بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين. أتعتقدون أن التقوى من الممكن أن تحل كل المشاكل والمصائب الكبيرة في بيوتنا؟ أنا أقول نعم، لقد تكلمنا طوال الشهر عن قواعد وأمور نقوم بها كي نعيد الترابط الأسري، وقد كلمنا الكثيرُ من الناس يقولون: أنت لا تعرف المشكلة التي أمر بها؛ أنا في مصيبة، إن الموضوع أصعب مما تتخيل لقد أصبحت الدنيا معقدة جدا. انظروا للآية الجميلة: "أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.."(التوبة:109) من الأفضل؟ الذي أسس بنيانه على تقوى الله أم من أسسه على أمور أخرى فوقع به في نار جهنم؟ صدقوني، أسس بنيانك على التقوى حتى لكأنه بنيان ثقيل قوي لن يسقط. لا تتخيل إلى ماذا تؤدي المعصية وترك التقوى بالبيوت؟ ولا تتخيل كمية المصائب التي في بيوتنا بسبب معاصينا؛ ولذلك يوم أن تقول اتقيتك يا رب، سيُقلب البيت إلى جنة وسوف تستغرب الأمر، فبعد أن كنت تقول: لقد انتهت العلاقة بيني وبين زوجتي، ولا يمكن أن ينصلح ما انكسر تجد أن الحال في البيت قد اختلف ومر الأمر، وهدأت الدنيا وأصبحت جميلة، وذلك بتقواك الله وأنك قد خرجت من رمضان وقد صمته بجدية. إن المعصية تملأ البيت شياطين وتطرد الملائكة. إن المعصية شديدة، ولذلك عندما يقول الله تعالى سنعطيكم التقوى في رمضان فهذا أمر جَلَل، وتكون الجائزة إذا اتقيتم: المغفرة والعتق؛ لأن المعصية تمزق البيوت.
أثر المعصية:
يقول أحد العلماء عن أثر المعصية: (إني لأرى أثر معصيتي في سلوك زوجتي وأولادي).
تقول الآية القرآنية: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ.."(الشورى:30).
ويقول ابن عباس: (إن للمعصية ظلام في الوجه، وظلمة في القلب، وبغض في قلوب الناس. وإن للطاعة نور في الوجه، وضياء في القلب، ومحبة في قلوب الناس).
ومن آثار المعصية أن يكرهك الناس وتلعنك قلوب المؤمنين؛ يقول الإمام الشافعي: (ليحذر أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر، قالوا له: وكيف تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر؟ قال: يعمل بمعصية الله فيلقي الله بُغضه في قلوب المؤمنين).
إن فكرة التقوى؛ أنك وأنت تتقي الله تجد أن العلاقات بين الأهل تلتحم، فكيف يكون ذلك؟ يكون ذلك بِأن تضع الله بينك وبين زوجتك ويكون هذا دليل قبول رمضان، فكيف يكون ذلك؟ بأنه في كل تصرف ترى ما الذي يُرضي الله، وأنتِ أيضا في كل تصرف انظري ما الذي يُرضي الله، هل هو العند وأن تتركيِ البيت عند المشاجرة أم الصبر؟ هل تعتذر؟ إن كنت مخطئا فلتعتذر فهذا ليس عيبا. فرق كبير بين بيت تقوم العلاقات فيه على أساس أن ترى الله بينك وبين زوجتك، وبين بيت تقوم فيه العلافات على أي شيء آخر غير ذلك. ولو كنت ابنا اجعل الله بينك وبين والدك بعد أن ضايقك وكلمك بطريقة لا تعجبك فتشعر بالغيظ والعند فتتذكر الله وتتذكر "قَدْ سَمِعَ.." (المجادلة:1)، وتتذكر التقوى ورمضان، هل قُبل أم لم يقبل؟ فتصبر وتمرر الأمر وتضبط نفسك. أن تساعد أمك وأباك بعد رمضان دليل على أنك أصبحت من المتقين. أتذكرون الأمور السبع التي ذكرناها في حلقة بر الوالدين: أن تساعدهما وأن تستشيرهما دليل على أنك أصبحت من المتقين وعلى أن رمضان قد قُبل، وأنك بعد رمضان بدأت في التفكير فيما يهمهما وتسأل عنهما في الهاتف، وأنك تريد أن تدخل البهجة على وجهيهما، وألا تكسر قلبيهما بعد رمضان، وأنك بدأت تدعو لهما وهذه من أوامر الله لي: "..وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" (الإسراء:24). وأن تأتي بعد رمضان وتجد نفسك تسأل على أصحابهما وأقاربهما تجد أنك بدأت في عمل هذه الأمور السبع التي هي دلائل بر أمك وأبيك وتشعر بالسعادة. كي تكون متقيا: اجعل الله بينك وبين زوجتك، وبينك وبين أمك، وبينك وبين أخيك، فمن يبدأ بهذا الأمر؟
كلمة في أذنكم:
وكي أكون أكثر تحديدا سأقول كلمة في أذن الزوج، وكلمة في أذن الزوجة، وكلمة في أذنهما هما الاثنان، وكلمة في أذن الشباب، وكلمة في أذن العائلة، وكل كلمة من هذه الكلمات تتكلم ونحن نقترب من نهاية رمضان عن التقوى.
