الحقوق محفوظة لأصحابها

طارق عوض الله
شرح متن البيقونية

لفضيلة الشيخ/ طارق عوض الله

الدرس (3)

إنَّ الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شُرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومُن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

وبعد:

في اللِّقاء الماضي انتهينا من الكلام عن الحديث الصحيح، وقلنا: إنَّ الحديث الصَّحيح هو أعلى مراتب قبول الحديث.

وقولنا: "أعلى" يُفهَم منه أنَّ هناك مراتبَ أخرى هي أدنى من الصَّحيح، وهي داخلةٌ أيضًا في المقبول من الأحاديث، وهذا المقبول الذي هو أدنى من الصحيح هو الذي يُسمَّى عند العلماء بـ(الحديث الحسن).

ولهذا كان من المناسب أن يُذكَر عقب الكلام عن الحديث الصحيح، فلهذا بعد أن انتهى المؤلف -رحمه الله- من نظم شروط الحديث الصحيح عرَّج على الحديث الحسن فقال:

والحَسَنُ المَعْرُوفُ طُرْقًا وَغَدَتْ *** رِجَالُهُ لا كَالصَّحِيْحِ اشْتَهَرَتْ

هنا نُلاحظ أنَّ الناظم نظم الحديثَ الحسن بعد أن اختار من أقوال أهل العلم تعريفًا يُنسَب إلى الإمام أبي سليمان الخطَّابي -رحمه الله تعالى- فالإمام أبي سليمان الخطابي في أوائل كتاب "معالم السُّنن" في شرح سُنن أبي داود السِّجِسْتاني لما عرَّج على الحديث الحسن قال: "هو ما عُرِفَ مخرجه، واشتهر رجالُه"، وهنا الناظم أخذ هذا التعريف الذي ذكره الإمام الخطابي -رحمه الله تعالى- ولكنَّه زاده بيانًا وتوضيحًا فقال:

رِجَالُهُ لا كَالصَّحِيْحِ اشْتَهَرَتْ

فكلمة الخطابي كلمةٌ فيها نوعٌ من الإيهام؛ لأنَّه لما قال -رحمه الله تعالى- في تعريف الحديث الحسن: "ما عُرِفَ مخرجه، واشتهر رجالُه" كانت العبارةُ مُوهمةً؛ لأنَّ الصحيح أيضًا عُرِفَ مخرجه واشتهر رجاله، فكما أنَّ رجال الحديث الحسن قد اشتهروا فكذلك رجال الحديث الصحيح أيضًا هم من المشهورين. فما الفرق إذن بين الصَّحيح والحسن؟

فلهذا احتاج الناظم إلى إيضاح ما أُجمل في كلام الخطابي -رحمه الله تعالى- بقوله:

رِجَالُهُ لا كَالصَّحِيْحِ اشْتَهَرَتْ

أي أنَّهم وإن اشتهروا بالثِّقة والعدالة والضَّبط كما أنَّ رجال الصَّحيح كذلك، إلا أنَّهم أدنى مرتبةً ومنزلةً من رجال الأحاديث الصحيحة، وهنا يظهر وينجلي لنا الفرقُ؛ لأننا قلنا أنَّ الصحيح في أعلى المراتب، والحسن في أدنى المراتب، وإن كان كلٌّ من الصحيح والحسن داخلًا في نطاق المقبول، إلا أنَّ الصحيح في أعلى مراتب القبول، والحسن في أدنى مراتب القبول.

وهنا نُلاحظ أيضًا أنَّ هذا التعريف الذي ذكره الإمامُ الخطابي وذكره عنه النَّاظم اشتمل على معنًى مُهمٍّ جدًّا، ألا وهو قوله:

"ما عُرِفَ مخرجه" ما معنى كون الحديث معروف المخرج؟

علماء الحديث -عليهم رحمة الله تعالى- عندما يتناولون الأحاديث بالدراسة لا يكتفون فقط بالنظر في أحوال الرواة راويًا راويًا، والنظر في الاتِّصال من حيث ظاهر الإسناد فيحكمون على الحديث حينئذٍ بالصحة أو بغيرها، وإنَّما يُعالجون قضيةً في غاية الأهمية، وهي ما يُسمَّى بأصل الحديث، أو بمخرج الحديث، أو بمدار الحديث، وهذه عبارات يستعملونها، وهي تدلُّ على معنًى واحدٍ.

فكلُّ حديثٍ من الأحاديث له مخرجٌ خرج منه.

فما مفهوم المخرج عند علماء الحديث؟

عندنا مثلًا حديث يُروى عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهذا الحديث قد يكون مرويًّا في كتبٍ كثيرةٍ، فيُروى في صحيح البخاري، وفي صحيح الإمام مسلم، وفي سُنن أبي داود، وفي سُنن الترمذي، وفي سُنن النسائي، وفي سنن ابن ماجة، وفي مسند الإمام أحمد، وفي معاجم الطبراني، وهكذا.

والكتب التي جمعت الأحاديث ورُويت فيها الأحاديث بالأسانيد إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كثيرةٌ جدًّا.

فهذه الكتب قد تتفق في رواية حديثٍ واحدٍ بإسنادٍ واحدٍ، لكن هذا الإسناد الذي جاء به ذلك الحديث في هذه الكتب كلها إنَّما يرويه صاحبُ كلِّ كتابٍ من هذه الكتب بسندٍ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويُلاحَظ من خلال هذه الأسانيد أنَّها تلتقي عند رجلٍ واحدٍ، كما ذكرنا في لقاءٍ سابقٍ حديث: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». قلنا أنَّ هذا الحديث يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقَّاص اللَّيثي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم.

وقلنا: إنَّ هذا الإسناد هو إسناد ذلك الحديث الذي يصح به ذلك الحديث، وأنَّ مَن روى هذا الحديث -أعني المتن- بغير ذلك الإسناد قد غلط في ذلك عند نُقَّاد الحديث، فعندما نتأمَّل هذا الحديث في تلك الكتب وغيرها؛ نجد أنَّها جميعًا يوجد فيها الحديث بهذا السند، ولكن كلُّ مؤلفٍ من هؤلاء المؤلفين وكلُّ مُصنِّفٍ من هؤلاء المُصنِّفين يروي الحديثَ بسندٍ من عنده إلى يحيى بن سعيد الأنصاري، فالبخاري يرويه بسندٍ إلى يحيى الأنصاري، والإمام مسلم يرويه بسندٍ إلى يحيى الأنصاري، وأحمد بن حنبل يرويه بسندٍ إلى يحيى الأنصاري، وهكذا.

إذن: نُلاحظ أنَّ الأسانيد وإن تعددت إلا أنَّها تلتقي عند رجلٍ واحدٍ عليه يدور الحديث، فهذا الرجل هو الذي نُسميه "مخرج الحديث" أي من عنده خرج الحديث، وعنده التقت الأسانيد، فصار الحديثُ مهما تعددت رواياته لابُدَّ أن ترجع تلك الروايات إلى هذا الراوي الذي خرج من عنده الحديث.

