تبدأ رحلتنا في الحلقة الأولى من "أهل الجنّة" منذ استقبال الملائكة لأهل الجنة، الجنة التي فيها ما لاخطر على قلب بشر، ولكن هناك عقبة كبرى بيننا وبين الجنة ألا وهي الشيطان، فهو يبذل كل طاقته مع الإنسان ليصل إلى هدفه وهو شيطنة أخلاقه ونشر الأخلاق السيئة في المجتمع، ولذلك انشأ الشيطان حزبه لنشر فكرته ومنهجه، وتعرّفنا على الطرق التي يستخدمها الشيطان لجلب اتباعه، لنحذر منه ومن خططه، ولنعِش بأخلاق الله حتى نستحق أن نكون من "أهل الجنّة"
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين. السنة الماضية تكلمنا عن رحلة هى مرتبطة بالدنيا وكيف تكون الدينا بابك إلى الله وليست حجابك عن الله، ورحلة هذا العام هى رحلة قام بها النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج. نحن سنقوم بنفس الرحلة و لكن على قدرنا البشري، سنستدل بجمال الدنيا على جمال الجنة لهدف ما وإن لم يكن هناك مقارنة بين جمال الآخرة. قال تعالى {إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ. فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} ]الطور: 17 -18[ أي الجلوس في الجنة مليء بالراحة والفرحة، ويُكمل القرآن المشهد {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} ومعنى الآية أن الله يجعل الأهل يشفعون لأي من أهاليهم في مرتبة أقل في الجنة، فبرحمة الله أصبحوا معًا. قال تعالى {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ. أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، العقبة الكبرى بيننا وبين رب العالمين، هو الشيطان وقال تعالى {لَّعَنَهُ اللَّـهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا. وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّـهِ} ]النساء: 118 -119[، أي تغيير فطرة الإنسان وأخلاقه. المعركة بين الإنسان والشيطان معركة أخلاقية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح "إنَّ أحبَّكم إليَّ و أقربَكم مني في الآخرةِ مجالسَ أحاسنُكم أخلاقًا، و إنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرةِ أسوؤكم أخلاقًا، الثَّرْثَارُونَ المُتَشَدِّقُونَ المُتَفَيْقِهُونَ".
الهدف الرئيسي من الصراع الشيطاني مع الإنسان هو شيطنّة الأخلاق، وجعل الأخلاق الفاسدة هى المُنتشرة في المجتمع، فيشعر أهل الأخلاق الصالحة أنهم غرباء ويضعفوا فيتغيروا، وتحدث الله في القرآن الكريم عن تلك المجتمعات، قال تعالى {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ. أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ. فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} ]النمل: 54 - 56[، أولائك ذُكر عنهم في القرآن أنهم من حزب الشيطان.
أنشأ الشيطان هذا الحزب لسببين، أولًا لأن لا يوجد هناك منهجية لا تعيش بدون تلاميذ ينشروا هذه المنهجية، فمن نشر شريعة سيدنا عيسي هم الحواريين، ومن نشر شريعة سيدنا محمد هم الصحابة، وكذلك منهجية الشيطان لن تنتشر إلا إذا له أعوان مُصدقين وينشرون أفكاره الشيطانيّة وسط المجتمع. أما السبب الثاني هو أن الشيطان يعلم أنه من الصعب عليه أن يؤثر في الإنسان التأثير الكامل، ولكي يتأثر الإنسان بشكل كامل يجب أن يتأثر من إنسان مثله، ولهذا قرر الشيطان أن يتخذ مننا أعوانًا ليفسدوا أخلاق البشر.
خطة الشيطان
الشيطان يقوم بثلاثة أشياء لكي يُجنّدك في هذا الحزب:
- الاستسلام لقطع المدد الرباني: قال صلى الله عليه وسلم "عقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد . فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فيصبح نشيطا طيب النفس قد أصاب خيرا، وإن لم يفعل أصبح كسلان، خبيث النفس، لم يصب خيرا"، أنت بالله أقوى من العالم والشيطان يريد أن يقطع هذا عنك.
- قبول التدرج في سلب الأخلاق: الإنسان لا يُقلب إلى السيئ بشكل مباشر بل يتدرج، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} ]النور: 21[.
- إقناعك بأن الشر سبب لتحقيق الرغبات والسعادة: يقوم الشيطان بإقناعك بالغش في الامتحانات، إقناعك بأن تخون الأمانة، إقناعك بالصحوبية وإذا قام الإنسان بكل تلك الصفات الشيطانيّة، أصبح هذا الإنسان من حزب الشيطان.