الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد عبد المعطي
شرح متن الآجرُّوميَّة

لفضيلة الشيخ محمد عبد المعطي

الدرس "5"

الحمد لله فالقِ الإصباح، وخالقِ الليل والصَّباح، نحمده -سبحانه وتعالى- ونشكره على آلائه العِظَام، ومِننه الجِسَام، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله الواحد القهَّار، العزيز الغفَّار، الذي بيده مقاليد الليل والنَّهار، وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا النبي المُختار، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الأطهار، ومَن تبعهم بإحسانٍ ما تعاقبت الأيام والليالي.

وبعد، فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله تعالى، وخيرَ الهدي هدي سيدنا محمدٍ -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71].

فاللَّهمَّ اجعلنا وإيَّاكم وسائر المؤمنين من الفائزين.

وبعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

مُشاهديَّ الكرام، مع الحلقة الخامسة من حلقات متن الآجُرُّوميَّة، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُوفِّقنا لتكملته، وأن يُجليه لنا بفضله وكرمه.

ونشكر بادئ ذي بدءٍ الأكاديمية التي أنشأها إخواننا في الرياض، وكذلك نشكر قناة الرحمة، ونسأل الله لهم التَّوفيق والسَّداد.

ذكرنا في اللِّقاء الرابع أنَّ المرفوعات أكثر من سبعةٍ -كما ذكر ابنُ آجُرُّوم.

وهنَّ: الفاعل، ونائب الفاعل، والمبتدأ، والخبر، واسم "كان" وأخواتها، واسم "ما، ولا، ولات، وإن" المُشبَّهات بـ"ليس"، واسم "كاد" وأخواتها، واسم "إنَّ" وأخواتها، وخبر "لا" النافية للجنس.

وكذلك توابع المرفوعات: كالنعت، والتوكيد، والعطف، والبدل.

وذكرنا لذلك أمثلةً في اللِّقاء السَّابق.

ثم بدأنا بالفاعل، وقلنا إنَّه الذي أوجد الفعل، ولابُدَّ أن يكون مُتأخِّرًا عن عامله، فإن تقدَّم عليه عُدَّ مُبتدأً.

وذكرنا أنَّ الفاعل له أنواع: مُظْهَر، ومُضْمَر، ومُبْهَم.

والمُبْهَم يدخل في المُظْهَر.

ومثَّلنا للمُظْهَر بالأمثلة: المفرد مُذكَّرًا ومُؤنثًا، والمثنى مُذكَّرًا ومُؤنثًا، والجمع: جمع تكسير، أو جمعٌ مزيدٌ بالألف والتاء، أو جمع مذكر سالم، أو من الأسماء الستة، وهكذا...

والشيخ في مسألة الظَّاهر أتى بالماضي والمضارع، ولم يذكر الأمرَ كما قلنا؛ لأنَّ الأمر لا يكون مرفوعُه إلا ضميرًا.

وأمَّا الفاعل المُضْمَر فيشمل: تاء الضَّمير التي يُطلِقُون عليها تاء الفاعل، وهي في الحقيقة تاء الضَّمير؛ حتى تشمل الفاعل ونائبه واسم الناسخ.

وهذه التاء قد تكون مضمومةً للمتكلم: "أكرمتُ، قمتُ"، ومفتوحةً للمُخاطب "أكرمتَ، قمتَ"، وتكون مكسورةً للمُخاطبة: "أكرمتِ، قمتِ".

وقد تكون هذه التاء مضمومةً أيضًا للمُخاطَبَين، مثل: "قمتُما بواجبكما يا زيدان"، وللمُخاطبَتَين نحو: "قمتُما بواجبكما يا زينبان"، وللمُخاطَبِين كـ"قمتُم بواجبكم"، وللمُخاطبات كـ"قمتُنَّ بواجبكنَّ".

إذن تاء الضَّمير ولَّدت لي سبع صورٍ:

- التاء المضمومة للمُتكلم، وللمُخاطَبَين، وللمُخاطَبَتَين، وللمُخاطَبِين، وللمُخاطبات.

- والتاء المفتوحة للمُخاطب.

- والتاء المكسورة للمُخاطبة.

هذه سبعة، في ثلاث مواقع، يعني: فاعل، ونائب فاعل، واسم ناسخ، إذن 7 × 3 بإحدى وعشرين صورة.

إذن تاء الضَّمير التي يُلقِّبونها بتاء الفاعل شملت إحدى وعشرين صورة.

بعد هذا "نا" الدَّالة على جماعة المُتكلِّمين، مثل: "قمنا بواجبنا".

و"نا" من ضمائر الرفع، ولكي تكون ضميرًا فاعلًا أو نائبَ فاعلٍ أو اسم ناسخٍ لابُدَّ أن تُسبَق بساكنٍ.

مثل: "قمنا، أُكْرِمْنَا، كنَّا".

كذلك نون النسوة، مثل: "الفتيات تذاكرن".

وكذلك ألف الاثنين تكون ضميرَ رفعٍ ساكن، مثل: "الرجلان فعلا خيرًا".

وألف الاثنين وواو الجماعة يكونان مع الماضي والمضارع والأمر.

المضارع مثل: "يفعلان، ويفعلون".

والأمر، مثل: "افعلا، وافعلوا - قوما، وقوموا".

وهناك أيضًا ياء المُخاطبة، وهي خاصَّةٌ بالمضارع والأمر، وقد اجتمع في قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي﴾ [مريم: 26].

إذن هذه هي صور الفاعل المُضْمَر.

أضاف الشيخُ إلى ذلك: المُضْمَر المُستتر، مثل: "فلانة أكرمتْ أخاها، وفلانٌ أكرم أخاه". إلى آخر هذه الضمائر.

هذه صور الفاعل المُضمر.

الأمر -كما قلنا- لا يكون فاعلُه إلا مُضمرًا، مثل: "قم"، أي أنت، ضمير مُستتر.

"قومي" ياء المُخاطبة، "قوما" ألف الاثنين للمُخاطَبَين والمُخاطَبَتين، "قوموا" واو الجماعة، "قمن" نون النِّسوة.

هذه صور الفاعل بأنواعه المُختلفة.

اليوم ندلف إلى مَن ينوب عن الفاعل، ألا وهو نائب الفاعل، وقد سمَّاه الشيخ: المفعول الذي لم يُسمَّ فاعلُه.

وقد قلنا بالأمس: إنَّ الفعل المبني للمجهول يُسمَّى أيضًا: مبنيًّا للمفعول، ويُسمَّى أيضًا لما لم يُسمَّ فاعله.

وقلنا إنَّ أحسن التَّسميات هي التَّسمية الثالثة، أي: الذي لم يُسمَّ فاعله؛ ليشمل ما كان معلومًا أو مجهولًا، وليشمل ما كان مفعولًا أو غيرَ مفعولٍ.

إذن معنا الآن المفعول الذي لم يُسمَّ فاعلُه، وهو ما يُسمُّونه نائب الفاعل.

نائب الفاعل هذا لكي يكون كذلك لابُدَّ أن يُسبَق بفعلٍ مبني للمجهول، أو للمفعول، أو لما لم يُسمَّ فاعله.

هذا يشمل الماضي والمضارع فقط، إذ لا يُبنى الأمرُ للمفعول أو للمجهول أو لما لم يُسمَّ فاعله، وهذه مما تتميز به اللُّغة العربية عن سائر اللُّغات، إذ إنَّه في الإنجليزية مثلًا يُجاء بالمجهول فيُقال مثلًا: "Let be the door shut" يعني: دعِ البابَ يُغلَق.

