|
|
|
| مشاري الخراز |
الدخول على العظيم عظيم وهذا الدخول يحتاج إلى تهيئ و تدرج فلا يصلح أن تقف بين يدي الله هكذا فجأة فلا بد أن تمر بمراحل وتجاوز و استعداد تقبل لقاء صاحب الجلالة
و هذا الرب العظيم هو الذي حدد بنفسه كيف يكون هذا الاستعداد و ليس كل واحد يأتي و يتجهز بطريقته الخاصة
لا بل لابد من أفعال معينة و لها خطوات مرتبةبمقدار معين فإذا انتهيت من التجهز يمكنك الآن أن تدخل على الحضرة الإلهيةكما يسميها ابن رجب رحمة الله عليه أن تدخل على الله في الصلاة ومن مراحلالتجهز التي وضعها الله لك قبل الصلاة مرحلة الوضوء
و كثير من الناس لا يحس بطعم الوضوء و يرى أنهوسيله للدخول إلى الصلاة لا أكثر ولا أقل أي لأنه لا يمكنني أن أصلي إلاعندما أتوضأ إذن لابد أن أتوضأ ! لا هذه خسارة و الله كل يوم تتوضأ بلامشاعر !
لا بد أن نعرف معاني الوضوء و أسراره إن أول شيءأول شيء يمكنك أن تغيره في وضوءك هو مقدار الثواب و الأجر في وضوءك, فإنقلت لي ماذا عساي أن أفعل ؟ أنا آتي بجميع أركان الوضوء و أقرأ الأذكاربعده و أحاول الاقتصاد بالماء أي ماذا عساي أن أفعل أكثر من هذا ؟
نقول أحسنت و لكن كل هذا كان من عمل الجسد الهدفالآن أن نأتي بأعمال القلوب يقول ابن القيم رحمة الله عليه صاحب النيةالصحيحة إذا عمل عملاً قليلاً فإنه يقطع من المسافات أضعاف أضعاف ما يقطعهالخالي من النية حتى مع تعبه الكثير
إذن ما هو المطلوب ؟ اسأل نفسك عندما تذهب إلى الضوء ماذا تنوي ؟أناسأتوضأ لكي أصلي, نقول هذا الذي تفعله هو الذي يفعله أغلب الناس ينون فقطأن يتوضئوا لكي يتمكنوا من الصلاة و لكنك تستطيع أن تنوي نيات أكثر وتحصل على أجر أكبر كما ذكر ذلك أهل العلم رحمة الله عليهم
فمثلاً أنا أتوضأ لكي تصح صلاتي و أيضاً أني فوقذلك أن أطيع أمر الله الذي سمعته منه سبحانه في سورة المائدة عندما قال لي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) إلى آخر الآية
هذا الآن أمر فأنا أتوضأ ليس فقط لكي تصح صلاتي بل أيضاً أتوضأ حباً لله تعالى الذي طلب مني شيء و طلبه أوامر أفرح بتنفيذها هذا الآن يعتبرشعور من المشاعر نية جديدة في الوضوء هذه النية الزائدة تزيد من أجرك فيالوضوء , الوضوء لم يتغير كما هو و لكن النية زادت و لا شك أن الله تعالىلن يساوي بين الذي ينوي نية واحدة فقط و بين الذي ينوي أكثر من نية وصاحبهذه النية أجره عند الله أكبر قال عبد الله بن مبارك رحمة الله عليه كم منعمل صغير كبرته النية و كم من عمل كبير صغرته النية
حسناً ما رأيكم أننزيد النية أخرى كذلك, يمكنك أن تنوي أن تتوضأ من أجل أن تصلي و تنوي أنتتوضأ طاعةً لله كما ذكرنا و أن تنوي أيضاً أن تتوضأ إتباعاً لرسول اللهصلى الله عليه و على آله و سلم
لأن استشعار محبة النبي صلى الله عليه و سلم و إتباعه بأن أتوضأ كما يتوضأ فيه ثواباً أكثر و هكذا
الذكي هو من يعرف كيف يكثر أجره بالنيات و توجدنية رابعة للوضوء تزيد من حلاوته و سعادته أكثر و أكثر و هي أن تستشعرأثناء الوضوء الرجاء ترجوا الله تعالى بأن تتكفر ذنوبك بل والله قد تخرجالذنوب كلها بوضوء واحد
مره من المرات توضأ عثمان رضي الله عنه و قالرأيت رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم يتوضأ مثل وضوئي هذا ثم قال:" منتوضأهكذاغُفِرَلهماتقدَّممنذنبِه، و كانت صلاتُه و مشيُه إلى المسجدِ نافلةً
الراوي: عثمان بن عفانالمحدث: الألباني- المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 182
خلاصة حكم المحدث: صحيح
لكن سبحان الله ما علاقة الوضوء بتكفير الذنوب ؟الوضوء هو مقدمه الدخول على الله تعالى و لا ينبغي لأحد أن يدخل على الله إلا عندما يكون طاهراً مما لا يحبه الله فإذا صار العبد متطهراً مما لا يحبه الملك أمكنه الآن أن يقابل الملك
مثلاً أهل الجنة ممن كانت لديهم ذنوب في السابقلا يدخلون الجنة إلا إذا تطهروا من جميع ذنوبهم إما أن يطهرهم منها سبحانهفي الدنيا بالتوبة و إما أن يطهرهم الله تعالى منها في الآخرة بالمغفرة أوبما يوازي ذنوبهم من العذاب كما قال تعالى (لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ)
