت شاة جاء بها تيعر، فقد بلغت".
بدأ تنظيم المال في الأمة بتأسيس مؤسسة بيت المال، وهو تنظيم عبقري لإدارة الأموال الواردة والصادرة.
بعض الناس تسربت إليه معلومة فقهية ففهمها بشكل خاطئ، وهي أن السرقة من المال العام (بيت مال المسلمين) لا حد فيها في الشريعة، لأن لكل مسلمٍ نصيب في بيت المال، فصار هذا شبهة في درأ الحد (مذهب الجمهور)، فتوهم بعض العامة بناءً على ذلك أن انعدام الحد يعني أنه حلال وأن لا عقوبة فيه! ولذلك أصبح المال العام مستباحا!!
5. حرمة المال العام أعظم
حدث أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو يخطب الجمعة بالناس -وكان قد أتته ثياب من اليمن فوزعها على المسلمين كل مسلمٍ ثوبًا- فبدأ الخطبة وعليه ثوبان، وقال: أيها الناس! اسمعوا وعوا. فقام سلمان من وسط المسجد، وقال: والله لا نسمع ولا نطيع. فتوقف واضطرب المسجد، وقال: ما لك يا سلمان؟ قال: تلبس ثوبين وتلبسنا ثوبًا ثوبًا ونسمع ونطيع؟! قال عمر: يا عبد الله! قم أجب سلمان. فقام عبد الله يبرر لسلمان، وقال: هذا ثوبي الذي هو قسمي مع المسلمين أعطيته أبي. فبكى سلمان، وقال: الآن قُلْ نسمع، وأمر نطع. فاندفع عمر يتكلم. [إعلام الموقعين].
قواعد التصرف في المال العام
1. لا محاباة ولا تفرقة
فمن المبادئ العامة "كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"، فمنع دوران المال بأيدي فئة معينة من دون سائر المجتمع.
2. الفائض يوزع على الشعب
في لحظة نادرة من لحظات التاريخ اختفى الفقر والفقراء في عهد عمر بن عبد العزيز حتى إن الأغنياء كانوا يخرجون بزكاة أموالهم فلا يجدون يد فقير تبسط إلى هذا المال،وقد اغنى عمر الناس بعدما حكم بسنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام! فأرسلت الكتب من أمير المؤمنين وتقرأ في مساجد عواصم دولته ، التي كانت تبلغ مساحتها ربع مساحة العالم اليوم في القرن العشرين، تقرأ كتب أمير المؤمنين رضي الله عنه: من كان عليه أمانة وعجز عن أدائها فلتؤد عنه من بيت مال المسلمين! من كان عليه دين وعجز عن سداده فسداد دينه من بيت مال المسلمين! من أراد من الشباب أن يتزوج وعجز عن الصداق فصداقه من بيت مال المسلمين! من أراد من المسلمين أن يحج وعجز عن النفقة فليعط النفقة من بيت مال المسلمين!
3. الحاكم لا يحدد راتبه
قال ابن جماعة: للسلطان أن يأخذَ من بيت المال كفايتَه اللائقة بحاله وأهله، وعبيده وإمائه، وخدمه وغلمانه، ودوابه، بالمعروف؛ من غير إسراف ولا تقتير، قال عمر - رضي الله عنه -: إني أنزلتُ نفسي من مال الله - تعالى - بمنزلة ولي اليتيم؛ إن استغنيتُ استعففت، وإن افتقرت أكلتُ بالمعروف.
قال عمرَ بن الخطاب: "أنا أُخبركم بما أستحلُّ من مال الله: حلَّة الشتاء والقيظ، وما أحجُّ عليه وما أعتمر من الظَّهْر، وقوت أهلي كرجل من قريش، ليس بأغناهم، ولا بأفقرِهم، أنا رجلٌ من المسلمين يُصيبني ما أصابهم".
وعن مالك بن دينار قال: لما أتى عمرُ - رضي الله عنه - الشامَ، أمر أن يكتبوا له فُقَراءهم، قال: فرُفع إليه الكتاب، فإذا فيه سعيد بن عامر بن جذيم أميرُها، فقال: من سعيد بن عامر؟ قالوا: أميرنا، قال: أميركم؟ قالوا: نعم، قال: فعجب عمر! ثم قال: كيف يكون أميرُكم فقيرًا؟! أين عطاؤه؟ فأين رزقه؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين، لا يمسك شيئًا، قال: فبكى عمر - رضي الله عنه - ثم عمد إلى ألف دينار فصرَّها ثم بعث بها إليه، وقال: أقرئه مني السلام، وقل له: بعث بهذه إليك أميرُ المؤمنين تستعين بها على حاجتك، قال: فجاء بها إليه الرسول، فنظر فإذا هي دنانير، فجعل يسترجع، قال: فقالت له امرأته: ما شأنُك يا فلان؟ أمات أمير المؤمنين؟ قال: بل أعظم من ذلك، قالت: فما شأنك؟ قال: الدنيا أتتني، الفتنة دخلت عليَّ، وتصدق بها كلها.