أمَّا عندنا في اللُّغة العربية فلا يبنون فعل الأمر للمجهول، وإنَّما يُقتَصر فيه على الماضي والمضارع.

أمَّا بالنسبة للمعلوم –أعني الفعل العادي- فيكون ماضيًا ومضارعًا وأمرًا.

الماضي: يُضم أوله، ويُكسَر ما قبل آخره، كقوله تعالى: ﴿وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ [البقرة: 210]، وكقوله تعالى: ﴿وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ [البقرة: 214].

أمَّا المضارع: فإنَّه يُضَم أوله، ويُفتَح ما قبل آخره، مثل: "يُفتَح البابُ" أي يفتح فلانٌ البابَ، و"يُكرَم الضيفُ" أي يُكرِم فلانٌ الضيفَ.

إذن التَّغيير العام للماضي: يُضَم أوله ويُكسَر ما قبل آخره.

وأمَّا بالنسبة للمضارع: فإنَّه يُضَم أوله ويُفتَح ما قبل آخره.

أمَّا الأمر: فلا يُبنى في العربية للمجهول. لماذا؟

لأنَّ فاعل الأمر لابد أن يكون معلومًا، إذ ليس مع العين أين -كما يقولون.

نائب الفاعل بدوره أيضًا يكون مُظْهَرًا، ويكون مُضمرًا، ويكون مُبهمًا، ونحن قلنا أنَّ المبهم داخل في المظهر، والشيخ سيذكر لنا الأمثلة أولًا.

(بَابُ الْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.

وَهُوَ الِاسْمُ الْمَرْفُوعُ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ مَعَهُ فَاعِلُهُ.

فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مَاضِيًا ضُمَّ أَوَّلُهُ).

يعني إذا ذُكِر معه الفاعل فلا يكون مبنيًّا للمجهول، يعني لا يتصرَّف نائبُ الرئيس إلا عند غياب الرئيس، أمَّا إذا وُجِد الرئيسُ فهو الأساس.

(فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مَاضِيًا ضُمَّ أَوَّلُهُ وَكُسِرَ مَا قَبْلَ آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُضَارِعًا ضُمَّ أَوَّلُهُ وَفُتِحَ مَا قَبْلَ آخِرِهِ).

هذا اسمه التَّغيير العام.

وهناك تغيرات خاصَّة مثل ما إذا كان مبدوءًا بتاء زائدةٍ في الماضي؛ فإنَّه يُضم الأول والثاني، مثل: "تعلَّمتُ الحسابَ - تُعُلِّم الحسابُ".

وإذا كان مبدوءًا بهمزة وصلٍ ضُمَّ أولُه وثالثه، وهذا يكون في الخماسي والسُّداسي، تقول: "اختصرتُ الحديثَ - اختُصِرَ الحديثُ"، ومنه قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾ [البقرة: 173].

وسُداسي مثل: "استُخْرِجَ المَعْدِنُ"، أي: استخرجنا المعدنَ.

ومنه قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ﴾ [الشورى: 16]. فإذا أردتَ أن تبدأ تقول: "اُستُجِيب".

إذن إذا كان مبدوءًا بهمزة وصل ضُمَّ أوله وثالثه، وإذا كان مبدوءًا بتاءٍ زائدة ضُمَّ أوله وثانيه.

طيب، إذا كان في عينه حرف علَّة؛ فإنَّه يُقْلَب، فيُقال في: "قال محمدٌ الحقَّ - قِيلَ الحقُّ".

ومنه قوله تعالى: ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [هود: 44].

انظروا! "وقيل" و"قيل" في أول الآية وآخرها، أصلها: "قُوِلَ"، فالكسرة نُقِلت إلى موضع القاف؛ فقُلِبت الواو ياءً لسُكونها مفردةً بعد كسرةٍ، فصارت "قيل".

و"غِيض" مثلها.

و"قُضي" مشت على القاعدة الأصليَّة، وهي ضمُّ الأول وكسر ما قبل الآخر.

أمَّا المضارع -كما قلنا- فإنَّه يُضمُّ أوله ويُفتَح ما قبل آخره.

طيب، إذا كان ما قبل الآخر حرفُ مدٍّ؛ فإنَّ حرفَ المدِّ يُقلَب ألفًا لانفتاح ما قبله، فنقول مثلًا: "يقول عليٌّ الحقَّ - يُقَالُ الحقُّ"، "يبيع محمدٌ المتاعَ - يُباعُ المتاعُ"، وهكذا.

هذه هي بعض التَّغييرات الخاصَّة إلى جانب التَّغييرات العامَّة.

(وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٍ، وَمُضْمَرٍ).

"هو" تعود على مَن؟

على نائب الفاعل.

نُوضِّح شيئًا: عندما نُريد بناء جملةٍ للمجهول ماذا نفعل؟ ما الخُطوات؟

أولًا: نحذف الفاعل.

ثانيًا: نُقِيم المفعولَ به نائبًا عن الفاعل، فيأخذ أحكامَ الفاعل.

ما أحكام الفاعل؟

- الرفع بعد أن كان منصوبًا، ويصير عمدةً بعد أن كان فضلةً، ويجب تأخُّره بعد أن كان يجوز تقديمه وتأخيره، فالمفعول به يُدلَّل، فيجوز تأخيره، ويجوز توسُّطه، ويجوز تقديمه.

نقول مثلًا: "خاف محمدٌ اللهَ - خاف اللهَ محمدٌ - اللهَ خاف محمدٌ"، فاسم الجلالة مفعول به، أتى مرةً مُتأخِّرًا، ومرةً مُتوسِّطًا، ومرةً مُتقَدِّمًا.

مثلًا: "ضرب عليٌّ زيدًا - ضرب زيدًا عليٌّ - زيدًا ضرب عليٌّ" إلى آخره.

أمَّا عند البناء للمجهول فإنَّ نائبَ الفاعل لابُدَّ أن يتأخَّر مثل الفاعل؛ لأنَّه يأخذ أحكامَ الفاعل.

إذن كان فضلةً فصار عمدةً، وكان منصوبًا فصار مرفوعًا، وكان يجوز تقديمه وتوسُّطه وتأخُّره فصار واجبَ التَّأخُّر.

يُؤنَّث له الفعلُ إذا كان مُؤنثًا، مثلًا: "ضرب محمدٌ سعادَ"، عند البناء لما لم يُسمَّ فاعله نقول: "ضُرِبَت سعاد".

ومثل: "ضربت سعادُ محمدًا" نقول: "ضُرِبَ محمدٌ".

إذن الفعل هنا سيتناسب مع المفعول الذي صار نائبَ فاعلٍ، إلى آخره.

إذن المفعول به يأخذ أحكامَ الفاعل، مثل نائب العُمدة، ونائب الرئيس يأخذ تفويضات ومهام الرئيس.

(وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٍ، وَمُضْمَرٍ، فَالظَّاهِرُ نَحْوَ قَوْلِكَ: "ضُرِبَ زَيْدٌ" وَ"يُضْرَبُ زَيْدٌ").

"ضُرِبَ زَيْدٌ" وَ"يُضْرَبُ زَيْدٌ" هذا مفرد مذكر.