إذن فما معنى قولنا: "ما عُرِفَ مخرجه"؟

أي أن يكون هذا المخرج الذي هو يحيى بن سعيد الأنصاري الذي خرج من عنده الحديث ثبت فعلًا لدى نُقَّاد الحديث أنَّه حدَّث بهذا الحديث، وأنَّ ذلك ليس من خطأ مَن روى الحديث عنه.

وهنا نُجيب على الإشكالية التي طرحها بعضُ إخواننا سابقًا لما ذكرنا أنَّ هناك مَن روى نفس المتن بإسنادٍ آخر عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقلنا: إنَّ نُقَّاد الحديث قالوا: هذا المتن لا يصح بهذا السند، إنَّما يصح بالسند الآخر الذي هو عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فلماذا قال العلماء هذا الكلام؟

لأنَّ مخرج الحديث الذي هو مالك -عليه رحمة الله تعالى- لم يصح إليه، أي لم يصح لدى نُقَّاد الحديث أنَّ مالكًا حدَّث بهذا الحديث بهذا الإسناد الذي نُسِبَ إليه خطأً من قِبَل مَن روى الحديث عنه.

فهنا يظهر لنا الفرقُ بين صحة المخرج وعدم صحَّته، فحديث الأعمال بالنيات إذا رويناه عن يحيى الأنصاري بالإسناد إلى عمر بن الخطاب فنقول: هذا مخرجٌ صحيحٌ له أصل، فقد ثبت لدى النُّقَّاد وأئمَّة الحديث أنَّ يحيى الأنصاري بالفعل حدَّث بهذا الحديث بهذا الإسناد إلى عمر بن الخطاب عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وثبت أيضًا أنَّ ذاك الآخر، وهو عبد العزيز بن أبي روَّاد الذي روى الحديثَ عن مالك مُتفرِّد بهذا الإسناد لم يصح لدى نُقَّاد الحديث أنَّ مالكًا روى الحديث بهذا الإسناد عن زيد بن أسلم بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقالوا: إنَّ ذلك خطأ على مالك، فالخطأ ممن؟ من مالك أم ممن روى الحديث عن مالك؟

ممن روى الحديث عن مالك؛ لأنَّ أصحاب مالك المعروفين برواية الحديث عن مالك، المشهورين بحفظ حديث مالك وجمعه وإتقانه لم يرووا عن مالكٍ ذلك الحديث بهذا الإسناد، إنَّما ذلك خطأ من قِبَل مَن ادَّعى ذلك على مالك -عليه رحمة الله تعالى- فهذا مخرجٌ غير معروف، وهذا نُسميه: شاذٌّ.

وتذكرون أننا قلنا في الحديث الصحيح: لابُدَّ لكي يكون صحيحًا أن يكون سالمًا من الشُّذوذ، فهذه إحدى صور الشُّذوذ، وهو أن يكون الحديثُ ليس معروفَ المخرج، أي مروي بإسنادٍ عن رجلٍ من الحُفَّاظ الكبار، ثم لا يصح ذلك الحديث عن ذلك الإمام الحافظ، إنَّما ذلك خطأ ممن نسب الحديثَ إليه.

أمَّا ما رواه الناسُ عن يحيى الأنصاري بالإسناد إلى عمر بن الخطاب عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فهذا مخرجٌ معروفٌ، لماذا؟ لأنَّه صحَّ وثبت لدى علماء الحديث أنَّ يحيى الأنصاري حدَّث فعلًا بهذا الحديث بهذا الإسناد عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم.

إذن نفهم من هذا أنَّ الحسن وإن كان دون الصَّحيح في المنزلة والمرتبة إلا أنَّه لابُدَّ أيضًا أن يكون سالمًا من الشُّذوذ والعِلَّة.

إذن ما الذي جعل الحسن دون الصحيح؟

نحن قلنا أنَّ رجال الحسن دون رجال الصحيح، وقلنا أنَّ الحسن لابُدَّ أن يكون سالمًا من الشُّذوذ والعِلَّة كما أنَّ الصحيح لابُدَّ أن يكون سالمًا من الشُّذوذ والعِلَّة، وبطبيعة الحال لابُدَّ أن يكون مُتَّصل الإسناد كما أنَّ الصحيح لابُدَّ أن يكون مُتَّصل الإسناد، وبالضَّرورة لابُدَّ أن يكون رواته موصوفين بالعدالة كما أنَّ رواة الصحيح لابُدَّ أن يكونوا موصوفين بالعدالة، فما الذي جعل الحسنَ دون الصَّحيح؟

هو: حال الرواة من حيث الضَّبط لا من حيث العدالة، فالعدالة لابُدَّ وأن تتحقق في أيِّ راوٍ يُقبَل حديثه، لكن الضَّبط مراتب ودرجات، فهناك رجلٌ ضابطٌ، وهناك رجلٌ أضبط، وهناك ثقةٌ، وهناك أوثق، وهناك حافظٌ، وهناك أحفظ، وهناك مُتقِنٌ، وهناك أتقن.

إذن لما كان ضبط الرواة يتفاوت من راوٍ إلى آخر؛ صار رواةُ الحديث على مراتب، فمَن كان منهم من أعلى المراتب فحديثه صحيحٌ، ومَن كان منهم من أدنى المراتب وهو داخلٌ في الثِّقات فحديثه في مرتبة الحسن، لكن باقي شرائط الصحيح لابُدَّ وأن تتحقق أيضًا في الحديث الحسن من: اتِّصال الإسناد، وعدالة الرواة، وسلامة الحديث من كونه شاذًّا أو معلولًا.

فالفرق بين الصَّحيح والحسن هو فقط فيما يتعلَّق بحال الراوي من حيث الضبط والإتقان، فهذا ضبطه مثلًا 99% أو 95 %، وهذا ضبطه 80 %، ومن هنا جاء التَّفاوت.

ومع ذلك؛ فهذا التفاوت الذي جعل الحسن دون الصحيح قد نتجاوزه في بعض المواضع. متى؟

نحن نتكلم عن الصَّحيح المجرد والحسن المجرد، أي الصحيح الذي لم ينضم إليه شيءٌ آخر، والحسن الذي لم ينضم إليه شيءٌ آخر، لكن هذا الراوي الذي درجة ضبطه 80 % لو أنَّه لم ينفرد بالحديث، بل وجدنا غيرَه يُوافقه على ما روى، فبدل من أن يكون مُتفردًا بالحديث قد وافقه على روايته واحدٌ أو اثنان أو ثلاثة، فإنَّ هذا يجعلنا نطمئن إلى أنَّ ما عُرِف به هذا الراوي من خفَّة الضبط نسبيَّا لم يُؤثر عليه في ذلك الحديث تحديدًا، بدليل أنَّه لم ينفرد به، وإنَّما وافقه عليه غيرُه.

