السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده وأستعينه وأستغفره، أحمده حمدًا كثيرًا طاهرًا طيبًا مبارك فيه، يكافئُ نعمه، ويوافي مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فحياكم الله جميعًا أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء، وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلًا، وأسأل الله -جل وعلا- الذي جمعنا في هذه الساعة المباركة على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ودار مقامته إنه ولي ذلك ومولاه.
أيها الأحبة هذا هو اللقاء الخامس ومع الدرس الرابع من "الدروس المهمة لعامة الأمة" لسماحة والدنا وشيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله تعالى.
ولكن اسمحوا لي في دقيقتين اثنتين فقط أن أتقدم بخالص التهنئة للشعب المصري الأصيل العبقري الكريم، للشعب الذي شبَّهتُه ببذور الزهور، فبذور الزهور إذا طُمسَت ووضع التراب والطمي والطين عليها لا تموت ولا تستسلم، ولكنها تدفع هذا الطمي وتخرج من هذا التراب لنراها في ورد جميل وزهرات أخَّاذة الشذى والمنظر واللون والعبير، فها هو الشعب المصري بفضل الرب العلي -سبحانه وتعالى- يُظهر عبقريته مرة أخرى للعالم كله.
أولًا: أذكر هذا الشعب كله بأن يخر ساجدًّا لله -سبحانه تعالى- شاكرًا له -عز وجل-، فالفضل فضله، والأمر أمره، والملك ملكه، والحكم حكمه، والتدبير تدبيره، فعلينا أن نذعن وأن نخضع وأن نستسلم وأن نُقر لله -تبارك وتعالى- بالفضل كله، فالفضل كله لله.
فأنا أقدم الليلة من كل قلبي التهنئة لشعبنا المصري الأصيل، أقدم التهنئة لرجال القضاء، لقضائنا الذي أثبت بالفعل أنه قضاء نزيه، لهؤلاء الأمناء الشرفاء أشكر لهم وأحييهم وأهنئهم على استعلائهم على كل هذه الجراحات والتُّهَم التي اتُّهموا بها طيلة الأيام والأشهر الماضية، أهنئهم وأشكر لهم هذا الصنيع، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجزيهم عنا وعن المصريين خير الجزاء، وأن تنعم مصر في ظلالهم بحكم الله سبحانه، وبمنهج الله سبحانه، وبتشريع الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، فهم يتوقون إلى منهج الله ورسوله كما أخبروني، وأسأل الله أن يعينهم وأن يوفقهم لذلك، شكرًا لهم.
وأهنئ المؤسسة العسكرية والمؤسسة الشرطية الأمنية، أهنئ الشرفاء والأمناء، وأقول لهم: جزاكم الله خيرًا، ولقد تحملتم الكثير والكثير، فشكرًا لكم، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يحفظ على مصر أمنها وأمانها وجيشها وشرطتها، ولي رسائل بعد ذلك -إن شاء الله- في غير هذا الموضع.
وأهنئ أيضًا أقباط مصر ونصارى مصر، أهنئهم بعيش آمن بإذن الله في ظلال الشريعة، فشريعة الله أمن كلها وأمان كلها وعدل كلها، ولن نقبل أبدًا أبدًا أن يُظلم واحد منهم بين ظهرانينا، أهنئهم أيضًا، أهنئ كل الشعب المصري وأرجو ألا نفرق أو نميز بين فصيل وفصيل، بين من صوتوا للدكتور مرسي أو للفريق شفيق، كلهم مصريون، أرجو أن يبدأ أهل مصر جميعًا بداية واحدة للبناء، للاستعلاء على الجراحات والآلام، لبناء مصر الجديدة، ينعم فيه كل مصري بالأمن والأمان والرخاء والاستقرار والسعة والبركة في ظلال منهج الله -تبارك وتعالى.
ثم تهنئتي الأخيرة لأخي الدكتور محمد مرسي؛ لأني مشفق عليه غاية الإشفاق، وأدعو الله -عز وجل- له أن يعينه على أداء هذه الأمانة الثقيلة وهذا الحمل العظيم الكبير.
وقد استمعت قبل مجيئي إليكم إلى خطابه المُسدد المُوفق الذي أرسل فيه عدة رسائل للطمأنة، للتسامح، للتصالح، للبداية الجديدة مع كل أطياف الشعب المصري، أسأل الله أن يعينه على هذا الدور الكبير وأن يوفقه لفتح صفحة جديدة مع كل مصري يعيش على أرض مصر، لمن منحه صوته ولمن لم يمنحه صوته، فكلهم مصريون، ولا يجوز أبدًا أن يُخوِّن فصيلٌ فصيلًا، أو أن يُخوِّن مصريٌ مصريًّا، فالكل يعمل وهو يعتقد أنه يخدم هذا البلد، فلا يجوز أبدًا أن نفرق.