(وَ"أُكْرِمَ عَمْرٌو" وَ"يُكْرَمُ عَمْرٌو").

أيضًا نفس الكلام، ولكن الجديد هنا أنَّه قال: "ضُرِبَ" في الثلاثي، و"أُكْرِمَ" في غير الثلاثي، كأنَّه يُريد أن يقول: إنَّ الفعل الذي نُريد بناءه للمفعول قد يكون ثلاثيًّا، وقد يكون غيرَ ثلاثيٍّ.

.........(هنا انقطعت المادة الصَّوتية) والخماسي والسُّداسي فيهما إلى جانب التَّغيير العام تغييرٌ خاصٌّ، فهو لم يأتِ بالتَّغيير الخاصّ.

وقلنا أنَّ الخُماسي إمَّا أن يُبدأ بهمزة وصلٍ، أو يُبدأ بتاء.

- فإذا بُدِئ بتاءٍ يُضَمُّ الأول والثَّاني.

- وإذا بُدِئ بهمزة وصلٍ يُضَمُّ الأول والثَّالث.

وأمَّا السُّداسي فلا يكون إلا مبدوءًا بهمزة وصلٍ.

إذن لماذا تجنَّب الشيخُ التَّمثيل للخُماسي والسُّداسي؟

فلابُدَّ أن ننتبه لما وراء السُّطور والأمثلة.

لم يُمثِّل الشيخُ للخُماسي لأنَّه إمَّا مبدوءٌ بهمزة وصلٍ أو بتاءٍ زائدةٍ، وهمزة الوصل يُضَمُّ الأول والثالث، وهو لم يقل لنا هذا الكلام من قبل.

وإذا كان مبدوءًا بتاءٍ زائدةٍ فإنَّه يُضَمُّ الأول والثاني.

أمَّا السُّداسي فإنَّه لا يكون إلا مبدوءًا بهمزة وصلٍ؛ فيجب ضمُّ أوله وثالثه، مثل: "اسْتُغْفِرَ الله" كان أصلها: "استغفرتُ الله"، ومثل: "استُعْمِرَت الدولةُ الفلانية"، إلى آخره.

هذا هو سرُّ تركيز الشَّيخ على الثُّلاثي والرُّباعي.

وهنا لماذا لم يأتِ الشيخُ بالأمثلة الباقية؟

قال: اعتمادًا على فطنتك أيُّها القارئ؛ لأنَّه في الفاعل جاء بالمفرد المذكر والمفرد المُؤنث، فتستطيع أن تقول: "ضُربَتْ هندٌ، وتُضرَبُ هند"، أو "أُكْرِمَتْ هندٌ - وتُكرَم هندٌ" هذا مفرد مؤنث.

ومُثنَّى مُذكَّر مثل: "أُكرِمَ الرَّجلان، ويُكرَمُ الرَّجلان"، و"أُكرِمَت المرأتان، وتُكرَم المرأتان"، هذا مثنى مذكر ومُؤنث.

وجمع المذكر السَّالم مثل: "أُكرِمَ المهندسون، ويُكرَم المعلِّمون".

والجمع المزيد بالألف والتَّاء مثل: "أُكرِمَت الفتيات، وتُكرَم الفتيات".

وجمع التَّكسير مثل: "أُكرِمَ الرجال - أو: أُكرِمَت الرِّجال"، و"تُكرَم الرِّجالُ - أو: يُكرَم الرِّجالُ".

والأسماء الستة مثل: "أُكرِمَ أبوك، ويُكرَمُ أخوك".

إذن جئنا بمفرد مذكر ومؤنث، ومثنى مذكر ومؤنث، وجمع مذكر سالم، وجمع مزيد بالألف والتاء، وهو ما يُسمُّونه جمع المؤنث السَّالم، وجمع تكسير، وجئنا بالأسماء الستة.

بهذا نكون قد استوعبنا الاسم الظَّاهر، وهذا تركه الشيخ، لماذا ترك التَّمثيل له؟

لأنَّه معلومٌ من أمثلة الفاعل التي سبق ذكرُها، يعني يقول لك: قِسْ ما لم يُذكَر على ما ذُكِر، فأنت تتصرَّف؛ لأنَّ العلم -يا إخواني- لا يُعطيك الجُزئيَّات، وإنَّما يُعطيك الكُليَّات والقواعد العامَّة.

هذا بالنسبة للأسماء الظَّاهرة.

وطبعًا حين نُعْرِب مثلًا: "ضُرِبَ زيدٌ" نقول:

"ضُرِبَ": فعلٌ ماضٍ مبني لما لم يُسمَّ فاعله، مبني على الفتح، لا محلَّ له من الإعراب.

"زيد": نائب فاعل مرفوع بالفعل، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

طيب، وماذا عن الضَّمة الثانية فـ"زيدٌ" بها ضمَّتان؟

الضَّمة الثانية للتنوين للدِّلالة على أنَّ الاسم مُتمكِّنٌ أَمكَنُ، أي مُعْرَبٌ مُنصَرِف.

طيب، حين نقول: "يُكرَم الرَّجلان".

"يُكرَم" مضارع مرفوع مبني لما لم يُسمَّ فاعله، وعلامة رفعه الضَّمة.

"الرجلان": نائب فاعلٍ مرفوع بالفعل، وعلامة رفعه الألف نيابةً عن الضَّمة؛ لأنَّه مُثنَّى.

والنون هذه خلفٌ عن التنوين، ولا تقل: عِوَضٌ عن التَّنوين. لماذا؟

لأنَّ مفرد "الرَّجلان": الرجل. وكلمة "الرجل" لا يجتمع معها التنوين، ولذلك نقول: "خلفٌ عن التنوين"، وليست "عِوَضًا عن التنوين".

هذه بعض أمثلة المُظْهَر.

(وَالْمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ، نَحْوَ قَوْلِكَ: "ضُرِبْتُ، وَضُرِبْنَا، وَضُرِبْتَ).

طيب، حين نبني للمعلوم ونختبركم -بإذن الله تعالى- نقول: حوِّل المبني للمجهول إلى مبنيٍّ للمعلوم وبالعكس.

يعني إذا شُفْتَ جملةً مبنيةً للمجهول حوِّلها للمعلوم، وإذا شُفْتَ الفعلَ مبنيًّا للمعلوم تُحوِّله إلى مبنيٍّ للمجهول، وكلمة "شفت" عربية فصيحة، و"الشَّوَّافة" هي النَّظارة.

فـ"ضُرِبتُ" حين أبنيها للمعلوم أقول: ضربني فلانٌ.

وبالمناسبة: لماذا نبني الجملة للمجهول في اللُّغة العربية؟

- إمَّا لعدم العلم بالفاعل.

- أو للعلم به.

يعني الشيء وضده.

سُرِقَ المتاع. مَن الذي سرقه؟ لا نعرف.

﴿وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]، مَن الذي خلقه؟ الله. فهنا الفاعل معلوم.

إذن نبني الجملة للمجهول:

- إمَّا للعلم به.

- أو للجهل به.

- أو للخوف منه.

- أو للخوف عليه.

حين نقول مثلًا: "قُتِلَ فلانٌ"، مَن الذي قتله؟ إذا كنا نعرف القاتلَ إذن فنحن خائفين أن ننطق، وإذا كنا كذا نكون خائفين عليه، وهكذا.

إذن:

- للعلم به.

- أو للجهل به.

- أو للخوف منه.

- أو للخوف عليه.

