بسم الله ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ولما جلسنا مجلسا ظله الندى ، وبستان من الروض ناديها ، فتمنينا مننا فكنتم أنتم أيها الأحبة الأماني .
فأسأل الله الذي جمعنا في هذا المكان المبارك أن يجمعنا جميعا في دار كرامته ومستقر رحمته في اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ،، أيها الإخوة نجتمع وإياكم على مائدة محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم لنتذاكر سيرته وننظر في مسيرته فنعمل بسنته ونزكي قلوبنا وأرواحنا بذكره عليه السلام ،، فكلما تذكرنا سيرته الطيبه فإن القلوب تفيض بحبه ، وكيف لا نحب من كان سببا في هدايتنا وإخراجنا من الظلمات إلى النور .
كنت في زيارة للهند في منطقة اسمها كارنيماتا وفيها معبد يقال له معبد الفئران حيث فيه أكثر من عشرين ألف فأر وهذه الفئران النجسة تعبد من دون الله جل وعلا !!!!!! يتقرب الناس إليها بالنذور والدعاء ويسألونها رفع الضر وجلب الخير ،، فيا سبحان الله يدخل شخص ليمارس هذه العبادة فينبطح على بطنه ويضع يده اليمنى أمامه ويده اليسرى على جانبه ثم ينثر الجبن على ظهره لتأتي هذه الفئران وتأكل منها وتكفر عنه خطاياه وسيئاته !!!!!! سؤال : لو نشأنا مع أبوين يعبدون الأصنام أو الفئران فكيف سيكون حالنا ؟؟ يقول نبينا عليه السلام : " مامن مولودٍ إلا يولَدُ على الفَطرَةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه أو يُنَصِّرانِه أو يُمَجِّسانِه، كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جَمعاءَ، هل تُحِسُّونَ فيها من جَدعاءَ ؟؟ " فالإنسان يتأثر بمن حوله ، نحن من بين سائر العالمين تكرم الله علينا وتفضل بأن جعلنا من أتباع سيد الخلق ، تامل ، فكر ، هل بيننا وبين الله حسب هل بيننا وبين الله نسب حتى يختصنا من بين سائر العالمين ولكنها رحمة الله الكريم والذي نسأله جل في علاه كما أحيانا على الإسلام أن يميتنا عليه وهو راض عنا غير غضبان .
قد كان للنبي عليه السلام فضل عظيم على هذه الأمة جميعها بدعوته ورسالته ، فإن محبة النبي عليه السلام دين يدان الله تعالى به ، لو اتى شخص قال لنا أنا لا أحب النبي عليه السلام ولا ابغضه ، سنقول له لست مسلما ، لأن محبة النبي عليه السلام واتباع سنته جزء عظيم وركن لا يتجزأ من دين محمد عليه السلام ، ولهذا جعل الله لكل من ادعى حب النبي عليه السلام علامة وأية ، يقول الشاعر : وكل يدعي وصلا بليلى ... وليلى لا تقر لهم بذاك ، فلو كنت صادقا في محبة النبي فلا بد أن تعمل بسنته ، قال تعالى : " قلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" ، ولهذا يقول بعض العلماء ان هذه الأيه ابتلاء وامتحان من الله جل وعلا لكل من لمن ادعى محبة النبي ، لوكان حبك صادقا لأطعته .. إن المحب لمن يحب مطيع ، فالذي يدعي محبة النبي ثم هو لا يصلي لله ولا يسجد لله أو لا يعمل بسنة النبي ولا يعلمها ولا ينظر في سيرته عليه السلام فلا بد أن يراجع محبته للنبي . اذن كيف نعرف محبتنا للنبي وما هي الأيات والعلامات التي من خلالها نستطيع ان نوزن محبتنا للنبي ؟؟ ثلاثة امور من أتى بها فقد حقق المحبة ، أولها : طاعته فيما أمر ، " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُم" ، " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ " ، فجعل طاعة الله مستقلة وجعل طاعة النبي مستقلة ، فلما أتت طاعة اولي الأمر جعلها معطوفة لأن النبي عليه السلام قال : إنما الطاعة في المعروف " ، فهي طاعة مقيدة ، الأمر الثاني : اجتناب ما عنه نهى وزجر ، " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ " ، ولهذا كان الإمام أحمد يقول : ما أتانا عن النبي صل الله عليه وسلم فعلى العين والرأس . الأمر الثالث : ألا يعبد الله إلا بما شرعه رسوله ،، يأتي شخص ويقول أنا أحب الله وأحب النبي سأصلي المغرب أربع ركعات أريد أن أتقرب الى الله فنقول له لا يجوز لأن هذا الأمر لم يكن على هديه عليه السلام ، وقد روت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، أي مردود عليه ، وفي رواية لمسلم : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " .
المسألة الثانية : لماذا نتحدث عن السيرة ؟؟ كما تعلمون في الفترة الأخيرة زاد أعداء محمد عليه السلام وكثرو لذلك لا بد أن تذكر هذه الأجيال وتذكر هذه الأمة بمحمد صل الله عليه وسلم ، يا أخوة نحن ولا شيء بدون النبي سترون كيف كان أهل مكة قبل النبي يعبدون الأصنام فلما أتى النبي أنقذنا الله به ، واستخرجنا الله به من الظلمات ومن الجهل و التيه و البدع والمعاصي فرفعنا الله به وبكتابه وبسنته فأنار الله قلوبنا وأسعد أرواحنا ببعثته عليه الصلاة والسلام ،، وهذا الأذى الذي يلحق النبي ليس وليد اللحظة بل هو منذ مبعثه عليه السلام ألم يقولوا عنه ساحر وقالوا عنه مجنون وسنرى كيف تعامل النبي مع هذه الإساءة ، قال تعالى : " وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " ،، وقال : " إنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ " ،، وسنذكر نموذجين لمن استهزأ بالنبي عليه السلام وكيف كان حاله ومصيره ، الأولى لعتبة بن أبي لهب ، ابن عم النبي ، وتعلم الأذى إذا كان من القريب له أثر كبير في نفس الإنسان
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من الحسام المهند
حيث ذهب للنبي عليه السلام وأذاه وسبه وأذى الله جل وعلا ، فقال النبي : " اللهم سلط عليه كلبا من كلابك " ، فقال له أبوه أبو لهب وهو على الكفر والله لا آمن عليك دعاء محمد ، فساروا إلى الشام وفي الطريق خيم الليل بظلامه فأرادوا النوم فقال أبو لهب تعلمون يا قوم دعوة محمد ووالله لا آمن على ابني منه فإن رأيتم أن تناموا على الأرض وينام هو في أعلى الخيام والبضائع التي كانت معهم ؟؟ قالوا نعم ،، وفي الليل أتى أسد وشم الناس ولم يجد صاحبه فوثب وثبة وإذا به عند عتبة فيقول ابن اسحاق : فاقتلع رأسه ، فنظر أبو لهب إلى ابنه وقال : والله لقد علمت أن ابني لن يفلت من دعاء محمد ..
أما الأخر فهو معاصر يرويه الشيخ أحمد بن شاكر يقول : حينما كانت مصر مملكة قام أحد الخطباء يثني على أحد الأمراء الذي كان يكرم طه حسين الذي هو أعمى البصر ، فقام يثني على الأمير ويقول جاءه الأعمى فما عبس وما تولى ويعرض بالنبي عليه السلام ،، فيقول الشيخ احمد أبى الله الى ان ينتقم من هذا الرجل في الدنيا قبل الأخرة ، يقول فوالله أصبح هذا الخطيب المنتفخ ذليل أمام أبواب المساجد يتلقف أحذية الناس فيحفظها لهم إذا دخلوا إلى الصلاة ..
إذن فنحن بحاجة ماسة أن نتعلم هذه السيرة وأن ننشرها بين الناس جميعا .
جعلنا الله وإياكم من الهداة المهتدين وصل الله وسلم ويارك على نبينا محمد وأله وصحبه أجمعين .