أحياناً يحاصرك يأسك ، تجده محيطاً بك من كل الجهات ، تبدو لك الهموم مثل جبال تحدك من كل صوب ، و تصير مفردة اليأس هي كل ما تجيده من لغتك .
. . و أحياناً ، تجد نفسك عاجزاً عن فعل أي شيء ، بالذات ، تجد نفسك عاجزاً عن الخروج من واقعك ، عن تغييره . . تجد نفسك مشدوداً بسلاسل تجرك إلى الوراء ، تقيد حركتك و سكناتك و أفكارك ، تريد أن تنهض ، تريد أن تحطم السلاسل ، لكن أفكارك تقول لك أن ذلك غير ممكن ، تقول لك أن السلاسل صارت جزءً منك ، و أن هذا " الشلل " هو وضعك الطبيعي . .
. . وسيأتي من يقول لك ، أن لا جدوى من محاولة التغيير ، لا فائدة حتى من المحاولة ، و أن عليك أن تتأقلم مع الوضع - لأنه ليس هناك أفضل مما كان .
. . ستشعر أن هذا الليل الطويل لن ينجلي ، و أنك ولدت فيه و كبرت فيه و ستموت فيه ، و أنك لن ترى الشمس يوماً ، ستموت قيل أن ترى " الشمس " و هي تشق ظلمة الليل ليبزغ الصبح . .
سيأتي من يهمس لك أن لا شمس هناك ، و أن الليل هو فصولك كلها ، و أن من الأفضل لك أن تتأقلم معه ، و من الأفضل أن لا تفكر بشيء آخر . .
سيأتي من يقول لك أن استسلم ، فالصبح بعيد و لن تراه أبداً . .
. . و لكن ، عكس ذلك ، و بالضد منه ، ستأتي همسة من الوحي ، تقول لك ، في أذنك ، " أليس الصبح بقريب " . .
أليس الصبح بقريب ؟ ؟ سيصفعك السؤال ، سيهزك ، ستسأل نفسك : أليس الصبح بقريب ؟ . . و كل ما حولك يقول لك إنه بعيد لدرجة استحالة بزوغه . . لكن القرآن يسألك بطريقة لا يمكن أن تجيب معها بـ " لا " ، القرآن يستدرجك لتجيب بـ " بلى " رغماً عن كل الإجابات التي لقنوك إياها . .
يستنكر القرآن سلبيتك ورضوخك للظلام ، يستفز استسلامك لليل من حولك ، و يسألك ، بين التوبيخ و التنبيه ، بين الاستدراج و الجذب ، أليس الصبح بقريب ؟ . .
هو يسألك بطريقة لا يمكن معها إلا أن تجيب بـ " بلى "