- ولتصحيح الوزن الشِّعري، فإذا كان بيت شعر فيكون للمُحافظة على الضَّرورة الشِّعرية.

كقول الشَّاعر:

عُلِّقْتُهَا عَرَضًا، وَعُلِّقَ غَيرَهَا أُخْرَى

وَعُلِّقَ أُخْرَى ذَلِكَ الرَّجُلُ

فلو أننا بنينا هذه الأفعال للمعلوم اختلَّ الوزن.

- أو للمُحافظة على السَّجع: كقوله -صلى الله عليه وسلم: «مَنْ طَابَتْ سَرِيرَتُهُ حُمِدَتْ سِيرَتُهُ»، أي حَمِد الناسُ سيرتَه، فللمُحافظة على الفاصلة بُنِي الفعلُ لما لم يُسمَّ فاعله.

إذن هذه بعض الأغراض لبناء الفعل لما لم يُسَمَّ فاعله.

إذن حين نقول: "ضُرِبْتُ" ونُريد أن نبنيه للمعلوم نقول: "ضربني فلانٌ"، فتحذف الفاعل "فلان"، ثم تقلب المفعولَ به نائب فاعل.

فالمفعول به عندنا "ياء المتكلم"، وياء المتكلم هذه في حالة الرفع تتحول إلى التَّاء المضمومة؛ لأنَّ التاء تُضَم للمتكلم، ونُغير الفعل بما أنَّه ماضٍ؛ نضم الأول ونكسر ما قبل الآخر، فنقول: "ضُرِبْتُ"، وحين نعدله نقول: "ضربني فلانٌ"، وقِسْ على ذلك.

"ضُرِبْنَ"، هذه "ناء" الدَّالة على جماعة المُتكلِّمين.

"أُكرِمْنَ".

للمُخاطب: "ضُرِبْتَ".

للمُخاطبة: "ضُرِبْتِ".

للمُخاطَبَيْن: "ضُرِبتُمَا يا رجلان، ضُرِبتُمَا يا امرأتان".

"ضُرِبْتُم": للجماعة المُخاطبة.

"ضُربْتُنَّ": لجماعة المُخاطبات.

ولذلك نحن قلنا قبل ذلك تاء الضَّمير -وليس تاء الفاعل- مضمومة في حالة التَّكلم، والمُخاطَبَين، والمُخاطَبَتَين، والمُخاطَبِين، والمُخاطبات.

نأتي إلى ألف الاثنين: "الرَّجلان أُكْرِمَا".

في الاثنتين: "المرأتان أُكْرِمتَا".

عندنا بعد ذلك المفرد المذكر الغائب، مثل: "محمدٌ أُكْرِمَ"، أين نائب الفاعل؟ ضمير مُستتر.

لماذا لم نقل: "محمد" نائب فاعل؟

لأننا قلنا أنَّ نائب الفاعل لابُدَّ أن يتأخَّر مثل الفاعل.

إذن "محمد" مُبتدأ.

"أُكْرِمَ" فعلٌ ماضٍ مبني لما لم يُسَمَّ فاعله.

ونائب الفاعل ضمير مُستتر تقديره "هو"، والجملة في محلِّ رفع خبر.

طيب، "سعادُ أُكرمَت" كذلك.

"الرَّجلان أُكرِما - الرِّجال أُكرِمُوا" وهكذا، هذه بعض الأمثلة.

ما يُقال في الماضي يُقال في المضارع، لكن المضارع ضمائره محدودة في أربعة:

ألف الاثنين: يُكرَمان، وتُكرَمان.

واو الجماعة: يُكرَمون، وتُكرَمون.

ياء المُخاطبة: تُكرَمِين.

نون النسوة: النسوة يُكْرَمْن لأدبهنَّ.

والأمر، كيف أبني فعلَ الأمر للمجهول؟

الأمر لا يُبنى للمجهول، أحسنتم.

تفضَّل يا بُني أكمل الضَّمائر.

(وَالْمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ، نَحْوَ قَوْلِكَ: "ضُرِبْتُ، وَضُرِبْنَا، وَضُرِبْتَ، وَضُرِبْتِ، وَضُرِبْتُمَا، وَضُرِبْتُمْ، وَضُرِبْتُنَّ، وَضُرِبَ، وَضُرِبَتْ، وضُرِبَا).

"ضُرِبَا" فيها ألف الاثنين.

و"ضُرِبَتْ" أين نائب الفاعل؟

إيَّاك أن تقول: التاء؛ لأنَّ التاء حرف تأنيثٍ، لكن نائب الفاعل مُستتر جوازًا تقديره "هي".

ولذلك المثال كان يجب أن يقول مثلًا: فلانة ضُرِبَتْ؛ حتى يكون الضَّميرُ عائدًا لشيءٍ مُعينٍ، لكن هو ذكر مجرد أمثلة، وإنَّما كان من المفروض حتى يكون الكلامُ مفيدًا أن يأتي بما يعود عليه الضَّمير، مثل: فلانة ضُرِبَت، وفلانة أُكرِمَت، وفلان أُكرِمَ.

ولا يقل: "أُكرِم، وأُكْرِمَت"، ويتركنا دون أن نعرف الضَّمير راجع إلى مَن! نُسامحه.

(وَضُرِبَتْ، وَضُرِبَا، وَضُرِبُوا).

وطبعًا "وضُرِبَتَا" مثل "وضُرِبَا"، فهناك ألف الاثنين، وألف الاثنتين.

(وَضُرِبْنَ).

طيب، ومع كون الأمر لا يأتي معنا، إلا أنَّ ضمائره عمومًا هي: "ألف الاثنين، واو الجماعة، ياء المُخاطبة، نون النسوة".

تفضَّل.

(بَابُ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ).

هذا هو الثالث والرابع من مرفوعات الأسماء.

(الْمُبْتَدَأُ: هُوَ الِاسْمُ الْمَرْفُوعُ الْعَارِي عَنِ الْعَوَامِلِ اللَّفْظِيَّةِ).

هكذا انتهينا من الجملة الفعليَّة: الفاعل، ونائب الفاعل، ودخلنا الآن في الجملة الاسميَّة.

بالمناسبة يا إخواننا، ما الجملة الفعليَّة؟ عرِّف الجملة الفعليَّة؟

هي ما بُدِئت بفعلٍ حقيقةً أو حكمًا.

حقيقة مثل: جاء فلان، يجيء علان، اقرأ الدرسَ.

وحكمًا مثل: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: 1]، مبدوءة بحرف، نتخطى الحرف فتكون قد بُدِئت بفعلٍ حكمًا.

﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة: 144].

أيضًا جملة فعليَّة حُكمًا. لماذا؟

لأنَّها مبدوءة بـ"قد".

طيب، الجملة الاسميَّة: هي ما بُدِئت باسمٍ حقيقةً أو حكمًا.

حقيقةً مثل: ﴿مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ﴾ [الفتح: 29].

وحكمًا مثل: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ﴾ [الأعراف: 54]، بُدِئَت بـ"إن"، و"إن" حرف، وحين نحذف الحرف نجد بعده اسمًا، إذن بُدِئَت باسمٍ حكمًا.

هناك نوعٌ ثالثٌ من الجمل يذكره المُحقِّقون اسمه: الجملة الظَّرفية، مثل: أعندك زيدٌ، ما عندك عمرو، أفي الدار خبز، ما في الدار خبز.

هذه اسمها الجملة الظَّرفية.