4. من أين لك هذا ؟
كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- وكان عامله على مصر: من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص سلام عليك، أما بعد.. فإنه بلغني أنك فشت لك فاشية من خيل وإبل وغنم وبقر وعبيد، وعهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك، فاكتب إليَّ من أين أصل هذا المال، ولا تخفي عني شيئًا.
فكتب إليه: من عمرو بن العاص إلى عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد.. فقد وصلني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه ما فشا لي، وأنه يعرفني قبل ذلك ولا مال لي، وإني أخبر أمير المؤمنين أني ببلد السعر به رخيص، وأني من الحرفة والزراعة ما يعالجه أهله... ، والله لو رأيت خيانتك حلالاً ما خنتك، فأقصر أيها الرجل فإن لنا أحسابًا هي خير من العمل عندك! إن رجعنا إليها عشنا بها! فكتب إليه عمر: أما بعد، فإني والله ما أنا من أساطيرك التي تسطر، وما يغني عنك أن تزكي نفسك! وقد بعثت إليك محمد بن مسلمة فشاطره مالك، فإنكم أيها الرهط الأمراء جلستم على عيون المال ثم لم يعوزكم عذر، تجمعون لأبنائكم وتمهدون لأنفسكم، أما إنكم تجمعون العار وتورثون النار، والسلام".
5. الشعب يحاسب المسؤولين .
وقف عمر يخطب الناس وعليه ثوب طويل فقال: أيها الناس اسمعوا وعوا.
فقال سلمان الفارسي: والله لا نسمع ولا نعي. فقال عمر: ولِمَ يا سلمان؟ قال تلبس ثوبين وتُلبسنا ثوبا. فقال عمر لابنه عبد الله: يا عبد الله قم أجب سلمان. فقال عبد الله: إنّ أبي رجل طويل فأخذ ثوبي الذي هو قسمي مع المسلمين ووصله بثوبه. فقال سلمان: الآن قل يا أمير المؤمنين نسمع وأمر نُطع
نماذج التصرف في التاريخ
1. النماذج الرائعة
عندما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة احتجب عن الناس ثلاثة أيام متواليات ،لا يخرج إلا للصلاة ،ولا يدخل عليه أحد ،إلا وزيره مزاحم ،وكان عمر خلال هذه الأيام يعمل ليل نهار مع وزيره في فرز سجلات أراضي الأمراء ،وفي استخراج العطايا والأموال التي كانوا يأخذونها ،فجلس هذه الأيام الثلاث رحمه الله يدرسها دراسة دقيقة ،وكم كان عجب عمر كبيراً عندما أحصى مجموع القطائع والأراضي والأعطيات والأموال التي أخذها أمراء بنو أمية ،فبلغت عنده نصف ما في بيت مال المسلمين أو ثلثيه. فما كان منه إلا أن نادى: الصلاة جامعة ،فاجتمع الناس ،فخرج إليهم ،وقبل أن يخرج ،كان بنو مروان ،وبنو أمية ،لا يدرون كيف يتصرف عمر ،فكانوا هم وأشارف الجند ببابه ،ينتظرون خروجه ،فخرج ،وصعد المنبر ،فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
أما بعد: فإن هؤلاء - أي الخلفاء قبله - أعطونا عطايا ما كان ينبغي لنا أن نأخذها ،وما كان ينبغي لهم أن يعطونا ،وإني قد رأيت ذلك ليس علي فيه دون الله محاسب ،وأني قد بدأت بنفسي وأهل بيتي ،اقرأ يا مزاحم ،فجعل مزاحم يخرج سجلاً سجلاً وعهداً عهداً وكتاباً كتاباً ثم يقرؤه ،فيأخذه عمر ،وبيده آلة حادة فيمزقه ،وما زال حتى حان وقت صلاة الظهر ،ونادى المؤذن بالصلاة ،ورد جميع هذا إلى بيت مال المسلمين ،كان يأخذه من الأمراء بالقوة الذي لا يرده باختياره. وبدأ بحلي زوجته ،فاطمة بنت عبد الملك ،أخت سليمان ،فقد كان أخوها يعطيها من الهدايا والأعطيات ،فأخذ كل جواهرها وأرجعه إلى بيت مال المسلمين ،ولا شك أن هذا الفعل ،ضايق كثيراً من الأمراء لكن رحمه الله كان لا تأخذه في الله لومة لائم ،ثم صار يُنادي في الأمصار أن كل من له مظلمة ،أو أن هناك والياً أو أميراً ظلمه أو أخذ من أجره فليأتنا أو ليكتب لنا ،فنرد مظلمته. .