فأسأل الله أن يعينه ليوحد الصف، ليضمد الجراح، ليلملم الشمل، ليبدأ الجميع معه من الشرطة والجيش والمجلس العسكري ورجال القضاء والإعلام والتعليم والحكومة وكل مؤسسات الدولة، أسأل الله أن يوفقهم جميعًا ليبدؤوا مع الدكتور محمد مرسي بداية جديدة في إقامة الحق والعدل والأمن والأمان والرخاء والاستقراء والسعة والبركة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أما رسالتي للدكتور مرسي فموضوعها خطبة الجمعة القادمة بإذن الله تعالى بجامع الحصري بمدينة السادس من أكتوبر، أسأل الله أن يوفقني في رسالتي إليه، وأسأل الله -عز وجل- أن يسعدنا جميعًا بنصرة الإسلام وعز المسلمين، وأن يرزقنا شكر نعمه والتذلل إليه والانكسار بين يديه، والتواضع له سبحانه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الدرس الرابع من الدروس المهمة يقول فيه شيخنا -رحمه الله: أقسام التوحيد وأقسام الشرك.
قال: (بيان أقسام التوحيد وهي ثلاث: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات).
ثم قال الشيخ -رحمه الله: (أما توحيد الربوبية فهو: الإيمان بأن الله -سبحانه وتعالى- الخالق لكل شيء، والمتصرف في كل شيء، لا شريك له في ذلك).
هذا التقسيم ابتداءً ذكره بعض أهل العلم من باب الاستقراء للأدلة، وبعض أهل العلم يرى أن التوحيد لا يتجزأ، وأنا أدين لله بهذا، التوحيد لا يتجزأ، هذا تقسيم نظري للدراسة عند البعض، فلا ينبغي أبدًا أن يتوهم أحد أنه مطلوب منه أن يقيم توحيد الربوبية وأن يحققه حتى إذا انتهى من تحقيقه انتقل وتركه إلى توحيد الألوهية، وهكذا؛ أبدًا، التوحيد كلٌّ لا يتجزأ.
فتوحيد الربوبية هو: إفراد الله -تبارك وتعالى- بالخلق والرزق والأمر والتصريف والتدبير، قال -تعالى: ﴿أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ [الأعراف: 54]، وقال -صلى الله عليه وسلم: «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ...» إلى آخر الدعاء، ولا أستطيع أن أسرد الأدلة، فهذا مفصل في كتابي: "حقيقة التوحيد"، وفي كتاب "جبريل يسأل والنبي يجيب"، وفي كتاب "الأصول الثلاثة" الذي شرحته أيضًا في مجلد ضخم بفضل الله -تبارك وتعالى.
لكن على أي حال، توحيد الربوبية أن تُقرَّ لله -تبارك وتعالى- وأن تعتقد وتؤمن بأن الله -عز وجل- هو الرب، والرب كما قال الواسطي وغيره: "هو الخالق ابتداءً، والمربي غذاءً، والغافر انتهاءً"، خالق كل شيء، ﴿أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾، وهو مدبر أمر الكون، وهو المتصرف في شؤون الكون كله، فالله -سبحانه وتعالى رب كل شيء ومليكه، والأدلة القرآنية على هذا القسم من أقسام التوحيد كثيرة.
أما توحيد الألوهية فهو: الإيمان بأن الله -سبحانه وتعالى- هو المعبود بحق، لا شريك له في ذلك، توحيد الألوهية: إفراد الله بالعبادة، أو تحقيق معنى لا إله إلا الله.
"لا إله إلا الله" نفي وإثبات.
قال ابن القيم: "النفي المحض ليس توحيدًا، وكذا الإثبات بدون النفي".
أي: كذلك الإثبات بدون النفي ليس توحيدًا، وإنما يجب أن يكون التوحيد متضمنًا للنفي والإثبات معًا. "لا إله إلا الله"، فتوحيد الألوهية هو إفراد الله -عز وجل- بالعبادة.
والعبادة -كما ذكرت- هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
لها ركنان، هما: تمام الذل مع تمام الحب.
ولها شرطان، هما: الإخلاص والاتباع.
والعبادة هي الغاية التي من أجلها خلق الله السماوات والأرض، والجنة والنار، وأنزل الكتب وأنزل الرسل، وهي الصيحة الأولى لكل رسالة، والصرخة الأولى لكل نبوة، فما أرسل الله نبيًّا ولا رسولًا إلا من أجل أن يُعبِّدَ الخلقَ للحق -تبارك وتعالى: ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36]، ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 256].
فتوحيد الألوهية هو توحيد العبادة أو تحقيق معنى لا إله إلا الله، أو إفراد الله -تبارك وتعالى- وحده بالمحبة والتوكل والاستعانة والاستغاثة والتفويض والرجاء والإنابة، فضلًا عن الأعمال التي كُلِّفنا بها، فالتوحيد والصلاة والصيام والزكاة والحج والإنابة وبر الوالدين وجهاد المنافقين، وجهاد المشركين، والصدقة، والإنفاق في سبيل الله، والتفويض والتوكل، والاستعانة، والاستغاثة، والرجاء، والذبح، والنذر، كل هذا وغير هذا من العبادة التي أمرنا بها.
وواجب على كل موحد أن يفرد الله -سبحانه وتعالى- وحده بها بلا منازع ولا شريك: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162، 163].
أما القسم الثالث باختصار فهو توحيد الأسماء والصفات، قال الشيخ -رحمه الله: (وهو الإيمان بكل ما ورد في القرآن الكريم أو الأحاديث الصحيحة من أسماء الله وصفاته، وإثباتها لله وحده على الوجه اللائق به سبحانه، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، عملًا بقوله -سبحانه: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ [سورة الصمد]، وبقوله سبحانه، أي وعملًا بقوله -سبحانه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]).
ويذكر الشيخ -رحمه الله- أن من أهل العلم من جعل التوحيد قسمين فقط وأدخل توحيد أو قسم توحيد الأسماء والصفات في توحيد الربوبية، ولا مشاحة في ذلك لأن المقصود واضح في كلا التقسيمين.
باختصار شديد: توحيد الأسماء والصفات هو إفراد الله -تبارك وتعالى- بأسماء جلاله، وصفات كماله، التي أثبته لذاته في قرآنه، وأثبتها له أعرف الخلق به عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم.
هذه الأسماء يا إخواني لا تنحصر في التسعة والتسعين اسمًا «إن لله تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر»، والحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة.
أسماء الله -تبارك وتعالى- توقيفية، ليس من حق أحد أن يشتق لله -تبارك وتعالى- أسماءً، أو أن يصفه بصفاتٍ لم يُثبتها له -جل جلاله- لذاته في قرآنه، ولم يثبتها له أعرف الخلق به عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم.
أسماء الله -كما ذكرت- لا تنحصر في التسعة والتسعين، والأدلة على ذلك كثيرة، منها مثلًا:
- ما رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره من حديث عبد الله بن مسعود أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أصاب أحد قط همٌّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك» إلى آخره.
أسماء الله -تبارك وتعالى- كما ذكرت توقيفية، أسماء الله -تبارك وتعالى- لا يجوز أن يشتق من بعض الأفعال الواردة في كتاب الله -تبارك وتعالى- من باب الجزاء العدل من جنس العمل، لا يجوز أن نشتق منها أسماءً، فالأسماء توقيفية، يعني لا يجوز أبدًا أن تشتق من قوله -تبارك وتعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: 142] أن من أسمائه المُخادع، حاشا وكلا، لا يجوز أبدًا أن تشتق من قوله -تبارك وتعالى: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: 67] أن تشتق من أسمائه الناسي، وهكذا.
فأسماء الله توقيفية ثابتة في كتاب ربنا -تبارك وتعالى- وفي سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وقد بذل كثير من أهل العلم القُدامى والمعاصرين جهدًا مباركًا كبيرًا في تحديد هذه الأسماء الثانية الواردة إما في آية من كتاب الله -تبارك وتعالى- أو في حديث ثابت صحيح من أحاديث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
لا يجوز أبدًا أن نُحرِّف هذه الأسماء أو الصفات تحريفًا لفظيًّا، أو تحريفًا معنويًّا، يعني لا يجوز أبدًا، نؤمن بالأسماء من غير تحريف لا للفظ ولا للمعنى، ومن غير تعطيل لما يحمله الاسم من صفة؛ لأن نفي الصفات تعطيل للذات، وطبعًا هذا مبحث طويل جدًّا يعني لا يتسع الوقت لتفصيله، وقد ذكرت كثيرًا من قواعده في كتابي "حقيقة التوحيد" وغيره من كتب العقيدة التي وفقني الله -تبارك وتعالى- لكتابتها كـ "جبريل يسأل والنبي يُجيب" و "الأصول الثلاثة".
الشاهد أيها الأحبة، إن المؤمن يؤمن بالأسماء الحسنى والصفات العلى من غير تحريف لا للفظ ولا للمعنى، يعني المعطلة وعلى رأسهم جهم بن صفوان مثلًا يريدون من باب عدم الإيمان أو إثبات الصفات أن يؤولوا كل صفة ثابتة في كتاب الله -تبارك وتعالى-، كما في قوله مثلًا: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: 5]، هم يريدون نفي صفة الاستواء، فيحرفون كلمة ﴿اسْتَوَى﴾ تحريفًا لفظيًّا، فيقولون: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى﴾؛ أي استولى.
وكما في قوله: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: 28]، يحرفون اللفظ تحريفًا معنويًّا فيقولون: ويحذركم الله غيره. لنفي صفة الاستواء وغيرها من الصفات.
لا، أهل التوحيد من أصحاب المهج الصحيح المنهج السلفي -أسأل الله أن يختم لنا ولكم به- يؤمنون بالأسماء والصفات من غير تحريف لا للفظ ولا للمعنى، ومن غير تكييف أو تعطيل أو تشبيه أو تمثيل.
الإمام الشنقيطي -رحمه الله تعالى- يذكر ثلاثة أسس في رسالته القيمة الأسماء والصفات، فيقول: الأساس الأول: تنزيه الله -تبارك وتعالى- عن أن نشبهه بشيء من مخلوقاته أو من المخلوقين، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].
ثم يقول: "والأساس الثاني: قطع الطمع في إدراك كيفية الذات"، فنحن نؤمن بأنه -سبحانه وتعالى- مستوٍ على عرشه ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: 5]، استوى كما أخبر وعلى الوجه الذي أراد، وبالمعنى الذي قال، استواءً منزهًا عن الحلول والانتقال، فلا العرش يحمله ولا الكرسي يسنده، بل العرش وحملته والكرسي وعظمته الكل محمول بقدرته مقهور بجلال قبضته، أو كما قال مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"، وهكذا في سائر الصفات، ليس كمثله شيء، ﴿فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ﴾ [النحل: 74]، ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾ [طه: 110]، إلى غير ذلك،.
وكنت أدرس لبعض الطلبة في مسجد التوحيد، قلت: لا ينكر أحد منكم وجود عالم النمل بيننا بدليل أننا نرى النملة، ولا ينكر عاقل أن النمل له لغة بدليل أننا نرى لغة النمل وإن كنا لا نسمعها، فأنت ترى نملة تعجز عن حمل كسرة خبز، فتذهب لتأتي بسرب كبير من النمل وراءها ليحمل هذا السرب كله هذه الكسرة إلى حيث شاء ربي وقدر.
الشاهد: هل طمع عاقل في أن يقرب ميكروفونًا أو تسجيلًا ليُكبِّر لنا لغة النمل أو يرفع صوت النمل حتى نسمعه؟ هل طمع عاقل في ذلك؟ الجواب: لا، ما طمع عاقل في أن يدرك كيفية كلام النمل مع اعتقاده أن النمل يتكلم، ولا ينكر ذلك. فأنا أقول: يا عاقل، قطعت الطمع بسكين العقل في إدراك كيفية النمل، فكيف تطمع يا من ملأ قلبك اليقين بربك في إدراك كيفية الذات؟!
قطعت الطمع بسكين العقل في إدراك كيفية النمل، وهو خلق من خلق الله، فكيف تطمع في إدراك كيفية الذات؟! أو في إدراك كيفية كلام الحق -سبحانه وتعالى؟! لأن البعض نفى الكلام عن الله مثلًا كصفة، وقال: لا يصح أبدًا أن نصف الله بأنه متكلم على الحقيقة، لأن الكلام يحتاج إلى شفتين ويحتاج إلى لهاة، ويحتاج إلى لسان. ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ -سبحانه وتعالى.
نؤمن بأن الله -عز وجل- متكلم، ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً﴾ [النساء: 164]، وليس كما قال المعطلة وعلى رأسهم جهم وغيره ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً﴾، إذن: كلم: فعل ماضي.
اللهَ: لفظ الجلالة مفعول به مقدم.
وموسى: فاعل مؤخر.
وهذا خطأ، هو يريد أن ينفي صفة الكلام فحرَّف هذا التحريف الباطل الواضح.
طيب ماذا يصنع بقوله -تبارك وتعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعراف: 143]، هل يستطيع أن يقول: "وكلمه ربَّه"، لا يستطيع، ﴿وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾، فالله -تبارك وتعالى- تكلم مع نبي الله موسى ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً﴾ مفعول مطلق مؤكد للفعل.
الشاهد -أيها الأحبة- أننا -باختصار شديد جدًّا- نؤمن بأسماء الله الحسنى وصفات الله العلا التي أثبتها لذاته في قرآنه، وأثبتها له أعرف الخلق به محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- من غير تحريف لا لألفاظها ولا لمعانيها، ومن غير تعطيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾.
ومن رحمة الله أن قيض الله لنا من أهل العلم والفضل من القدامى والمعاصرين -جزاهم الله خيرًا- من اجتهدوا وجمعوا لنا أسماء الله الحسنى الثابتة في كتاب الله وفي سنة رسول الله، وهذا جهد مشكور، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجزي الجميع خير الجزاء.
أقسام الشرك ثلاثة -باختصار شديد- لا أريد أن أتكلم في الإلحاد في الأسماء، يعني الموضوع طويل.
أقسام الشرك ثلاثة، الشيخ يقول هكذا -رحمه الله:
- شرك أكبر.
- وشرك أصغر.
- وشرك خفي.
ثم بعد ذلك قال في آخر هذا المبحث البيع المختصر: قد ينقسم الشرك إلى قسمين اثنين، وهما: شرك أكبر وشكر أصغر، والشرك الخفي يندرج تحت النوعين معًا.
الشرك الكبر، يقول الشيخ -رحمه الله: "يوجب حبوط العمل والخلود في النار" ولا حول ولا قوة إلا بالله، لمن مات عليه يقينًا.
قال -تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ [النساء: 116]، وقال -جل وعلا: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 88]، وقال -جل وعلا: ﴿وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ [المائدة: 5]، وقال -جل وعلا: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ [التوبة: 17].
أنا أريد باختصار شديد جدًّا في دقيقة واحدة فقط أقول لحضراتكم بأن العمل يحبط لسبب من ثلاثة أسباب -هذه لطيفة جميلة سجلوها:
- يحبط العمل لبطلان أصله.
- أو لفوات شرطه.
- أو لضياع أجره.
ثلاثة أسباب تحبط العلم.
السبب الأول لحبوط العمل هو: بطلان أصله، وهذا لا يكون إلا بالكفر والرِّدة.
انتبه: هذا مبحث نفيس جدًّا، هذا لا يكون إلا بالكفر والرِّدة، والأدلة على ذلك كثيرة لا يتسع الوقت لذكرها الآن.
إذن: السبب الأول من أسباب حبوط العلم هو: بطلان أصل العمل، وبطلان أصل العمل يقع بالكفر أو بالرِّدة.
طيب.. السبب الثاني: بفوات شرطه، إذ لا يُقبل العمل إلا بشرطين: الإخلاص والاتباع.