إذن ننتقل إلى المبتدأ والخبر داخل الجملة الاسميَّة.

المبتدأ هو: الاسم المرفوع العاري عن العوامل اللَّفظيَّة للإسناد.

ما العوامل اللَّفظية؟

نعرف أنَّ هناك نظرية اسمها "نظرية العامل" التي ابتكرها إمامُ النُّحاة سيبويه -رحمه الله تعالى.

ما معناها؟

يعني المُؤثِّر والمُتأثِّر.

لدينا: عامل، ومعمول، وعلامة.

حين نقول مثلًا: مررتُ بزيدٍ.

"زيد" مجرور بالباء، إذن الباء عاملُ جرٍّ، وزيد معمول مجرور، والعلامة الكسرة.

ومثل: جاء محمدٌ.

"محمدٌ" يُعرَب فاعلٌ مرفوعٌ بالفعل، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

إذن لكلِّ مرفوع رافع، ولكلِّ منصوبٍ ناصب، ولكلِّ مجرورٍ أو مخفوضٍ جارٌّ أو خافضٌ، ولكلِّ مجزومٍ جازمٌ.

الرافع هو العامل، والمرفوع هو المعمول، والنَّاصب أيضًا هو العامل، والمنصوب هو المعمول، والجار هو العامل، والمجرور هو المعمول، والجازم هو العامل، والمجزوم هو المعمول.

العوامل بهذه الطريقة تنقسم إلى قسمين:

- لفظيَّة.

- ومعنويَّة.

لفظيَّة أي موجودة أمامي، مثل: إنَّ محمدًا مُؤدَّبٌ.

"إنَّ": حرف توكيد ونصب ورفع.

"محمدًا": اسم "إنَّ" منصوبٌ بها، وعلامة النَّصب الفتحة الظَّاهرة.

"مُؤدَّبٌ": خبر "إن" مرفوع بها.

إذن أنا عندي العامل "إنَّ"، هذا عامل لفظي أم لا؟ لفظي وهو منطوقٌ به.

المعمول: "محمدًا"، و"مؤدبٌ".

عملت النَّصب في الاسم، وعملت الرَّفع في الخبر.

والعلامة: علامة النَّصب الفتحة، وعلامة الرفع الضَّمة.

أخذنا فكرةً عن العوامل اللَّفظية.

طيب، حين أقول: محمدٌ مجتهدٌ.

"محمدٌ" مرفوع، ونحن قررنا قبل ذلك أنَّ المرفوع لابُدَّ له من رافع، والمنصوب لابُدَّ له من ناصبٍ.

طيب، مَن الذي رفعه؟

نقول: الابتداء.

طيب، هل الابتداء عامل لفظي أو معنوي؟

معنوي.

"مجتهد": خبر المبتدأ مرفوع بالمبتدأ -هذا عامل لفظي.

إذن رافع المبتدأ معنوي، ورافع الخبر لفظي.

ولذلك يقول ابنُ مالك -رحمه الله:

وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بِالاِبْتِدَا

كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالْمُبْتَدَا

إذن عامل المبتدأ عامل معنوي. ما معناه؟

قال: تجرُّد الاسم من العوامل اللَّفظيَّة؛ لأنَّه لو وُجِد عاملٌ لفظي لن يكون مبتدأً، فلو قلنا مثلًا: إنَّ محمدًا مجتهدٌ. هل نستطيع أن نُعرِب "محمدًا" مبتدأ؟ لا. لماذا؟

لأنَّ قبله "إنَّ"، و"إنَّ" نصبته.

إذن هو: الاسم المجرَّد عن العوامل اللَّفظيَّة للإسناد إليه.

حتى يكون مسندًا إليه، حتى يكون مبتدأً؛ هذا التَّجرد هو الذي رفع المبتدأ، هذا ما قاله الشيخُ.

(الْمُبْتَدَأُ: هُوَ الِاسْمُ الْمَرْفُوعُ الْعَارِي عَنِ الْعَوَامِلِ اللَّفْظِيَّةِ.

وَالْخَبَرُ: هُوَ الِاسْمُ الْمَرْفُوعُ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ).

والخبر: هو الاسم المرفوع المُسند إليه، أي إلى المبتدأ؛ لأنَّ مَن المسند إليه ومَن المسند؟

انتبهوا!

المُسند إليه: المبتدأ.

والمُسنَد: الخبـر.

المُسند إليه يعني المحكومَ عليه.

والمُسند هو المحكوم به.

إذن المحكومُ عليه يُساوي المسنَد إليه، والمحكوم به يُساوي المُسنَد.

والمُسنَد إليه والمُسنَد من مصطلحات علم البلاغة.

والمبتدأ والخبر من مُصطلحات علم النَّحو.

والموضوع والمحمول من مُصطلحات علم المنطق.

إذن اسمه "مبتدأ" عندنا في النحو، واسمه "مسند إليه" في البلاغة، واسمه "موضوع" في المنطق.

الخبر: مصطلح نحوي، والمسند: مصطلح بلاغي، والمحمول: مصطلح منطقي.

حتى نُزاوج بين العلوم المختلفة.

المُسند إليه وهو المبتدأ يجوز أن يتقدَّم ويجوز أن يتأخَّر.

يعني يجوز أن تقول: "محمدٌ مجتهدٌ - مجتهدٌ محمدٌ".

طالما عرفنا أنَّ المسند إليه يعني المحكوم عليه، والمسند يعني المحكوم به، إذن يجوز أن أُؤَخِّر وأُقَدِّم.

إذن المسند إليه رتبته التَّقدُّم أو التَّأخُّر؟

التَّقدُّم، لكن يجوز أن يتأخَّر لفظه.

والمُسنَد -وهو الخبر- رتبته التَّأخير، ولكن يجوز تقدُّمه.

إذن نقول: "محمدٌ مجتهدٌ"، مبتدأ وخبر.

طيب: "مجتهدٌ محمدٌ"، خبر مُقدَّم، ومبتدأ مُؤخَّر.

وقد كانت رتبةُ الفاعل ونائب الفاعل التَّأخير، طيب هل يجوز تقدُّمهما؟

لا، وهذا هو الفرق بين المبتدأ والفاعل ونائب الفاعل، فالفاعل ونائبه لابُدَّ أن يتأخَّرا، ولابُدَّ للفعل أن يتقدَّم.

في الجملة الفعليَّة: مَن المُسنَد؟ ومَن المُسنَد إليه؟

نقول مثلًا: "قام زيدٌ"، أين الفاعل؟ وأين الفعل؟ أين المسند إليه؟ وأين المُسند؟

المسند إليه هو "زيد" الفاعل.

والمُسند: "قام".

و"ضُرِبَ عمرٌو" أين المسند إليه؟

"عمرو".

وأين المسند؟

"ضُرِبَ".

إذن طالما أنَّك قد عرفت المحكومَ عليه والمحكومَ به فإنَّك تستطيع أن تُمَيِّز.

إذن في الجملة الفعليَّة مَن يتقدَّم؟

الفعل وجوبًا.

ومَن يتأخَّر؟

الفاعل ونائبه وجوبًا.

إذن الفاعل ونائبه واجبا التَّأخير رتبةً ولفظًا.

أمَّا المبتدأ فرتبته التَّقدُّم، لكنَّه قد يتأخَّر، والخبر رتبته التَّأخُّر، لكن يجوز تقديمه لفظًا.

