بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه ومن والاه
أما بعد
كثير من الناس يشاهد قصصاً خيالية عن خاتم إذا لبسته يحقق أحمك أو مصباح سحري تفركه فيعطيك 3 أمنيات والكثير من المشاهدين يحدث نفسه ويتمنى لو أن هذه المشاهد حدثت له هو شخصياً وهذه كلها أمور خيالية لن تحدث لكن يتمنى ذلك .
يوجد شيء حقيقي أنت تؤمن به فلماذا لا تستخدمه ؟
كلنا يعرف قصة نبي الله زكريا عليه السلام لما اشتكى إلى الله تعالى في الخفاء لأنه كبير السن وليس له أبناء فبشره الله تعالى عندما دعى دعاءاً خفياً فقال الله تعالى :
(( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا )) ﴿مريم / ٧﴾
يذكر لي أحد أئمة المساجد حادثة حدثت له يقول لما ذكر قصة زكريا في درس من دروس عقب الصلاة فيقول إمام المسجد جاءني بعد الدرس رجل يقول أنا من سنوات لم أرزق بأبناء
فقال له الإمام ببساطة إفعل كما فعل زكريا عليه السلام ادع الله من كل قلبك في الخفاء وهو سيستجيب لك
يقول إمام المسجد فلقيته بعد أقل من سنة
فقال لي أبشرك
فقلت له ماذا حدث هل جاءك ولد
قال لا ماجاءني ولد
قلت ماذا إذن
فقال جاءني أربعة توائم دفعة واحدة وكأن الله تعالى عوض لي كل السنوات الماضية من الحرمان .
لا إله إلا الله كما قال تعالى
(( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )) ﴿البقرة / ١٨٦﴾
كيف يمكنك أن تجعل هذا الدعاء يحقق كل امنياتك ؟
سبحان الله الإنسان إن وقعت له ضيقة هو أن يخبر حبيبه بهذه المشكلة اول مايخطر بباله ان يفضفض مافي قلبه لأقرب الناس إليه
تجد الزوجة تخبر زوجها بكل ماحدث من مشاكل في العمل تجد الصغير لما يتضايق يذهب إلى أمه بسرعة ليخبرها وهكذا .. وقد علم الله تعالى أن العباد يحتاجون إلى حبيب قريب منهم من يتكلم معهم ويكلمونه يبثون إليه أحزانهم وحاجاتهم فيهتم بهم ويهون عليهم ويخفف عنهم علم الله تعالى أنهم يحتاجون ذلك بشدة فكان هو سبحانه ذلك الإله الّذي يسد حاجتهم وفتح بابه لهم طوال الليل والنهار ففي أي وقت أحببت أن تكلم الله فهو موجود سبحانه
كلمه هو سيسمعك لا تأخذه سنة ولا نوم ولاحظ الفرق بين الكلام مع الخالق والكلام مع المخلوق كيف أنك لو أردت أن تدخل على سلطان من سلاطين الدنيا أنت تحتاج أحد معارفك يعرف مدير مكتبه ومدير المكتب قد يستقبلك وقد لا يستقبلك وإذا استقبلك قد يقبل أن يدخلك ضمن جدول السلطان وقد لا يرضى وفرضاً لو أدخلك ربما يستمع إليك السلطان وقد لا يهتم بك وحتى لو استمع إليك فربما يقبل طلبك وربما لا يقبله مع أنه مخلوق مثلك ، أما ربنا سبحانه وتعالى مع أنه مالك الملك خالق السماوات والأرض فإنه مع هذا لا تحتاج أن تكلم أحداً ولا أن يتوسط لك أحد أنت لا تحتاج أكثر من أن تتوضأ وتستقبل القبلة فإذا قلت الله أكبر فأنت الآن بين يدي الجليل تكلمه ويكلمك نعم تقول الحمد لله رب العالمين
فيرد عليك ويقول لك حمدني عبدي
تقول الرحمن الرحيم
فيقول لك أثنى علي عبدي
وتركع وتسجد وتدعو السجود بما تشاء وهو سبحانه بيده كل ماتحتاجه أنت وزيادة فأخرج كل همومك بين يديه كلمه وأخبره بما تريد فهو سيستمع إليك سبحانه نعم سيستمع إليك إلى أن تنتهي ولو أطلت الكلام فلن يمل منك لأن الله تعالى لا يمل حتى تمل كما قال صلى الله عليه وآله وسلم سيستمع إليك ولن ينصرف عنك حتى تكون أنت من ينصرف فخذ وقتك وتلذذ بكل كلمة تقولها في دعائك من الّذي يساويك أن تقف بين يدي مالك الملك وتطلب ماتريد وهو يعطيك .