2. الورع
جاء في تاريخ الطبري: وقالوا: ترك ملك الروم الغزو، وكاتَبَ عمر وقاربه، فبعثت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب إلى ملكة الروم بطِيبٍ ومشارب ، ودسَّتْه إلى البريد، فأبلغه لها وأخذ منه، وجاءت امرأة هرقل، وجمعت نساءها وقالت: هذه هدية امرأة ملك العرب وبنت نبيِّهم، فكاتبتْها وكافأتها وأهدت لها، وفيما أهدت لها عقد فاخر، فلما انتهى به البريد إليه، أمره بإمساكه، ودعا: الصلاةَ جامعةً، فاجتمعوا فصلى بهم ركعتين، وقال: إنه لا خير في أمر أُبرِم عن غير شورى من أموري، قولوا في هدية أهدتْها أمُّ كلثوم لامرأة ملك الروم، فأهدت لها امرأة ملك الروم، فقال قائلون: هو لها بالذي لها، وليست امرأة الملك بذمة فتصانع به، ولا تحت يدك فتتقيك، وقال آخرون: قد كنا نهدي الثياب لنستثيب، ونبعث بها لتباع ولنصيب ثمنًا، فقال: ولكن الرسول رسولُ المسلمين والبريد بريدهم، ، فأمر بردِّها إلى بيت المال، وردَّ عليها بقدر نفقتها.
3. الترف
في عصر انحطاط الأمة كان البذخ والإسراف والتلاعب بأموال الأمة قد بلغ مداه، ففي منتصف القرن التاسع عشر والدولة العثمانية تنحدر شيئاً فشيئاً وخزانتها تضعف بأسباب الفساد الإداري، يأتي السلطان عبد المجيد ويبني قصر "دولمة باهتشه" على طراز معماري أوربي بكلفة 5 ملايين ليرة تركية أي ما يقارب المليار دولار، ولسبب عجز ميزانية خزينة السلطنة نُقلت ديون القصر التى أصبحت ثلاث ملايين ليرة إلى خزانة وزارة المالية، فاضطرت وزارة المالية التى أصبحت فى مأزق أثر على رواتب الشعب، وبلغ الإسراف على القصر غايته فى عهد السلطان عبد العزيز حيث بلغت المصاريف السنوية بالقصر الذى عين فيه 5320 شخصاً حوالى مليوني جنيه استرليني.
4. الأعطيات السفيهة
أراد محمد بن منصور أحد المقربين للوزير الفضل بن يحيى البرمكي أن يدخل على الفضل. وكان هناك شاب شاعر وأديب يقف بباب دار الفضل وينشد هذا الشعر: ليس فـــي الدنـيا نظيــــــر لـــي ومحــــتاج إليــــــــك وقد كتب هذا الشاب الشعر الذي قاله في ورقة وطلب منه أن يوصلها إلى الفضل،
فقبل محمد بن منصور طلب الشاب وفي لحظة قدومه سلم شعر الشاب للفضل. ولما قرأ الفضل ذلك الشعر نادى حاجبه بأن يستدعي الشاب إليه. ولما دخل الشاب عليه، كان يتصف بأجمل الأخلاق، من دعاء وثناء بأحسن ما يكون، فقال الفضل لمحمد: إن هذا الشاب القائل هذا البيت صادق في قوله. فأمر بأن يعطى له عشرة آلاف درهم.
فقال الشاب: أيها الوزير العالم قد خلصتني من الفقر والحاجة التي أنا بها فهلا استبدلت الدراهم بدنانير. فأمر الفضل بصرة أخرى تعطى له فيها عشرة آلاف درهم وقال له: خذ الاثنين. فقال الشباب: إذاً علي أن أكون حمالاً. فقال الفضل له: خذ واحداً من الخدم ليحمله لك. فقال الشاب: انتقيه على أن يكون خادماً لي؟ قال الفضل: كما تريد فذلك لك. فاختار واحداً وقال: كيف أسمح لنفسي أن آخذ الغلام وأحرمه من سعادتك؟ ولما سمع الفضل كلامه: سر به وأعطاه ثلاثة من الخدم غير الأول.فقال الشاب: كيف يذهبون معي مشاة. فأمر الفضل له بأربعة أفراس. فخرج الشاب بهذا المال الكثير.
5. الأراضي من المال العام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أخذ شبرًا من الأرضِ ظلمًا ، فإنه يطوَّقُه يوم القيامةِ من سبعِ أرَضين) صحيح مسلم.
قدم ذمي من أهل حمص فقال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله قال: وما ذاك؟ قال: إن العباس بن الوليد اغتصبني أرضي والعباس حاضرٌ فقال عمر رضي الله عنه: ما تقول يا عباس؟ قال: إن أمير المؤمنين الوليد أقطعني إياها ،وهذا كتابه أي صك الأرض. فقال عمر رضي الله عنه : ما تقول يا ذمي .قال: أمير المؤمنين أسألك كتاب الله تعالى: فقال عمر رضي الله عنه: كتاب الله أحقُ أن يتبع من كتاب الوليد ،فاردد عليه أرضه يا عباس ،فردَّها عليه.
ميزان الحلقة:
العالم يعاني من أزمة ضمير لا أزمة موارد
http://www.suwaidan.com/node/6609