هذا فرقٌ كبيرٌ بين الفاعل ونائبه من جهةٍ، وبين المبتدأ من جهةٍ أخرى.

والخبر ما الذي رفعه؟

المبتدأ، فهو عامل لفظي.

وما الذي رفع المبتدأ؟

الابتداء، وهذا عاملٌ معنوي.

طيب، ما الذي رفع الفاعل ونائبه؟

الفعل، فهو عامل لفظي.

(وَالْخَبَرُ: هُوَ الِاسْمُ الْمَرْفُوعُ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ، نَحْوَ قَوْلِكَ: "زَيْدٌ قَائِمٌ").

"زيد": مبتدأ مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

"قائم" خبر المبتدأ مرفوع بالمبتدأ، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

وفي "قائم" ضمير مُستتر تقديره "هو"، أي: قائمٌ هو. لكن لا نذكره؛ لأنَّ "قائم" قائم مقام "قام"، يعني "زيدٌ قام"، فستقول: هو، و"زيدٌ يقوم"، أي هو.

فـ"قائم" حلَّ محل "قام" أو "يقوم"، وبما أنَّ "قام" أو "يقوم" فيها ضمير مُستتر؛ فالمفروض في "قائم" أن يكون فيه ضمير مستتر، لكن كثيرًا من الناس لا يتنبَّهون لذلك.

إذن "زيد قائم" كم كلمة؟

ثلاث.

- كلمتان ملفوظٌ بهما: المبتدأ والخبر.

- وكلمة مُقدَّرة: هي الضَّمير المُستتر.

طيب، لو قلنا مثلًا: "ذا حَجَرٌ".

"ذا": مبتدأ.

"حجر": خبر.

فليس هناك ضمير مُستتر هنا، فهما اثنان فقط.

(وَ"الزَّيْدَانِ قَائِمَانِ").

أين المبتدأ؟

"الزَّيدان".

"قائمان": الخبر.

هل هناك ضمير مُستتر؟

نعم، تقديره: همـا.

طيب، حين كان الرجلُ يقول في المبتدأ: "زيد قائم"، لما ثنَّى زيد قال: "الزَّيدان"، لماذا زاد الألف واللام؟

صلِّ بنا وسلم على سيِّدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

قالوا: لأنَّ "زيد" هذا معرفة أم نكرة؟

علم، معرفة.

فإذا أُريد تثنيته يتحوَّل من معرفةٍ إلى نكرةٍ؛ لأنَّ التَّثنية والجمع يدلَّان على الشيوع والانتشار، فـ"زيد" يتحوَّل إلى نكرةٍ.

طيب، نحن نُريد أن نُعيد إليه التَّعريف، فنُضيف إليه "ال"، فـ"ال" هذه عِوَض عن التَّعريف الذي فقده عند التَّثنية والجمع.

إذن ما مغزى الألف واللام في "الزَّيدان" لتعويض "زيد" عمَّا فقده بالتَّثنية والجمع.

ما يُقال في "زيد" يُقال في "محمد، وعلي، وزينب، وسعاد، وفادية"، وكل هذا.

مثلًا: "فاطمة" عند التَّثنية نقول: "الفاطمتان".

ثنِّ "عمرًا": العَمْرَان.

هل إذا كان وصفًا نُثنِّيه؟

مثلًا: "مسلم" نقول: "مسلمان"، ونقول: "مسلمون".

نفرض أنَّ رجلًا اسمه "مسلم"، فـ"مسلم" يأتي صفةً، ويأتي اسمًا، فإذا ثنَّينا "مسلمًا" الاسم نقول: "المُسلمان"، و"المسلمون" في الجمع.

ولو وصفنا فلانًا بأنَّه مسلم، فيكون: مسلمان، ومسلمون، المسلمان، والمسلمون.

إذن إذا كان المفردُ نكرةً، نقول: مسلمان، ومسلمون.

أمَّا إذا كان معرفةً فنقول: المسلمان، والمسلمون.

هذا إذا كان غيرَ علمٍ، أمَّا إذا كان علمًا فلابُدَّ أن نقول: الزَّيدان، والزَّيدون، والفاطمتان، والفاطمون.

("الزَّيْدَانِ قَائِمَانِ").

نُعرِب: "الزَّيدان قائمان" باعتبار ما أخذناه:

"الزَّيدان": مبتدأ مرفوع بالابتداء، وعلامة الرفع الألف نيابةً عن الضَّمة؛ لأنَّه مُثنى. والنون: خلف عن التنوين.

"قائمان": خبر المبتدأ مرفوع بالمبتدأ، والألف والنون نيابةً عن الضَّمة؛ لأنَّه مُثنى، والفاعل ضمير مُستتر، إلى آخره.

(وَ"الزَّيْدُونَ قَائِمُونَ ").

أليس للنساء نصيبٌ يا سيِّدنا؟

هندٌ قائمة، والهندان قائمتان، والهندات قائمات.

ونقول مثلًا: الهنود قائمات، وأبوك قائم.

نأتي بالمُفرد المذكر والمؤنث، والمُثنى المذكر والمؤنث، وجمع المذكر السالم، والجمع المزيد بالألف والتاء، وجمع التكسير، والأسماء الستة.

والشيخ أيضًا تركه لفطنتك.

ولذلك يمكن أن يأتيك سؤالٌ يقول: ثنِّ واجمع المبتدأ وغيِّر ما يلزم، ويأتيك "زيدٌ مجتهدٌ".

تقول:

- الزَّيدان قائمان.

- الزَّيدون قائمون.

طيب، لو قال لك: اجعل هذا لغير المفرد.

غير المُفرد سيشمل المؤنثة والمثنى المُذكر، والمثنى المؤنث، وجمع المذكر، وجمع المؤنث.

إذن انتبه من سؤالين: ثنَّ واجمع: إذا كان مُذكرًا فيكون مثنى مذكرًا وجمع مذكر.

طيب، إذا قال لك: غيِّر ما يلزم، أي اجعله لغير الواحد، فتُدخِل الواحدة، والمثنى المذكر والمؤنث، وجمع المذكر والمؤنث.

وقد أعذر مَن أنذر.

(وَالْمُبْتَدَأُ قِسْمَانِ: ظَاهِرٌ، وَمُضْمَرٌ.

فَالظَّاهِرُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ).

الذي تقدَّم ذكره بالمثالين السَّابقين.

(وَالْمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ).

الضَّمائر البارزة المُنفصلة:

أولًا: المبتدأ حين يكون ضميرًا لابُدَّ أن يأتي بارزًا، ومُنفصلًا.

إذن الذي يكون ضميرًا لكي يقع مبتدأ لابُدَّ أن يكون بارزًا مُنفصلًا.

أمَّا الفاعل ونائبه: فكلُّ واحدٍ منهما يأتي مُستترًا وبارزًا، والبارز يكون مُتصلًا ومُنفصلًا.

إذن الفاعل ونائبه أوسع دائرةً من المبتدأ.

إذن الضَّمير في المبتدأ لابُدَّ أن يكون بارزًا مُنفصلًا.

ما معنى البارز؟

الذي تظهر صورتُه لفظًا وخطًّا.

والمُنفصل: الذي يعتمد -بعد الله- على نفسِه، فلا يكون مُلتصقًا بأيِّ شيءٍ، بخلاف "قمتُ" فالتاء لاصقة في "قام".

"ضربتُكَ": الكاف لاصقة في "ضربت".