أيها الزوج، أتريد أن تعرف هل قُبلت في رمضان أم لا؟ انظر لحسن العشرة مع زوجتك انظر كيف ستعاشرها بعد رمضان؟ وأنت تعرف، ربنا سبحانه وتعالى يقول: "..وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.." (النساء:19) وقول العلماء في تفسير هذه الآية أنه ليس معناها ألا تؤذيها بل معناها أن تتحمل منها الأذى لأنه أحيانا -ولا تغضبوا فقد أخذنا حق النساء- فجزء من طبعها أن تغضب فلا تسألها لم الغضب؟ فهو جزء من نسيجها، فما رأيك أن نقيس تقواك ونجعل المسطرة هي حسن العشرة - طالما أننا اتفقنا أن دليل قبول رمضان هو البيوت، وكيف نتقي الله في البيوت-؟ فكيف تعاملها؟ هل تؤذيها؟ أمازلت تصيح بطريقة مبالغ فيها؟ أتصبر عليها؟ أتحضنها؟ انتبه فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما يكرمهن إلا كريم، وما يهينهن إلا لئيم". ألم تكن آخر جملة للنبي صلى الله عليه وسلم في اللحظات الأخيرة قبل موته: "أوصيكم بالنساء خيرا، الله الله في النساء، الله الله في النساء، الله الله في النساء" فدليل تقواك أن نفذت وصية النبي صلى الله عليه وسلم، وانتبه فالأمر ليس قبول رمضان فقط، فأنت لك دعوة عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنك تعامل زوجتك برفق فكيف ذلك؟ ألا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم من ولي من أمر أمة محمد شيئا –ولو امرأة أو بيت- فرفق بهم فارفق به" فما رأيك في هذه الدعوة لقد دعاها النبي صلى الله عليه وسلم لك، فهي دعوة خالدة للأمة، والعكس فانتبه فأنا أحذرك "اللهم من ولي من أمة محمد شيئا فشق عليهم فاشقق عليه" لقد دعا عليك. إن هذا الحديث يفسره الناس دائما على الحكام ولكنه على الأب والأم في البيت، أو الزوج الذي يمنع زوجته من الذهاب إلى أهلها، أو أن يقطر عليها في المال، فهل ستفعل ذلك بعد رمضان؟ فهل تجعل (مسطرة) تقواك وتكتب يا رب أقبلت أم لا؟ أرني علامة وترى هذه العلامة في زوجتك. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يزوج علي بن أبي طالب: "يا علي أزوجك إياها على أن تحسن صحبتها" أليست كل بنات الأمة هن بنات النبي صلى الله عليه وسلم، ألم يقل النبي: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد" "..وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ.." (الأحزاب:6) فهو أبوهم، فتخيل أن النبي صلى الله عليه وسلم يوصيك وأنت تتزوج أن تحسن صحبتها.
انتبه، فهذا المقياس يدخل فيه كل أشكال الأذى - أن تتشاجر معها وتطردها من البيت-. ياه، لقد ذهب رمضان، خسارة. انظر للآية الجميلة: "..لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ.." (الطلاق:1)، لأن هذا الأمر يُكبر من الموضوع ويؤدي إلى مصيبة أكبر. انظروا إلى أي مدى يدخل القرآن. فمن دلائل حسن العشرة أن تصبر عليها - بينما لا تطيقها ولم تعد تحبها- فلتكن يا أخي رجلا ولتصبر، فمن دلائل التقوى بعد رمضان أن تجد نفسك أكثر قوة على الصبر عليها، "فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" (النساء:19) فالآية تتكلم عن الزوجات؛ لقد كره أحد التابعين زوجته وكان يريد أن يتركها فقالت له: "أنا حامل"، فزاده هذا الأمر سوءًا على سوء، فترك البلد وهام على وجهه وعاش حياته عشرين عاما، وقد قالت له عندما هم بالرحيل: "رُبَّ خير كامن في ما تراه شرًّا"، يقول إن هذه الكلمة ظلت ترن في أذنه عشرون عاما ودارت الأيام، وعاد إلى بلده فوجد في المسجد شاباً جميلا تتجمع الناس حوله وتتلهف عليه، وهو يعطيهم درسا كبيرا، فقلت: "من هذا؟" فقالوا: "أنس بن عامر من الفقهاء، فقلت: عامر من؟ إنه هو عامر! فإذا به ابنه فمشى خلفه إلى البيت، وقال قل لأمك: رجل بالباب يقول لك: رب خير كامن في ما تراه شرا فقالت: هذا أبوك، فظل يبكي ويبكي يقول: أضعت أجمل أيام عمري، أن أرى ابني هذا عشرين سنة لأنني لم أتحملها". "..إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ" (الزمر:10).