فإن فات الشرطان حبط العمل، حبط يحبط حبوطًا، بطل بطلانًا.
السبب الثالث -طبعًا الأدلة كثيرة جدًّا من القرآن والسنة على هذا.
السبب الثالث: فوات أجره، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي...﴾ [البقرة: 264]، إلى آخره.
روى ابن ماجة وغيره بسند حسنٍ من حديث ثوبان أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء، فيجعلها الله هباءً منثورًا، أما إنهم إخوانكم ومن جِلْدتِكم ويأخذون من الليل كما تأخذون»، ومع هذا يجعل الله أعمالهم هباءً منثورًا؟! لماذا؟ قال: «ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله؛ انتهكوها»، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إذن قد يبطل ويحبط العلم كله لضياع أجره، هو يعمل لكن الأجر يضيع، وأنتم تعلمون أن من رجحت كفة حسناته نجا، ومن رجحت كفة سيئاته ولو بسيئة خسر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراًّ يَرَهُ﴾ [الزلزلة 7، 8]، وقال -جل وعلا: ﴿وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ ..﴾ [الأنبياء: 47] نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يثقل موازين إيماننا.
الشرك الأكبر هذا يا إخواني يُحبط العلم كما قال شيخنا ابن القيم:
والشرك فاحذره فشرك ظاهر
ذا القسم ليس بقابل الغفرانِ
وهْو اتّخاذُ النّدِّ للرحمن أيًّا
كان من حجر ومن إنسانِ
يدعوه أو يرجوه ثمّ يخافه
ويحبه كمحب الدّيّانِ
أقول مرة أخرى هذين البيتين، انظر ماذا يقول الشيخ ابن القيم، يقول:
والشرك فاحذره فشرك ظاهر
الذي هو الشرك الأكبر.
والشرك فاحذره فشرك ظاهر
ذا القسم ليس بقابل الغفران
وهو اتّخاذ النّد للرحمن أيًّا
كان من حجر ومن إنسان
يدعوه أو يرجوه ثمّ يخافه
ويحبه كمحب الديّان
شرك الدعاء، شرك الرجاء، شرك المحبة، شرك الخوف، طبعًا لا يتسع الوقت لتفصيل هذه الأقسام.
إذن هذا القسم من أقسام الشرك وهو الشرك الأكبر، وهو يحبط العلم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما الشرك الثاني: هو الشرك الأصغر، وهو الرياء، لما رواه الإمام أحمد والإمام الطبراني والبيهقي وغيرهم بسند صحيح من حديث محمود بن لبيد -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء».
الرياء مصدر قولهم: راءى مراءة ورئاءً ورياءً أي أرى الناس خلاف ما يُبطن، فالرياء هو إرادة الغير بفعل الخير.
انتبه من الحدِّ الجميل هذا، الرياء: هو إرادة الغير بفعل الخير، هو إرادة العباد بطاعة الله، أن يُريَ الإنسان غيره من الخلق خلاف ما يسره وما يبطنه من أجل السمعة والشهرة والمحمدة والمكانة والدنيا.
والرياء مرض عضال، نسأل الله أن يحفظنا وإياكم من الشرك الأكبر والأصغر، إنه ولي ذلك والقادر عليه، الشرك الأصغر هو الرياء، والرياء محبط -ولا حول ولا قوة إلا بالله- للعمل، إن صاحب -انتبه لأن فيه تقسيمًا- إن صاحَبَ الرياءُ العمل من أصله إلى آخره.
يعني العمل لغير الله أقسام:
أولًا: أن يكون العمل كله لله -تبارك وتعالى-، وهذا هو الإخلاص، اللهم اجعلنا من أهله.
القسم الثاني: أن يكون العمل كله لغير الله -تبارك وتعالى-، وأن يصاحب الرياءُ العمل من أوله إلى آخره، وهذا عمل باطل باتفاق.
أما القسم الثالث: هو أن يبدأ الإنسان العلم بنية خالصة لله، وأن تطرأ عليه نية الرياء أثناء العمل، وهنا اختلف العلماء:
- فمنهم من قال: هذا عمل حابط؛ لأنه طرأ عليه الرياء ولم يدفعه.
- ومنهم من قال: بل يحاسب الله -عز وجل- العبدَ في هذا العمل على أصل نيته وهي الإخلاص، وهذا رجحه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، وكذلك الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه القيم "جامع العلوم والحكم"، وغيرهما، وهذا من رحمة الله بنا.
الشاهد: أن العمل لا يُقبل إلا إذا كان خالصًا لوجه الله -تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5].
روى مسلم في صحيحة أنه -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي قال: «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملًا أشرك فيه معي غيري؛ تركته وشركه»، وفي لفظ ابن ماجة بسند صحيح: «أنا منه بريء وهو للذي أشرك».
لا يتسع الوقت للحديث عن الرياء بالتفصيل، وقد فصلت بفضل الله -تبارك وتعالى- ذلك أكثر من مرة.
الشيخ -رحمه الله- يقول بأن النوع الثالث وهو الشرك الخفي دليله قول النبي الذي ذكرته آنفًا من حديث محمود بن لبيد: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء»، وفي رواية أخرى قال: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟»، يا الله؟! مع أن فتنة المسيح الدجال هي أعظم فتنة بلا نزاع، «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيُزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه».
يقف يصلي فإذا رأى أن رجلًا ينظر إليه له عنده حاجة أو دنيا أو يريد أن يدخل إلى قلبه لأي سبب من الأسباب، فيزين الرجل صلاته فيُظهر خشوعًا كاذبًا مُدّعى، إلى غير ذلك.
هذا هو الشرك الخفي، الذي النبي قال: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فيُزيِّن صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه»، الحديث رواه الإمام أحمد وغيره بسند حسن، فهذا هو الشرك الخفي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال شيخنا بعد ذلك: يجوز أن يُقسَّم الشرك إلى نوعين فقط، إلى شرك أكبر وإلى شرك أصغر، والشرك الخفي يعمُّ هذين القسمين معًا، فقد يقع الشرك الخفي في الشرك الأكبر كشرك المنافقين الذي يُظهرون الإسلام بألسنتهم ويُخفون الكفر ونفاق الاعتقاد في قلوبهم.
وكذلك في الشرك الأصغر كالرياء، أنه يُظهر أمرًا ويُخفي أمرًا آخرَ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا باختصار شديد جدًّا في أقسام الشرك وفي أقسام التوحيد، وأريد فقط أن أختم بحديث واحد أو حديثين في فضل تحقيق التوحيد وتجنب الشرك؛ لنعلم أنها هي الغاية، أن نحقق التوحيد وأن نبتعد عن الشرك.
قال -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين من حديث عبدة الصامت -رضي الله عنه- «مَن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق؛ أدخله الله الجنة على ما كان من العلم»، وفي رواية عتبان بن مالك في الصحيح: «فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله تعالى». حديث جميل في فضل تحقيق التوحيد.
روى البخاري ومسلم من حديث معاذ بن جبل، قال: «كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا على حمار، فقال: يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد وما حق العبد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يُشرك به شيئًا. قلت: أفلا أبشر الناس يا رسول الله؟ قال: لا، لا تبشرهم فيتكلوا»، فأخبر بها معاذ عند موته تأثُّـمًا، أي خشية أن يأثم لكتمانه العلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم.
وكلكم يحفظ حديث جابر: «ما الموجبتان؟ قال: من شهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ دخل الجنة، ومن أشرك بالله -ولا حول ولا قوة إلا بالله- دخل النار».
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]، لما نزلت الآية شق ذلك على أصحاب النبي، والحديث في الصحيحين، وقالوا: يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه، قال: «ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا قول العبد الصالح: ﴿يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13] »، فالمراد بالشرك في الآية ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾، أي لم يلبسوا إيمانهم بشرك، المراد بالظلم في الآية: الشرك.
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾، أي ولم يلبسوا إيمانه بشرك، ﴿أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
الدرس الخامس بإيجاز شديد جدًّا: الإحسـان.
الإحسان: هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، كما قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الطويل الذي رواه مسلم وغيره من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه «قال ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
والإحسان -يا إخواني- مقام جامع لكل مقامات الدين، ومراتب وشعب الإيمان.
قال ابن القيم -رحمه الله: "اعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله -تعالى- بقلبه وهمته لا ببدنه، فالتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح، قال -تعالى: ﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ﴾ [الحج: 37]، وقال -تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، وأشار النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا إلى صدره الشريف وقال: «التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا»".
فمقام الإحسان أعلى مقامات الدين.
أول مقاماته: أن تعبد الله كأنك تراه، كما قال حنظلة الأسيدي -رضي الله عنه: "نكون عند رسول الله يذكرنا بالجنة والنار حتى كأنَّا رأي عين"، يعني كأنهم يرون الجنة والنار بأعينهم، يعني يودُّ أحدهم أو كأن أحدهم يود أن لو مدَّ يده ليقطف من ثمار الجنة ورسول الله يحدثهم عن الجنة، ويود أحدهم أن يهرب من المجلس ويخشى أن يصيبه لهب النار ولفحها ورسول الله يحدثهم عن النار، كأنهم رأي عين.
انظر -سبحان الله- إلى هذا المقام "كأنك تراه" إذن مقام الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه.
طيب.. إن لم تصل إلى هذا المقام فعليك أن تواصل وأن تستمر في إحسان العبادة وأنت على يقين أنه -جل وعلى- يراك ﴿مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [المجادلة: 7]، أي: إلا وهو معهم في أي مكان كانوا بعلمه، بسمعه، ببصره، يا أخي لا تُحيِّز ولا تجسم ولا تشبه ولا تمثل ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].
المعية نوعان:
- معية عامة: وهي معية العلم والإحاطة والقهر.
- ومعية خاصة: وهي معية النصر والحفظ والتأييد.
﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى * قَالَ لاَ تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا﴾ [طه 43- 46]، هذه معية خاصة، معية الحفظ والنصر والمدد والتأييد.
أما ﴿هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾، هذه معية عامة.
فيجب على المؤمن أن يعلم يقينًا أن الله -جل وعلا- يسمعه ويراه حيثما وُجد وأينما كان، ليس معنى ذلك أن تقول بالحلول وأن تقول بالاتحاد أو بالتجسيم أو بالتحييز إلى غير هذه الأقوال من الدعاوى الباطلة التي لا تليق بجلال الله -سبحانه وتعالى.
الشاهد: أن مقام الإحسان مقام طويل، ومن فضل ربي عليَّ -سبحانه وتعالى- أني شرحت الإحسان في مجلد ضخم قد يزيد على سبعمائة صفحة بفضل الله -تبارك وتعالى-، وهو موجود مطبوع، شرحت الإحسان فقط في مجلد ضخم، لأنني لم أجد كتابًا وافيًا في المكتبة الإسلامية في شرح الإحسان، ولا أدَّعي أني أتيتُ بشيء جديد، حاشا وكلا، بل أنا فقط جامع لهذا الورد وهذه الأزهار اليانعة المتاعة لأئمتنا وسادتنا، جمعتُ من هنا وهناك ومن هنالك، وجمعتُ هذا المقام وهذا الأصل العظيم من أصول الدين في مجلد ضخم لمن أراد منكم أن يطلع عليه.
طيب.. الدرس السادس باختصار: شروط الصلاة.
وقد ذكر الشيخ -رحمه الله تعالى- تسعة شروط، وددتُ لو قدَّمتُ مقدمة مهمة في الصلاة لغة واصطلاحًا، وودتُ أن لو تكلمت عن فضل الصلاة، وعن أهمية الصلاة، وعن خطر ترك الصلاة، وعن حكم تارك الصلاة، وددت أن لو فصَّلتُ في هذا، وهذا موجود -إن شاء الله-، قد تجدونه بالتفصيل في موقع الأكاديمية بفضل الله -تبارك وتعالى- لأنني شرحت الدروس قبل ذلك على أكاديمية المجد العلمية.
المهم أن الشيخ ذكر تسعة شروط باختصار شديد، وهي: "الإسلام، والعقل، والتمييز، ورفع الحدث، إزالة النجاسة، ستر العورة، دخول الوقت، استقبال القبلة، النية".
طيب.. الأول: ما هو الشرط لغة واصطلاحًا؟
الشرط في اللغة: معناه العلامة، كما في قوله -تعالى: ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْراطُهَا﴾ [محمد: 18]، أي علامتها.
طيب.. الشرط عند علماء الأصول -انتبه: هو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود. ما معناه؟
الوضوء مثلًا: يلزم من عدمه عدم صحة الصلاة، أنت لست متوضئًا هل يجوز لك أن تصلي؟ لا؛ لأن الوضوء شرط في صحة الصلاة، جميل.
ولا يلزم من وجوده الوجود، يعني لا يلزمك إن توضأت أن تصلي، قد تتوضأ في غير وقت صلاة، ولغير صلاة، فهذا هو معنى الشرط. ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود.
الشرط الأول باختصار: هو الإسلام، فالصلاة لا تصح من غير المسلم.
والشرط الثاني: العقل، فالعقل هو مناط التكليف.
والشرط الثالث: التمييز؛ لأن التمييز شرط للتكليف.
إذن: العقل مناط التكليف، إنما التمييز شرط للتكليف، إنسان غير مميِّز فكيف يُكلَّف؟!
إذن: الإسلام، لا يقبل الله الصلاة من غير المسلم.
العقل: مناط التكليف، يعني الله -تبارك وتعالى- لا يُكلِّف إلا العقلاء الذين يعقلون.
أما التمييز فهو شرط للتكليف، قال -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبو داوود والترمذي «رفع القلم عن ثلاث» القلم بمعنى التكليف «رفع القلم عن ثلاث، عن المجنون حتى يُفيق -بضم الياء أبلغ- وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم»، واضح؟
طيب.. الشرط الرابع باختصار شديد جدًّا: رفع الحدث، دليل ذلك من كتاب الله -تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ﴾ الآية [المائدة: 6].
رفع الحدث شرط من شروط صحة الصلاة.
وجه الدلالة من الآية -آية المائدة- وجه الدلالة: أن الله -تبارك وتعالى- أمر بالوضوء من الحدث الأصغر، وأمر بالغسل من الجنابة، وأمر بالتيمم عند عدم وجود الماء، إذن لا بد من رفع الحدث.
والدليل من السنة ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ».
الشرط الخامس بإيجاز شديد جدًّا: إزالة النجاسة، والمراد بإزالة النجاسة: إزالة النجاسة عن البدن، وعن الثوب والمكان.
أما البدن: فيجب تطهيره من النجاسة، ودليل ذلك في كتاب الله -تبارك وتعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4]، فإذا وجب تطهير الثوب، فتطهير البدن من باب أولى ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾.
وكذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاستنزاه من البول وغسل الذكر من المذي، وأحاديث الاستنجاء والاستجمار كلها أدلة على وجوب تطهير البدن من أي نجاسة.
تطهير الثوب لقوله -تبارك وتعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾، وفي الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال في الثوب يصيبه دم الحيض: «تحتُّه ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه»، إذن هذا دليل على إزالة النجاسة، ولا شك أن دم الحيض نجس.
أما تطهير المكان الذي يصلي فيه المصلي كشرط لصحة الصلاة، فدليله قول الله -جل وعلا: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125].
ودليله من السنة: أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بإهراق ذَنوبٍ أو دلوٍ من الماء على بول الأعرابي الذي وقف يبول في المسجد، والحديث في الصحيحين كلكم يعرفه.
الشرط السادس: ستر العورة، هذه أدلة سريعة جدًّا على كل شرط، وإلا الأمر لمن أراد أن يتوسع فليرجع إلى كتب سادتنا وأئمتنا من كتب الفقه.
الشرط السادس: ستر العورة، قال -تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31].
وفي صحيح مسلم ان الآية هذه نزلت لأنهم كانوا يطوفون بالبيت وهم عراة، فنزل قول الله -تبارك وتعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾، فأمرهم بستر عوراتهم إذا أرادوا الصلاة.
وفي الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم: «نهى أن يطوف بالبيت عريانًا».
وقد حكى الإمام ابن عبد البر الإجماع على فساد صلاة من صلى عريانًا، لا شك ولا ريب وهو قادر على أن يستر بدنه، حكى الإمام ابن عبد البر الإجماع على بطلان وفساد صلاة من صلى عاريًا وهو قادر على ستر بدنه.
الشرط السابع: دخول الوقت، قال -تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً﴾ [النساء: 103].
وقد حدد النبي -صلى الله عليه وسلم- مواقيت الصلاة، وأجمع العلماء على أن الصلاة لا تصح قبل دخول الوقت. واضح؟
إذن هذا شرط أيضًا من شروط صحة الصلاة.
الشرط الثامن: استقبال القبلة، قال الله -عز وجل: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144].
وكلكم يعرف حديث البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر: "بينما الناس يصلون بقباء صلاة الصبح إذا أتاهم آتٍ، فقال: إن رسول الله أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة"، صلى الله وسلم وبارك على النبي، ورضي الله عن الصحابة الذين حققوا منهج السمع والطاعة.
إذن الشرط الثامن: استقبال القبلة، وكلكم يعلم حديث تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسيء في صلاته، حينما قال له: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبِّر، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن»، إلى آخر الحديث، والحديث في الصحيحين.
إذن: هذا هو الشرط الثامن من شروط صحة الصلاة.
الشرط التاسع والأخير: النية، وقد انعقد الإجماع على أن النية شرط في صحة الصلاة، بل في صحة أي عمل، قال -تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5]، قال -تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ [الكهف: 110].
وقال -صلى الله عليه وسلم- «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، إلى آخر الحديث في الصحيحين من حديث عمر.
ولا شك ولا ريب أن النية محلها القلب، والجهر بالنية لا دليل عليه، بل الجهر والإصرار على ذلك بدعة لا أصل له، الإصرار على الجهر بالنية في الصلاة بدعة لا أصل له، ومن قال غير ذلك فلا دليل معه، وقد خالف سُنة النبي -صلى الله عليه وسلم- بل وإجماع الأئمة الأربعة، هذا باختصار شديد جدًّا في شروط الصلاة.
أود بفضل الله -تبارك وتعالى- في بقية الدروس ولم يبق لنا إلا أن نلتقي في اللقاء المقبل فقط وتنتهي الدورة العلمية المباركة الجميلة، اسأل الله أن يجزي إخواننا في الرياض في الأكاديمية الإسلامية المفتوحة عنا خير الجزاء وأن يبارك في أولادنا وفي طلاب العلم هنا وفي الرياض وفي كل مكان.
فهناك أعداد ضخمة جدًّا بفضل الله -تبارك وتعالى-، ربما يُخبركم بها إخوانكم، يعني منتسبون لهذه الأكاديمية في أنحاء الأرض، اسأل الله أن ينفع بها، وأن يرزقنا الإخلاص والتوفيق.
كنت أود أن أتحدَّث مثلًا في أركان الصلاة، وفي واجبات الصلاة وغيرها بهذه الطريقة، يعني مثلًا الشيخ في الأركان يذكر أربعة عشر ركنًا، أنا أعلم أنني لو سألت الآن جُلَّ المسلمين ربما لا يستطيع أحدهم أن يذكر عشرة أركان، والله لا يستطيع.
فالشيخ يذكر في الأركان أربعة عشر ركنًا، كنت أود كما فعلت في الشروط أن أفعل في الأركان، أن أذكر الركن ودليله من كتاب الله ومن سنة رسول الله، وهكذا سريعًا.
مثلًا الشيخ ذكر في واجبات الصلاة ثمانية واجبات، كنت أود أيضًا أن أفعل ذلك، لكن لا يتسع الوقت لذكر ذلك، الدرس التاسع تكلم عن التشهد، أنا ربما في اللقاء المقبل فقط أكتفي بقراءة من ما تبقى في الرسالة، أقرأ ما ذكره الشيخ فقط، حتى لا نُحرم بركة أن نسمع كل الرسالة التي سطرها يمينه -جزاه الله خيرًا ورحمه رحمة واسعة.
فسأكتفي فقط في اللقاء القادم بإذن الله تعالى أن أقرأ على حضراتكم الرسالة قراءة سريعة، وإن احتاج الأمر إلى تعليقات خفيفة جدًّا قد لا يتسع الوقت لها بالمرة، لأننا لو قرأنا فقط ربما لا يكفي الوقت.
أكتفي بهذا القدر الليلة، وقد مضت الساعة سريعًا، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://islamacademy.net/cats3.php