إذن الضَّمير البارز هو الذي يظهر في اللَّفظ والخطِّ، والمُنفصل هو الذي لا يتَّصل بغيره.

أمَّا المُستتر: فهو الذي لا يظهر في الخطِّ ولا في اللَّفظ، وإنَّما في التَّقدير.

إذن أخذنا المُستتر والبارز، والمُستتر جوازًا ووجوبًا، والبارز مُتَّصلًا ومُنفصلًا.

إذن الذي يعنينا في القصة هذه بالنِّسبة للمبتدأ الضَّمير البارز المُنفصل المرفوع المحل.

وهل هناك منصوب المحل؟

نعم، فـ"أنا" يُقابلها "إيَّاي".

"أنا" ضمير رفع، و"إيَّاي" ضمير نصب.

فهل تدخل "إيَّاي" معنا في هذا الدرس؟

لا؛ لأنَّه ضمير نصب، وأنا أريد المبتدأ من المرفوعات أم المنصوبات؟ من المرفوعات.

"أنا" متكلم، و"إيَّاي" متكلم.

"نحن" بارز مُتَّصل للجميع أو للمُتكلم المُعَظِّم نفسه، ويُقابلها "إيَّانا".

"أنت" مُخاطَب، ويُقابلها: "إيَّاكَ".

"أنتِ" يُقابلها: "إيَّاكِ".

"أنتما" يُقابلها: "إيَّاكما".

"أنتم" يُقابلها: "إيَّاكم".

"أنتنَّ" يُقابلها: "إيَّاكنَّ".

"هو" يُقابله: "إيَّاه".

"هي" يُقابلها: "إيَّاها".

"هما" يُقابلها: "إيَّاهما".

"هم" يُقابلها: "إيَّاهم".

"هنَّ" يُقابلها: "إيَّاهن".

إذن المُضْمَر معنا: "أنا، نحن، أنتَ، أنتِ، أنتما، أنتم، أنتنَّ، هو، هي، هما، هم، هن"، اثنا عشر ضميرًا.

(وَالْمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ، وَهِيَ: أَنَا، وَنَحْنُ، وَأَنْتَ، وَأَنْتِ، وَأَنْتُمَا، وَأَنْتُمْ، وَأَنْتُنَّ، وَهُوَ، وَهِيَ، وَهُمَا، وَهُمْ، وَهُنَّ).

"أنا" مُسلَّم بها أنَّها للمُتكلم المفرد، أمَّا "نحن" فهي للمُتكلم المُعَظِّم نفسه، وللمُتكلم ومعه غيره.

مثل قوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ [يوسف: 3]. هذا مُتكلم مُعَظِّم نفسه.

﴿وَنحْنُ عُصْبَةٌ﴾ [يوسف: 8]، للمُتكلم ومعه غيره.

لما نقول هذا؟

لأنَّ أعداء الإسلام يأتون إلى هذه النُّقطة ويقولون: أنتم تمنعوننا من التَّثليث، فلما تقولون: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ﴾؟

نقول له: يا جاهل، يا جهول، يا مِجْهَال، هذا الضَّمير للمُتكلم المُعَظِّم نفسه، وليس للجمع؛ لأنَّه عرف من النحو شيئًا وغابت عنه أشياء، والويل من أنصاف المُتعلِّمين، يعرف قاعدةً ويجهل الباقي، ويُريد أن يحكم على الناس بتلك التي يعرفها فقط.

ننتبه: فحين يقول لك: لماذا تمنعوننا من التَّثليث؟

نقول: هذا الضَّمير في هذا السِّياق ليس للجمع، إنَّما في السِّياق الثاني للجمع.

في نفس السورة: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ [يوسف: 3]، قال: ﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنحْنُ عُصْبَةٌ﴾ [يوسف: 8].

وقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى﴾ [يس: 12] هذا للمُتكلِّم المُعَظِّم نفسه.

وقوله: ﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ﴾ [يوسف: 63]، للجمع.

النقطة الأخيرة هنا:

"أنتَ" هل الضَّمير "أن" أو "التاء" أو "أنت"؟

أقوالٌ ثلاثة:

- بعضهم قال: "أن" هي الضَّمير، والتاء حرف خطاب.

- وبعضهم قال: "التاء" هي الضَّمير، و"أن" حرف.

- وبعضهم قال: "أنت" كلها الضَّمير، وهذا تسهيلًا يجوز.

(نَحْوَ قَوْلِكَ: "أَنَا قَائِمٌ"، وَ"نَحْنُ قَائِمُونَ").

حين نُعرِب "أنا قائم" أقول:

"أنا": ضمير بارزٌ مُنفصلٌ مبنيٌّ على السُّكون في محلِّ رفع مبتدأ.

"قائم": خبر، والضَّمير مستتر.

"نحن قائمون":

"نحن": ضمير بارز مُنفصل مبنيٌّ على الضَّم في محل رفع مبتدأ.

"قائمون": خبر مرفوع وعلامة رفعه الواو نيابةً عن الضَّمة؛ لأنَّه جمع مذكر سالم.

"أنت مجتهدٌ":

"أن": الضمير، والتاء حرف خطاب. إلى آخره.

"أنتِ مجتهدة، أنتما مجتهدان -أو مجتهدتان- أنتم مجتهدون، أنتن مجتهدات".

طيب، "هو مجتهد":

"هو": ضمير بارز مُنفصل مبنيٌّ على الفتح في محل رفع مبتدأ.

"هي": كذلك مبني على الفتح، "هما"، "هم"، "هن".

إذن هذه الضَّمائر بارزة مُنفصلة في محل رفع مبتدأ، وما بعدها خبر.

(نَحْوَ قَوْلِكَ: "أَنَا قَائِمٌ"، وَ"نَحْنُ قَائِمُونَ" وَمَا أَشْبَهُ ذَلِكَ).

ما أشبه ذلك: هو ما قلته "أنت قائم..." إلى آخره.

(وَالْخَبَرُ قِسْمَانِ: مُفْرَدٌ، وَغَيْرُ مُفْرَدٍ).

ما المفرد؟

المفرد في هذا الباب ما ليس جملةً ولا شبه جملةٍ، مثل: "محمدٌ مجتهدٌ، فاطمة مجتهدةٌ، المحمدان مجتهدان"، "المحمدان مجتهدان" مفرد؟ نعم، المفرد في هذا المُصطلح ما ليس جملةً ولا شبه جملة.

يعني نحتكم إلى المصطلح، كيف يكون مفردًا وهو مُثنى؟

تقول: المفرد في هذا الباب -باب الحال وباب النَّعت- ما ليس جملةً ولا شبه جملةٍ.

إذن المفرد في باب الخبر والنَّعت والحال ما ليس جملةً ولا شبه جملةٍ.

أمَّا المفرد في باب المُنادى واسم "لا" النافية للجنس: فهو ما ليس مُضافًا ولا شبيهًا بالمُضاف.

والمفرد في باب العَلَم: ما ليس مُركَّبًا.

والمفرد في باب الأعداد: ما ليس مُرَكَّبًا، إلى آخره.

إذن المفرد له مُصطلحاتٌ كثيرةٌ.

فالمقصود بالمُفرد هنا ما ليس جملةً.

(وَالْخَبَرُ قِسْمَانِ: مُفْرَدٌ، وَغَيْرُ مُفْرَدٍ:

فَالْمُفْرَدُ نَحْوَ: "زَيْدٌ قَائِمٌ".