انتبهوا، إن الشيطان سوف يعود بعد رمضان، تقول الآية: "وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ.." إن إبليس كان يعرف أنهم سوف يدخلون إلى رمضان ليبكوا قليلا، وبعد ذلك سيشير إليهم فيعودوا كما كانوا، "وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ" (سبأ:20). ترى هل ستكون منهم؟ لا يا إبليس لن يصدق ظنك هذا العام لأنك كنت مستمرا في تخريب البيت، وكل مصائب البيت كان سببها التفريق بيني وبين زوجتي، وأبنائي قد كرهوا البيت وبعدها خرجوا إلى الشارع، وانفردت بهم، وبدأت الخيانة الزوجية، وبدأت الكراهية، ولم أعد أركز في عملي، ولا إنتاجي، ولا إصلاحي في الأرض بسبب ما فعلته بيني وبين زوجتي. لا فهذه السنة سوف تجد في المنزل تقوى بيني وبين زوجتي ولن تستطيع فعل ما تفعله كل مرة.
أيتها الزوجة، أريد أن أقول كلمة في أذن السيدات: هلا أرضيت زوجك؟ ما رأيك في أن تعتبري أن دليل قبول رمضان هو إرضاؤك لزوجك وعدم إغضابه وطاعته؟ جاءت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله إني وافدة النساء إليك –مرسلة من النساء- تقلن لك يا رسول الله الإسلام أعطى الرجل ثواب الجهاد في سبيل الله، وصلاة الجمعة والجماعات، والمسجد فماذا أعطى النساء؟ فقال لها النبي: أبلغي من خلفك من النساء أن حُسن تبعل المرأة لزوجها – إرضاؤه، وطاعته- يعدل كل ذلك" يعدل أجر المجاهد. فما رأيك أن تعبدي الله بهذا الأمر حتى وإن كان زوجك سيئا وأن تتقي الله وترين الله سبحانه وتعالى بينك وبينه وأن تعاملي الله "..إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" (النساء:1)، "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ.." (المجادلة:1)؟ طالما أن هذا البيت مازال قائما فأنتِ تعاملين الله ولا تعاملينه هو بل بما يرضي الله، وتطمئنين بعبادته أن الله قد قبل منك رمضان في هذا الرجل.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع -حلوة- وخير متاعها المرأة الصالحة" فما هو تعريف المرأة الصالحة؟ أهي المرأة التي تصلي وتصوم كثيرًا؟ لا، يشرح النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر: "إن نظر إليها سرته.." صلاحك في عين زوجك؛ لو أنت جميلة في عينيه، وفي كلامك، وفي ابتسامتك، ومحافظتك على نفسك، ومداعبتك وحنانك، وتزينك لبيتك وأكلك الجميل، فصلاحك عند الله صلاحك في عينيه، فهلا عبدتِ الله بهذا الأمر وأن تكوني صالحة؟ والدليل على ذلك: أن هذا الرجل سعيد، ثم يكمل عليه الصلاة السلام: "..وإن غاب عنها حفظته"، نحن دائما نعتبر أن تعبير صالحة هو عائد على الصلاة والصيام فقط، وبالطبع هذا أمر صحيح لكن أيضا تحفظ بيتها، وعندما ينظر إليها زوجها يُسر ويَسعد. انظروا إلى لحديث الجميل: "إن المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت يوم القيامة"، فليكن دليل قبولك على عبادة رمضان وقيامه وصيامه وبكائه هو إرضائك لزوجك، فمن تنوي هذا الأمر؟. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة ماتت وزوجها راضٍ عنها فهي في الجنة". كنت في إحدى المرات، في عزاء لامرأة ماتت في السبعين من عمرها، وكان زوجها في الخامسة والسبعين حيث أمضيا سويا حوالي 40 سنة فإذا بالزوج يبكي بكاءً طويلا، ومن حوله كأنهم يريدون أن يقولوا له ليس البكاء إلى هذه الدرجة - لقد كبرتم-! فنظر إليهم وقال لهم: كيف لا أبكي وقد أمضيت 40 سنة في هذا الزواج ولم تتركني أنام في ليلة إلا وهي مرضية لي؟
كلمة لكما أنتما الاثنين:
أرجو أن تسامحوني على هذه الكلمة الجافة القاسية. إن دليل التقوى بعد رمضان هو عدم حدوث الخيانة. إياكم وحدوث الخيانة وأي نوع من أنواعها - ابتداء من الهاتف إلى (التشات chat) والرسائل، وزملاء العمل ووو. أنا أتحدث إلى الجميع، وحزين أنني أقول هذا الأمر أعرف كم كثرت في بلادنا وحزين لها! فيا ترى، هل سنكون قبلنا في رمضان بأن تكون الخيانة قد قلت كثيرا؟ ترى هل سيقول الزوج: لا أستطيع الخيانة سأصبر على زوجتي وإن شاء الله سوف أحبها، وسوف يبارك الله فيها لي؟ "يرفع لكل غادر يوم القيامة لواء مكتوب عليه هذه غدرة فلان"، يقول النبي عليه الصلاة والسلام إن الله يقول: "أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه.." فمعية الله معكما، يقول النبي صلى الله عليه وسلم بينما يصعد في رحلة الإسراء والمعراج: "مررت على رجال ونساء أمامهم لحم طيب نقي وأمامهم لحم نتن، فإذا بهم يتركون اللحم الطيب النقي ويأكلون اللحم النتن، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الزناة والزواني يتركون ما أحل الله لهم من الحلال فيذهبون إلى الحرام فيأكلون منه"، إياكم يا إخوتي، إياكم إن ما في هذا الحديث ليس عذاب النار بل قبل عذاب النار، اثبت بعد رمضان كي لا يضيع رمضان، ولكي تضمن رضا الله وأنك من المتقين وافرح بالثواب. يا جماعة، إن الكثير من الرجال الآن يسافرون للعمل بالخارج، وقد كانت هذه المشكلة نفسها موجودة في المدينة؛ فقد كان هناك المجاهدون الذين يخرجون للجهاد والقاعدون الموجودون في المدينة فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:"حرمة زوجات المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، أيما قاعد خُلّف في امرأة مجاهد فخانه فيها إلا أتى الله به يوم القيامة يقول للمجاهد خذ من حسناته ما شئت حتى تفنى حسناته" تخيل أن يأخذ منك الذي خنته كل ما فعلته في عمرك، يختم النبي صلى الله عليه وسلم: "..فرفع صوته واحمر وجهه، وقال: فما ظنكم بالله – ماذا سيفعل بكم-". إياكم، فهذا هو دليل تقواك في رمضان. إن كل هدف الشيطان هو تفريق البيوت؛ لأن البيوت هي التي تعمر الأرض، وهي التي تجعل هناك أمل في النهضة والإصلاح في الأرض، وأمل في أن يعود الإسلام، فالحل عنده أن تكثر الخيانات كي تتفرق البيوت ويخرج الأولاد إلى الشارع، وعندها سيستطيع الإجهاز عليهم، فالشيطان يضرب في الأساسات. أرجوكم أيها الأزواج، توددوا إلى بعضكم وحافظوا على بعضكم واتقوا الله بحب بعضكم. اعرفوا قبول رمضان بمنع الشيطان من الدخول بالخيانة، بالمحافظة على بعضكم، وكفى للمحافظة على الأولاد ولأجل الله ولأجل الإسلام ولأجل يوم القيامة، وكي لا يضحك الشيطان علينا "وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ" (سبأ:20).
كلمة في أذن العائلة:
إياكم أن تخاصموا بعضكم من أجل المال. إياكم يا إخوة، ويا أولاد عم، أن تتفرقوا من أجل الميراث، أو لأن فلانة تكلمت عن ابنتك وعن عرضها وشرفها. سامحوا، وأعفوا - ويكون عفوك هو دليل التقوى-. لو خرجت من رمضان ومازلت على شجار مع ابن خالتك لأنه تكلم عن ابنتك أخشى أن رمضان لم يقبل؛ لأن "مُسطح" تكلم على ابنة أبي بكر السيدة عائشة وسامحه، وقال له الله: "..وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا.." (النور:22) فلتصبر؛ فلمّ شمل العائلة أوْلى حتى لو تكلم على ابنتك، حتى لو تكلم على عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم "..وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (النور:22) .
أتريد أن تعرف هل قُبلت أم لا؟ وهل أعتقت أم لا؟ وهل عفا عنك ليلة القدر أم لا؟ انظر هل عفوت أنت عن أخيك أم لا؟ وعن قريبك؟ وهل سألت عليهما أم لا؟
مَن سينفذ؟ بل مَن إن شاء الله سيكون قد قُبل فيخرج من رمضان فيجد نفسه يقوم بعمل ما قلناه الآن؟
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد.
دار الترجمة
http://amrkhaled.net/newsite/articles1.php?articleID=NDkxMg==&id=4912