فبتلك الموافقات التي نُسميها "مُتابعات" يرتقي الحديثُ ثانيةً إلى مرتبة الصحيح؛ لأننا لماذا نزلنا بالحسن إلى مرتبةٍ دون مرتبة الصحيح؟ لأننا نخاف أن يكون ما عُرِف به ذلك الراوي من خفَّة الضبط مُؤثِّرًا عليه في حديثه هذا، لكن لما وجدناه تُوبِع ووافقه غيرُه ولم ينفرد بالحديث زال ما عندنا من الخوف، وصار حديثُه من هذه الحيثية صحيحًا أيضًا وارتفع إلى أعلى المراتب بعد أن كان في مرتبةٍ دون المرتبة العليا، وهنا نُسميه صحيحًا أيضًا، وبعض العلماء يقولون: نُسميه "صحيحًا لغيره" تمييزًا بينه وبين الصَّحيح الأول الذي هو لذاته. لماذا؟

لأنَّ الصحيح الأول إنَّما الصحة فيه ناشئة من ذات الرواية، بخلاف الصحيح الآخر؛ فالصحة فيه نشأت من انضمام غيره إليه، فلم تعد الصحةُ نابعةً من ذات الرواية، وإنَّما هي ناشئة عن انضمام روايات أخرى إلى رواية هذا الراوي الذي يُحسَّن حديثُه، فبمجموع تلك الروايات ارتقى الحديثُ إلى مرتبة الصَّحيح بعد أن كان في مرتبةٍ أدنى وهي مرتبة الحديث الحسن.

إذن من هنا فهمنا مراد الناظم من قوله:

والحَسَنُ المَعْرُوفُ طُرْقًا وَغَدَتْ *** رِجَالُهُ لا كَالصَّحِيْحِ اشْتَهَرَتْ

لكن هناك كلامٌ آخر في تعريف الحديث الحسن لإمامٍ آخر لا يقل منزلةً عن الإمام الخطَّابي، ألا وهو الإمام أبو عيسى الترمذي -رحمه الله- صاحب الجامع -جامع الترمذي المعروف- فهو نفسه تعرَّض أيضًا للحديث الحسن، وعرَّفه بتعريفٍ آخر قد يختلف عن تعريف الإمام الخطابي، حيث قال في آخر كتابه الجامع: "وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن، فإنَّما أردنا به حسن إسناده عندنا، فكلُّ حديثٍ يُروى لا يكون في إسناده مَن يُتَّهم بالكذب، ولا يكون الحديثُ شاذًّا، ويُروى من غير وجهٍ نحو ذلك؛ فهو عندنا حديثٌ حسنٌ"، كلام جميل.

فالإمام الترمذي هنا في كتابه "الجامع" استعمل مصطلح الحسن بكثرةٍ، ومع ذلك لم يتركنا هملًا؛ وإنَّما أراد أن يُبين مراده من قوله "حسن" في هذا الكتاب الجامع، فبيَّن لنا المعنى الذي قصده من قوله: "حسن" في هذا الكتاب، وتضمن كلامُه أنَّ الحسن عنده لابُدَّ أن يتَّصف بأوصافٍ ثلاثةٍ إذا وُجِدت في الحديث فهو حسنٌ، فقال: "كلُّ حديثٍ يُروى لا يكون في إسناده مَن يُتَّهم بالكذب" هذا أول وصفٍ: أن يكون راويه خاليًا من التُّهمة بالكذب، وطبعًا ألا يكون كذَّابًا من باب أولى.

الوصف الآخر: ألا يكون الحديثُ شاذًّا.

الوصف الثالث: أن يُروى نحوه من غير وجهٍ، يعني يكون له أكثر من إسنادٍ.

فكلام الإمام الترمذي هنا حيَّر كثيرًا من أهل العلم قديمًا وحديثًا؛ لأنَّ بعضَ أهل العلم فهم كلامه على أنَّه مثل كلام الخطابي سواءً بسواءٍ، والاختلاف إنَّما هو في العبارة فقط، وإلا فمُؤدَّى الكلامين واحدٌ. لماذا؟

لأنَّ الإمام الخطابي لما تعرَّض للراوي قال: واشتهر رجالُه. فقال بعضُ أهل العلم: قول الترمذي: "لا يكون في إسناده مَن يُتَّهم بالكذب" هو كمثل قول الخطابي: "واشتهر رجاله"، أي عُرِفُوا بغير الضَّعف، واشتهروا بغير الضَّعف؛ لأنَّ قول الإمام الترمذي "لا يكون في إسناده مَن يُتَّهَم بالكذب" يُفهم منه أنَّ الراوي قد يكون ثقةً؛ لأنَّ الثقة ليس مُتَّهمًا بالكذب، وقد يكون صَدُوقًا، أي في منزلة مَن يُحسَّن حديثُه، والصَّدوق ليس مُتَّهمًا بالكذب، فيُفهَم منه أنَّه قد يكون ضعيفًا ضعفًا راجعًا إلى حفظه وضبطه لا إلى دينه وعدالته، وهذا أيضًا ليس مُتَّهمًا بالكذب.

فهنا شابه كلامُ الترمذي في هذه الحيثية المُتعلقة بوصف الراوي ما قال الخطابي، حيث قال: "واشتهر رجالُه".

أمَّا ما يتعلق بالرواية فالخطابي قال: "ما عُرِف مخرجه"، وفسَّرنا عرفان المخرج بما يتضمن أنَّه لا يكون خطأً، ولا يكون شاذًّا، ألم نقل هذا الكلام؟ فهو كمثل قول الترمذي -رحمه الله: "ولا يكون الحديثُ شاذًّا"، فالترمذي استعمل نفي الشُّذوذ، والخطَّابي استعمل إثبات صحَّة المخرج، وصحَّة المخرج تتنافى مع الشُّذوذ، فمُؤدَّى الكلامين واحد؛ لأنَّ الشَّاذ ليس معروفَ المخرج.

وقد اشترط الإمامُ الترمذي سلامةَ الحديث من كونه شاذًّا، وعليه فهو يشترط أن يكون مخرجُ الحديث معروفًا، كما يُفهَم ذلك من كلام الإمام الخطابي -عليه رحمة الله تعالى.

وأمَّا قول الترمذي -رحمه الله تعالى: "وأن يُروى نحوه من غير وجهٍ" فهذا تفسيرٌ لنفي الشُّذوذ؛ لأنَّ الحديث إذا تعددت طرقُه وكثرت أسانيدُه كان ذلك أدعى إلى نفي الشُّذوذ عنه؛ لأنَّ الشُّذوذ إنَّما يقع في التَّفرد غالبًا، لأنَّ الحديث إذا رواه العددُ الكثير فمن أين يأتيه الشُّذوذ؟! إنَّما يأتي الشُّذوذ والخطأ حيث يقع التَّفرد ممن لا يُحتمَل منه التَّفرد أو الخطأ ممن تفرَّد بالحديث.

فبعض أهل العلم قال هذا الكلام، وأنَّ كلام الخطابي هو كلام الترمذي، والاختلاف بين الكلامين إنَّما هو في العبارة فحسب، وإلا فالمعنى واحدٌ.

وبعض العلماء الآخرون قالوا: لا، كلام الإمام الخطابي يتناول نوعًا من أنواع الحسن، وكلام الإمام الترمذي -رحمه الله- يتناول نوعًا آخر.

فكلام الخطَّابي يتناول الحسنَ الذي نبع الحُسْنُ فيه من ذات الرواية، فهي رواية إذا نظرنا إليها نظرةً مُجردةً نحكم بحُسنها، وهذا ما يُسميه الحافظُ ابن حجر وغيرُه بالحسن لذاته؛ لأنَّ الحُسْن نبع فيه من ذات الرواية.

أمَّا الترمذي فهو ما تكلم عن هذا النوع، وإنَّما تكلم عن حسنٍ آخر، وهو ما يُسمَّى أيضًا عند ابن حجر -رحمه الله- بالحسن لغيره، وكما قلنا في الصَّحيح لذاته والصَّحيح لغيره نقول أيضًا في الحسن لذاته والحسن لغيره.

فيقول: إنَّ كلام الترمذي يتناول الراوي الضَّعيف الذي جاء بحديثٍ سالمٍ من الشُّذوذ، وسالمٍ من النَّكارة، وسالمٍ من الخطأ، وجاءت له روايات أخرى انضمت إلى رواية ذلك الراوي الموصوف بالضعف، لكنَّ ضعفه هيِّنٌ، ليس مُتعلِّقًا بعدالته، فلا هو مُتَّهمٌ بالكذب، ولا هو كذَّابٌ، وإنَّما ضعفه ناشئٌ عن سُوء حفظه، أو ناشئٌ عن عدم اتِّصال الرواية لإرسالٍ ونحوه، وجاءت روايةٌ أخرى تُقوي هذه الرواية وتُوافقها، فبانضمام تلك الروايات بعضها إلى بعضٍ ترقَّى الحديثُ، فبعد أن كان ظاهرُ الإسناد الضَّعفَ ارتفع بانضمام هذه الروايات بعضها إلى بعضٍ إلى مرتبة الحُجَّة، فنقول: هو حسنٌ، ولكننا نقول: هو حسنٌ لغيره، لا حسنًا لذاته.

فيرى هؤلاء العلماء أنَّ الصحيح قسمان:

- صحيحٌ لذاته.

- وصحيحٌ لغيره.

وأنَّ الحسن أيضًا قسمان:

- حسنٌ لذاته.

- وحسنٌ لغيره.

ويُنزلون كلام الخطابي على النوع الأول من الحسن الذي هو الحسن لذاته، وكلام الإمام الترمذي -عليه رحمة الله تعالى- على النوع الآخر من الحسن، وهو الحسن لغيره.

وعلى العموم هذا فهمٌ صحيحٌ، والفهم الأول أيضًا فهمٌ صحيحٌ.

فالخلاصة: أنَّ الأحاديث المقبولة نوعان، وكلُّ نوعٍ منهما مرتبتان. فالصحيح فيه مرتبةٌ عليا ومرتبة دنيا، ففيه صحيحٌ لذاته وصحيحٌ لغيره.

والحسن فيه حسنٌ لذاته وحسنٌ لغيره، فصارت هذه الأنواع أو هذه التَّقسيمات ما هي إلا وسائل للوصول إلى كون الحديث من قسمٍ مقبولٍ، فنحن نُريد أن نعرف هذا الحديث أهو من المقبول أم ليس من المقبول؟ وإذا كان من المقبول أهو من أعلى مراتب القبول أم من أدناها؟

فكأنَّ العلماء يقولون لك: إنَّ الوصول إلى ذلك يكون بوسائل، فأحيانًا نصل إلى هذه النتيجة بالنظر في سندٍ بعينه يتبين لنا منه أنَّ هذا السند صحيحٌ أو حسنٌ، وقد يكون الوصولُ إلى هذه النتيجة بالاعتداد برواياتٍ مُتعددةٍ لا بروايةٍ واحدةٍ، فننظر في مجموع تلك الروايات لنصل إلى كون الحديث من المقبول، فنحكم بأنَّه من قسم الصَّحيح أو من قسم الحسن.

فهي وسائل مُتعددة، لكن في النِّهاية تصب بنا إلى نتيجةٍ واحدةٍ، وهو أنَّ الحديث من المقبول، وبحسب هذه الطُّرق التي نسلكها لمعرفة كون الحديث مقبولًا نعرف درجة هذا الحديث في القبول أيضًا، فنعرف أنَّ في الصحيح مرتبةً عليا ومرتبةً دنيا، وأنَّ الحسنَ له مرتبةٌ عليا ومرتبةٌ دنيا، والجميع يشملهم اسم القبول.

ونحن قلنا آنفًا: إنَّ معرفة تلك المراتب مهمٌّ للغاية؛ لأنَّه يُعيننا على التَّرجيح بين الروايات التي ربما يكون ظاهرُها التَّعارض إذا ما وقع ذلك في بعض الأحاديث ولم نستطع التوفيق والتأويل والجمع بينها بما يُؤدي إلى قبولها كلها، فنلجأ حينئذٍ إلى الترجيح، وإذا ما لجأنا إلى الترجيح فمعرفتنا بمنازل الروايات ومراتبها يُعيننا على معرفة الراجح من المرجوح.

هذا هو خلاصة الحديث عن الحديث الحسن، وإلا طبعًا هناك مباحث كثيرة في الحديث الحسن، لكننا -كما وعدناكم- نلتزم ألا نخرج عن حدود النَّظم، اللَّهم إلا حيث تدعو إلى ذلك ضرورةٌ.

يأتي بعد ذلك نوعٌ آخر من أنواع الحديث، وهو في المقابل من هذين النَّوعين تمامًا، فإذا كان الصَّحيح والحسن داخلين في المقبول، فهناك القسم المقابل وهو: المردود، وهو الذي نُعبر عنه بالضَّعيف، فنقول: هذا حديثٌ ضعيفٌ، فما هو الحديث الضعيف؟

يقول الناظم:

وَكُلُّ مَا عَنْ رُتْبَةِ الحُسْنِ قَصُرْ *** فَهْوَ الضَّعيفُ وَهْوَ أقْسامًا كُثُرْ

ما معنى هذا الكلام؟

عرفنا الصَّحيح والحسن ومراتب وأقسام كلٍّ منهما، ونحن ندرس الصَّحيح والحسن فهمنا أنَّ هناك مرتبةً عليا ومرتبةً دنيا للقبول، وفهمنا أنَّ الحسن أدنى من الصَّحيح، وأنَّ الحسن لغيره أدنى من الحسن لذاته، إذن أدنى مراتب القبول هو الحسن لغيره، وهو الحديث الضَّعيف الذي وُجِد فيه مانعٌ من الاحتجاج به من ضعف بعض الرواة، أو عدم اتِّصاله، لكن جاءت رواياتٌ أخرى انضمت إلى تلك الرواية فأخذت بيدها وارتفعت بها إلى مصافِّ الحُجَّة، ولكنَّه مع ذلك يظل في أدنى مراتب الاحتجاج.

إذن الحديث الذي لم يبلغ تلك المرتبة الدنيا ولم يصل إلى أدنى مراتب القبول يندرج تحت المردود.

إذن: المردود هو الذي لم يصل إلى مرتبة الحسن؛ لأنَّه إذا لم يصل إلى مرتبة الحسن فبالضَّرورة لم يصل إلى مرتبة الصَّحيح؛ لأنَّ الصحيح أعلى من الحسن بطبيعة الحال، فلهذا قال الناظم في تعريفه للحديث الضَّعيف هذه العبارة:

(وَكُلُّ مَا عَنْ رُتْبَةِ الحُسْنِ قَصُرْ)

أي الذي لم يبلغ مرتبةَ الحسن، ولم يقل: عن مرتبة الصَّحيح؛ لأنَّه إذا لم يبلغ مرتبةَ الحسن فبالضَّرورة ومن باب أولى لم يبلغ مرتبة الصحيح، وهذا من التَّعريفات الجامعة؛ لأنَّه إذا قال: إنَّ الحديث الضَّعيف هو الذي لم يبلغ مرتبةَ الصَّحيح؛ لأوهمت العبارة أنَّه ربما يكون قد بلغ مرتبةَ الحسن، فيكون حينئذٍ من قسم المقبول، لكن لما قال: إنَّ الحديث الضَّعيف هو الذي لم يبلغ مرتبةَ الحسن؛ فهمنا أنَّه لم يدخل مجال القبول بتاتًا.

طيب، لماذا لم يدخل مجال القبول؟ ولماذا قَصُر عن مرتبة الحسن؟

لأنَّه وُجِدَ فيه مانعٌ من الاحتجاج به، ولم نجد ما يدفع هذا المانع.

وقد وجدنا في الحسن لغيره مانعًا من الاحتجاج به، لكننا وجدنا ما يدفع هذا المانع ويأخذ بالحديث ويُرقِّيه إلى مصافِّ الحُجَّة، وسمَّيناه من هذه الحيثية بالحسن لغيره.

لكن الحديث الضَّعيف وُجِدَ فيه مانعٌ نعم، ولكننا لم نجد ما يدفع ذلك المانع.

إذن: إذا وُجِد في الحديث راوٍ ضعيفٌ ولم نجده قد تُوبِع على روايته بل تفرَّد بها؛ فهذا يمنعنا من الاحتجاج بروايته.

وإذا وُجِدَ في الحديث إرسالٌ أو عدم اتِّصال ولم نجد ما يدفع هذا المانع من الاحتجاج؛ فحينئذٍ يظل الحديثُ على ضعفه، بخلاف ما إذا وجدنا ما يدفع ذلك السَّبب الذي يمنعنا من الاحتجاج بالحديث، فإنَّه حينئذٍ يرتقي إلى مرتبة الحسن لغيره، لذلك قال: (وَهْوَ أقْسامًا كُثُرْ).

يريد أن يُشير إلى أنَّ الضَّعيف أنواعٌ، وهو أيضًا مراتب، فكما أنَّ المقبول مراتب فكذلك المردود مراتب، ما معنى هذا؟

تعالوا بنا ننظر: قلنا في الحديث المقبول أنَّه لابُدَّ أن تتوفر فيه خمسة شروطٍ، وإذا اختلَّ شرطٌ من هذه الشُّروط في الحديث تولَّد عنه نوعٌ من أنواع الضَّعيف. فإذا اختلَّ شرطٌ من هذه الشَّرائط في الرواية ولم نجد ما يُقويها أو يدفع ذلك السَّبب؛ يتولَّد عن ذلك نوعٌ من أنواع الضعيف.

مثلًا: نحن اشترطنا في الحديث المقبول اتِّصال الإسناد، فإذا لم يتَّصل الإسناد تولد عن ذلك أنواع من أنواع الأحاديث الضعيفة التي سبب ضعفها عدم اتِّصال الإسناد؛ فينتج عن ذلك: الحديث المُرسل، والحديث المُنقطع، والحديث المُعْضَل، والحديث المُعلَّق، والحديث المُدلَّس، والمُرسَل الخفي، فتتولد عن عدم الاتصال فقط ستة أنواع، لذلك قال لك: (أقْسامًا كُثُرْ).

فهي كثيرة؛ لأنَّ سببًا واحدًا من أسباب قبول الحديث اختلَّ فتولدت عنه أنواع متعددة من الأحاديث الضعيفة.

وإذا لم يتحقق في الراوي العدالة والضبط، ولم يتحقق في الرواية سلامة الحديث من الشُّذوذ والعِلَّة؛ نتج عن ذلك أنواع من الأحاديث الضَّعيفة، فعندنا الحديث المقلوب، والحديث المُدْرَج، والحديث المُصَحَّف والمُحَرَّف، وعندنا الحديث الشَّاذ، وعندنا الحديث المُنْكَر، وعندنا الموضوع، وعندنا الباطل، وهكذا.

ولهذا يقول العلماءُ: إنَّ الضَّعيف يتنوع أنواعًا كثيرةً بحسب السَّبب الذي أوجب ضعف الحديث، وهو أيضًا مراتب، فكما أنَّ المقبول مراتب فكذلك المردود مراتب، فليس الحديثُ الذي فيه إرسالٌ كالحديث الذي فيه إعضالٌ؛ لأنَّ الإرسال: أن يروي التَّابعي الحديثَ عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- والتَّابعي: هو مَن أدرك الصَّحابي، ولم يُدرِك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إذن بينه وبين رسول الله واسطة أو أكثر، فهذا نُسميه حديثٌ مُرسلٌ، والمرسل حديثٌ مردودٌ لا يُقبَل؛ لاحتمال أن يكون بين هذا التابعي وبين الصَّحابي الذي بينه وبين رسول الله تابعيٌّ آخر أو أكثر؛ لأنَّ التابعين لا يروون عن الصَّحابة فقط، بل يروون عن الصَّحابة ويروون أيضًا عن التَّابعين الآخرين.

فمثلًا الزهري إذا قال: "قال رسولُ الله -عليه الصلاة والسلام". فقد يكون بينه وبين رسول الله تابعيٌّ وصحابيٌّ، أو تابعيان وصحابي، والتَّابعون فيهم الثِّقات، وفيهم غير الثِّقات، بخلاف الصَّحابة فهم جميع عدول -رضي الله عنهم جميعًا.

من أجل هذا كان الإسنادُ المرسل من قبيل الإسناد الذي لم يتَّصل، والذي يُفضي عدمُ اتِّصاله إلى عدم قبوله والاحتجاج به، فهو من قسم المردود، اللَّهم إلا أن تأتي روايةٌ أخرى تُقوي ذلك النَّقص الموجود في هذه الرواية، وهذه مسألةٌ أخرى.

بخلاف الإعضال، فالحديث المُعْضَل لم يسقط فيه واحدٌ فقط، بل سقط أكثرُ من واحدٍ، ولا يتقيد برواية التابعي عن رسول الله؛ بل قد يقع في أيِّ موضعٍ من مواضع الإسناد، وقد يكون السَّاقط في الرواية المُعْضَلة كذَّابًا، أو مُتَّهَمًا بالكذب، أو نحو ذلك، فالإعضال في الغالب أشدّ ضعفًا من المرسل، كما يقول الإمامُ الجَوزقاني: "إنَّ المُعْضَل أشدّ ضعفًا من المُنقَطع، والمُنْقَطع أشدّ ضعفًا من المُرسَل، والمُرسَل لا يُحتجُّ به".

وكذلك الحديث الذي فيه راوٍ سيئ الحفظ، هل هو كالحديث الذي يرويه راوٍ كذَّاب؟ نعم هذا لا يُحتجُّ به وهذا لا يُحتجُّ به، لكن هل ضعف هذا كضعف ذاك؟

هذا الراوي الذي هو سيئ الحفظ قد يُصيب أحيانًا ويُخطئ أخرى، وقد ننتفع بروايته حيث يُوافقه عليها غيرُه كما قلنا؛ فيرتقي بحديثه إلى مرتبة الحسن لغيره.

أمَّا الكذَّاب فروايته وجودها وعدمها سواء، فكأنَّها لم تُروَ أصلًا؛ لأنَّ الكذَّاب لا يُؤخَذ عنه لا قليل ولا كثير.

إذن: عرفنا أنَّ الضعيف أنواع، وعرفنا أيضًا أنَّه مراتب، فهو أنواع ومراتب.

نكتفي بهذا القدر هذه اللَّيلة، ونُعطيكم فسحةً أكبر ووقتًا أطول في الأسئلة؛ لأني أعلم أنَّ لديكم أسئلةً مُهمَّةً جدًّا، وأيضًا هناك أسئلةٌ جاءت من بعض طلبة العلم على موقع الأكاديمية على الإنترنت، وسنختار بعض هذه الأسئلة، وهو ما يتناسب منها مع الموضوع الذي تناولناه في هذه المرة والمرتين السَّابقتين، وما بقي من أسئلةٍ -إن شاء الله تعالى- ربما نتناولها في لقاءاتٍ أخرى حيث يكون لها مناسبةٌ، وما يتبقى منها فإننا قد أخذنا وعدًا من إدارة القناة أن يكون هناك بعد نهاية الدورة درسٌ خاصٌّ بالإجابة على هذه الأسئلة، فمن كان لديه سؤالٌ فليتفضل به.

{شيخنا -حفظك الله- إذا كان للحديث أكثر من إسنادٍ فهل يعني ذلك أنَّ له أكثرَ من مخرجٍ؟ جزاكم الله خيرًا}.

بارك الله فيك، هذا صحيحٌ، فمن الممكن أن يكون للحديث مخرجٌ ومخرجان وثلاثة فأكثر، ومن الممكن أن يكون له مخرجٌ واحدٌ، وهذه الأسانيد الأخرى ليست صوابًا، فليس باللازم إذا تعددت أسانيد الحديث أن يُعدَّ كلُّ إسنادٍ منها مخرجًا على حِدَةٍ لهذا الحديث، فقد يكون ذلك صوابًا، وقد لا يكون ذلك صوابًا، وإنَّما هو راجعٌ إلى خطأ مَن أخطأ من الرواة، حيث روى الحديثَ بسندٍ ليس هو من أسانيد ذلك الحديث. مثل ماذا؟

ذكرنا حديث «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، وذكرنا السَّند الصَّحيح له، والسَّند الذي خطَّأ فيه العلماءُ راويه، فهذا ادَّعى مخرجًا للحديث بخلاف المخرج الذي يُعرَف لذلك الحديث، فتعددت الأسانيد والمخرج واحد.

وعندنا أيضًا حديث يحيى بن أبي كثيرٍ الذي يرويه عن عبد الله ابن أبي قتادة الأنصاري عن أبي قتادة الأنصاري عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنَّه قال: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَونِي». فهذا الحديث حديثٌ صحيحٌ في الصَّحيحين، فقد اتَّفق البخاري ومسلمٌ على إخراجه في صحيحيهما اللذين هما من أصحّ الكتب المُصنَّفة، فالحديث صحيحٌ بهذا السَّند الذي بين أيدينا وهو: يحيى بن أبي كثير عن عبد الله ابن أبي قتادة الأنصاري عن أبي قتادة الأنصاري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جاء رجلٌ اسمه جرير بن حازم، وهو صدوقٌ لكن له أخطاء يعرفها العلماءُ، فإذا به يروي الحديثَ نفسَه عن المتن، ولكن جاء له بسندٍ آخر فقال: حدَّثنا ثابت البناني –وهو ثابت بن أسلم البناني- عن أنس بن مالك عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنَّه قال: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَونِي»، فحدث في هذا الحديث كالذي حدث في حديث: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، فماذا فعل الراوي؟

عمِدَ إلى متنٍ معروفٍ بسندٍ معروفٍ؛ فإذا به يروي المتنَ نفسَه لكن بسندٍ آخر، قال العلماءُ: هذا غلطٌ، فالمتن إنَّما يصح من حديث أبي قتادة الأنصاري، وليس هو من حديث أنس بن مالكٍ، ولا من حديث ثابت بن أسلم البناني، فقد أخطأ جرير بن حازم حيث روى هذا الحديث بهذا الإسناد الذي ادَّعاه.

إذن هو زعم أنَّ للحديث إسنادًا آخر، وأنَّ له مخرجًا آخر، فهل قَبِلَ ذلك منه العلماءُ؟ لم يقبلوا ذلك منه.

إذن: ليس بالضَّرورة إذا ما تعددت الأسانيد أن تتعدد المخارج -أعني المخارج الصَّحيحة- وإلا فهو ادَّعى مخرجًا ولكنَّه عند العلماء مخرجٌ غير صحيحٍ، لكن قد تُروى بعض الأحاديث الصحيحة بأكثر من إسنادٍ، وهذا موجودٌ، مثل حديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، ومثل حديث: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» فهو يُروى بأسانيد كثيرةٍ، وكثيرٌ منها صحيحٌ عند علماء الحديث، حتى إنَّ بعض أهل العلم قال: إنَّ هذا الحديث من المُتواتر؛ لكثرة ما جاء له من أسانيد، ولكثرة مَن رواه من الرواة.

فهناك أحاديث صحيحة لها مخارج متعددة، وكلُّ إسنادٍ منها يُمثِّل مخرجًا على حِدَةٍ، وتلك المخارج كلُّها صحيحةٌ عند أهل العلم، لكن ليس بالضَّرورة أن يكون ذلك في جميع الأحاديث، فبعضها ادُّعِيَ لها مخارج هي عند نُقَّاد الحديث وحفَّاظه من الأخطاء التي وقع فيها بعضُ الرواة.

{جزاكم الله عنا خيرًا، ونفع الله بكم، وأحسن الله إليكم، هناك بعضًا من المُشتغلين بالعلم مَن ينفي تقوية الأحاديث بالأسانيد المُتعددة، فما رأي فضيلتكم في هذا؟ وجزاكم الله خيرًا}.

بارك الله فيك، نحن ذكرنا في كلامنا السَّابق أنَّ هناك من الأحاديث التي لها أسانيد ما لا ترقى للحُجَّة، ثم ترتقي بانضمام الروايات الأخرى لها، لكن هذا لا يعني أنَّ أيَّ روايةٍ يُنتفع بها في تقوية الأحاديث التي ظاهرها الضَّعف، فالرواية التي ثبت لدى نُقَّاد الحديث أنَّها خطأٌ، وأنَّها شاذَّةٌ، وأنَّها مُنكرةٌ، وأنَّ الراوي ركَّبَ إسنادًا على متنٍ، أو أدخل حديثًا في حديثٍ؛ هل هذا ينفع في تقوية الأحاديث والارتفاع بها إلى مصافِّ الحُجَّة؟

لا، فحديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» رغم أنَّه حديثٌ صحيحٌ لم يرتضي العلماءُ إسنادًا آخر له، رغم أنَّ أصل الحديث صحيحٌ، فإنَّهم حكموا على هذا السَّند الآخر بأنَّه إسنادٌ خطأ وباطلٌ ولا أصلَ له.

كذلك أيضًا في الأحاديث التي تكون أسانيدها ضعيفةً إنَّما نُقوِّيها بالروايات التي سلمت من الشُّذوذ والنَّكارة.

أمَّا الروايات المُنْكَرة التي ثبت لدى نُقَّاد الحديث أنَّها أخطاء، وأنَّ الراوي غلط في أسانيدها، وركَّب متنًا على إسنادٍ، أو إسنادًا على متنٍ؛ فهذه لا يُنتفع بها في تقوية الأحاديث.

فإن كان الذي تَنْسُب إليه هذه المقولة يقصد نفي تقوية الأحاديث بأيِّ صور الروايات؛ فهذا طبعًا نفيٌ خاطئٌ، أمَّا إن كان يقصد أنَّ الأحاديث الضَّعيفة إنَّما تترقى وتقوى بما هو مثلها في الضَّعف، أي أنَّ ضعفها خفيفٌ وليس من قبيل الشَّاذ والمُنْكَر؛ فهذا كلامٌ مُنضبطٌ يستقيم على كلام أهل العلم -عليهم رحمة الله.

فالإمام الترمذي -رحمه الله- اشترط في تقوية الحديث أن يكون سالمًا من الشُّذوذ، وكذلك نُقَّاد الحديث -كابن الصلاح وغيره- ذكروا أنَّ الشَّاذ والمُنكَر لا يصلح في باب التقوية.

وكذلك الإمام أحمد بن حنبل -عليه رحمة الله تعالى- حيث قال مقولته المعروفة المشهورة: "الأحاديث عن الضُّعفاء قد يُحتاج إليها في وقتٍ -يعني في باب التَّقوية- والمُنْكَر أبدًا مُنْكَر"، فالمنكر لا ينفع في التَّقوية؛ لأنَّه من الضَّعيف جدًّا الذي لا يرقى لأن يقوم بنفسه، فكيف يقوم بغيره أو يقوم غيرُه به؟!

تفضل.

{شيخنا -حفظكم الله- هل يُعدُّ الإمام الترمذي من المُتساهلين في التَّصحيح والتَّحسين؟}

هذا سؤالٌ مُهمٌّ جدًّا، ولكي نُجيب عليه نحتاج إلى معرفة ضابط التَّساهل وعدم التَّساهل، فكثير من أهل العلم يُوصفون بأنَّ عندهم تساهلًا في الأحكام على الأحاديث أو الأحكام على الرواة، فنجد مَن يقول مثلًا: العالم الفلاني مُتساهل، والعالم الفلاني مُتشدد. سواء في كلامه في الأسانيد والمتون، أو في كلامه في رواة الأحاديث بالجرح والتَّعديل؛ بل من العلماء مَن قيل فيه: إنَّه مُتشددٌ، وإنَّه مُتساهِلٌ. كالإمام ابن حبان البِسْتِي -رحمه الله تعالى- فبعض أهل العلم يصفه بالتَّساهل، وبعض أهل العلم الآخرين يصفه بالتَّشدد، فما هو ضابط التَّشدد؟ وما هو ضابط التَّساهل؟

فلابُدَّ من فهم الضَّوابط، وعلى ضوء ذلك نعرف إن كان هذا العالم أو ذاك يستحق أن يُوصَف بالتَّشدد، أو يُوصَف بالتَّساهل.

هذا يرجع إلى ماذا؟

يرجع أولًا إلى فهم مصطلحات العالم، وفهم منهجه في الكلام في العلم، فقد يستعمل عالم مُصطلحات خفيفةً للتعبير عن معاني شديدةٍ، كما يقع في ذلك الإمام البخاري -عليه رحمة الله تعالى- فلا يُقال حينئذٍ أنَّه مُتساهِلٌ.

فقد كانت عبارات الإمام البخاري في الكلام في الرواة لطيفةً جدًّا، وكان يتجنب الأوصاف الشَّديدة، يعني يتجنب أن يقول: فلان كذَّاب، أو وضَّاع، أو نحو هذه العبارات.

وإنَّما غاية ما هنالك عندما تستقرئ صنيع البخاري -عليه رحمة الله- تجده يقول: فلانٌ ليس بالقوي، أو ليس عندهم بالقوي، أو مُنكَر الحديث، أو حديثه مُنكَر، أو لا يصح حديثه.

وقد يقول مثل هذه العبارات في رُواةٍ هم عند غير البخاري من المُتوغِّلين في الضعف، فهل يُقال: إنَّ البخاري مُتساهِلٌ؟

لا، وإنَّما إذا عرفنا اصطلاح الإمام نعرف أنَّه يستعمل عبارات مُعينةً ظاهرها أنَّها تُعبِّر بمعانٍ خفيفةٍ عن معانٍ شديدةٍ؛ لأنَّ من منهجه -رحمه الله تعالى- أنَّه كان يقول: "أرجو أن ألقى الله -عز وجل- ولا يسألني أني اغتبتُ أحدًا من عباده"، فكان يتجنَّب العبارات الشَّديدة في وصف الرواة، ويحكم على رواياتهم أكثر من حكمه عليهم أنفسهم، وإذا احتاج إلى أن يحكم على راوٍ بكذبٍ أو وضعٍ أو نحو ذلك؛ يعزو القول إلى مَن سبقه من أهل العلم، فيقول مثلًا: "فلان ليس بالقوي عندهم"، و"ليس بالقوي" عند غير البخاري من ألفاظ الجرح الخفيفة، لكن عند البخاري هي من ألفاظ الجرح الشَّديدة.

وإذا استقرأت الرواة الذين قال فيهم البخاري: "ليس بالقوي عندهم" تجد أنَّ العلماء قد تكلَّموا في هؤلاء الرواة كلامًا شديدًا جدًّا، من وصفٍ بالكذب، واتِّهامٍ به.

فلا يُقال حينئذٍ: إنَّ البخاري مُتساهِلٌ؛ لأنَّ له اصطلاحًا، وهو نفسه القائل: "كلُّ مَن قلتُ فيه: مُنكَر الحديث؛ فلا تحل الرواية عنه"، فعرفنا من اصطلاحه أنَّ عبارة "مُنكَر الحديث" يستعملها غيرُه في الضَّعف الخفيف، بينما البخاري يستعملها في الضَّعف الشديد.

ومثل الإمام الحربي -عليه رحمة الله- تجده يصف الراوي المُتوغِّل في الضَّعف بقوله: "فلان أوثق منه"، أو "غيره أوثق منه"، فهذه العبارة تُشعرك بأنَّ هذا الراوي فيه قدرٌ من الثِّقة وإن كان غيرُه أوثقَ منه، ولكن العلماء -كابن حجر وغيره- استقرؤوا هذه العبارة للإمام الحربي فتبيَّن لهم أنَّه يقصد بها التَّضعيف الشَّديد.

إذن: لكي أحكم على راوٍ بأنَّه مُتساهِلٌ أو مُتشدِّدٌ لابُدَّ أن أكون دارسًا ومُتفهِّمًا لمُصطلحاته، هذا من جانبٍ.

ومن جانبٍ آخر: لابُدَّ أن أكون عارفًا ومُدركًا لمنهجه ومذهبه في الحكم على الرواة والروايات، فمثلًا الإمام البخاري -عليه رحمة الله- عندما ننظر إلى صحيحه نجده قد اختار أصح الصحيح، وهو نفسه -أعني البخاري رحمه الله- قد صحَّح أحاديث وصرَّح بكونها صحيحةً ولم يُدخلها في كتابه "الصحيح"، ولما نظرنا في تلك الأحاديث، أو في بعض ما صحَّحه البخاري خارج الصحيح؛ وجدنا أنَّ هذه الأحاديث لا ترقى لمرتبة أحاديث كتابه "الصحيح"؛ بل منها ما يُضعِّفه بعضُ أهل العلم، مثل حديث التَّكبير سبعًا وخمسًا في صلاة العيد، فقد قال البخاري في هذا الحديث -فيما حكاه عنه الترمذي في كتاب "العلل الكبير": "هو عندي صحيحٌ". وهناك من العلماء مَن يُضعِّفه.

فهل يُقال: إنَّ البخاري مُتناقِضٌ؟! أو أنَّ أحكامه في الصَّحيح تختلف عن أحكامه في غير الصَّحيح؟!

لا، فالبخاري يعرف أنَّ الأحاديث التي يُحتجُّ بها لها نطاق، كما قلنا: صحيح لذاته، أو صحيح لغيره، أو حسن لذاته، أو حسن لغيره. لكنَّه اختار لكتابه "الصحيح" أعلى مراتب الصِّحة، وهناك أحاديث لم تبلغ مرتبة أحاديثه التي أدخلها في كتابه "الصحيح"، وهو أيضًا يُسميها صحاح، ولكنَّه يتعقد أنَّها دون شرطه في كتابه "الصحيح"، فصحَّحها ولم يُدخلها في كتابه "الصحيح".

فالصَّحيح عنده حيث أطلقه يشمل المقبولَ مهما كان في أعلى درجات القبول، أو في أدنى مراتب القبول، وهذا صنيع الترمذي أيضًا، فيأتي الإمامُ الترمذي مثلًا ويقول: هذا حديثٌ صحيحٌ. ونحن ننظر في السَّند فنجد فيه ضعفًا، أو يقول: حديثٌ حسنٌ. وننظر في السَّند فنجد فيه ضعفًا، وإنَّما الإمام الترمذي حسَّنه أو صحَّحه باعتباراتٍ أخرى تختلف عن ظاهر تلك الرواية من حيث النَّظر في الإسناد، بمعنى أنَّه يعلم أنَّ هذا الحديث له من الشَّواهد ما له، وله من الروايات الأخرى التي تُقويه ما له، وهو كثيرًا ما يُشير إلى ذلك في الباب بقوله: "وفي الباب عن فلانٍ وفلانٍ وفلانٍ"، فكأنَّه وصف الحديثَ بالحُسن لا بالنظر إلى إسناد الرواية مُجرَّدًا، وإنَّما باعتبار أحاديث الباب كلها، فنظر في مجموع ذلك فرأى أنَّ هذا حديثٌ حسنٌ أو صحيحٌ باعتبار ما انضمَّ إليه من أحاديث الباب.

فالحُسْن والصحة عنده معناهما أوسع من معنى الصحة التي نجدها مثلًا في صحيح الإمام البخاري -عليه رحمة الله- وإلا لو كانت الصحةُ عند البخاري مثلًا ليست إلا بالمعنى الذي اختاره لكتابه الصَّحيح؛ لكان تصحيح البخاري -عليه رحمة الله تعالى- لأحاديث أخرى في خارج كتابه "الصحيح" يُعَدُّ من تساهُل البخاري.

ونحن نجد كثيرًا من الأحاديث التي أُنكِرَت على الترمذي، وأُنكر عليه تصحيحها أو تحسينها، وقد سبقه إلى هذه الأحكام شيخُه الإمام البخاري -عليه رحمة الله تعالى- في غير الصَّحيح.

فإذن: لابُدَّ من فهم هذا الأمر على هذا النِّطاق، فإذا فهمناه كذلك؛ فالترمذي بهذا المعنى ليس مُتساهلًا، لكن شرطه أوسع من شرط غيره.

فنقول: إنَّ شرطه أخفُّ، وقد وفَّى به، فلا يُقال من هذه الحيثية: إنَّه مُتساهِلٌ. فالمُتساهل هو مَن وضع شرطًا ولم يلتزم به، أمَّا مَن وضع شرطًا ولو كان فيه توسُّعٌ والتزم به فالنِّقاش يكون في شرطه، لا في أحكامه الجزئيَّة.

تفضل.

{أحسن الله إليكم، ذكرتم أنَّ الحديث الضعيف لا يرتقي إلى مرتبة الحسن لغيره إلا إذا تقوَّى من طُرقٍ أخرى، فهل يُشترط عددٌ مُعينٌ في هذه الطُّرق أم لا؟}

لا يُشترط عددٌ مُعينٌ، فقد يتقوَّى حديثٌ بإسنادٍ واحدٍ، وقد لا يتقوَّى إلا بأكثر من إسنادٍ، فكلُّ حديثٍ له بحثٌ خاصٌّ.

الوقت أزف، نكتفي بهذا القدر، ونعتذر للإخوة الذين أرسلوا أسئلةً على الإيمـيل، وإن شاء الله تعالى لهم النَّصيب الأوفر في اللِّقاء القادم.

سبحانك اللَّهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

http://islamacademy.net/cats3.php