ثم بعد ذلك يدخلون الجنة و يرون ربهم بأعينهمفإذا تطهروا دخلوا الجنة و لاقوا الله و كذلك العبد في الدنيا إذا أراد أنيلاقي ربه في الصلاة فيجب أن يتطهر من ذنوبه قبل أن يدخل على ربه في صلاتهولكن كيف له أن يفعل ذلك؟ بالوضوء, الوضوء يفعل ذلك و العجيب أن هذه الذنوبتخرج من كل عضو بحسبه
قال عثمان رضي الله عنه و أرضاه توضأ رسول اللهصلى الله عليه و على آله و سلم كما توضأت ثم ضحك فقال ألا تسألوني ماأضحكك! فقالوا ما أضحكك يا رسول الله ؟فقال إن العبد إذا دعا بوضوء فغسل وجهه حط الله عنه كل خطيئة أصابها بوجهه فإذا غسل ذراعيه كان كذلك و إذا طهر قدميه كان كذلك
و لهذا تأمل إن شئت الدعاء الذي يكون بعد الوضوءماذا تقول فيه ؟ تقول اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين ,ومن المشاعر الجميلة التي يمكن أن تستشعرها إذا أردت أن تتوضأ انك الآنتستعد للجمال فالصلاة عبارة عن جمال تجمل به نفسك ,ربنا سبحانه و تعالىيقول (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ
قال بعض المفسرين الصلاة تحسن وجوههم , فالإنسان الأولى به قبل أن يتجمل بالصلاة أن يتنظف قبلها من ذنوبه
هذا بالضبط مثل الثوب الذي تلبسه , إن هذا الثوبيجملك و أنت إذا أردت أن تلبس ثوباً تحبه فهل تطيبه أولاً ثم تغسله أم إنكتغسله في البداية ثم تطيبه طبعاً تغسله ثم تطيبه
سبحان الله كذلك يفعل الله تعالى لأحبابه إنهيطهرهم سبحانه بالوضوء أولاً ثم يطيبهم بالوقوف بين يديه فيخرجون من الصلاةكأحسن ما يكونون وجهاً لأن لقاء الله تعالى به في الصلاة هو لقاء لإلهٍجميل فيعطيك من جماله إذا قابلته
قيل للحسن البصري ما بال المتهجدين بالليل أحسن الناس وجوهاً قال لأنهم خلوا بالرحمن تبارك و تعالى فألبسهم نوراً من نوره
إذاً الوضوء تطهير و الصلاة تزيين , ولهذا يومالقيامة يوضع الحلي و الذهب على جسد المؤمن في الجنة عل نفس المواضع التيتطهرها و قام بالوضوء فيها قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (تبلغُالحِلْيةُمنالمؤمِنِحيثيبلُغُالوضوءُ
الراوي: أبو هريرةالمحدث: الألباني- المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2911
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من توضأ كوضوئه غفر له ما تقدم من ذنبه وكان صلاته و مشيته إلى المسجد نافلة , نافلة تعني زيادة,
أي بعد أن انتهت الذنوب بالوضوء صارت الصلاة فقطزيادة في الحسنات لا تحتاج أن تكفر شيء فتصبح الصلاة فقط لتجمل و لا تحتاجإلى أن تستخدمها لتطهرك من شيء أبداً
الوضوء قد فعل ذلك و انتهى الموضوع فإذا بدأتتتوضأ تأمل خروج الذنوب مع الماء و كأنك ترى سوادها بعينك وهو يفارقك إلىغير رجعة بإذن الله تعالى و أنت تحسن الظن بربك إنه سيغفرها كلها
الذي يستشعر كل هذا المشاعر السابقة أثنا الوضوءفلا شك أن وضوءه لن يكون شيء آلي روتيني لا و الله هذه النيات والاستشعارات القليلة هي التي تجعل وضوءك مختلف عن وضوء غيرك و أكثر أجراًإن شاء الله
فبحسب تفاضل أعمال القلوب تحصل كثرة الثواب عن الله عز وجل بل مجاراة أعمال الجوارح كما قال أهل العلم رحمة الله عليهم
يقول أحدهم سألني صاحبي وهو يحاورني كيف توضأت ؟ يقول فقلت ببرود كما يتوضأ الناس فأخذته موجة من الضحك ثم قال مبتسماً و كيف يتوضأ الناس ؟يقولابتسمت ابتسامه باهته و قلت له كما تتوضأ أنت فقال في نبره جادة قال أماهذه فلا لأنني أظن أن وضوءي مختلف إن شاء الله يقول فضحكت ساخراً وقلت لهعلى الفور إذن صلاتك باطله يا أخي وضوءك مختلف !
يقول فضحك ثم قال لي أنا أعني إنني أتوضأ و أنافي حالة روحانية فأجد للوضوء حلاوة و متعة لأني استشعر أن هذا الماء الذيأغسل به أعضائي ليس سوى نور أغسل به قلبي من الذنوب و المعاصي
فقلت ياه كيف فاتني هذاالمعنى والله إني أتوضأ من سنوات طويلة غير أني لم استشعر هذا المعنى إنما هي أعضاء اغسلها بالماء ثم انصرف
هذا هو حال قلبك عن الوضوء فكيف سيكون حال جسدك ؟
أريد أن يكون وضوءك مطابقاً لوضوء النبي صلى الله عليه و على آله و سلم , فلنلقي نظرة....
:: مع الشكر لفريق التفريغ في منتدى الشيخ محمد العريفي
http://3refe.com/vb/