وَغَيْرُ الْمُفْرَدِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ).

زيد قائم، وفاطمة قائمة، وإلى آخره.

وغير المفرد أربعة أشياء:

- الفعل مع الفاعل.

- والفعل مع نائب الفاعل.

- والظَّرف.

- والجار والمجرور.

يقول ابنُ مالك:

وَمُفْرَدًا يَأْتِي وَيَأْتِي جُمْلَه

حَاوِيَةً مَعْنَى الَّذِي سِيقَتْ لَه

(وَغَيْرُ الْمُفْرَدِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ، وَالظَّرْفُ).

الجارُّ والمجرور والظَّرف: شبه جملة.

والأمثلة سيأتي بها.

(وَالْفِعْلُ مَعَ فَاعِلِهِ، وَالْمُبْتَدَأُ مَعَ خَبَرِهِ).

الفعل مع فاعله أو نائب فاعله.

(وَالْمُبْتَدَأُ مَعَ خَبَرِهِ).

إذن الشيخ ذكر لغير المفرد أربعة أشياء: الثالث والرابع جملة، والأول والثاني شبه جملة، وسيأتي بالأمثلة بالتَّرتيب، فهذا لَفٌّ ونَشْرٌ مُرتَّب.

(وَالْمُبْتَدَأُ مَعَ خَبَرِهِ، نَحْوَ قَوْلِكَ: "زَيْدٌ فِي الدَّارِ").

هذا شبه جملة جار ومجرور.

(وَزَيْدٌ عِنْدَكَ).

شبه جملة ظرف.

(وَزَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ).

هذه جملة فعليَّة، ومن الممكن أن نقول: زيدٌ أُكرِمَ أبوه.

(وَزَيْدٌ جَارِيَتُهُ ذَاهِبَةٌ).

هذه جملة اسميَّة.

نُعرِب المثال الثالث: "زيدٌ قامَ":

"زيد": مبتدأ.

"قام": فعل ماضٍ.

"أبو" من "أبوه" فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو؛ لأنَّه من الأسماء الستة.

"أب" مُضاف، والهاء مضاف إليه، والجملة خبر.

إذن الخبر هنا جملة فعليَّة.

وهنا الرَّابط: "أبوه" تعود الهاء على "زيد".

طيب، "أُكرِم أبوه"، "أبوه" نائب فاعل.

المثال التالي:

"زيدٌ جاريته ذاهبةٌ".

"زيد": مبتدأ.

"جاريته" مبتدأ ثانٍ، والهاء مُضاف إليه.

"ذاهبة" خبر المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

أين الرابط؟

الهاء في "جاريته".

نُعرِب المثال الأول والثاني:

"زيدٌ في الدار":

"زيد": مبتدأ.

"في الدار": جار ومجرور شبه جملة، مُتعلِّق بمحذوف تقديره "كائن" أو "استقر"، "زيد كائنٌ في الدار".

يقول ابنُ مالك:

وَأَخْبَرُوا بِظَرْفٍ او بِحَرْفِ جَرّ

نَاوِينَ مَعْنَى كَائِنٌ أَوِ اسْتَقَرّ

طيب، الثانية:

"زيد": مبتدأ.

"عندك": ............(هنا انقطعت المادة الصَّوتية) أحيانًا نقول عليه تجوُّزًا خبر المبتدأ، فنسد الخانة بصفر.

إذن الخبر في المعنى "في الدار" و"عندك". لكن في اللَّفظ محذوف تقديره: "كائن" أو "استقر".

وقد صُرِّح بهذا الخبر الواجب الحذف في قول الشَّاعر:

لَكَ الْعِزُّ إِنْ مَوْلَاكَ عَزَّ، وَإِنْ يَهُنْ

فَأَنْتَ لَدَى بُحْبُوحَةِ الْهُونِ كَائِنُ

"لك العز" خبر مُقدَّم.

...إِنْ مَوْلَاكَ عَزَّ، وَإِنْ يَهُنْ

فَأَنْتَ لَدَى بُحْبُوحَةِ الْهُونِ كَائِنُ

إذن صرَّح هنا بمُتعلِّق الظَّرف.

(بَابُ الْعَوَامِلِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ).

العوامل مفردها عامل، تذكرون العامل؟ العامل هنا ليس الفلاح، إنما العامل المُؤثِّر والمعمول المُتأثِّر، وقلنا أنَّ كلَّ مرفوعٍ يحتاج رافعًا، وكلَّ منصوبٍ يحتاج ناصبًا، تذكَّروا هذه القاعدة.

إذن الرافع والناصب والجار والجازم هذه عوامل، والمرفوع والمنصوب والمجرور والمجزوم هؤلاء المعمول، والعلامة كما تعرفون.

(وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: كَانَ وَأَخَوَاتُهَا، وَإِنَّ وَأَخَوَاتُهَا، وَظَنَنْتُ وَأَخَوَاتُهَا).

طبعًا هو ظلم النَّواسخ. لماذا؟

لأن عندنا "ما، ولا، ولات، وإن" المُشبَّهات بـ"ليس" التي ذكرنها أمس.

و"كاد" وأخواتها، و"لا" النافية للجنس، و"ظنَّ" وأخواتها، إلى آخره. هذه العوامل.

لكن "ظنَّ" وأخواتها لا تدخل في باب المرفوعات، لماذا؟

لأنَّ المبتدأ يصير مفعولًا أول وهو منصوب، والخبر يصير مفعولًا ثانيًا منصوب، إذن "ظنَّ" وأخواتها لا تدخل معنا في باب المرفوعات.

(فَأَمَّا كَانَ وَأَخَوَاتُهَا فَإِنَّهَا تَرْفَعُ الِاسْمَ، وَتَنْصِبُ الْخَبَرَ).

يقول ابنُ مالك -ونحن ذكرنا هذا الكلام أمس:

تَرْفَعُ كَانَ الْمُبْتَدَا اسْمًا وَالْخَبَر

تَنْصِبُهُ كَـ"كَانَ سَيِّدًا عُمَر"

(وَهِيَ: كَانَ، وَأَمْسَى، وَأَصْبَحَ، وَأَضْحَى، وَظَلَّ، وَبَاتَ، وَصَارَ، وَلَيْسَ، وَمَا زَالَ، وَمَا انْفَكَّ، وَمَا فَتِئَ، وَمَا بَرِحَ، وَمَا دَامَ).

إذن "كان" لها كم أخت؟

لها اثنتا عشرة أختًا، وبها يكُنَّ ثلاثة عشر.

أصبح: للتَّوقيت في الصَّباح.

أمسى: للتَّوقيت في المساء.

طيب، المساء متى يبدأ؟

من بعد الظُّهر إلى غروب الشَّمس، وليس ليلًا كما نعرف.

وأضحى: الضُّحى المعروف من بعد شروق الشَّمس إلى الظُّهر.

وظلَّ: للنهار.

متى يبدأ النهار؟ ومتى ينتهي؟

النهار يبدأ قُبيل شُروق الشمس، وينتهي بُعَيد غروب الشَّمس.

وبات: للتَّوقيت اللَّيلي.

وصار: للتَّحويل.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وصلى الله على سيِّدنا ومولانا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.

سبحانك اللَّهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إلهَ إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [سورة العصر].

جزاكم الله خير الجزاء على حُسن الاستماع.

http://islamacademy.net/media_as_home.php?parentid=62