* * *
إذا دعى النبي صلى الله عليه وسلم ربه كان يظهر أمامه بأجمل صورة تليق بمن يسأل ربه شيئاً فيها كل تذلل وانكسار يليق بالعبد لّذي يطلب من سيده فكيف كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه ؟
كان يرفع يديه حتى تكون بموازاة كتفيه فإذا دعوت ربك ففلا تجعل يدك منخفضة إلى مستوى البطن بل بمحاذاة الكتف
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا ربه يضم يديه بعضهما إلى بعض و لا تكون مفرقة كما يفعل البعض
وكانت يده الشريفة صلى الله عليه وسلم في الدعاء باطنها إلى السماء ووجهها إلى الأرض
ووجهه يكون مقابلاً باطن كفه صلى الله عليه وسلم
هذه الوضعية في الدعاء هي الشكل الأنسب لمن يطلب من إلهه فيفتح العبد يديه وينتظر أن يضع ربه فيهما ما يريد وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى لا بد أن يضع فيهما شيئاً ولا يستحب للإنسان أن يرفع بصره إلى السماء أثناء الدعاء بل من كمال الأدب ان يكون بصره إلى الأرض
وإذا اشتد الكرب وفي حال الحاجة الشديدة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغيث فيرفع يديه كثيراً كما حدث له في معركة بدر حيث رفع يديه إلى السماء عالياً حتى سقط الرداء عن كتفيه صلى الله عليه وسلم
* * *
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين اللهم آمين اللهم آمين والحمد لله رب العالمين
* * *
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه ومن والاه
أما بعد : من ألذ العبادات التي يمكن أن تمر عليك في حياتك هي عبادة الدعاء فيها طعم رائع بعضها أعمق من بعض وكلما كان الإنسان يعرف أسراراً أكثر من أسرار الدعاء كانت لذته أعظم لكن لماذا كثير منا يدعو ولا يحس بهذا الشعور الرائع أو يشعر بقليل منه لماذا ؟
لأننا لا نعرف مالذي يحصل أثناء الدعاء وحتى بعض الّذين يعرفون لا يستحضرون هل تعلم ماذا يحدث عندما ترفع يديك بالدعاء ؟
بمجرد أن ترفع يديك فإنه هناك من يستحي منك
من الّذي يستحي مني .. ؟ الإنس الجن الملائكة ؟ الّذي يستحي منك هو الله تعالى بجلاله وعظمته وهيبته يستحي منك الله يستحي مني أنا ؟ نعم لست انا الّذي يقول ذلك بل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث العظيم عندما قال :
(( إنَّ اللهَ حييٌّ كريمٌ ، يستحي إذا رَفع الرجلُ إليه يدَيه أن يردَّهما صِفرًا خائبتَينِ )) .
الراوي: سلمان الفارسي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1635
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ماهو شعورك عندما تتذكر أثناء الدعاء أن الله يستحي منك ، قال يحيى بن معاذ سبحان من يذنب عبده ويستحي هو من انا يا إلهي لكي تستحي مني وأنت تملك السماوات والأرض ..
أنا مخلوق صغير الناس من ملايين الناس الّذين يعيشون في هذه البلاد في طرف كوكب من مليارات الكواكب في هذا الكون فلماذا تستحي مني أنا بالذات ؟
لأنه هو الكريم سبحانه الودود الّذي جعل عباده يحبونه حباً شديداً بحسن تعاملهم معه ومن هذا التعامل الحسن أنه يستحي منهم فالحياء صفة ثابتة من صفاته سبحانه وتعالى لا نعلم كيفيتها إلا أن حياءه لا يشابهه حياء المخلوق بأي وجه من أوجه الشبه ليس كمثله شيء و هو السميع البصير فإذا استحى الله تعالى من إنسان وصل إلى هذا الإنسان الجود و الكرم و البر فإذا خطر ببالك أن تدعو في لحظة من اللحظات فتذكر أن الّذي تكلمه الآن مستحٍ منك عندها لا إرادياً ستستحي أنت منه
فإذ استحييت أنت من الله فإن الله بالمقابل سيستحي منك أيضاً نعم
نقل ابن القيم أثراً في أحد كتبه من استحى من الله استحى الله منه
الآن أرجوك لاحظ معي هذا التعامل العجيب مع الله أنظر كيف أن العبد يرفع يديه ليسأل ربه فيستحي الله منه فلما كان العبد يعلم أن الله تعالى يستحي منه الآن استحى هو أيضاً من ربه فلما استحى العبد من الله استحى الله منه مرة أخرى يالله ما أجمل هذا المشهد الرائع بين العبد وربه يذوب القلب محبة وجمالاً ولا يحدث هذا إلا بينك أنت وبين إلهك
وهذا أقل شيء يمكن أن تفعله أن تستحي من الله كما استحى منك وليس بكثير على الله عز وجلأان نستحي منه سبحانه
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي الرجل ويقول له أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي رجل الصالح من قومك فإن كنا نستحي من مخلوق ألا نستحي من الله .
فإذا رآك الله تعالى بهذه الحال فلا بد أن يضع لك شيئاً في يديك لا بد لن ترجع خائباً إما أن يعطيك الّذي تريده أو أن يعطيك أفضل من الشيء الّذي كنت تريده لأنه يعلم مالم تعلم ويرحمك أكثر أنت من أن ترحم نفسك .
وقف الفضيل بن عياض يوم عرفة أعظم يوم في السنة كلها والناس يدعون وهو يبكي بكاء شديداً ولم يستطع الدعاء من شدة البكاء فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء
وقال واحياءاه منك وإن غفرت
واسوءتاه منك وإن عفوت
يقول وإن عفوت عني فأنا مستحي منك
وإن غفرت لي فأنا أشعر أيضاً بالحياء ، الله أكبر هكذا يتلذذون بالعبادات إنه لا يمكن أن تشعر بحلاوة العبادة وأنت جامد لا تستحضرر شيئاً ولا تفكر إلا في الطلب الّذي تريده لا بد أن تضع في قلبك شعوراً معيناً لتحس بحلاوة الدعاء .
والله إن الخسارة أن يمر الدعاء طوال هذه السنوات بلا مشاعر جرب الدعاء والله إنه ينقلك إلى عالم آخر أثناء الدعاء فإن هذا الإله العظيم الرحيم الودود الحليم الّذي يستحي منا يستحق فعلاً أن نستحي منه فلا يوجد من هو أحق منه بالحياء سبحانه
ما أحلى مناجاته
ما أجمل الحديث إليه والشكوى بين يديه
اللهم علمنا حسن عبادتك اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .