بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انتشار الإسلام..
بعد أن فتح عمر البلاد وبعد أن أسس شيء لم يحدث من قبل في التاريخ، وجد أنا الوقت المناسب لتشكيل الوزارات وبناء البنية التحتية وتطوير الزراعة والتعليم والصحة ...إلخ.
انتشر الإسلام في عهد عمر بن الخطاب في بلاد كثيرة، منها:
· الشام
· العراق
· الجمهوريات الروسية
· أذربيجان
· مصر
· ليبيا
· شمال أفريقيا
· اليمن
· الجزيرة العربية
هذا يوضح لنا الفرق الكبير بين الحضارة الجديدة الصغيرة التي كانت في شبة الحزيرة العربية وكان يحيط بها الفرس والروم من كل مكان والحضارة الإسلامية الآن. فقد قام عمر بن الخطاب بعمل خيالي! وعندما كان يفعل ذلك لم يكن يقلد الفرس والروم ولكنه كان مبدعًا في كل شيء! فقد ابتكر هو ومن معه آلات حربية جديدة أول مرة يعرفها العالم! ففوجىء الفرس والروم أن المسلمين أخترعوا الآت العسكرية الجديدة التي استخدموها في الحرب ضدهم في الشام والعراق! فهم لم يقلدوا، بل اخترعوا!
التنمية بالإيمان
بالرغم من كل هذه الفتوحات والاختراعات والتطوير، لم ينس عمر الإيمان قط، لأنه يعلم أن الإيمان هو الدافع للحضارة، على عكس الكثير ممن يظنون أن إقامة حضارة تتطلب البعد عن الإيمان. فشعار التنمية بالإيمان الذي أطلقة فريق صناع الحياة هو سبيل إقامة الحضارة. ففي وسط كل هذا التقدم، قام بعمل أول توسعة المسجد النبوي، وتوسعة الحرم المكي، وهو أول من أضاء المسجد النبوي بالقناديل على نفقة الدولة، وهو أول من قدم جوائز لحفظة القرآن، وأول من منع هدم الكنائس منعًا باتًا. فكان يرى أن الإيمان عاصم وحافظ حتى لغير المسلمين. وفي عهده، تم إنشاء 4000 مسجد في البلاد المفتوحة وبرضا سكان المدن لأنهم يريدون أن يعبدوا الله.
الكثير يعرف عن سيدنا عمر الشدة والقوة والعبادة والتأثر بالقرآن فقط! ولا يعلمون شيئًا عن إنجازاته في الري والزراعة والأنهار، فقد سُمي "أبو المدن" لأنه أنشأ الكوفة والبصرة والفسطاط والجيزة. وسُمي "أبو العيال" لأنه اهتم بالأطفال والرضع والعيال، وهو قال على نفسه: "وإذا غبتم فأنا أبو العيال".
تأسيس الحضارة
بعد الانتصارات وبعد ضم 5 قطاعات كبيرة إلى الدولة، بدأ في التفرغ إلى العبادة الكبيرة، وهي بناء الحضارة. سيقوم عمر بعمل 8 أشياء كبيرة لتأسيس حضارة عالمية تستمر 1000 عام يتعلم منها العالم بأسره. فالعالم مدين لعمر بن الخطاب!
· الزراعة:
أول شيء هو مضاعفة مساحة الرقعة الزراعية. فبدأ في استصلاح الأراضي وبدأ ينشر في البلاد الجديدة ثقافة لم يعرفها أهل مصر والعراق والشام من قبل، فالأراضي كانت ملكًا الرومان والفرس ولكنه قال: "من أحيا أرضًا فهي له" أي من يستصلح أرضًا زراعية يعطيه عمر بن الخطاب عقد تمليك هذه القطعة مختوم ومكتوب عليه "في ذمة عمر بن الخطاب" أي في عهد عمر بن الخطاب. فبدأ العمل وبدأت الأراضي الزراعية في التوسع وتضاعفت مساحة الأرض الزراعية 4 أضعاف في 5 سنوات فقط! وكان الشرط هو استصلاح الأرض خلال 3 سنوات وإلا يتم فسخ ملكية الأرض. فبدأ الكل في العمل بِجد وبدأت الزراعة تنتعش. ثم بدأ في اختراع مقاييس جديدة لقياس مساحة الأرض الزراعية، فاخرتع ما يسمى بالذراع العمرية، براءة أختراع باسم عمر بن الخطاب! فمن يستطيع أن يبني حضارة في مجال الزراعة اليوم في بلادنا؟ من لها؟
· الري:
بدأ في الاهتمام بالري لتنشيط الزراعة وبدأ في شق الأنهار. فأرسل إلى الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري في العراق وقال له أنه لا يريد أي مدينة في العراق بعيدة عن دجلة والفرات إلا وفيها فرع من دجلة والفرات. قتم شق 8 أنهار في عهده. وجاء بسيدنا معقل بن يسار، أحد صانعي الحضارة من الصحابة، وكلفه بشق الأنهار في العراق، فكانت النتيجة أن عدد الأنهار في العراق المتفرعة من دجلة والفرات وصلت إلى 8 لتوصيل المياه، وبهذا أقام بنية تحتية للزراعة.
· التجارة:
أهتم بتنشيط التجارة الدولية لأن المدن كبيرة وبعيدة. وأصل الحضارة والتجارة هي مصر، فأراد أن يوصل مصر بالجزيرة واليمن لتسهيل عملية التجارة. فقام بحفر قناة مثل قناة السويس الآن، فهو أول من قام بحفر قناة تبدأ من نهر النيل في الفسطاط، وجاء بعمرو بن العاص وقال له: "عزمت عليك أن تحفرها" فحفرها عمرو بن العاص في 8 أشهر وساعده في حفرها القبط، وهم من قالوا له عن أفضل مكان للحفر جيولوجيًا. فتم حفر خليج أمير المؤمنين وبدأت التجارة الدولية في الانتعاش، وكانت تصل التجارة من مصر إلى اليمن بمنتهى السهولة واليسر.
· تأسيس المدن:
قام بتأسيس المدن لأن الناس تريد أن تعمل ولأن المسافات بعيدة عن بعضها، فبدأ في إنشاء مدن جديدة. تشتهر الحضارة الإسلامية عند المؤرخين الغربيين والفلاسفة بحضارة المدن! فهي حضارة مدنية! أسس 4 مدن في 5 سنوات؛ الكوفة والبصرة والفسطاط والجيزة. ليس هذا فقط، بل اهتم بصحة أهل المدن، فكان يأمر عمر بن العاص ويقول له أن يضع قطعًا من اللحم في أماكن مختلفة ويراقبها، وآخر قطعة تتعفن تكون في أكثر منطقة صحية لبناء المدينة! فتأسيس المدن عند عمر يرتبط بصحة السكان. اهتم أيضًا بعرض الشوارع والطرق، فكان يرسل إلى الصحابة يقول لهم أنه يريد عرض الشارع أن يكون 30 ذراعًا، وكان يقول: "كي لا نضيق على الناس وعلى الدواب" فهو أول من أسس للتخطيط العمراني.
· تمهيد الطرق:
ثم بدأ في الاهتمام بتمهيد الطرق، لذلك قال الحديث المشهور: "والله لو عثرت بغلة بالعراق لرأيتني مسؤولًا عنها يوم القيامة" هذا لم يكن عدلًا فقط، بل كان تمهيدًا للطرق حتى للدواب من أجل تيسير حركة التجارة والناس.
· الترفيه:
لكن الحضارة لا تتكون من هذه العوامل فقط، فقد اهتم بالترفيه عن الناس أيضًا، فهو أول من قام بعمل استراحات بين المدن في التاريخ! فقام بعمل استراحات ووضع بها الزبيب والتمر والماء البارد واللبن على نفقة الدولة ليخفف عن المسافرين والحجاج والمعتمرين والتجار. ليس هذا فقط، بل قام أيضًا بعمل دار ضيافة، فالفنادق هي فكرة عمر بن الخطاب، هو أول من أمر بإقامة دار لضيافة التجار القادمون من بلاد بعيدة لتشجيع التجارة ولبناء الاقتصاد! فهو يبني منظومة متكاملة بها زراعة، وري من أجل تنشيط الزراعة، ومدن من أجل انتشار الزراعة وسهولة حركة التجارة، وتمهيد الطرق الموجودة في المدن... إلخ.
· التعليم:
ثم انتقل إلى التعليم، فهو أول من أمر بأن يكون التعليم الأساسي إلزاميًا، التعليم الأساسي أي القراءة والكتابة. فقد سبق الدولة الحديثة في هذا، ولم يأمر أن يكون التعليم إلزاميًا على الصحابة فقك، بل على كل من يسكن البلاد حتى الأقباط وغيرهم ممن يعيشون في الدولة الجديدة. فأرسل الصحابة المتعلمين المقيمين في المدينة إلى البلاد وألزم المصريين بتعلم القراءة والكتابة. وبدأ المصريون في المجيء إلى مسجد عمر بن العاص لتعلم القرآن. فربط التعليم بالإيمان والقرآن، فبدأ الناس في قراءة القرآن والتعلم.
· سجلات للحرفيين:
قام بعمل سجلات تسمى سجلات الحرفيين لتسجيل أسماء أصحاب الحرف للاستعانة بهم في بناء الطرق والمدن وشق الأنهار والزراعة. وبدأ في إعطاء رواتب للحرفيين، فبدأ الناس في احترام الحرف والصناعة، فقلت البطالة وزادت الأموال لدرجة أن ميزانية الدولة في عهد عمر كانت أكبر من ميزانية أي دول عالمية موجودة الآن! فهو حقًا اقتصادي عظيم!
فصحيح أن عمر صانع حضارة ولكن كان معه الكثير ممن ساعدوه على هذا، من الصحابة والتابعين ومن تلاهم من الرجال والنساء والشباب، جيل كامل صنع الحضارة. الحضارة لن تقوم بيد رجل واحد، ولا جهة واحدة ولا مجموعة واحدة، بل جيل كامل.
التشكيل الوزاري
قام بتشكيل أول تشكيل وزاري في التاريخ، يتكون من 8 وزارات:
1. وزارة الجند: بسبب وجود فتوحات كبيرة وحروب كثيرة، فكانت بها سجلات بها كل شيء عن كل جندي؛ اسمه ونسبه وقبيلته التي ينتمي إليها، والمعارك التي شارك فيها، وراتبه، والصفات التي تميزه، بل وأضاف أيضًا الملامح التي تميز وجه كل جندي، لأنه لم يكن هناك صورًا فوتوغرافية ولكن عمر كان يريد أن يتأكد من هوية الجندي. كان مسؤول عن هذه السجلات مجموعات تعمل بمنتهى الدقة والانتظام، فهذا عمل مؤسسي.
2. وزارة الخراج: مسجل بها كل إيرادات الدولة ومصادرها ومنافذ الصرف والعطاءات. فكان يوزع العطاءات على الكثير منهم الجنود والسيدات والأرامل واللقطاء والأطفال. فأنشأ سجلًا للإيرادات والمصروفات والمدخرات.
3. وزارة البريد: لأرشفة كل الرسائل المُرسلة والمستلمة. بل وأقام منافذ في أماكن متعددة لتوزيع البريد، فهو صاحب أول فكرة مركز البريد ومكاتب البريد لأنه أراد أن يضمن وصول الرسائل إلى أصحابها في الولايات المختلفة بسرعة، ولم يرد أن يتم تعطيل البريد. فهو أول من أنشأ رسائل مرسوم عليه الخريطة.
4. وزارة القضاء: أراد أن يكون هناك قاضيًا في كل مدينة حتى لا تتكبد الناس عناء السفر لمسافات طويلة لتحصل على حقها! لإقامة العدل! فأصبح هناك عدد كبير من القضاه في مختلف الأماكن.
5. وزارة الدقيق: أي وزارة التموين بمفهومنا الحالي، لتوصيل الطعام إلى الناس في مختلف الأماكن ولحساب المزروعات في الدولة لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.
6. وزارة الوقف: بدأ الناس في وقف بعض الأراضي لاستغلالها في الأعمال الخيرية. فهو أول من أقام وزارة أوقاف! فتم بناء 4000 مسجد في الشام والعراق ومصر خلال 6 سنوات!
7. وزارة الثروة الحيوانية: لتربية الحيوانات في أماكن مناسبة لزيادة الإنتاج الحيواني. كان يربي الماشية لأصحابها ويُرجعها إليهم ويأخذ من المواليد نسبة للدولة، فنمت الثروة الحيوانية.
8. وزارة الرقابة: وزارة للرقابة الإدارية للتأكد من أن ليس هناك من يسرق الدولة. وعين عليها امرأة! وزيرة تسمى الشفاء بنت عبد الله مسؤولة الرقابة الإدارية على الأسوق وعين أيضًا محمد بن مسلمة مسؤول الرقابة الإدارية على الولاه والمحافظين للتأكد من سير العمل في الاتجاه الصحيح.
ثم أقام مكتبًا استشاريًا يضم صحابة بدر و2 من الشباب؛ عبد الله بن عباس الذي يبلغ 22 عامًا وعلي بن أبي طالب الذي يبلغ 30 عامًا. هذا ليكون هناك تنوع في الأعمار في الهيئة الاستشارية. فهو أول من أسس مجلسًا للشورى.
تعلموا من عمر والصحابة وهلموا لبناء حضارة! هذا هو الإسلام وهذا هو الإيمان. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فجعل يكمله ويحسنه ويجمله إلا موضع لبنة، فجعل الناس يطوفون بالبيت يقولون: "لولا موضع اللبنة، لولا موضع اللبنة" فأنا موضع اللبنة وأنا خاتم النبيين) التشبيه يبين أن دور الأنبياء هو البناء، فالبيت رمز البناء، ودور الأنبياء هو بناء الحضارة واكتمال البيت. حضارة العالم في كل مجالات الحياة على قيم صحيحة، على منهج يرضي الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب) لأن عمر هو أكثر من قام بتأسيس حضارة بعد الأنبياء. فسبب قرب عمر من الأنبياء هو قيامه ببناء الحضارة.
يصعب علي أن يكون هذا تاريخنا ونحن الآن لا نرى إلا قشورًا منه! وننسى أن بناء الحضارة هي مهمة الأنبياء وأن عمر بن الخطاب صانع حضارة وقد عرفتم كيف قام بهذا. فعهد في رقبتنا أن نصنع حضارة لبلادنا فيها إبداع وليس تقليدًا. خذ عمر بن الخطاب أسوة لك وتتبع خطاه نبني حضارة للمسلمين. ارتقي بمنزلتك وكن على خطى الحبيب، ابني حضارة في مصنعك أو شركتك أو في تربية أولادك. قم ببناء طوبة لمساعدة حضارة المسلمين في الرجوع بعد كل هذا البعد.
قام بتحريرها: قافلة التفريغ والإعداد بدار الترجمة
Daraltarjama.com©جميع حقوق النشر محفوظة
يمكن نشر ونسخ هذه المقالة بلا أي قيود إذا كأنت للاستخدام الشخصي وطالما تم ذكر المصدر الأصلي لها أما في حالة أي أغراض أخرى فيجب أن يتم الحصول على موافقة كتابية مسبقة من إدارة الموقع
للاستعلام:management*daraltarjama.com